أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فارس آل سلمان - اوربا و الصراع من اجل البقاء ...















المزيد.....


اوربا و الصراع من اجل البقاء ...


فارس آل سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 14:05
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تواجه اوربا في عام 2025 جملة تحديات و تهديدات، منها الركود الاقتصادي، وتباطوء النمو، و ارتفاع معدلات التضخم، وفشل الحكومات الاوربية في الحد من الهجرة وتعزيز فرص العمل، و حل مشكلة الإسكان، وتحسين مستويات المعيشة. فضلا عن انخفاض معدلات المواليد، و تداعيات الحرب الاوكرانية التي ادت لارتفاع اسعار الطاقة و الذي بدوره اضاف هذا اعباءأً جديدة على اقتصادات رئيسية فيها، و انتج غضب جماهيري و رد فعل عنيف لدى الناخب الاوربي، الامر الذي يهدد بتفكك ألاحزاب السياسية التقليدية الكبرى في القارة و بروز ونمو احزاب اليمين المتشدد.
بلا ادنى شك فشلت الديمقراطيات الليبرالية في القارة الاوربية، بل فقدت مصداقيتها وديناميكية عملها. و ادى هذا الفشل الى احباط و استياء شعبي كبير، جعل البوصلة تتجه نحو احزاب اليمين الشعبوي. حيث اكدت صحيفة الواشنطن بوست بان هناك الان 7 دول في الاتحاد الاوربي تحكمها أحزاب "متطرفة" بشكل كامل أو جزئي.
وقالت الباحثة ألكسندرا دي هوب شيفر نائبة رئيس صندوق مارشال الألماني- الأميركي إن "هناك خيبة أمل، وأزمة ثقة في هذا الجيل الشاب الذي يعتقد أنه ليس من المهم العيش في نظام ديمقراطي، ما لم تقدم الحكومة الخدمات العامة، والاقتصاد الجيد، وأسعار الطاقة المنخفضة".
و كنتيجة لسياسات الديمقراطيات الليبرالية المتخبطة، اصبحت ألمانيا وفرنسا صاحبتا اقوى اقتصادين في الاتحاد الاوربي، بوضع اقتصادي وسياسي مزرٍ.
ففي المانيا شرعت الشركات الكبرى بالانتقال الى الولايات المتحدة حيث فاتورة اسعار الطاقة ارخص بكثير ، و الضرائب اقل، وسينجم عن ذلك تسريح الاف العمال والموظفين.
و ذكرت صحيفة بيلد الالمانية ان اكثر من مليون الماني يترك المانيا سنويا بسبب ارتفاع نسبة الضرائب، و ارتفاع اسعار المواد الغذائية منذ ازمة كوفيد، و ارتفاع اسعار الشقق خصوصا ولاية بافاريا و مدينة برلين. و تسترسل الصحيفة ؛ بدات القطارات تتاخر عن مواعيدها، و اصبحت الخدمات الادارية في الدوائر الحكومية بطيئة من تاخر حجز الموعد الى الموعد بعيد. و تعاني بنايات المدارس والجامعات والدوائر الحكومية من الاهتراء بسبب انعدام اموال الصيانة، و من يمرض ويحتاج موعد عند الاخصائي فانه يحتاج 6 اشهر ، ومن يرقد في المستشفى سيجد الخبز الاسمر وقطعة زبد صغيرة، و التأمين صحي غالي جدا ويقدم خدمة متواضعة مقارنة بالمبلغ المدفوع.
و تؤكد صحيفة بيلد ان هناك 21 مليون متقاعد تمول معاشاتهم وتأمينهم الصحي من 46 مليون الماني في العمل. منهم 29 مليون يعملون بدوام كامل، وهم يدفعون الجزء الاكبر من رواتبهم. ومع ذلك راتب المتقاعد لا يكفي لدفع ايجار شقة وفق العقود الجديدة.
و خلال ال 5 سنوات القادمة سيكون عدد المتقاعدين 30 مليون و العاملين اقل لذلك ستكون الامور اكثر مأساويه. سيكون الراتب التقاعدي غير كافي لدفع الايجار وانما لدفع فواتير الكهرباء و التدفئة و بعض الطعام وليس كل الطعام. من يريد تملك بيت خاص سيبقى يحلم بسبب غلاء البيوت و ارتفاع اسعار الفائدة. و طالما ان 52% من سكان المانيا هم متقاعدين فهذا يعني شيوع الفقر.
اما فرنسا فالوضع افضل من المانيا من ناحية اسعار الطاقة، اذ حافظت فرنسا على تشغيل 58 مفاعل نووي بينما اغلقت المانيا مفاعلاتها النووية نتيجة سوء التخطيط و اليوم تشغل محطات انتاج الكهرباء بالفحم و بتلوث اكبر.
لكن فرنسا تتأثر بالمانيا فهناك الاف الشركات الفرنسية التي تعمل كمجهز لمكونات الصناعة الالمانية والتي فقدت تجارتها بسبب ظروف الاقتصاد الالماني المتداعي. و تضغط ازمة المزارعين الفرنسيين بقوة ليس فقط على الحكومات الفرنسية المتعاقبة بل على الاتحاد الاوربي ككل. ان عدم الاستقرار السياسي في فرنسا خلق حالة من عدم اليقين لدى المواطن الفرنسي، فقد تم تعيين رابع رئيس وزراء في عام 2024 ، ويتوقع ان لا يستمر طويلا لان فرنسا غارقة بالديون، حيث قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو: "لم تكن فرنسا مديونة بهذا القدر منذ الحرب العالمية الثانية." "الدين العام الفرنسي 3 تريليون و300 مليار يورو. أي114% من الناتج المحلي الإجمالي!. الفائدة على الدين هذا العام 55 مليار يورو، وهو ما يمثل 11% من ميزانية الإنفاق الحكومي.
و ما يعقد المسألة ان البرلمان الفرنسي المنقسم، و لا يمكن ان ينتج حكومة قوية تخرج البلاد من هذا النفق المظلم.
وهناك ايضا مشكلة الانكماش الديموغرافي في عموم اوربا. فمعدل الخصوبة لعام 2023 في المانيا انخفض إلى أقل من 1.4 طفل لكل امرأة، وهو الحد الذي تعتبره الأمم المتحدة "منخفضا للغاية"، ولكنه أقل صدمة من معدلات المواليد المتهاوية في إسبانيا وإيطاليا.
و تغوص القارة الاوربية بشكل متسارع في قاع مشاكل معقدة و مركبة، ادت الى تبخر الحلم الاوربي بالاستقرار الاجتماعي، و مُنَح الرعاية الاجتماعية السخية، والازدهارالاقتصادي، و الاستقرار الواسع النطاق. ان هذا التحول الدراماتيكي في وضع الاقتصاد، يدعو المواطن الاوربي للقلق بشأن المستقبل.

في الجانب الاخر هناك الخوف المتنامي من التهديد الروسي، و الذي يجبر اوربا على تحديث جيوشها على الاقل وقائيا. هذا الخوف المزدوج ناجم عن تهديدين؛
الاول هو الحرب الهجينة التي يمكن ان تشنها روسيا من خلال الهجمات السيبرانية او من خلال تدخّلها في الانتخابات في دول الاتحاد الاوربي.
و الثاني هو تراجع الوعد الامريكي بحماية اوربا بعد الحرب العالمية الثانية مع تلويح الرئيس الامريكي ترامب بالانسحاب من حلف شمال الاطلسي.
و لو تماشى القادة الاوربيون مع مطالبات الرئيس ترامب بتحديث جيوشهم، وزيادة الانفاق الدفاعي لاكثر من 5% من اجمالي الموازنات العامة لدول الاتحاد، فانهم سيواجهون معضلة الانكماش الاقتصادي ، و ضعف النمو ، و بلاد مثقله اصلا بالضرائب، و لا خيار اخر امامهم سوى استخدام اموال البرامج الاجتماعية. و يصف المراقبون ذلك بالانتحار السياسي.

وفي ظل الانكماش الاقتصادي، و تعطل القاطرة الاقتصادية الالمانية، ظهر تصدع سياسي داخل الاتحاد الاوربي، فبرزت دول تحاول ان تاخذ زمام قيادة الاتحاد مستغلة ضعف المانيا وفرنسا اقتصاديا. ففي الشمال هناك بولندا التي تسلحت سريعا في ظل الحاجة للاستعداد الوقائي لتوسع الحرب الاوكرانية. فاصبحت اقوى جيش تقليدي في الاتحاد الاوربي. و اليمين القومي البولندي ينمو بسرعة، رافعا شعار نهوض بولندا الكاثوليكية التي تطالب باراض لها في اوكرانيا، و تطالب بتعويضات اضافية من المانيا عن الحرب العالمية الثانية. اذ طالب ياروسلاف كاتشينسكي نائب رئيس الوزراء البولندي، المانيا بتعويضات جديدة بلغت 1.3 ترليون يورو (1300 مليار يورو). وردت المانيا بان بولندا قد تنازلت عن مزيد من التعويضات منذ وقت طويل في عام 1953، وأكدت هذا التنازل مرارًا وتكرارًا. وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن ألمانيا استخدمت ذات الحجج عندما طالبت اليونان بتعويضات عن الحرب.
وهناك في الجنوب يحكم ايطاليا حزب اخوة ايطاليا القومي اليميني الكاثوليكي المحافظ والذي يطالب بدور اكبر لايطاليا، حيث قالت جورجيا ميلوني رئيسة الحزب و رئيسة وزراء ايطاليا بحماس:
"روما يجب أن تكون عاصمة الاتحاد الأوروبي – المدينة التاريخية الإيطالية تجسد الهوية الأوروبية الألفية". وهذا يعني ان ايطاليا تطالب بنقل عاصمة الاتحاد من بروكسل الى روما.
و لا استبعد ايضا مطالبة بولندا مستقبلا بنقل مقر البرلمان الاوربي من ستراسبورغ الفرنسية الى وارشو.
و في اقصى الشمال الاوربي حيث اشتد الصراع الاميركي الروسي في القطب الشمالي تجد الدول الاسكندنافية نفسها لقمة سهلة للكبار ...فشهية حيتان الاوركا الامريكية والروسية منفتحة لالتهام فقمات اسكندنافيا الوديعات، فنلندا والسويد و النرويج والدانمارك.... لذلك سارعت فنلندا و السويد (تخلت السويد عن قرنين من الحياد) للانظمام لحلف الناتو بحثا عن ملجأ آمن ولو مؤقت. ورغم ان النرويج والدانمارك في حلف الناتو لكن ذلك لا يعصمهما من الالتهام سواءأً من روسيا او من الحليف الاميركي.
وفي ظل شيخوخة الاتحاد الاوربي تنظيميا، و ديموغرافيا، و الغارق في القيود التنظيمية ، ونقص العمالة الماهرة، و التبعات الاقتصادية لازمة كوفيد ، وظلال الحرب الاوكرانية و سياسات ادارة الطاقة الفاشلة، نجد ان اوربا تترنح كعملاق يقف على قدمين من طين .... وان السقوط المدوي مسألة وقت فقط، في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
وشبّه أولريش كاتر (كبير الاقتصاديين في بنك ديكا الألماني) أوروبا بإمبراطورية الهابسبورغ المتأخرة، قائلًا إنها "تتراجع اقتصاديًّا وتقنيًّا ومثقلة بالبيروقراطية".

فاقتصاد اوربا بالكاد حقق نسبة نمو 0.8% فقط عام 2024 بينما يزدهر الاقتصاد الاميركي و الذي حقق نمو بنسبة 2.8% لذات الفتره.
و بالاضافة للمشاكل الداخلية التي يعاني منها الاتحاد الاوربي و التهديدات الخارجية من اعداء مفترضين كروسيا، تبرز تهديدات من الحليف الاكبر والحامي للكيان و هو الولايات المتحدة التي تريد بقيادة ترامب اقتطاع غرينلاند من الدانمارك. فهل سيتوحد الاتحاد الاوربي مساندا الدانمارك لمواجهة ترامب؟ ام سيطلب من الدانمارك التضحية من اجل الاتحاد؟.
ان الفشل الاقتصادي، و الانهيار المالي، و ضعف النمو ، ستشكل بمجموعها ارضية خصبة لتمدد اليمين الشعبوي، و ستجعل الاحزاب التقليدية الاوربية الكبرى تتفكك. بالمقابل ستنتعش الاحزاب اليمنية اكثر واكثر ، و التي تدعو جميعها للانكفاء على الداخل. فاغلبها ضد الاتحاد الأوروبي حتى لو تعايشت معه مؤقتًا، فهي تدعو إلى التعصب الوطني في أقصى حالته، و تكن كرهاً كبيراً للاجانب، بل وتعلق كل الفشل على شماعة الاجانب لاغراضٍ انتخابية.
و أفاد تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" بأن منطقة اليورو تواجه تهديدات اقتصادية وسياسية كبيرة، أبرزها اندلاع حرب تجارية عالمية نتيجة السياسات التجارية المتشددة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأجرت الصحيفة استطلاعا شمل 72 خبيرًا اقتصاديًّا، أكد أغلبهم أن هذه السياسات ستؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي في المنطقة.
و كان الرئيس ترامب قد اعلن نيته فرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على جميع الواردات الاوربية لاميركا مع زيادة تصل إلى 60% على الواردات من الصين. وفي حال طبق الرئيس ترامب هذه الخطط، فإنها ستشكل أكبر ارتفاع في الحماية التجارية الامريكية منذ ازمة الكساد الكبير في الولايات المتحدة (1929-1939) الامر الذي يرفع من احتمالات الرد بالمثل من الدول الأخرى.
ووفقًا لأستطلاع الفايننشال تايمز؛ يعتبر 69% من الاقتصاديين أن اندلاع صراع تجاري أمر مرجح، بينما يرى 68% أن هذا السيناريو يمثل أكبر تهديد للمنطقة في العام 2025. كما أن 81% منهم توقعوا أن ولاية ترامب الثانية ستؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو.

ويتوقع الاستطلاع أن ينمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.9% فقط في عام 2025، وهو أقل من توقعات البنك المركزي الأوروبي التي بلغت 1.1% في ديسمبر/كانون الأول. ومع ذلك، هناك إجماع على أن المنطقة قد تتجنب الركود.
و يبقى الحرس القديم في الاتحاد الاوربي يكابر، فقد أكد ستيفان سيجورنيه (نائب رئيس المفوضية الأوروبية) على الحاجة لإستراتيجية “أوروبا أولا” في مواجهة سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وشدد على أن أوروبا يجب أن تتحرك هجوميا لحماية مصالحها.
ودعت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، صانعي السياسات في الاتحاد الأوروبي إلى الدخول في مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية شاملة. وأيد هذه الدعوة 61% من الاقتصاديين المشاركين في الاستطلاع.
و طالبت ايضا كريستين لاغارد صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي إلى الدخول في مفاوضات تجارية مع ترامب. ورغم هذه الدعوات، أشار كامل كوفار (كبير الاقتصاديين في وكالة موديز) إلى أن الاستجابة لترامب يمكن أن يشجعه على مزيد من الإجراءات العدائية.
ورغم التوقعات المتشائمة، أشار 20% من الاقتصاديين في استطلاع الفايننشال تايمز إلى أن انخفاض أسعار الفائدة، و الزيادة المحتملة في الطلب الاستهلاكي، قد يعززان النمو، كما أشار آخرون إلى أن الانتخابات المبكرة في ألمانيا في فبراير/شباط المقبل قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية في سياسة الاستثمار. وشدد موريتز كرامر (من بنك "إل بي بي دبليو" الألماني) على أن التوقعات المنخفضة قد تخلق فرصًا "للمفاجآت الإيجابية".
ويرى بعض الخبراء أن الأزمة الحالية قد تكون حافزًا للإصلاحات الضرورية، وفي هذا الصدد أكدت لينا كوميليفا (كبيرة الاقتصاديين في شركة "جي بلس إيكونوميكس") أن "المناخ السياسي الدولي العدائي يمثل فرصة للحكم الأوروبي لتحسين الأداء".
و من خلال تأمل الحملات الدعائية التي سبقت الانتخابات الأوروبية في 2024، نجد ان الخطابات السياسية تعاني من تسطيح و ضحالة فكرية، فضلا عن طرح أفكار مبتذلة لا تفتح آفاقا جديدة، بل هي عبارة عن كم هائل من التفاهه.
و يشعر المراقب بان الحياة السياسية في اوربا تمر بمرحلة التيه، وأن المواطن الأوروبي يفتقر إلى نقاط الاسترشاد في مشهد سياسي بائس، فيركن إلى أفكار جاهزة وآنية ذات نزوع شعبوي متطرف، وتفتقر الى العمق الايديولوجي والتخطيط الاستراتيجي.
نستنتج من ذلك ان النخب السياسية الاوربية اصبحت عبارة عن فقاعات شعبوية سرعان ما تظهر داخلها الاجوف حال تسنمها سدة الحكم ، و بالتاكيد ستهوي مع دوي هائل...
و السؤال هنا: هل اصبحت المجتمعات الاوربية عاجزة عن انتاج نخب سياسية وطنية بوزن ثقيل كالماضي؟
او ان تركيبة النظام الاقتصادي والسياسي و الاجتماعي تخنق، بل وتقتل كل طموح وطني للنهوض بالمجتمع والدولة؟. ام ان الانحطاط السياسي و ترويج التفاهه اصبحت جائحة عالمية ضربت الكرة الارضية؟
هل ما تمر به اوربا اليوم هي أزمة إنسان ما بعد الحداثة، ام ازمة فكر؟ ام ازمة نظام؟
يقول يونغ شول هان (وهو باحث ألماني من أصول جنوب كورية):هذا الإنسان الذي تحرر من قيود المرجعيات التي كانت تكبّله في زمن الحداثة، ليكتشف أنه قد صار هو ذاته المرجعية، الأمر الذي فتح أمامه آفاقًا كبيرة للحركة والفعل والإبداع. غير أنّ هذه الآفاق الجديدة، وإن وسّعت أمامه مجال الفعل، فقد ورّثته حالة نفسية سِمَتها القلق والاكتئاب والنقص في التركيز، كما أفضت به إلى الإرهاق والتعب الدائمين جراء الإفراط في النّشاط الذي أصبح ملازمًا لتحرّره من القيود المذكورة.

إن المواطن الأوروبي اليوم، بحسب “الباحث في شؤون الاندماج الأوروبي بيير هاروش” لم يعد له اهتمام بالبحث عن موقع له وعن دور يمكن أن يلعبه في العالم، بل صار همه البحث عن ذاته في محيط لم يعد تحت سيطرته. و ما يزيد شعوره بتفاقم الأوضاع، اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية على حدوده الجغرافية، وعجز أوروبا عن التعامل مع هذه الحرب بحزم ووضوح وثقة في النفس، بعيدًا عن إملاءات الولايات المتحدة الأميركية، أو الانقسامات الداخلية، وتحديات القطب الصيني والروسي.

وكخلاصة في رايي، ان المواطن الاوربي اصبح سجين نظام سياسي، واقتصادي، و اجتماعي مثقل بالقيود التنظيمية، و الضرائب الباهضة، بل تحول الى آلة عاملة منشغلة بدوامة العمل، بعيدا عن متعة الحياة الاجتماعية حيث العائلة والاقارب والاصدقاء ورفاق الدراسة. و حتى دوامة العمل هذه التي يشكو منها، اصبحت مهددة بالتبخر ليحل محلها البطالة ، و الجوع ، و الفقر في المستقبل القريب.
بكل تاكيد ستحتاج اوربا الى مشروع مارشال اميركي جديد، لكن لن يسمح لها هذه المرة بالنهوض مجددا بالصيغة السابقة، و انما بشكل مسيطر عليه بعد ترويضها.
لا سيما وانها بمجرد ان شعرت بالقوة الاقتصدية، فتحت ومنحت موانئها للصين، لذلك اعتبرتها الولايات المتحدة خائنة، و ناكرة للجميل، فتوجب اعادتها لبيت الطاعة عبر الحرب الاوكرانية.



#فارس_آل_سلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد الأوروبي في 2025..
- لماذا يطالب ترامب بضم قناة بنما و كندا وغرينلاند ... صراع وج ...
- هل ينهار اقتصاد اوربا...؟ و ما هو مستقبل الصناعة الأوروبية
- الحرب الامريكية - الصينية القادمة ....لكن بحروب الوكالة مع و ...
- محاولة تصفية الشركات العراقية المملوكة للدولة
- صناعة التفاهه و النفايات الفكرية
- الصراع النفطي الخليجي و اتفاقية اقامة منطقة تجارة حرة بين حك ...
- الصناديق السيادية و دورها في التنمية الوطنية
- تقييم الاطار العام لخطة التنمية الوطنية العراقية 2018-2022
- الثورة الصناعية الرابعة ... و تحديات الوجود
- التنافسية.....و دور الحكومات
- الحوكمة ... الطريق لتحقيق النجاح
- ترامب ... الهيمنة و الحرب الاميركية المنسية
- البعد الاقتصادي و الامن الوطني
- تاريخ العراق يعيد نفسه
- افكار حول تحديد هوية الاقتصاد العراقي


المزيد.....




- تونس: منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يحذر من ارتفاع حال ...
- وفد اقتصادي روسي في الرياض
- إنتاج أول شحنة من الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال
- -الاقتصاد الوطني- والبنك الدولي يبحثان سبل تعزيز التعاون في ...
- شولتس وميرتس: مناظرة ساخنة حول اللجوء والاقتصاد وحزب البديل ...
- تداعيات واسعة مع عزم ترامب رفع الجمارك على الصلب والألومنيوم ...
- أوروبا مستعدة للرد على -عاصفة ترامب- الجمركية
- -بوليتيكو-: بريطانيا تطالب واشنطن بتوضيح ماهية الرسوم الجمرك ...
- مصر.. ارتفاع جديد في الدين الخارجي رغم أموال صفقة رأس الحكمة ...
- إنتاج مالي من الذهب يتراجع 23% في 2024


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فارس آل سلمان - اوربا و الصراع من اجل البقاء ...