يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 02:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حدقت طويلا للسماء .. وهمست بصمت ، عجبا لم هذا الأختلاف في العقائد الدينية .. هذا ما سوف أتكلم عنه في هذه الأضاءة المقتضبة - من وجهة نظري ، مقتصرا على الأسلام والمسيحية / على أعتبار أنهما الأوسع أنتشارا في العالم ..
العقيدة الأسلامية :
* الأسلام كعقيدة بني على القوة ، والأسلمة حدثت بالسيف ، وأرى أن نهج العقيدة الاسلامية ، متمحورة بأسلوب كله أجبار وعنف وقتل ، فمنذ الحقبة المحمدية والى الأن ، نلحظ أن العقيدة ، دائما تحشد القوى من أجل الغزو ، وهذا الأمر واضح في النص القرآني ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل .. / 191 سورة البقرة ) - ومركزين أيضا على أرهاب الطرف الأخر ، والآية التالية تأكيد على ذلك " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون / 60 سورة الأنفال " . وقضية نشر الأسلام لم تتم بالأيمان السلمي ، بل بالقتال ، وخير دليل على ذلك حديث الرسول ( عن ابن عُمَر ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه. / نقل من موقع أبن باز ) . أذن الأسلمة لم تتم بالسلم .. وكان الخيار أما الأسلام أو الموت ! .
* والرسول كان يتخذ قراراته وفق ظروف وواقع التوازن في القوى القبلية ، مثلا ، العقيدة الأسلامية ، لها موقف من اليهود ، { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ..ْ / 82 سورة المائدة } ، والرسول كان كذلك لأنهم لم يؤمنوا به ، لأجله أمر الرسول بقتل أسرى يهود بني قريضة في سنة 5 هج ( بتحكيم سعد بن معاذ .. ثم بعد أن أخذ المواثيق على الطرفين أن يرضى كل منهما بحكمه أمر بني قريظة أن ينزلوا من حصونهم وأن يضعوا السلاح ففعلوا ، ثم قال : " إني أحكم أن تُقتل مقاتلتُهم وتُسبَى ذريتُهم وأموالهم " فقال رسول الله : " حَكَمْتَ فيهم بحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ " !! فقتل رجالهم ، وسبي نساءهم وذراريهم ، ومَن لم يُنبِتْ من أولادهم .. / نقل من موقع قصة الأسلام ) ، وأستغرب من هذا الحكم السماوي الألهي الشنيع ، بحق أسرى عزل ، حتى وأن كانوا يهودا ! .
وبعد ذلك عقد الرسول صلح الحديبية مع قريش في سنة 6 هج ( عهد واتفاق ، تم بين المسلمين وقريش ، قرب موضع يقال له الحديبية قبيل مكة .. وأسفرت المفاوضات عن اتفاق سُمِّيَ في التاريخ والسيرة صلحا ، يقضي بأن تكون هناك هدنة بين الطرفين لمدة 10 سنوات ، وأن يرجع المسلمون إلى المدينة هذا العام فلا يقضوا العمرة إلا العام القادم ، وأن يرد محمد من يأتي إليه من قريش مسلما دون علم أهله ، وألا ترد قريش من يأتيها مرتدا.. / نقل من موقع أسلام ويب ) .
نلحظ هنا أن قتل أسرى بني قريضة ، كان مبيت له ! ، أما صلح الحديبية ، فكان تكتيكا سياسيا ، وفق الظروف وقتئذ .
* وكل السيرة النبوية ، تبين : أن محمدا حدد وحصر رزقه بما يغنم عن طريق غزو الأخرين / قبائل أو أمصار ، لذا فانه لم يجنح للسلم والتفاوض ، وأن حدث ذلك ، كان لظروف بعينها ، ( ورسول الأسلام ذاته ، قال : بُعِثْتُ بين يديِ الساعةِ مع السيفِ ، وجُعِلَ رزقي تحتَ ظلِّ رُمْحي ، وجُعِلَتِ الذِّلَّةُ والصَّغَارُ على مَن خالفَ أمري ، ومَن تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم . " الراوي : عبدالله بن عمر| المحدث : ابن حجر العسقلاني| المصدر : فتح الباري لابن حجر"/ نقل من موقع الدرر السنية ). هنا يشير محمد ، الى أنه حتى الرزق ، يأتي بالسيف وتحت ظل الرماح .. وهو ما كان يحصل عليه محمد من غزو القوافل ومن ثم الأمصار من أموال و جواري وغلمان ومن عبيد .
العقيدة المسيحية :
* ليس من تكامل أو روابط أو تشابه أو حتى تماثل .. بين العقيدتين المسيحية والأسلامية ، ونحن هنا لا نتكلم عن عقيدة الدول المسيحية - وأنما نتكلم عن العقيدة المسيحية - كما وردت في الأناجيل ، فالمسيحية كعقيدة تقوم على المحبة ، وأنقل التالي من أنجيل يوحنا " وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ...16 وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا . اَللهُ مَحَبَّةٌ ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ " . بينما العقيدة في الأسلام أسست على العنف والسيف والرمح وقطع رقاب ، وأستمر الأمر من الحقبة المحمدية ، مرورا بالحقب المتعاقبة / الخلفاء الراشدين ، الدولة الأموية فالعباسية .. والعثمانيون ، وأستمرت ثقافة القتل .. وصولا الى الأخوان المسلمين والمنظمات الأرهابية / القاعدة وداعش وغيرها .
* كذلك أن المسيحية التي أسست على المحبة ، تبنت أيضا ، التسامح والغفران والعطاء ، وهذا متمثل في الآية التالية من أنجيل لوقا " مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا ، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا " .
هنا التسامح والغفران والعطاء لا حدود له ، وهذا متمثل بأقوال وأفعال المسيح . ومن بعده الحواريين / رسل المسيح .
* المسيح ، ذاته وهو على الصليب طلب المغفرة لصالبيه ، وفق أنجيل لوقا " يَاأَبَتَاهُ ، اغْفِرْ لَهُمْ ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ " . وهذا الحدث يبين عظمة وتسامح وغفران المصلوب ، والتساؤل : لم لم يغفر المسيح مباشرة لصالبيه ، فيجيب لنا ، موقع / الأنبا تكلا هيمانوت ، بالتالي ( كان السيد المسيح على الصليب في وضع إخلاء تام من مجده ، نائبًا عن البشرية في تحمل عقاب الموت ، ولذلك كان من اللائق أن يترك المجد كله بما فيه سلطان مغفرة الخطايا لله الآب .. ) . وذلك لأن المسيح عقائديا هو أبن الأب المتجسد .
خاتمة :
1 - (أ) نحن أمام عقيدتين ، هما على مفترق طرق ، ولا يمكن أن يلتقيان ، فمحمد وضع اللبنة الأساسية للعقيدة الأسلامية ، لأنه كان هو محورها ، وكل ما بني فيما بعد ، كان المرجع الأساسي له ، مبنيا على القرآن والسيرة النبوية .. التي تتركز على ثقافة القتل ورفض الأخر ، كما كان هذا الأمر ، هو المحور الأساسي للأسلمة - أن لم يهتدي المرء بالدعوة المحمدية فعقابه القتل . (ب) كما أن محمدا كقائد ديني وسياسي أنشأ زعامة دينية ودنيوية ، وهذا الأمر يتطلب غزو للقبائل وأحتلال البلدان ، من أجل جمع الغنائم ، وما يرافقها من نهب وسبي . فشكل بذلك بذرة أولية لما سمي فيما بعد بالخلافة الأسلامية.
2 - (أ) أما المسيحية والمسيح فهما مشروع حياة ، والمسيحية تعتبر المسيح ( هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ) ، لأنه الطريق للخلاص . (ب) كما أن المسيح لم يكن قائدا ، بل كان الراعي الصالح " أنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ / أنجيل يوحنا ." (ج) ولم يكن المسيح سياسيا ، وأورد بهذا الصدد التالي وبأختصار .. عندما أراد الفريسيون أن يجربوه ( ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْمًا مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ . فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ : يَا مُعَلِّمُ ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ ، لِأَنَّكَ لَا تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللّهِ . أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا ؟ نُعْطِي أَمْ لَا نُعْطِي ؟ فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ ، وَقَالَ لَهُمْ : لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي ؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لِأَنْظُرَهُ . فَأَتَوْا بِهِ . فَقَالَ لَهُمْ : لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ ؟ فَقَالُوا لَهُ : لِقَيْصَرَ . فَأَجَابَ يَسُوعُ : أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ . فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ - إنجيل مرقس / نقل من موقع الأنبا تكلا همانوت ) .
من كل مما سبق في أعلاه ، يتضح لنا : من أن المسيحية ، هي مشروع حياة أبدية ، أما الأسلام ، فهو حياة دنيوية ، مع وعود أخروية بحور عين وأنهار من لبن وخمر . .. نقط رأس السطر .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟