أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - الكورد والجغرافيا السياسية: لعبة الشطرنج بين أنقرة وطهران














المزيد.....


الكورد والجغرافيا السياسية: لعبة الشطرنج بين أنقرة وطهران


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 21:42
المحور: القضية الكردية
    


في عالم السياسة، حيث تتقاطع المصالح وتتنازع الأيديولوجيات، تظل القضية الكوردية واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وإثارة للجدل. ففي قلب الشرق الأوسط، حيث تلتقي الحدود وتتشابك الأزمات، تبرز قضية المقاتلين الكورد كحلقة وصل بين قوتين إقليميتين: تركيا وإيران. هذه القضية، التي لا تزال تشكل مصدر قلق لأنقرة، دفعت الأخيرة إلى مد جسور الحوار مع طهران، رغم ما بينهما من خلافات عميقة في الرؤى والاستراتيجيات.

في هذا السياق، أرسلت أنقرة رئيس استخباراتها، إبراهيم كالن، إلى طهران في محاولة لفهم الموقف الإيراني الغامض تجاه حزب العمال الكوردستاني، الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية. وعلى الرغم من أن طهران وأنقرة تقفان على طرفي نقيض في ما يتعلق بمستقبل سوريا، إلا أن القضية الكوردية دفعت البلدين إلى تنسيق أمني قد يشكل نقطة تحول في علاقاتهما المتوترة. ولكن، هل يمكن لإيران أن تكون الشريك الذي تبحث عنه تركيا لحل هذه المعضلة؟ وهل يمكن لأنقرة أن تقدم لطهران ما يكفي لإقناعها بوقف دعمها للمسلحين الأكراد؟

في عالم الدبلوماسية، حيث الكلمات تحمل أوزانًا ثقيلة، تظهر تركيا كفاعل رئيسي يسعى إلى إعادة تشكيل خريطة التحالفات في المنطقة. فمع بداية العام الجديد، شهدت الدبلوماسية التركية زخمًا غير مسبوق، حيث قام وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بجولات مكوكية في الخليج والعراق، بينما توجه إبراهيم كالن إلى دمشق وطهران. هذه الزيارات، التي تأتي في ظل الانسحاب الأمريكي المتوقع من سوريا، تعكس رغبة تركيا في سد الفراغ الأمني الذي قد يتركه هذا الانسحاب، خاصة فيما يتعلق بملف داعش وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

لكن الموقف الإيراني يظل غامضًا. فمن ناحية، تدعي طهران أنها تحارب حزب العمال الكوردستاني، ولكن من ناحية أخرى، تظهر تقارير إعلامية أن الحرس الثوري الإيراني قد دعم هذا الحزب في بعض الأحيان. هذا التناقض يضع تركيا في موقف صعب، حيث تسعى إلى فهم النوايا الإيرانية الحقيقية. فهل يمكن أن تكون إيران شريكًا موثوقًا به في هذه المعركة؟ أم أنها تلعب لعبة مزدوجة لتحقيق مصالحها الخاصة؟

في عالم التحالفات، حيث المصالح تتجاوز الأيديولوجيات، تبرز تركيا نفسها كجسر بين الشرق والغرب. فبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تسعى إيران وروسيا إلى تعزيز نفوذهما في سوريا الجديدة، وهنا يأتي دور تركيا كوسيط محتمل. فإيران، التي تواجه عداءً من الإدارة الأمريكية الجديدة، تحتاج إلى تركيا لتخفيف حدة التصعيد مع واشنطن. فتركيا، بوصفها عضوًا في حلف الناتو، يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تخفيف التوتر بين طهران وواشنطن.

ولكن، هل يمكن أن تقدم تركيا ما يكفي لإرضاء إيران؟ في ظل العلاقات المتوترة بين البلدين بعد سقوط نظام الأسد، يبدو أن الثقة بين أنقرة وطهران قد اهتزت. ومع ذلك، فإن إيران لا تملك بديلًا عن تركيا في التواصل مع الغرب، خاصة في ما يتعلق بالملف النووي والدور الإيراني في سوريا. لذلك، فإن التعاون بين البلدين يظل خيارًا استراتيجيًا، رغم كل الخلافات.

في عالم الصراعات، حيث الأعداء يصبحون أحيانًا حلفاء، تظل قضية المقاتلين الكورد عقبة مُعقدٌة أمام تركيا. فحتى لو توصلت أنقرة إلى تفاهم مع طهران، تبقى هناك أطراف أخرى تدعم حزب العمال الكوردستاني، مما يجعل الملف أكثر تعقيدًا. ومع ذلك، تسعى تركيا إلى توحيد الصفوف الإقليمية لمواجهة هذا التحدي. فقبل أشهر، استقبلت أنقرة وفدًا سويديًا وأقنعته بعدم دعم حزب العمال الكوردستاني، كما جرت محادثات مع الألمان حول هذا الموضوع.

وفي الوقت نفسه، تظهر بوادر إيجابية من جانب عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكوردستاني، الذي أعلن عن نيته حل الحزب. ولكن، هل يمكن لأوجلان، الذي يقبع خلف القضبان منذ سنوات، أن يفرض إرادته على كل فصائل الحزب المنتشرة في تركيا وسوريا والعراق؟ وهل يمكن أن تكون هذه الخطوة بداية لنهاية الصراع الطويل بين أنقرة والمقاتلين الكورد؟

في الختام، تبقى القضية الكوردية أشبه بلغزٍ معقدٍ في رقعة الشطرنج الشرق أوسطية، حيث تتقاطع المصالح وتتباين السياسات، فتنسج خيوطًا من التحالفات المتحولة والخصومات المتأرجحة. تركيا، بين القوة والدبلوماسية، تبحث عن سبيلٍ يجمع بين الهيمنة والتسوية، وإيران، بتقلباتها ودهائها السياسي، تمضي في مسارٍ ضبابيٍّ لا تُقرأ نهاياته بوضوح. وفي هذا المسرح الذي تحركه المصالح قبل المبادئ، تظل القضية الكوردية المفصل الذي قد يوصل بين أنقرة وطهران أو يزيد الفجوة بينهما اتساعًا.

إن السياسة، كالنهر، لا يسير بمجرى واحد، بل يتلوّى مع تضاريس الأرض، يتسع حينًا وينحسر حينًا آخر، لكنه لا يتوقف عن الجريان. فما كان خصومة اليوم قد يغدو تحالف الغد، وما ظُنَّ أنه ثباتٌ سرعان ما تذروه رياح التغيير. وفي خضم هذه التقلبات، تظل القضية الكوردية شاهدة على أن الجغرافيا السياسية لا تعرف الثبات، بل تخضع لقوانين المد والجزر. غير أن بصيص الأمل لا يغيب، فإن أدركت القوى الفاعلة أن لا أمن ولا استقرار يُرجى إلا بعدلٍ يُؤسس لحلٍّ شامل عادل للقضية الكوردية، حينها فقط، قد تنجلي العتمة عن أفقٍ جديد، يتنفس فيه الشرق سلامًا لم يره منذ أمد بعيد.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مجاهل العقل وانحناءات التاريخ
- ملحمة الصمود الكردي: فلسفة النضال بين مطرقة القمع وسندان اله ...
- أنشودة التغيير في سماوات سوريا المتأرجحة
- من اللامركزية إلى وحدة الوجود: درس من دروب السياسة والحقوق
- كردستان حلم مؤجل
- الاتحاد بين الرياح: تأمل في دروب المعارضة السورية والكورد
- حصون التخلف: رحلة إلى فهم الثقافات المغلقة وفتح الأفق نحو ال ...
- الكورد بين لهيب التاريخ ونور الحرية: ملحمة إرادة لا تنكسر
- بناء الذات الثورية: فلسفة الانعتاق وصياغة المصير
- كوباني ذاكرة الصمود الكردي ورمز سوريا الجديدة
- الكورد في سوريا: جدلية الهوية والسلطة في متاهة التاريخ


المزيد.....




- الأمم المتحدة تسجل زيادة حادة في وصول المساعدات إلى غزة منذ ...
- ترامب يجدد تهديداته لحماس ويحدد توقيتاً لإعادة الأسرى: ما مص ...
- 53 مليار دولار.. الأمم المتحدة تكشف عن كلفة إعادة إعمار غزة ...
- حملة على وزيرة لبنانية تحدّثت عن «عودة طوعية وآمنة» للاجئين ...
- السعودية تتسلم رئاسة -غلوب إي نيتورك- العالمية لمكافحة الفسا ...
- إعلام الإحتلال: نتنياهو يوقف رسميا محادثات المرحلة الثانية م ...
- الأمم المتحدة: إعادة إعمار غزة تتطلب أكثر من 53 مليار دولار ...
- الأمم المتحدة: إعادة إعمار غزة تتطلب أكثر من 53 مليار دولار ...
- سابقة في السويد .. سجن عجوز سويدية ارتكبت جرائم حرب في سوريا ...
- رفض للمساس بمستحقات عائلات الأسرى


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - الكورد والجغرافيا السياسية: لعبة الشطرنج بين أنقرة وطهران