أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - ماهر حسن - المتباكون الزائفون في سوريا: وجوه النفاق. الجزء الثالث: التجريد من الجنسية














المزيد.....


المتباكون الزائفون في سوريا: وجوه النفاق. الجزء الثالث: التجريد من الجنسية


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 00:49
المحور: القضية الكردية
    


في الوقت الذي حاول فيه البعض الحديث عن معاناتهم ومقارنتها بمعاناة الآخرين، كانت الحقيقة أن الكورد في سوريا عانوا من ظلمٍ فريد من نوعه، يتجاوز في قسوته كل ما يمكن تصوره. إن مقاربة معاناتهم بمعاناة الآخرين، من الذين لم يتعرضوا لما تعرض له الكورد، لا يعدو أن يكون إلا تجنبًا للحقيقة وتشويهًا للواقع التاريخي الذي يرفض هؤلاء أن يواجهوه.

على رأس السياسات التي تعرض لها الكورد كانت سياسة التجريد من الجنسية. فمنذ العام 1962، تم تجريد الآلاف من الكورد من الجنسية السورية في واحدة من أبشع السياسات العنصرية التي مارسها النظام السوري. جاء هذا ضمن إحصاء الحسكة 1962 الذي قسم الكورد إلى ثلاث فئات رئيسية: الفئة الأولى هي الكورد الذين تم منحهم الجنسية السورية، الفئة الثانية هي الكورد الذين تم تجريدهم من الجنسية وتسجيلهم كأجانب رغم أنهم كانوا يعيشون في سوريا لعدة أجيال، بينما الفئة الثالثة هم “مكتومو القيد”، الذين لم يتم تسجيلهم رسميًا في السجلات المدنية، وبالتالي فقدوا أي شكل من أشكال الاعتراف القانوني.

إحصاء الحسكة، الذي أُجري في 5 أكتوبر 1962، حدد يومًا واحدًا فقط لتسجيل الكورد في سجلات الأحوال المدنية، وكان يتعين على الكورد إثبات أنهم يعيشون في سوريا منذ عام 1945. هذا الإجراء، الذي بدا إداريًا، كان في جوهره عملية طمس لهوية الشعب الكوردي وإبعادهم عن حقوقهم المدنية. هؤلاء الذين تم تجريدهم من الجنسية لم يعانوا فقط من فقدان الحقوق السياسية والاجتماعية، بل كانوا في وضعية إنسانية صعبة جدًا، إذ أصبحوا يعيشون في بلادهم دون أن يكون لهم أي حق قانوني أو اجتماعي. هذا الواقع كان يعني أنهم مُحرمون من الحق في التعليم، من الحصول على عمل في القطاع العام، ومن جميع الحقوق التي يحظى بها المواطن السوري العادي.

ورغم أن بعض الأشخاص اليوم يحاولون تقديم أنفسهم كضحايا متساويين مع الكورد، فإن الحقيقة أن معاناتهم لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بتلك التي عاشها الكورد في سوريا. كيف يمكن لأولئك الذين لم يُحرموا من الجنسية أن يقارنوا أنفسهم بالكورد الذين حُرموا من أبسط الحقوق الإنسانية؟ هؤلاء الذين تم تجريدهم من جنسياتهم كانوا يعيشون في حالة من عدم اليقين القانوني. في الوقت الذي كانت تُمنح فيه الحقوق الأساسية لمواطنين آخرين، كان الكورد محرومين منها تمامًا.

علاوة على ذلك، لم يكن الكورد مجرد ضحايا عابرين لظرف ما، بل كان هذا الاستهداف جزءًا من سياسة ممنهجة استمرت لعقود، بدأت منذ إحصاء الحسكة 1962 وما تبعه من سياسات طرد وتهميش. هؤلاء الذين يبكون اليوم على “ظلمهم”، يجب أن يتوقفوا عن مقارنة معاناتهم بمعاناة الكورد، لأنهم لم يعانوا من نفس الظروف القاسية. كيف يمكن لمن يتمتع بحقوق المواطنة كاملةً، ويعيش في سوريا دون قيد، أن يقارن نفسه بمن كان يُعتبر “أجنبيًا” في وطنه، يُحرم من أبسط حقوقه، ويعيش في خوفٍ دائم؟

الأحداث لا تُمحى. لا يمكن لأي شخص أن يتجاهل الحقائق المتعلقة بمعاناة الكورد في سوريا. فالتجريد من الجنسية لم يكن مجرد قرار إداري، بل كان خطوة استراتيجية تهدف إلى إقصاء الكورد من الوجود السياسي والاجتماعي في سوريا. في حين أن البعض قد يحاول التقليل من أهمية هذه السياسات أو تشويهها، فإن الكورد سيبقون يتذكرون هذا الظلم ولن يسمحوا لأحد بأن يلتف حول حقيقة معاناتهم.

الذين يظنون أن معاناتهم يمكن أن تُقارن بمعاناة الكورد هم ببساطة لا يعرفون حجم المأساة التي عاشها الكورد في سوريا. فالكورد كانوا ضحايا سياسة عنصرية ممنهجة استهدفتهم في هويتهم ووجودهم، وما يزالون يعانون من تبعات هذه السياسات حتى اليوم. لا يمكن لأولئك الذين لم يُحرموا من جنسيتهم أن يتحدثوا عن المظلومية بنفس الطريقة التي يتحدث بها الكورد الذين عاشوا تحت وطأة التجريد من الجنسية لفترات طويلة.

إن هذا التباكي الذي يسعى البعض إلى نشره اليوم لا يعدو أن يكون محاولة لتخفيف مسؤوليتهم عن تشويه الحقائق. الكورد في سوريا لم يكن ظلمهم ظرفيًا أو عارضًا، بل كان جزءًا من سياسة قمعية متواصلة، ولن يستطيع أي أحد أن يطمس هذه الحقيقة.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الثاني :الحز ...
- المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الأول
- من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدس ...
- سوريا الجديدة، بين التعريب والتغيير
- الوطنية على طريقة ديك الحارة
- من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الثاني
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الأول
- سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديد 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول


المزيد.....




- السعودية تعلن إعدام مواطنين -خانا وطنهما- وتفاصيل ما أدينا ب ...
- انخفاض حاد في الاعتقالات على الحدود الأميركية مع المكسيك
- الاحتلال الإسرائيلي في طولكرم..اعتقالات وتدمير للبنية التحتي ...
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات في الضفة الغربية
- موجة اعتقالات واقتحامات تطال عدة مناطق في الضفة الغربية
- بعد ملاحقة عمال إغاثة وتجميد الدعم الأمريكي، نازحون يمنيون: ...
- سفير ايران بالامم المتحدة: ندين خطة أميركا الاستعمارية لتهجي ...
- الاحتلال ينفذ حملة اعتقالات واسعة في بلدة تقوع في بيت لحم با ...
- هجوم ترامب على حقوق الإنسان يجب أن يتوقف فورا
- الأمم المتحدة تدين اقتحام الاحتلال مدارس للأونروا في القدس ا ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - ماهر حسن - المتباكون الزائفون في سوريا: وجوه النفاق. الجزء الثالث: التجريد من الجنسية