محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 12:59
المحور:
القضية الفلسطينية
في زمنٍ أصبحت فيه المبادئ تُساوَم، والقيم تُنهَب، والتاريخ يُزيَّف، تبقى فلسطين الحقيقة التي لا تزول، والجُرح الذي لا يندمل، والحق الذي لا يُساوَم عليه. فلسطين ليست ورقةً تُطرح على طاولة المفاوضات، وليست سلعةً تُعرض في مزاد النفاق العالمي، وليست رقعةً يُعاد رسمها وفق أهواء الطغاة والمستعمرين. فلسطينُ أمانةُ الأجيال، وعهدُ الشهداء، وقَسَمُ الأحرار!
ما أشدَّ المفارقة حين يدّعي البعض حقّاً في فلسطين، وهم الذين جاؤوا إليها هاربين من بطشٍ وظلمٍ أوروبيٍّ، فرّوا إلى أرض العرب والمسلمين، فأطعموهم من جوع، وأمّنوهم من خوف، وفتحوا لهم الأبواب حين أُغلِقت في وجههم كلّ الدروب! جاؤوا وقد نهشتهم المجاعة، وفتك بهم المرض، وتلطّخت أرواحهم بالخوف، فأكرمهم الفلسطينيون، لكن ما إن استقووا حتى عضّوا اليد التي امتدت إليهم، وتحوّلوا من لاجئين إلى محتلين، ومن مستضعفين إلى طغاة، يزرعون القتل والدمار، ويقتلعون أهل الأرض من أرضهم!
لقد مرَّ التاريخ بمنعطفاتٍ كثيرة، وسجّل المجد لبعض الأمم، لكنه كتب أيضاً صفحاتٍ سوداء في جبين من خذلوا فلسطين، وخانوا الأقصى، ورضوا أن يكونوا شهود زورٍ على جرائم تُرتكب أمام أعينهم. عارٌ أن تئنّ غزة تحت القصف، بينما العالم العربيّ يغطّ في سباتٍ عميق! عارٌ أن تُحاصر القدس، وأبواب التطبيع تُفتح على مصاريعها! عارٌ أن يُهجَّر الفلسطيني من أرضه، بينما يكتفي العالم الإسلامي ببيانات الشجب والاستنكار!
اليوم، يحاول الأعداء، مدعومين بخيانة بعض ذوي القربى، تحويل فلسطين، وتحديداً قطاع غزة، إلى سلعة تُباع وتُشترى، إلى مشروعٍ عقاريٍّ يُساوَم عليه، إلى أرضٍ تُطمس ملامحها، وتُبدَّل هويتها، وتُسلب روحها، لكن فلسطين ليست فندقاً يُعرض في مزاد، ولا قطعة أرضٍ يبحثون لها عن مشترٍ، ولا معادلةً اقتصادية يُحاولون الترويج لها!
فلسطين قضية لا تسقط بالتقادم، وحقٌّ لا يُشترى بالمال، وحقيقةٌ لن تمحوها الدسائس والمؤامرات!
لا شرقٌ ولا غرب، لا شمالٌ ولا جنوب، لا خطوط تقسيم، ولا خرائط جديدة! فلسطين واحدة لا تتجزّأ، لا تُقسَّم ولا تُباع، لا تُبدَّل ولا تُسلَب. فلسطين للفلسطينيين، كما كانت، وكما ستبقى! لن يغيّر الاحتلال من حقيقتها، ولن تمنحها الصفقات لمن لا يستحقها، ولن تمحوها جرائم الطغاة.
فلسطين تسكن في قلب كلّ حر، وتنبض في وجدان كلّ عربي ومسلم، وستبقى القضية الأولى رغم أنف المتخاذلين.
سيأتي يومٌ تستعيد فيه فلسطين وجهها المشرق، وتعود القدس لأهلها، ويُرفع الأذان في مآذنها بلا قيدٍ ولا حصار. سيأتي يومٌ تُبعث فيه الأمة من جديد، وتمسح عارها بيد الشرفاء، وترفع رأسها بعزٍّ لم تعرفه منذ أمدٍ بعيد. ستعود فلسطين، ليس لأننا نحلم بذلك، بل لأننا نؤمن به، ولأن التاريخ لا يُمهل الظالم، ولأن الليل مهما طال، فإنّ الفجر قادم لا محالة!
القدس لنا، والأرض لنا، والتاريخ لنا…
ومن لا يؤمن بذلك، فليُعِد قراءة التاريخ من جديد
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟