|
ردي على وليد العتيبي في مقالته تهافت الرؤى الإلحادية ١/٢
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 16:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ردي على وليد العتيبي في مقالته تهافت الرؤى الإلحادية ١/٢ نشر الكاتب د. وليد العتيبي مقالة تحت عنوان "تهافت الرؤى الإلحادية في مسألة ظهور الأديان" وهو كما سيبدو لا يفرق بين الإلحاد أي اللاإلهية واللادينية. ابتداءً لا بد من بيان أني لست ملحدا، رغم دفاعي عن الملحدين، وهذا ما يعرفه المتابعون لي، إذ أني بعد ثلاثين سنة من عمري (١٩٧٧ - ٢٠٠٧) آمنت فيها بالإسلام والتزمت به ودعوت إليه، تحولت بعد مخاضات من الترشد الفكري إلى إلهي عقلي لاديني منذ ٢٠٠٧. ومن هنا فأول ما أسمح لنفسي بتصحيحه للكاتب المحترم هو عدم صحة (الإما-وإما-ـئية) الدائرة بين قطبي الإيمان الديني والإلحاد، لأن ليس كل لادينية تعني نفي وجود الله، بل هناك فريق من اللادينيين هم إلهيون كأمثالي، لكني حتى عندما كنت مسلما، بل وإسلاميا، كنت أدافع عن الملحدين. ثم اعتباره الإشكالات العلمية على الكتب الإبراهيمية الثلاثة وحدها هي التي تقود إلى اللادينية، بقسميها اللاإلهي والإلهي، بينما هناك مبررات فلسفية هي الأخرى تقود إما إلى رفض الدين، دون نفي الإيمان بالله، ومنها ما يقود فريقا آخر إلى الإلحاد، وأهم تلك الأمور هو السؤال اللامجاب عليه المتعلق بالشرور (الظلم، المرض، الحروب، الكوارث الطبيعية). وحتى الذين يدفعهم ما يرونه متناقضا مع الحقائق العلمية، فليسوا كلهم من المقتصرين على استنادهم على الفرويدية والدارونية والماركسية في نفي الدين. وفاته أن ليس كل من يؤمن بالدارونية يجب أن يوصله إيمانه بها إلى نفي وجود الخالق واعتماد الإلحاد، بل شخصيا أرى نظرية التطور الدارونية إذا ثبتت صحتها، كما أرجح، إنما تمثل أحد الأدلة على وجود الخالق، بوصفه المحرك الأول، أو لنقل هو الطاقة الذكية الأزلية، وهو (المبرمج) لعملية التطور للكون عامة، ولكوكب الأرض خاصة، وللحياة على كوكبنا هذا؛ حياة النبات والحيوان والإنسان)، ذلك عبر ملايين ومليارات السنين، ثم إني أعتبر الإبداع والإتقان اللامتناهي دليلا على استحالة اجتماع مليارات الصدف، ليكون كل كائن، ويتكون كال متكون، ويتطور كل متطور، سواء تطورا ملموسا، أو تطورا احتاج إلى مئات الملايين بل ومليارات السنين، كما أذهب إليه، وهذا ما يذهب إليه عالم فيزياء الكون النظرية ميشيو كاكو الأمريكي ذو الجذور الشرقآسيوية المشهور عالميا. ويا ليت الدكتور العريبي وصف اللإلهيين بـ(الملحدين) بدلا من (الملاحدة)، لأن (الملحدون) هو المصطلح المعاصر للاإلهيين، أما (الملاحدة) فهو مصطلح قديم، وفيه معنى الإساءة والتوهين، رغم أنه ومصطلح (الملحدون) كلاهما من نفس الجذر، وهكذا هي المصطلحات الأخرى المشتملة على معنى التوهين مثل (الزنادقة) و(الكفار)، والذي يمكن استخدام المصطلح المحايد بدله، مثل (غير المؤمنين) أو (اللامؤمنون). فليس دقيقا قوله إن "المجتمع الإلحادي يرتكز على اختلاف طوائفه في تفسير نشأة الأديان على نظريتي زيگموند فرويد وچارلز دارون". ولأستخدم (اللادينية) Atheism بدل الإلحاد، لأن اللادينية تشمل كما بينت اللادينية اللاإلهية (الإلحاد) واللادينية الإلهية أو اللادينية المؤمنة، لاسيما وفق الإيمان العقلي، وإلا فليست كل لادينية إلحادا، كما يرى العتيبي، كما أن ليس كل إلهية (إيمان بالله) هي دينية بالضرورة، خاصة إذا كانت الإلهية العقلية اللادينية تنزه الله عما لا يليق بالله، مما نسبت إليه كل الأديان، بقدر يزيد عند بعضها، أو يقل عند بعض آخر. ومن قبيل الموضوعية ما كان عليه وصف الرؤية التي تفسر نشوء الأديان البدائية أي ما قبل التوحيدية، بأنها رؤية متهافتة وساذجة، بل تلك تمثل تحليلا علميا رصينا، خاصة في عصر الأديان التي تذهب إلى تعدد الآلهة، أي ما قبل الأديان الإبراهيمية وعموم الأديان التوحيدية كالزرادشتية وأمثالها. فنشوء تلك الأديان البدائية متعددة الآلهة أو الإلاهات، قد انبعث من جهة فعلا من عاملي الخوف والرجاء، وربما كان الخوف هو العامل الأول، بسبب عدم قدرة الإنسان في تلك العصور على تفسير الظواهر الطبيعية الباعثة إلى الرهبة والخوف واللافهم، لاسيما تلك التي نسميها بالكوارث الطبيعية، بل انتقل عامل الخوف هذا إلى الأديان التوحيدية، ولذا نجد في الإسلام على سبيل المثال، وجوب إقامة صلاة الآيات، عند حدوث ظواهر طبيعية، لم تعد تبعث على الخوف، بعدما عرف الإنسان أسباب تلك الظواهر، بما فيها الكسوف والخسوف، بل وحتى ما يعرف بصلاة الاستسقاء، وهكذا أراد الإسلام على سبيل المثال، أن تكون العلاقة بالله، علاقة خوف بالدرجة الأولى، مما جعل المتصوفة والعرفانيين يرفضون هذا النوع من العلاقة، ليحولوها إلى علاقة حب. فلا أدري من أين وجد الدكتور العريبي وجوب التلازم، أولا بين اللادينية والإلحاد، وثانيا بين القول بنظريتي دارون وفرويد والإلحاد، أو التلازم مع إثبات خطأ النظريتين ووجوب الإيمان بالخالق (العلة الأولى لكل شيء والتي لا علة لها). فكلها تلازمات وهمية غير منطقية تسقط وتتهافت أمام الأدلة العقلية. أما موضوع الشعور بالذنب الذي تناوله فرويد، فهو فعلا ملازم للفرد المتدين، إما كدافع للتدين، وإما يكون التدين نفسه دافعا لاستشعار المتدين للخوف من عقاب الله، لأن المتدين قد علمه دينه وجوب الشعور بالذنب، وبالتالي وجوب خوفه من الله، ومن هنا لا يكون ضميره رادعا له عن الظلم والإساءة، بل خوفه من عذاب الله، كما ولا تحثه نزعته الإنسانية إلى الأعمال الصالحة، بل سيلان لعابه على ملذات الآخرة والمتعة الجنسية التي لا حدود لها نوعا ولا كما هناك، كما يؤكد ذلك القرآن، والذي كما الدينان قبله هو دين ذكوري بامتياز. أما المسيحية فتبنت عقدة الذنب على نحو آخر، ألا إن الإنسان، إنسانا أو إنسانة، أو المرء، مرءً أو مرأة، يولد ومعه خطيئته التي ورثها عن أبيه الأول آدم أو أحوى، وأمه الأولى آدمة أو حواء، والإيمان باليسوع وحده هو الذي يخلصه من خطيئته.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرآن والمضواء ٥
-
القرآن والمضواء ٤
-
القرآن والمضواء ٣
-
القرآن والمضواء ٢
-
القرآن والمضواء ١
-
الشرك في الأديانِ التوحيدية
-
بين أزمة الحرب وأزمة العقل الشرقي
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٤
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٣
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٢
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ١
-
لماذا كتابي (القرآن والمضواء)؟
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦١
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٧
-
عندما تدخل الدين
-
قوانين الحثالة السياسية
-
سيد عقلاء قريش وإسلامه تحت حد السيف
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 166
-
رؤية في أحداث غزة وعموم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٥
المزيد.....
-
مصر.. أمين الفتوى يوضح حكم الاحتفال بـ-عيد الحب-
-
حماس: نطالب بوضع خطة عمل عربية وإسلامية لمنع مخططات التهجير
...
-
الشيخ عيسى قاسم: الاسلام لا يرضى لأي شعب ان تضيع حقوقه
-
الحوثي: يجب الاستفادة من الاجماع العربي والاسلامي لرفض الخطة
...
-
الحوثي: يجب ان يكون هناك موقف عربي واسلامي قوي مقابل لغة الط
...
-
الاحتلال يخطر بهدم منزلين غرب سلفيت
-
الذكرى السادسة والأربعين للثورة الإسلامية في إيران
-
خطر على الحريات الدينية في أمريكا
-
احتفالية انتصار الثورة الاسلامية في السفارة الايرانية في تون
...
-
ثبتها الآن تردد قناة طيور الجنة 2025 على مختلف الأقمار الصنا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|