|
وداعا للدولة المدنية الحديثة
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 00:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
================ وداعا أيتها الدولة المدنية الحديثة ======================================= اليوم ... أعلن لمنْ يهمه الوطن المصرى ، أن الدولة المدنية الحديثة ، أو لنقل بقايا الدولة المدنية الحديثة ، أسسها محمد على باشا 4 مارس 1769 – 2 أغسطس 1849 ، بدأت فى التآكل ، والتقلص ، بل وفى الترنح من شدة الضربات ، المتتالية على رأسها ، بشكل يومى . ما كان يحلم به جنود الدولة الدينية ، وما كانوا يمارسونه على استحياء ، أصبح كما يقول المثل الشعبى : " على عينك يا تاجر " ، ومنْ لا يعجبه الأمر ، " يسيب البلد ". انتشر جنود الدولة الدينية ، أخذوا مواقعهم ، فى الاعلام ، فى المؤسسات الثقافية ، فى الحضانات والمدارس والجامعات ، فى معارض الكتب ، ومهرجانات الفنون ، على واجهات المحلات ، فى الرقابة على السينما ، مصادرة الكتب ، تضخيم الاحتفالات بالمناسبات الدينية ، الاسراف فى بناء الجوامع والمساجد وتزويدها بمكبرات الصوت ، الحجاب للمرأة ، والأطفال الاناث ، تزويج القاصرات . أصبح الشيوخ ورجال الدين ، هم نجوم المجتمع ، ومصدرا مرحبا به فى تفاصيل الحياة ، بالرغم أن الاسلام ، لا يقر الوسطاء ، أو الكهنوت . منْ ينتقد الخطاب الدينى السائد ، أو ممارسات المؤسسات الدينية ، يُتهم بازدراء الأديان ، ويُكفر . والبرامج الدينية ، تصف اللادينى ، الذى ترك الاسلام الى الالحاد ، بأنه مريض نفسيا ، مختل عقليا ، تعرض الى تجارب قاسية ، قادته الى هذا المصير ، وأن التخلص منه واجب ، حتى لا ينشر الفساد ، والفتن . هذه " الأسلمة " الشكلية ، تفرخ كل يوم ، منتجات جديدة ، تلتهم المزيد من جسد الدولة المدنية الحديثة ، التى نعيش على خيراتها ، منذ مئات السنوات . فهناك مؤخرا ، الغاء مادة الفلسفة فى الثانوية العامة ، والمطالبة باعادة الكتاتيب ، التى كانت توظفها البلاد ذات الأكثرية المسلمة ، لتحفيظ القرآن ، وأساسيات القراءة والكتابة ، على يد أحد الشيوخ ، ثم اعتماد ادراج الدين فى المجموع كمادة أساسية منذ الصف الأول الابتدائى ، حتى تسود مكارم الأخلاق . والآن يفكرون فى تعريب الطب . وقبل ذلك ، قدموا لنا بول البعير ، للتداوى والشفاء من الأمراض ، وارضاع الكبير ، ونكاح الزوجة الميتة . والمفارقة أنه كلما تضخمت الجرعة الدينية ، كلما زاد الانحدار الأخلاقى . وهذا يجعلهم يضاعفون جرعة الدين أكثر ، مما يؤدى الى انحدار أكثر فى أخلاق الناس . هم لا يفهمون ، أو يفهمون ، ولا يريدون الاعتراف ، بأن الدين ليس مصدرا للاستقامة الأخلاقية ، خاصة اذا كان " شكليا " ، " مظهريا " . اطلاق النار على جسد الدولة المدنية الحديثة فى مصر ، طقس يومى ، نصحو ، وننام عليه ، يشدنا مئات السنوات الى الوراء . رافعا راية " قال الله وقال الرسول " ، يقتحم البيوت دون استئذان ، باستحقاق واصرار ، كأنه اشترى البيت بساكنيه ، يرمى الأثاث المودرن فى الشارع ، ويثبت بدلا منه ، " عفشا " قديما ، متهالكا ، ترتع فيه الحشرات والقوارض والأفاعى السامة . ان زحف مظاهر وطقوس ولغة الدين ، الى الفضاء العام ، يدل على أن " الاسلام " قد تحول من كونه " دينا " ، فى دور العبادة ، الى " ايديلوجية " سياسية ، مفتوحة الممارسات ، منظومة متكاملة ، سيطرة عامة ، هيمنة شاملة ، من أجل الحُكم . ألا يؤكد مصطلح " حزب الله " ، على أن " الجهاد فى سبيل الله " ، هدف سياسى توسعى ، للحكم ؟. ارهاب سياسى ، من الدرجة الأولى الفاخرة ، مخطط له ، منذ مئات السنوات ، يرتدى قناع " الاسلام " ، و" القداسة " ، و" الفضيلة " . نجح جنود الدولة الدينية ، فى " غزو " العقول ، وتأجيج مشاعر الاقصاء ، والكراهية ، لكل منْ " لا يتبعهم " ، مستغلين الفراغ الفكرى والمعرفى للناس ، وسحقهم بالفقر ، وغياب الحد الأدنى للعدالة والحياة الكريمة . وكالات الدعاية الدينية مدفوعة الأجر ، تروج دون توقف ، أن أزماتنا ، ومشكلاتنا ، وأمراضنا ، وتأخرنا ، بسبب " بُعدنا " عن ربنا ، وأننا لسنا على الاسلام الصحيح . وهكذا استطاعوا اخراج " الاخوانى والسلفى والداعشى " ، الكامن فى النفوس ، " اللى مش قادر يتعلم " ، و " اللى مش لاقى ياكل " ، و" اللى مش لاقى يتعالج " ، و" اللى مش عارف يحب " ، و " اللى مش يلاقى يتجوز " ، و " اللى مش لاقى شقة " ، و " اللى مش قادر ينتقد ويتكلم " ، و " اللى مش عارف يفرح " ، و " اللى رغم موهبته " مش لاقى مكان تحت الشمس . أعتقد أن الصراع بين الدولة الدينية ، والدولة المدنية الوطنية الحديثة ، أصبح الآن مكشوفا ، مرئيا ، محسوسا ، مهددا ، مخيفا ، أكثر من ذى قبل . وأقول " الدولة الوطنية " لأن الدولة الدينية ، لا تعترف بالأوطان ، حيث الاسلام هو الوطن ، يكون له الولاء والبراء . الدولة الدينية ، تقتل " المعلوم من المواطنة بالضرورة " ، وتقوم ب " ازدراء العلم " ، تسب وتلعن " النساء " ، تعادى " الفنون " ، تجلد " البهجة " ، ترجم " الآخر المختلف ". الدولة الدينية ، فى " عداء أصيل " ، مع " الحياة " ذاتها ، لأنها فى الحقيقة ، ثقافة للموت ، وتمجيد القبور ، والهرولة الى الآخرة . ====================================================
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موقف السويد من مقتل سلوان موميكا
-
خلطة - صاحب السعادة كش كش بيك - و- سى عمر - وسر - الأستاذ حم
...
-
أيها الكافر الملحد : ماذا يمنعك عن أن تنكح أمك ؟ -.
-
امرأة واحدة تصلح ما أفسده العالم
-
ليس ارتفاع الأسعار ولكن انخفاض الثقافة
-
حضارة عالمية تنثر مادتها الوراثية فى كل مكان
-
- ماذا تفعل المرأة بجسدها ؟ - السؤال الوحيد المؤرق للرجال
-
اسمى .. حياتى قصيدتان
-
لا خير فى مجتمعات تتعاطى الحب فى سرية مثل الممنوعات
-
اليوم هل يجوز للمرأة لبس الألوان الفاتحة ؟ وغدا هل يجوز للمر
...
-
لا أتكلم بالعين والحاجب .. الزمن .. انهضى حبيبتى ثلاث قصائد
-
فى أزمنة الخيش قصيدة
-
هل حفظنا الدرس بعد اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 ؟
-
قصيدة لا شئ أخسره
-
اربع قصائد جثة الظلام .. النساء .. كن نفسك .. هى وأنا
-
أين موطن - الاسلام الصحيح - ؟
-
ثلاث قصائد لا تركب قطارى .. لن أشهد .. أريد أن أطفش
-
لا تضعوا العطور فوق أكوام القمامة
-
رسالة بالبريد السريع القلق .. ارجعى يا مصر الينا
-
تيد كازينسكى كيف تحول من عبقرى الى مجرم ؟
المزيد.....
-
لماذا دُفن إمام الطائفة الإسماعيلية بأسوان المصرية؟
-
مصر.. مصدر أمني يرد على مزاعم الإخوان بشأن نزلاء مراكز الإصل
...
-
حماس:مخطط الترحيل فاشل وسيواجه موقفا فلسطينيا وعربيا واسلامي
...
-
الامارات تهنئ الرئيس الايراني بذكرى انتصار الثورة الاسلامية
...
-
أرمينيا تهنئ إيران بذكرى انتصار الثورة الإسلامية
-
الاحتفال بالذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإسلامية في جنيف
-
السيد الحوثي: نتوجه بالتهاني لايران بذكرى انتصار الثورة الاس
...
-
السيد الحوثي: ايران جعلت من ثورتها الاسلامية اكبر مساند للقض
...
-
السيد الحوثي: توجهات الجمهورية الاسلامية الايرانية تمثل مكسب
...
-
السيد الحوثي:الثورة الاسلامية في ايران انتصرت لان الشعب حمل
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|