أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علوان حسين - الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 6-20















المزيد.....


الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 6-20


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 15:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


7. الفرية الشنيعة للصلوات الخَمس الزرادشتية في الاسلام

يمضي المنقود بتسطير أكاذيبه في مقاله ذاك عن الإسلام والمسلمين ليقول لنا:

" ويؤكد علماء التاريخ ان قصة الاسراء والمعراج والصلوات الخمسة وطريق الوضوء في الاسلام هي نفسها تماماَ في الديانة الزرادشتية , ديانة بلاد فارس"

طيب. التشكيك بقصة الاسراء والمعراج دون غيرها معروف وواضح المقاصد؛ وسأناقشه في الحلقات القادمة. أما في هذه الحلقة فساناقش كذبة: " والصلوات الخمسة (كذا) وطريق (كذا) الوضوء في الاسلام هي نفسها تماماَ في الديانة الزرادشتية , ديانة بلاد فارس".
يُلاحظ أولاً الخطأ النحوي للمنقود "الصلوات الخمسة"، حيث أن الصحيح هو "الصلوات الخمس". ولما كان المنقود قد سبق له وأن أصدر أوامره السَنيّة لقارئات وقراء الحوار المتمدن الأغر - مثلما عرضنا في الحلقة السابقة - وبكل رهاوة وتوكيد: "خذوا نحوكم من عجمي ...... سيبويه"، فلماذا لم يطبق هو أمره هذا على نفسه، فيأخذ نحوه من سيبويه حسب الأصول، فيكتب "الصلوات الخمس" على نحو سليم نحوياً؛ أم أن المطلوب هو فقط توظيف أسم سيبويه للحط من مكانة العرب وليس لطلب علمه والانتفاع به؟
وما المقصود بـ "طريق الوضوء"؟
ولكن لنضع كل هذه التساؤلات جانباً، وندخل في المفيد.
إذأً، يبلغنا الباحث السيد عبد الحسين سلمان المحترم بأنه أنما يتكلم بإسم "علماء التاريخ"!
من هم "علماء التاريخ" هؤلاء؟ إنهم فقط مهرج صهيوني بريطاني قذر واحد لاغير، اسمه "توم هولند"، بلا تخصص أكاديمي دقيق بالتاريخ، ولا معرفة باللغات القديمة، والذي دأب على نفخ جيوبه بالملايين من تلفيقه لقصص المغامرات التاريخية والمسلسلات الإذاعية المثيرة التي تخرجها له البي بي سي بتوجيه من "الأم آي فايف" وبالتعاون مع حليفها الموساد. ليس هذا فقط، بل أن هؤلاء العلماء "يؤكدون" (حلوة، هاي "يؤكدون"، بصيغة الجمع) أن الصلواة الخمس هي نفسها تماماً في الديانة الزرادشتية!
وقد قيل: حدّث العاقل بما لا يعقل، فإن صَدَّق، فلا عقل له.
أدناه الترجمة الحرفية للتفنيد العلمي الأكاديمي الذي قدّمه أستاذ الحضارة الإسلامية في جامعة جورج تاون، الدكتور "جوناثان براون"(Jonathan Brown) لأكاذيب الصناجة الصهيوني البريطاني المدعو (توم هولند) "Tom Holland" (الذي، في عام 2019، كان أحد الموقعين على رسالة عامة موجهة إلى صحيفة الغارديان اللندنية تندد بجيريمي كوربن، الزعيم الماركسي لحزب العمال البريطاني والمرشح لمنصب رئيس الوزراء آنذاك ، بسبب فرية "معاداته للسامية" – الوصفة الجاهزة للموساد النازي المبيد للبشر ضد كل من يناصر القضية الفلسطينية في الغرب. وفي مقال له على صحيفة التلغراف، كتب هولند: "أن دعم كوربن للناشط الفلسطيني رائد صلاح كان مسيئًا له بشكل خاص بسبب نشر صلاح لفرية الدم، التي نشأت في إنجلترا في القرن الثاني عشر. تقع على عاتق إنجلترا- باعتبارها مسقط رأس هذه الأكاذيب الأكثر سمَية - مسؤولية خاصة في اتخاذ موقف ضدها. ومع ذلك، فإن اتخاذ موقف ضدها هو شيء فشل جيريمي كوربن، من خلال دعمه لمروّج فرية الدم، في القيام به". كل هذا حصل رغم أن كوربن انما كان قد ندد بالضبط وبالحرف الواحد بالتنكيل اليومي المستدام لدولة عصابات القتل المبرمج في الكيان الصهيوني النازي لرائد صلاح: العمدة المنتخب لبلدة "عين الفحم" الفلسطينية باعتقالها له مراراً وتكراراً بتهم كيدية مفبركة من طرفها لقطع لسانه؛ ورغم أن رائد صلاح لم يتفوه يوما بفرية الدم. وبسبب انتفاء الأدلة كلياً ضده بخصوص هذه الفرية، فقد تم في حينها الافراج عنه من طرف الغستابو الصهيوني الارهابي الداعشي الشمولي المبيد للشعوب. ولو كان هذا الغستابو الصهيوني قد استطاع اثبات هذه الفرية عليه لقفل على رائد صلاح في زنزانة منفردة أبدياً حتى خروجه جثة هامدة، مثلما فعل ويفعل بعشرات آلاف الفلسطينيين الأبرياء منذ سبعين عاما ويزيد. أما الصناجة هولند فهو يثبّت فريته في رسالته للتلغراف كدليل قاطع وحاكم ومفروغ منه، مثل فرية قطع المقاومين الفلسطينيين الأبطال البواسل لرؤوس الأطفال في 7 أكتوبر.)
المصدر:
https://en.wikipedia.org/wiki/Tom_Holland_(author)

نص المقال المترجم:
توم هولاند، الصلوات الخمس اليومية ونفاق التحريفية
في البرنامج الإذاعي المبثوث على القناة الرابعة للبي بي سي قبل بضعة أسابيع، أثار توم هولند ادعاءه (الذي ورد أولاً في كتابه: "في ظل السيف عن أصول الإسلام") بأن الصلوات الخمس الشهيرة في الإسلام لم تكن في الأصل جزءاً من تعاليم النبي محمد، بل قد تم استيرادها في الواقع إلى الدين الإسلامي من الديانة الزرادشتية وذلك بعد وفاة النبي محمد وبعد غزو المسلمين للشرق الأوسط الكبير. وتدور أحداث قصته في ضواحي مدينة الكوفة جنوب العراق في منتصف القرن الثامن الميلادي. هو يقول إن ممارسة المسلمين للصلاة خمس مرات في اليوم إنما نتجت عن تقليد الإسلام للممارسة الزرادشتية. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن المتحولين الزرادشتيين إلى الإسلام في الكوفة هم الذين جلبوا معهم إلى الإسلام الممارسات الدينية مثل الصلوات الخمس اليومية من دينهم.
(Holland, In the Shadow of the Sword, p.405).
والدليل الذي يقدمه هولاند على هذا الزعم هو الملاحظة التي من المفترض أن يكون قد أدلى بها: "راف يهوداي غاون"، الذي كان الباحث اليهودي الكبير في أكاديمية سورو الحاخامية بالقرب من الكوفة من عام 757 م حتى وفاته عام 761. حيث نُقل عن "راف يهوداي" قوله بأن المتحولين الزرادشتيين إلى الإسلام قد حافظوا على بعض من جوانب دينهم السابق. يكتب هولاند، نقلاً عن "راف يهودي": "إن قلوب هؤلاء الموبيد [الكهنة الزرادشتيين] الذين ’تحولوا إلى دين الإسماعيليين‘، كما ذكر، لم تُصفّي تماماً رواسب معتقداتهم السابقة، وصولاً حتى إلى الجيل الثالث: ’لأن جزءًا من دينهم القديم لا يزال موجودًا في نفوسهم‘".
ويتبع هولند تلك المدرسة في الفكر التاريخي والتي تُعرف باسم "المدرسة التحريفية"، التي تنتقد الدراسات الغربية السائدة حول التاريخ الإسلامي المبكر لاعتمادها كثيرًا على المصادر التاريخية التي: 1) كتبها مسلمون، وبالتالي فهي منحازة نحو العقيدة الإسلامية، و2) التي تتأخر الأحداث التي يصفونها بعدة عقود أو قرون عن زمانها الفعلي، وخلال هذه الفترة فقد تعيَّن على المؤمنين تعديل الوصف "الحقيقي" للأحداث ليتناسب مع التاريخ الإسلامي العقائدي المقدس الذي تبلور خلال الفترة الفاصلة بين تلك الأحداث وتدوينها. لذلك لا ينبغي لنا أن نعتقد بأن السيرة النبوية الشهيرة للعالم المسلم ابن إسحاق (توفي عام 767م) هي مصدر موثوق تاريخيًا لأحداث حياة محمد التاريخية لأن 1) ابن إسحاق كان مسلمًا يكتب تاريخًا مقدسًا لشخصية أصبحت ثابتة في تقاليده الدينية ولم يتم تناولها بموضوعية، و2) أن ابن إسحاق قد قام بتأليف سيرته بعد حوالي (140) عامًا من وفاة النبي. كما يقول أصحاب هذه المدرسة إن اعتبار ابن إسحاق مؤرخاً موثوقًا به سيكون بمثابة قيام المؤرخين بعد قرن من الآن بكتابة تاريخ الحرب الأهلية الأمريكية استنادًا إلى وثائق كتبها أمريكيون في عام 2015 وهم يحتفلون جميعًا بانتصار الشمال على الجنوب.
ولحل مشكلة المصادر التاريخية هذه، فقد اقترح التحريفيون الاعتماد على مصادر غير إسلامية للفترة الإسلامية المبكرة، وبعضها يرجع تاريخه إلى وقت مبكر (على سبيل المثال، كتابات الأسقف الأرمني "سيبيوس" التي تعود إلى ستينيات القرن السادس الميلادي) والتي لا تتلون بالتحيز المؤيد للإسلام.
يمكنني الخوض في نقد طويل للمقاربة التحريفية هنا، لكن هذا غير ضروري على الإطلاق. إن حجة هولند حول مسألة صلاة المسلمين واهية للغاية بحيث أن المرء لا يحتاج سوى الالتزام بتطبيق معايير المدرسة التحريفية نفسها عليها حتى تنهار تمامًا.
1) لماذا يضع هولند الكلمات في فم راف يهوداي؟
المشكلة الأولى في حجة هولند تتمثل في أن الحاخام راف يهوداي لا يذكر الصلاة اليومية كمثال على التأثير الديني الزرادشتي على الإسلام. وبدلا من ذلك، نجد أن هولند هو الذي توصل إلى هذا الاستنتاج من خلال تكهناته المفتوحة. إنه يتساءل: "ما هو الدليل الذي قد يكون متوفراً لدى الحاخام ليقدم مثل هذا الادعاء؟" حسنًا، كانت الزرادشتية تتضمن صلاة الخمس مرات في اليوم، كما يشير، لذلك ربما كان هذا ما يعنيه راف يهوداي. لكن التكهنات ليست ضرورية هنا، لأن "راف يهوداي" قد قال بالضبط ما كان يعنيه في المقطع الذي استشهد به هولند. حيث تتضمن تعليقاته حول المتحولين الزرادشتيين إلى الإسلام الحالة التي تجعلهم لا يميلون إلى التخلي عن شرب النبيذ على الفور، بل ويستمرون أحياناً في شرب النبيذ حتى الجيل الثالث.
2) كيف بحق لهولند اعتبار أن هذا هو مصدر تاريخي موثوق؟
دعونا نتظاهر فقط بأن "راف يهوداي" كان يتحدث فعلاً عن ممارسات الصلاة اليومية للزرادشتيين/المسلمين (والتي، بالطبع، لم يتطرق اليها ابداً على الإطلاق). ولنفترض فقط أن "راف يهوداي" كان يقوم بملاحظة دقيقة وعادلة حول الممارسات المحيطة به في جنوب العراق إبّان خمسينيات القرن الثامن الميلادي. إذاً، فكتابات "راف يهوداي" يجب أن تكون أكثر موثوقية تاريخياً من كتابات المسلمين مثل ابن إسحاق، أليس كذلك؟ ولكن ما هو "كتاب راف يهوداي" الذي يستشهد به هولند؟ في الواقع، إن هولند لم يستشهد بأي عمل لراف يهوداي. حاشيته الختامية تُحيل إلى "سفر هآشكول"، وهو عمل منسوب إلى الحاخام أبراهام بن إسحاق، الذي عاش في جنوب فرنسا في القرن الثاني عشر. كما أن الصفحة التي يثبتها هولند في حاشيته تلك عن كتاب "سفر هآشكول" لا تستشهد بالراف يهوداي مباشرة. وبدلاً من ذلك، فإن تقرير راف يهوداي عن المتحولين إلى الإسلام يأتي عبر أحد كبار حاخامات أكاديمية بومبيديتا الحاخامية في بابل، والذي عاش بعد حوالي ثلاثمائة عام من راف يهودي: "راف هايا غاون" (توفي عام 1038 م).
لذا، يقول هولند، إنه من أجل التغلب على مشكلة المصادر الإسلامية مثل سيرة النبي لابن إسحاق، والتي تم جمعها في بغداد بعد قرن ونصف من حياة محمد، يتوجب علينا أن ننتقل إلى مصدر مكتوب في فرنسا بعد خمسة قرون من حياة محمد؟ لكن قد يجيب هولاند بأن الحاخام إبراهيم بن إسحاق كان يعتمد على تقارير سابقة وأعمال تاريخية يجب أن نثق بها. لكن هذا هو بالضبط ما ادعى المؤرخون المسلمون مثل ابن إسحاق أنهم يفعلونه في أعمالهم، والنقد المركزي الذي وجهه المراجعون التحريفيون مثل هولند لهم هو أننا لا نستطيع أن نثق في أن المؤرخين ينقلون المواد السابقة بشكل موثوق.
ولكن، لنكن محسنين. لنفترض أنه خلال القرون الخمسة بين حياة الحاخامين يهوداي غاون وإبراهيم بن إسحاق، والقرون الخمسة من السجال الديني والحرب بين المسيحيين واليهود والمسلمين عبر البحر الأبيض المتوسط، فقد بقيت ملاحظة الحاخام يهوداي سليمة ليتم حفظها لنا في سفر هآشكول.
المشكلة هي أن سفر هآشكول نفسه لا يمكن الاعتماد عليه. فحسبما نوقش على مدى أكثر من قرن من جانب العلماء الحاخامات والباحثين في الدراسات اليهودية، فإن طبعة هالبرشتات لعام 1868 من السفر التي يعتمد عليها هولند هي نسخة مزورة اصطنعها الحاخام الشهير والباحث الأدبي "تسفي بنيامين أورباخ" في القرن التاسع عشر (توفي عام 1878). وقد دفع هذا بعض الباحثين البارزين في الأدب الحاخامي إلى الاستنتاج بأن ذلك الكتاب "لا ينبغي استخدامه لأغراض تاريخية".
3) فما هي المصادر التي يجب الاعتماد عليها في أصول الصلوات الخمس؟
دعونا ننغمس في ذات الشكوك التحريفية حول المصادر التاريخية التي كتبها المسلمون. دعونا ننسى أن قصة كيف ومتى أقام النبي محمد الصلوات الخمس، والتي ادرج علماء المسلمين أنها حدثت عام 617 م أو قبل وقت قصير من هجرة النبي إلى المدينة المنورة عام 622 م، والتي تم تسجيلها في المؤلفات التاريخية الإسلامية الكبرى من أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الميلادي. أقدم كتاب موثق تظهر فيه هذه القصة هو موطأ مالك بن أنس (توفي 796)، والذي تم تجميعه في المدينة المنورة في منتصف وأواخر القرن السابع الميلادي. فقد أخرج مالك رواية مروية عن النبي قال فيها: « خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة...». (الموطأ: كتاب صلاة الليل، باب الأمر بالوتر). فإذا ما انغمسنا في الشكوك التحريفية وافترضنا أن مالكًا كان يختلق هذا النقل بأكمله الذي يدعي أنه جاء من النبي، فسنظل نعرف أنه، على الأقل خلال حياة مالك في المدينة المنورة، كانت هناك فكرة واضحة مفادها أن الجزء الأساسي من الإسلام هو الصلوات الخمس اليومية.
وبوسعنا أن ننغمس في المزيد من التحريفية ونصر على الاعتماد على مصادر غير إسلامية. بما أن "راف يهوداي" لا يذكر صلاة المسلمين مطلقًا، فلماذا لا نستعين بمصدر غير مسلم يفعل ذلك؟ يمكننا أن ننظر إلى كتاب "تونج تيان"، وهو أحد أعمال بلاط تانغ الصيني في التاريخ والجغرافيا والذي تم نشره عام 801 م. هذا الكتاب يحتوي على وصف للكوفة بقلم جندي صيني تم أسره في معركة طلاس عام 751م، وقضى سنوات بين المسلمين في العراق وإيران، ثم عاد إلى الصين عام 762م. إحدى الملاحظات القليلة التي يذكرها هذا الجندي الصيني عن الكوفة، التي كانت العاصمة العباسية في ذلك الوقت (لم يتم بناء بغداد حتى ستينيات القرن السابع)، هي أن المسلمين هناك كانوا يصلون خمس مرات في اليوم.
إذاً، بين موطأ مالك وتونج تيان، نعلم أن الممارسات الجماعية الإسلامية في المدينة المنورة والكوفة في منتصف القرن السابع الميلادي كانت تشتمل على الصلوات الخمس. هذا على الرغم من أن منطقتي المدينة المنورة والكوفة كانت لهما تقاليد مختلفة بشكل كبير في الشريعة الإسلامية. لذلك لا بد أن تينك المنطقتين قد ورثتا ممارسة الصلاة من ممارسة سابقة شائعة، وبالتالي لا بد أن يكون هناك أصل مشترك للصلوات الخمس. وهذا من شأنه أن يدفع الشهادة التاريخية لهذه الممارسة إلى ما لا يقل عن جيل واحد إلى أوائل القرن الثامن الميلادي، أي بعد سبعين عامًا أو نحو ذلك من وفاة النبي.
4) عندما يخبرنا المؤرخون المتعجرفون بأن النقد يعني الالغاء للبيانات
لذا، فنحن بالخيار: إما أن نصدق ادعاء هولند، استنادا إلى تزييف غير موثوق به من القرن التاسع عشر لعمل من المفترض أنه يعود للقرن الثاني عشر من فرنسا والذي يقتبس عن حاخام في بغداد من القرن الحادي عشر الذي يقتبس عن حاخام من القرن الثامن بالقرب من الكوفة، لنصدق أنه نظرا لأن الزرادشتيين الذين اعتنقوا الإسلام كانوا ما زالوا يحبون شرب النبيذ، لذا فإن الممارسة الإسلامية المتمثلة في الصلاة خمس مرات في اليوم، والتي، مثل شرب النبيذ، كان يمارسها الزرادشتيون أيضا، لا بد أنها قد انتقلت إلى الإسلام من الزرادشتية من قبل المتحولين اليه من تلك الديانة.
إما هذا، أو يمكننا أن نصدق، استنادًا إلى المصادر الإسلامية وغير الإسلامية الموثقة تاريخيًا - والتي ترسم صورة شاملة موثوقة للممارسات الإسلامية في الكوفة والمدينة قبل عقود من إبداء راف يهوداي ملاحظته المفترضة- أن الصلوات الخمس اليومية كانت مقبولة على نطاق واسع باعتبارها ممارسة أساسية للإسلام بحلول أوائل القرن الثامن الميلادي على الأقل، أي بعد سبعين عامًا أو نحو ذلك من وفاة النبي محمد.
في الواقع، فإن ادعاء هولند يصبح أقل منطقية عندما نتذكر أن تقاليد الشريعة الإسلامية المتبعة في الكوفة - التي يعثر فيها هولند على كل هذه الممارسات الزرادشتية وعلى المتحولين الزرادشتيين الذين يصلون خمس مرات في اليوم والذين يفترض أنهم يؤثرون على بقية المسلمين – قد فرضت في الواقع أداء ست صلوات يومية مطلوبة (السادسة، صلاة الوتر، لا تزال تعتبر واجبة في المذهب الحنفي الذي نشأ في الكوفة). ومن ناحية أخرى، فإن موطأ مالك، المكتوب في المدينة المنورة حيث يريدنا هولند أن نفترض بأن هناك عددًا أقل بكثير من المتحولين الزرادشتيين الذين يتجولون فيها وينشرون عباداتهم الزرادشتية، يرفض الصلاة السادسة ويصر على الصلوات الخمس التي يفترض أنها تعتمد على الزرادشتية."
المصدر:
https://ponderingislam.com/2015/07/25/the-origins-of-the-5-daily-islamic-prayers-jonathan-brown-on-tom-hollands-in-the-shadow-of-the-sword
لا بد لي أن أشكر الأستاذ الدكتور جوناثان براون على بحثه الممتع هذا والذي فند فيه من الأساس أكاذيب توم هولند؛ وخصوصاً اثباته أن أهل الكوفة في الفترة التي يحددها هولند إنما كانوا يصلون ست صلوات وليست خمساً وفق المذهب الحنفي الذي يتبعونه والذي يوجب أداء صلاة الليل، وبالتالي فإن كذبة هولند بكون أهل الكوفة قد اخذوا صلواتهم الخمس من الزرادشتيين بينهم يتم نسفها حالا لأن الكوفيين كانوا يؤدون ست صلوات وليست خمساً مثلما يفتري. ولكن فاته ما هو أهم بكثير من الحقائق التاريخية الثابتة لتفنيد تخرصات هولند.
من الواضح أن هولند هذا لم يجد أي نص قديم يقول بأن المسلمين قد تعلموا شعيرة الصلوات الخمس من الزرادشتين الداخلين في الإسلام. كل الذي وجده هو نص مزور يقول أن هؤلاء المسلمين الجدد المنتقلين من الزراداشتية للاسلام في الكوفة كانوا غير ملتزمين بدينهم الجديد بدلالة أن أبناء حتى ثالث جيل منهم كانوا يشربون النبيذ المحرم في الإسلام.
هذا هو فقط كل ما وجده هولند في مصدره المزور أصلاً.
هنا تدس مخيلة ملقنوا هذا الصهيوني القذر فرية جديدة من لا شيء مؤداها مايلي:
بما أن هؤلاء الزرادشتيين المتحولين للاسلام كانوا يشربون النبيذ في الكوفة في بداية الدولة العباسية، وكان الزرادشتيون يصلون خمس صلوات في اليوم، إذاً، فإن كل المسلمين من أقاصي خراسان الى أقاصي الأندلس قد تعلموا صلواتهم الخمس من هؤلاء الزرادشتيين لأن الزرادشتيه – الأقدم من الاسلام – لديها خمس صلوات في اليوم!
هل يوجد تلفيق أشنع من هذا؟
علماء! يقول!
كما لو كان المسلمون ليسوا هم الذين جعلوا هؤلاء الزرادشتيين يقتنعون بالدخول في الاسلام، وإنما هؤلاء الزرادشتيين هم الذين أقنعوا المسلمين باتباع عباداتهم الزرادشتية! كل الحقائق مقلوبة لدى التحريفيين الصهاينة! ووفقاً لهذا التلفيق، فإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لم يأخذوا مناسك دينهم من النبي وخلفائه وأئمتمهم، بل من حفنة زرادشتيين كانوا يشربون النبيذ في الكوفة إبان الدولة العباسية بعد تحولهم للإسلام!
علماء! وكثيرون!، يقول!
ولكن حبل الكذب والتلفيق قصير مهما كان شنيعاً.
نبدأ أولاً بواقعة شرب اهل الكوفة للنبيذ. هولند الملفق هنا – لا يعلم بأنه وفقاً للمذهب الحنفي الذي كان عليه أهل الكوفة وقتذاك فإن شرب النبيذ حلال وليس حراماً، بشرط عدم السكر.
لنقرأ هذا النص من "اسلام ويب:
الذي اتفق العلماء على تحريمه إنما هو الخمر المتخذة من عصير العنب، وأما سائر الأنبذة من غير العنب فقد اختلفوا في القليل الذي لا يسكر منها، قال ابن رشد في بداية المجتهد: أما الخمر فإنهم اتفقوا على تحريم قليلها وكثيرها ـ أعني: التي هي من عصير العنب ـ وأما الأنبذة فإنهم اختلفوا في القليل منها الذي لا يسكر، وأجمعوا على أن المسكر منها حرام، فقال جمهور فقهاء الحجاز وجمهور المحدثين: قليل الأنبذة وكثيرها المسكرة حرام،
وقال العراقيون إبراهيم النخعي من التابعين وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وابن شبرمة، وأبو حنيفة وسائر فقهاء الكوفيين وأكثر علماء البصريين: إن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السكر نفسه لا العين.
المصدر:
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/-print-.php?id=161877
إذاً، وفقاً للمذهب الحنفي وسائر فقهاء الكوفة وأكثر علماء البصرة، فإن العين (أي النبيذ نفسه) هو مال لا يجوز تبديده، وهو ليس بمحرم بحد ذاته. المحرم هو أن يسكر محتسيه المسلم به؛ فإذا ما شرب المسلم النبيذ بمقدار ولم يسكر، فلا جناح عليه.
هذا هو أصل وفصل قصة شرب أهل الكوفة وغيرهم للنبيذ الذي ينسج هولند حولها الشناعات.
ما علاقة تحليل المذهب الحنفي وغيره لشرب النبيذ ما دام غير مسكر بالصلوات الخمس وبالزرادشتية؟
لاتوجد أيّما علاقة، البتة.
الآن نأتي الى مربط الفرس: نسأل: عندما افترى هولند على المسلمين من محطة البي بي سي التي تشرف عليها الأم آي فايف بأنهم قد أخذوا صلواتهم الخمس من الزرادشتيين، وقبض المقسوم على فريته هذه، فهل تحرّى – مثلما فعل مع الاسلام – عن أصل الصلوات الخمس عند الزرادشتين، فتوفرت لديه النصوص الزرادشتية الحيادية (كذا) والموثقة التي يجعمص بكل صلافة بضرورتها العلمية والحيادية والتي تقطع بأن الزرادشتيين كانوا يصلون خمساً في اليوم منذ أقدم الأزمان بموجب نص زرادشتي موثق تاريخه وأصالته قبل الاسلام؟
طبعاً لا! المطلوب هو أن يطبق منهجه الكاريكاتيري في التحريف التلفيقي على الإسلام فقط.
لا يحفل هولند مطلقاً بحقيقة أن الشخص المأجور مثله والذي يقبض لقاء الاساءة للاسلام بالدس والكذب سرعان ما ستنكشف كذبته لأن حبل الكذب قصير ولأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله. ومن هنا جاءت خيبته الكبرى: لقد فاتت عليه هذه الحقيقة التاريخية الثابتة والموثقة على نحو بات وقاطع، ألا وهي:
أن الديانة الزرادشتية الحديثة هي التي أخذت الصلوات الخمس ومراسم الوضوء من الاسلام، وليس العكس!
هذا هو موضوع الحلقة القادمة.
يتبع، لطفاً.



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 5-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 4-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 3-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 2-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 1-20
- وئام ملا سلمان: الشاعرة المجددة توحّد الشاعرة مع الشعر لخلق ...
- الانقلاب الكوري الجنوبي والحرب الاوكرانية
- دواعش نتنياهو-أردوغان-بايدن يستبيحون حلب الشهباء
- يحيى السنوار: شهيد من طراز فريد
- البقرة الشاردة مع عجلها
- إلى روح الشهيد الثائر: السيّد حسن نصر الله
- هي وهو
- أمل
- نَفَرَين بيّاع
- مرض اليأس اليساري: فاروفاكيس أنموذجاً
- بطل الكرامة الفذ الشهيد ماهر الجازي
- صيف وشتاء العجوز طنبورة
- صلاة الضفدع وذيل السلحفاة
- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
- القاضي والحمار


المزيد.....




- مستعمرون يشقون طريقا استعماريا شرق سلفيت
- ضبط قناة طيور الجنة بيبي للأطفال على نايل سات وعرب سات بأعلى ...
- سفراء ودبلوماسيو العالم يهنئون ايران بمناسبة الذكرى الـ46 لا ...
- لجنة المتابعة للقوى الاسلامية والوطنية بغزة تصدر بيانا بشأن ...
- لجنة المتابعة للقوى الاسلامية والوطنية:الشعب الفلسطيني لن يت ...
- لجنة المتابعة للقوى الاسلامية والوطنية:مخطط ترامب اعلان حرب ...
- لجنة المتابعة للقوى الاسلامية والوطنية:ندعو القمة العربية لم ...
- السفارة الايرانية في بيروت تحتفل بذكرى انتصار الثورة الاسلام ...
- فرنسا: انطلاق محاكمة منفذ الاعتداء على كاتدرائية نيس
- الرفيق عبد الإله شيكر، يسائل السيد وزير الأوقاف والشؤون الإس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علوان حسين - الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 6-20