محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 20:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
نحن في أمسّ الحاجة إلى مشروع مجتمعي حقيقي يُعيد بناء أسس هذا المجتمع الذي أنهكته العقليات البالية والأفكار المتحجرة. إعادة الهيكلة ليست خيارًا بل ضرورة، فلا يمكن لمجتمع مُتهالك أن يواكب تحديات العصر دون إصلاح جذري يشمل الفكر والتعليم والقيم التي تُوجّه سلوكياته.
لكن هناك تحديًا أكبر يواجه هذا المشروع الإصلاحي: الفكر المتجمد السلفي الذي انتشر في المجتمع الجزائري. هذا الفكر، الذي يحظى في كثير من الأحيان بدعم ورعاية أطراف معينة، يُعتبر حجر عثرة أمام التطور الفكري والاجتماعي. لا يمكن أن نتقدم في مجتمع تتغلب فيه أيديولوجيات ضيقة الأفق على العقل الحر، وتُجرّنا إلى زراديب الظلام. الفكر السلفي في الجزائر، خاصة حين يرتبط بالعنصرية الثقافية والتكفير، يُعد من أكبر المعيقات التي تُبعدنا عن تحقيق مجتمع متفتح وعصري.
إذا استمر هذا الفكر في التغلغل بين أفراد المجتمع، ستظل الجزائر رهينة للأيديولوجيات الرجعية، مما يُعيق النمو الحضاري ويُعمق من تفكك المجتمع. ولا يقتصر الأمر فقط على التراخي الفكري، بل يمتد ليشمل تراجع القيم الاجتماعية، ليحلّ محلّها ثقافة الإقصاء والتعصب. وهذا الواقع يضرّ بكافة جوانب الحياة المجتمعية، بدءًا من التعليم وصولًا إلى العلاقات الاجتماعية والسياسية.
لذلك، لا بد من وجود إصلاحات فكرية حقيقية تستهدف إلغاء هذا الفكر المتحجر من خلال بناء مجتمع يقوم على التسامح واحترام الرأي الآخر، ويشجّع على التفكير النقدي والنضج الفكري. إن الدولة، بما أن لها مسؤوليات كبيرة في قيادة المجتمع نحو التقدم، يجب أن تتحمل دورًا أكبر في التصدي لهذه الظاهرة. سياسات تعليمية وفكرية تعزّز الثقافة الفكرية الحرة وتُشجّع على الحوار المفتوح هي أمور أساسية في إعادة تشكيل الفكر الاجتماعي.
هذا التغيير لن يتحقق إلا إذا وقف جميع أبناء الجزائر معًا – من مثقفين وشباب وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني – من أجل مواجهة هذا الفكر الرجعي وفتح أبواب حوار حقيقي بين جميع فئات المجتمع. بدون ذلك، ستكون الجزائر في خطرٍ دائم من العودة إلى عصور الظلام الفكرية التي عايشها الكثيرون في الماضي.
الجزائر اليوم بحاجة إلى إصلاح فكري حقيقي لكي تستعيد قوتها وشبابها، وتحقق المكانة التي تليق بها في العالم المعاصر. التغيير ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لضمان مستقبل يليق بأبنائنا ووطننا.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟