أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الخطر الجاري الذي يهدد مستقبل سوريا














المزيد.....


الخطر الجاري الذي يهدد مستقبل سوريا


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن الحل السياسي في سوريا كان الكلمة المشتركة لكل المشتغلين بالوضع السوري، فإن الحل العسكري هو ما تحقق، وبطريقة حذفت النظام السابق دفعة واحدة من المعادلة، وجعلت الفصائل الإسلامية صاحبة اليد العليا في كامل سوريا ما عدا مناطق سيطرة قوات سورية الديموقراطية (قسد) التي تشكل اليوم القوة العسكرية الوحيدة في مواجهة إرادة الحاكمين الإسلاميين الجدد.
من يقول إن الحل السياسي في سوريا لم يكن إلا ضرباً من الوهم، سوف يجد الكثير مما يدعم قوله. وأهم هذا الكثير هو أن نظام الأسد لم يكن قابلاً للتلاؤم مع أي حل سياسي ينطوي على مشاركة جدية في السلطة. وقد كان الكلام عن "الحل" السياسي مجرد لغو على ألسنة الفاعلين الدوليين، يشبه الكلام عن "حل الدولتين" في فلسطين مثلاً، في الحالتين، هو تغطيه دبلوماسية على عجز يسببه تعقيد الواقع أو غياب الإرادة السياسية في الحل لدى القوى ذات التأثير الفعال في الواقع.
الطريف في سوريا، أن الطرف الذي رفض على طول الخط الحل السياسي، ولم يتقدم طوال سنوات الصراع بأي مبادرة سياسية مهما تكن، وتعامل بلا جدية مع كل المبادرات السياسية التي طرحت، من موقع المعرقل والمماطل، هو النظام السابق الذي كان يثابر على مراكمة أسباب انهياره فيما هو يعتقد بأنه مقبل على حسم عسكري في صالحه، بوصفه "الدولة".
لو افترضنا أن القوى الخارجية المؤثرة اتفقت وأرادت فعلاً في لحظة ما، دخول الأطراف السورية في عملية تفاوض من أجل حل سياسي، فالراجح أن الحل سيكون هشاً وأن السلطة ستكون معاقة ومعطَّلة بفعل تنافر القوى المجبرة على التفاوض والتوصل إلى حل وسط. والراجح أن النظام السوري الذي سيكون حينها طرفاً رئيسياً في الحل، حسب القرار 2254، لن يكف عن السعي، عبر ما يمتلكه من قوة في أجهزة الدولة (الجيش والأمن)، إلى تهميش القوى الأخرى وتحويلهم، في أحسن الأحوال، إلى أطراف بلا تأثير في "جبهة وطنية" جديدة. على هذا، كان سينتقل الصراع بين القوى الرئيسية الفاعلة على الأرض، من كونه صراعاً بين مناطق سيطرة بحدود معينة، إلى كونه صراعاً داخلياً ضمن الدولة. ومن الممكن، أو الراجح حتى، أن مثل هذا الواقع القلق يهيئ ويبرر ظهور "رجل انقلابي قوي" يحسم الأمر داخل الدولة ويريح الناس من استمرار الصراعات الداخلية ومن شلل الإدارة، وقد يلقى ترحيباً شعبياً غير قليل. الاحتمال الآخر أن يقود هذا الواقع إلى تفجر الدولة كما نشهد في ليبيا واليمن، والعودة إلى الصراعات المسلحة وسلطات الأمر الواقع المتفاصلة.
هذا فضلاً عن أن المناطق التي سيطرت عليها سلطات الأمر الواقع لسنوات، سيكون اندماجها الوطني معاقاً بفعل صراعات "ممثليها" داخل الدولة الجديدة، وبفعل التأثيرات الثقافية والسياسية المتباينة فيما بينها ولزمن طويل.
ما سبق يعطي الحسم العسكري الذي حصل في سوريا أفضلية من ناحية أن تحطيم الدولة السورية التي كانت مبنية على ما يلائم سيطرة طغمة الأسد، يعطي فرصة نادرة للبناء على أرض جديدة وبأقل قدر من القيود. وقد عزز هذه الأفضلية واقع أن الشعب السوري في غالبيته كان مرحبة بهذا الحسم ولاسيما أنه كان بقدر محدود جداً من الضحايا قياساً على ما كان يمكن تخيله من تكاليف الحسم العسكري. الواقع أن غالبية كاسحة من السوريين ارتاحت ليس فقط لأنها تخلصت من القصف والعلميات العسكرية التي لم تتوقف بوتائر مختلفة خلال السنوات الماضية، بل أيضاً لأنها تأمل ببناء نظام سياسي جديد مغاير.
غير أن الخطر الأهم الذي يتهدد سوريا المستقبل يتم اليوم على يد الفصائل نفسها التي أنجزت الحسم العسكري. نعم الخطر الأكبر يأتي من طرف من خلص سوريا من البلاء الأكبر. فبدلاً من الاستفادة من تلاشي قوات النظام السابق من أجل بناء الدولة بناء وطنياً على أرض نظيفة، اختارت هذه القوى البناء المتحيز أو حتى الحصري لصالح الإسلاميين، من خلال بناء الجيش من الفصائل أساساً، وهي فصائل ذات ولاءات فرعية وذات تعبئة إيديولوجية وسياسية لا تتناسب مع بناء جيش وطني بعيد عن الاستقطابات السياسية، فضلاً عن كونها لا تمثل التنوع السوري القومي والديني. الأمر الذي يهدد بأن يكون جيش سوريا المستقبل إما مفككاً بسبب عدم تحرره من الولاءات الفصائلية، أو غير مستقل عن السلطة الحاكمة، إذا تمكن زعيم ما أن يدمج الفصائل فعلاً وينال ولاء الجيش، فننتهي تماماً إلى ما كان الحال في ظل الطغمة الأسدية التي كان لرأسها سيطرة تامة على قوى الجيش والأمن، إلى الحد الذي ترافق فيه فرار رأس النظام مع انهيار هذه القوى. الكلام عن الاستئثار بعملية بناء الجيش ينطبق على بناء قوى الأمن الداخلي، بطبيعة الحال.
هذا الحال يجعل الكلام عن التشاركية السياسية وعن كتابة الدستور وعن المؤتمر الوطني ... الخ، قليل المعنى والأثر. الواقع أن بناء الدولة الجديدة جار على قدم وساق وفق عصبية إسلامية لا تطابق الوطنية السورية، وهذا سيجعل السلطة الجديدة، بعد فترة من الزمن، إذا نجحت في دمج الفصائل الإسلامية وكسب ولائها، في موقع لا يُنازع، وسيجعلها "أبدية" تجود أو تضن على الغير بما "تملك". إذا نام السوريون على فراش الاطمئنان وحققت السلطة الجديدة ما نعتقد أنها تسعى إليه من بناء أجهزة القوة في الدولة على هواها، فإنهم سيكتشفون لاحقاً غربتهم عن الدولة الجديدة أيضاً، وسيذكرون قيمة المثل العربي "عند الصباح يَحمَدُ القومُ السُّرى".
ويبقى السؤال الثقيل: هل يمكن وقف هذه العملية الاستئثارية في بناء أجهزة القوة في الدولة؟ وهل يمكن بناء جيش جديد سوى من الفصائل التي حققت "النصر"؟ هذا ما ينبغي التفكير فيه اليوم، وهو سابق على الانشغال في الخطوات المستقبلية، الانشغال الذي يوحي كأن ما يجري اليوم من تشكيل العمود الفقري للدولة، الجيش وقوات الأمن، أمر لا شأن للسوريين "غير المحرِّرين" به.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس علوي في سورية يجدر تأمله
- مخاطر الانتقال إلى سوريا جديدة
- عن مظاهرات السوريين العلويين
- هل انتصرت الثورة في سوريا؟
- الموالون وتلاشي نظام الأسد
- عن سورية والتطورات الأخيرة
- نزوع الضحية إلى السيطرة
- انتصارات إسرائيل الخاسرة
- عن اللوثة الطائفية في سوريا
- التكيّف مع الاحتلال
- تحول حزب الله من المقاومة إلى الردع
- نحن والاحتجاجات في إسرائيل
- عن انقسام عقيم يلازم السوريين
- أفكار في النقاش السوري العام
- سأبقى أذكر ذلك المساء المختلف في السجن
- غزة، التنافر بين الحق وتمثيله
- دروس قاسية تنتظر الفرنسيين
- القضاء الدولي، مقايضة شعوب بأفراد
- لا تقاطع مخبراً في السجن
- عن التوثيق ومنصة الذاكرة السورية


المزيد.....




- -يسيء لعائلتنا مقابل المال-.. رغد صدام حسين تتوعد شخصا بالحس ...
- السعودية وقطر تعلنان موقفهما من قطع إسرائيل الكهرباء عن قطاع ...
- نيسان تختبر سيارتها ذاتية القيادة في شوارع يوكوهاما باستخدام ...
- نرجس محمدي: إيران تشهد تغييرا والنظام يواجه مقاومة متواصلة
- السعودية تدين قطع الكهرباء عن غزة وتدعو لمحاسبة إسرائيل
- محكمة أمريكية تلزم وزارة DOGE بنشر تقاريرها الداخلية
- بخلاف الجزر.. خبراء يكشفون عن وجبة خفيفة ولذيذة تعزز صحة الع ...
- روبيو يعلق على لقائه مع بن سلمان في جدة
- جنود إسرائيليون يدخلون إلى بلدة في جنوب لبنان
- زاخاروفا تربط هجوم الدرونات الأوكرانية بزيارة وفد أوروبي رفي ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الخطر الجاري الذي يهدد مستقبل سوريا