أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (30)















المزيد.....


عن الطوفان وأشياء أخرى (30)


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 04:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


-انزع "المستعمِر" من عقلك
لماذا لا تعترف حماس بهزيمتها "العسكرية"، ويغادر قادتها القطاع كما يقترح البعض (نتنياهو مثلاً... وغيره)
ألم يفعلها "الختيار" في بيروت مثلاً.. بعد طلب من الحركة الوطنية اللبنانية منعاً لتدمير المدينة وحقناً لدماء سكانها؟
"إن عواقب طوفان الأقصى السياسية ستؤدي إلى عزلة دولية للفلسطينيين، وسيظهرون كـ "معتدين" في الإعلام الغربي؛ مما سيضعف الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، كما أنه سيوفر "ذريعة" لإسرائيل لتكثيف عملياتها العسكرية وتوسيع الاستيطان داخلياً، وتحقيق شبكة تضامن واسعة خارجياً، إضافة إلى تعميق الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين (فتح وحماس) وضعف مواجهة الاحتلال".
أين سمعنا هذا؟ أو ما يشبهه؛ أو ما هو قريب منه؟
ينسى البعض -ربما عمداً- أن خروج الرئيس عرفات من لبنان 1982 أتى بناء على مضامين "أمريكية" واضحة (فيليب حبيب) لـ م ت ف بأن الخروج سيكون المقدمة للبدء في عملية تسوية واسعة على أساس قرار مجلس الأمن 242،
ثم ماذا؟ ... جميعنا يعرف الآن ماذا كان “ثمن" الخروج من بيروت؛ على الأقل بالنسبة للسكان "المدنيين"...
سيأتي من يقول" ومع ذلك تبقى المقاومة السلمية بأشكالها المتنوعة (البعض يسميها مقاومة سلبية!) "ربما" أكثر جدوى وفعّالية في "كسب التعاطف الدولي" و"تجنب العواقب الوخيمة" وأقل تكلفة من الناحية الإنسانية والسياسية.
ولكن هذا نمط تفكير لمن يعشش المستعمِر في عقله، ولا يستطيع الخروج من صندوقه حتى أنه يستخدم لغته ذاتها لوصف الأشياء. ويعلم الـ "هذا" كيف عملت إسرائيل -وما زالت تعمل- على هندسة وعينا بطريقة تؤبد وجودها، ولذلك تقضي أولى خطوات التحرر "الحقيقي"، إعادة تشكيل وعينا المقاوم للإملاءات الاستعمارية، والنظر إلى "العنف" الفلسطيني كاستجابة لعنف وعسف السلوك الاستعماري المستمر منذ نحو قرن، الذي يستهدف المعيش اليومي. ومن المنطقي (لمن يفهم ما معنى المنطق) أن يستدعي هذا ردة فعل تتمثل في مقاومة مسلحة، ومقاومة ثقافية، ومقاومة سياسية... إلخ.
تقف فلسطين -بمفردها- كمختبر حي للاستعمار بأبشع صوره وتأثيراته المستمرة على أكثر من مستوى سواء باستيطان الأرض أو إلغاء التمثيل السياسي والثقافي والوجودي للفلسطينيين وإعادة تشكيل الهوية الجغرافية للمنطقة بالإقصاء والتهميش وفرض سرديات مبنية على أساطير تأسيسية لا واقع حقيقي لها.
وإحدى أهم أفكار المقاومة العالمية الرافضة للهيمنة الاستعمارية، هي الفكرة التي تؤكد على أن وجود الاستعمار هو الذي يستحضر العنف، وبالتالي المقاومة المسلحة، ولا ينظر المستعمَر في مقاومته للاستعمار بنظرة حسابية أو كمية للمعارك التي انهزم أو انتصر فيها في سياق مقاومته (بعكس المستعمِر). وهذا لا يعني أن حياته رخيصة أو يعتمد سياسة متهورة أو غير ذلك، فالأمر يعني أن الهدف النهائي -إضافة إلى التخلص من الاستعمار- امتلاكه صوتاً خاصاً به ضمن منظومة الخطاب السائد، وإعادة النظر بدور الخطاب الغربي في تشكيل تصوراتنا عنه من خلال تقديم التاريخ الأوروبي كنموذج وحيد للتطور، فضلاً عن إعادة النظر أيضاَ في السرديات الاستعمارية كنقطة انطلاق لتفكيك الخطاب الاستعماري.؛ فإسكات صوت الفئات المهمشة والمستَعمَرة يمثل النتيجة المباشرة للاستعمار. ولا يقتصر الأمر على النخب التي تحتكر التمثيل الثقافي والسياسي، بل هي مهمة تقع على عاتق الجميع؛ فالمقاومة ليست قدراً ولا هواية. ولكن دون مقاومة سنبقى خاضعين لسردية واحدة هي سردية المستعمِر، دون مقاومة سنبقى عاجزين عن "تعريف" ذواتنا الوجودية، وكسر الهيمنة العنصرية الصهيونية على مستقبلنا.
العنف ضد المحتل ليس مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هو نتيجة الاستعمار نفسه، بعبارة أخرى؛ العنف منتج حتمي لوجود الاستعمار . وإذن نحن هنا لا نصف الواقع عحسب، بل نقوم بتحليل لبنية السلطة والعنف ضمن أي إطار استعماري استيطاني، وللوصول إلى هذه القناعة يتطلب منا الأمر تجاوز النقاش التقليدي حول المقاومة والتوجه نحو فهم أعمق لطبيعة الاستعمار وكيف يعيد تشكيل الأفراد والمجتمعات وحتى الأخلاقيات السياسية.
في عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين الأخيرة في دير البلح، لا يظهر الفلسطينيون (كمجموع) في موقع الضحية كالمعتاد (فقط)، بل في موقع فاعل قوي ويعكس فهماً متفوقا -إن لم نقل متقدماً- لمعنى المقاومة وتطبيقها على أرض الواقع، أي إلى إعادة تشكيل سردية معنى أن تكون مقاوماً؛ وهي باعتقادي فرصة مهمة للغير كي يفهم دوافع المقاومة الفلسطينية وتاريخ النصال الفلسطيني.
إن ما ظهر في دير البلح صورة تتحدى الخطاب الإسرائيلي الذي يُصور الفلسطينيين "إرهابيين" و"مخربين".
هناك الكثير من الأسئلة العميقة التي هي بحاجة إلى إجابات ملحة ...
هل يحق لحماس فرض وجهة نظرها على المجتمع الفلسطيني؟
هل من أحد له الحق منعها حماس من ممارسة فيما تراه حقها في المقاومة؟
أليست هذه معضلة جديدة بحاجة إلى تعريف قبل الإحابة عليها؟
فإن كانت كذلك فماذا نسميها؟
هذه حقائق لا يمكن القفز فوقها، وهي ليست مجرد تأمل فكري، بل هي جوهر التحديات التي تواجه الفلسطينيين.
وإذن من يحدد شرعية أي مقاومة؟ وهل يمكن لمجتمع محتل الاتفاق (بالإجماع) على استراتيجياته؟
هذه أسئلة تقع في الحقيقة في صميم إشكالية "المقاومة وشرعيتها"
فإذا اعتبرنا مقولة عنف المستعمِر يولد عنف المستعمَر مسلمة لا تحتاج إلى برهان، فهي إذن قابلة للتعميم ولا يرتبط ظهورها بحالات خاصة من هناك وهناك، كأن نقول إنها نتاج الحرب الباردة مثلاً... لأن فرنسا احتلت الجزائر قبل الحرب الباردة، وكذلك مقاومتها، والأمر ذاته ينطبق على فيتنام. وعلى هذا العنف ليس مجرد مجرد استجابة لفعل، بل هو جزء من المنطق الداخلي للاستعمار، سواء في فلسطين، الجزائر، فيتنام، أو غيرها.
المهم في الأمر هنا أن مواجهة الاحتلال-الاستعمار ليس مبارزة في ميدان (يا ريت الأمر كذلك، إذ لا يوجد فريق ينهزم دائماً أو فرق ينتصر دائماً).
وذات الأمر ينطبق على ذريعة التشبيك مع القوى [التقدمية] في إسرائيل. أين هي هذه القوى إذا كان أن 72 % من المجتمع هناك مع خطة ترمب الأخيرة لـ "شراء غزة".
الفلسطينيون ليسو من جنس الملائكة، ولم يكونوا كذلك في أي يوم. إنهم بشر لهم احتياجاتهم مثل غيرهم، ولهم أخطاؤهم التي تكون في بعض الأحيان مميتة ولا تُغتفر. وفي الموضوع المطروح هنا؛ ينصب الحديث أكثر عن "استراتيجيات" العمل في مواجهة الاحتلال، بمعنى . ولكي نختصر الموضوع بآخر نصف قرن مثلاً.. يمكننا التساؤل عما طورت النخب الفلسطينية (السياسية والثقافية) من استراتيجيات عمل وماذا جلب دخول شريحة بيروت الفاسدة إلى الضفة وغزة؟ ما الخلل الذي أحدثه هذا الدخول (يحلو للبعض تسميته اختراق، بل أن الهبل عند البعض يجعلهم يعتبروه عودة).. عملت هذه الفئة إلى تحويل المجموع الفلسطيني هناك إلى شقيعة ومتعيشين على حساب منظمات الإن جي أوز. وحولت الكيانية السياسية ، أي م ت ف إلى شركة تدار من قبل ناهب دولي.
نعم ... رغم كل التاريخ النضالي الشخصي والعام لتلك الفئة إلا أنها استسهلت العمل وتراخت وتكرشت ولم تلتفت إلى بناء "استراتيجية" فعالة لمواجهة المخطط الصهيوني. مما عمق من أزمتها البنيوية والوجودية وبالتالي السياسية /المجتمعية، وصارت طرفاً يعمل ضمن حدود المشروع الصهيوني
انا لست أعطي دروساً لأحد، ولا أكرز بأفكار ابتهالية ... أدرك أن الوضع خطير، بل أنه بات يقاس فعلا بالأيام.. لا أعتقد أن الزمن يعمل لصالحنا.
وهذا يقودنا إلى السيناريو الأسوء لمصيرنا، أي الخروج نهائيا من التاريخ العالمي بوصفنا جماعة سياسية، والخروج من التاريخ ليس سوى تلخيص مرعب (رغم دقته) لمسار الأمور
لزمن لا يعمل لصالحنا، والمواجهة لم تعد مع الاحتلال فقط، بل مع آليات تحييد المقاومة من الداخل، سواء عبر المنظمات غير الحكومية أو اتفاقيات الاقتصاد الموجه.
إن لم نقم بعمل ما هو صحيح فسوف نخرج من التاريخ العالمي لا محالة وسنتحول إلى "كومبارس" الأشرار في السينما التوراتية والمسيحية الصهيونية البيضاء.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجوانب الاجتماعية والسياسية لعلم الآثار الكتابي المعاصر في ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (29)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (28)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (25)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (24)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (23)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (26)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (27)
- استثمار الكارثة بين العقاب الإلهي والشخصنة والتأويل
- قتل الأب عند دوستويفسكي
- عن الطوفان وأشياء أخرى (22)
- مختبر فلسطين: تسويق وتصدير تقنيات الاحتلال
- الطوفان وأشياء أخر (21)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (20)
- علم الآثار الكتابي في إسرائيل: حين يغمّس -إسرائيل فنكلشتين- ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (19)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (18)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (17)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (16)
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ...


المزيد.....




- رجل مجهول بشارب رفيع.. اكتشاف صورة مخفية تحت تحفة فنية مشهور ...
- ترامب يُشيد ببوتين بسبب الإفراج عن فوغل ويؤكد: -خطوة مهمة لإ ...
- إسرائيل تتوعد حماس بـ-معارك عنيفة- وإنهاء اتفاق الهدنة في حا ...
- مدفيديف يؤكد على مفهوم -السلام من خلال القوة-
- سفن أمريكية تبحر عبر مضيق تايوان لأول مرة منذ تولي ترامب وال ...
- إستونيا تشهد قفزة قياسية في أسعار الكهرباء بعد انفصالها عن ا ...
- الصين تطلق صاروخ CZ-8A مع أقمار صناعية
- زاخاروفا: كلام زيلينسكي حول تبادل الأراضي -هذيان شخص مريض نف ...
- الحكومة الألمانية تبحث إرسال قوات شرطة إلى رفح
- -البالة- تغيّر وجه السوق السورية.. والصناعة المحلية على محك ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (30)