|
رأي أكثر تفصيلا في إعدام صدام
نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر
(Najah Mohammed Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 1793 - 2007 / 1 / 12 - 11:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إعدام صدام.. سجال داخل العراق وخارجه المالكي ومستشاروه..
الإنتقام الطائفي
الفخ الأمريكي!
غياب الحقيقة الكاملة!
ثروة العراق في البنوك السرية
هل أن ما يجري في العراق يؤكد ما يردده البعض من أن الشيعة الذين رفضوا معظم النظم وعهود الحكم منذ زمن السقيفة ومرورا بالعهود الأموية والعباسية وما بعدها الى الخلافة العثمانية وأنظمة الحكم المتعاقبة في العراق الحديث، وغيره من البلدان، يجيدون فقط فنون معارضة الحكام في بلدانهم، ويتقنون كل ما يوصلهم إلى الاستشهاد كقرابين فداء على مذبح الحرية؟..
هذا السؤال يجيب عليه - حتى الآن على الأقل- الواقع العراقي الراهن الذي يعكس أن الشيعة لا يعرفون بالفعل أساليب الحكم وتكتياته بالرغم من التجربة الايرانية الناجحة على الأقل في التعامل مع الحكام السابقين في عهد الشاه المخلوع،عندما نصبت الثورة الاسلامية الفتية آنذاك محاكم مستعجلة حاكمت عددا محدودا جدا من أقطاب نظام الشاه وقضت باعدامهم دون اثارة أية ضجة، ومنهم رئيس وزراء الشاه أمير عباس هويدا والجنرال نصيري رئيس جهاز السافاك سيء الصيت!.
ومبدئيا نسجل أن التعاون مع الولايات المتحدة لاسقاط النظام السابق، والقبول بمبدأ المحاصصة الطائفية والأثتية، ومجرد الوثوق بواشنطن لتصبح هي من يرسم للعراق خريطته الاجتماعية والسياسية وحتى الجغراقية ،هو خطيئة سياسية كبرى ارتكبها بعض زعماء الشيعة تُشاهد آثارها كل يوم في العراق الذبيح..
وفي قضية "إعدام صدام" من بدء المحاكمة حتى التنفيذ، لابد من التأكيد أن التوقيت في يوم عيد الأضحى – أو في يوم عرفة - كان فخّا أمريكيا وقع فيه الحكام الحاليون، إذ تؤكد معطيات عدة أن الحكام العراقيين (الشيعة طبعا)، اقتنعوا بواسطة تسريبات أمريكية مدروسة ومقصودة، أنهم إذا لم ينفذوا حكم الاعدام يوم السبت 30 ديسمبر 2006، فانهم لن ينفذوه الى الأبد "لأن الأمريكيين سيقومون بتهريب صدام من سجنه الى خارج العراق، أو أنهم-أي الأمريكيين- سيرضخون للضغوط الدولية والاقليمية التي ستزيدها شحنا الماكنة الدعائية غير الودية مع الشيعة، الى أن يُصبح من الصعب على واشنطن الموافقة على إعدامه".
المالكي ومستشاروه..
الحكام العراقيون الشيعة، تعاطوا مع الأسف الشديد، إعدام صدام من خلفية ثأرية، وهذا حقهم كمواطنين تضرروا في حقبة صدام، ولايملكون هذا الحق.. حاكمين. وجاء تصويرُ الواقعة بالجرأة التي ظهر فيها الرئيس السابق وتحوله الى "بطل" بعد أن كان المفروض معاقبته على ما اقترف، والهتافات التي أُطلقت من قبل بعض من سُمح لهم بحضور الواقعة، لتزيد من ضبابية المشهد العراقي المنقسم طائفيا منذ مؤتمر لندن منتصف ديسمبر 2002 برعاية السفير زلماي خليل زادة، الذي يسميه بعض الشيعة الحاكمين "أبو عمر" للتأكيد على نزعته الطائفيّة (؟!).
كذلك فان هروب "الرئيس الكردي" من التوقيع على الحكم لاصدار مرسوم بتنفيذه كاجراء شكلي نص عليه الدستور وقانون المحكمة الخاصة، وقبول رئيس الوزراء القيام بالمهمة وهو المستعجل جدا لابلاغ عوائل ضحايا صدام "فرحة العيد": إعدام صدام، جاء ليدثر هذه القضية بلباس طائفي يُضاف له أن مكان الاعدام كان الشعبة الخامسة لمخابرات النظام السابق المعنية باعدام الاسلاميين الشيعة خصوصا من حزب الدعوة الاسلامية الذي ينتمي له رئيس الوزراء ومستشاروه.
إعدام صدام في يوم عيد الأضحى–أو في يوم عرفة- يُكسب رئيس الوزراء نوري المالكي شعبية لدى الرأي العام الشيعي داخل العراق وربما خارجه، لكن جعله يخسر الرأي العام العربي والاسلامي المتعاطف في أغلبيته مع صدام أثناء حكمه وبعد سقوطه بعملية الغزو العسكري الأجنبية، وقبل تنفيذ حكم الاعدام فيه.. وهذا ما يفترض أن يشرحه للمالكي مستشاروه.. ويحذروه من عواقبه..
فمن السهل أن تُنفذ الحكومة العراقية حكم الاعدام، وأن نشاهد مستشاري المالكي على الفضائيات، ونستمع لهم في الاذاعات ونقرأ لهم في بقية وسائل الاعلام وهم يدافعون عن "قرار التنفيذ"..نعم ليس صعبا عليهم أن يشتموا معارضيهم ويسخروا ممن بكى أو تباكى على صدام- وفيهم عدد كبير من الاعلاميين العرب – لكنهم أي مستشاري المالكي، فعلوا ذلك ونسوا أنهم ماعادوا اليوم في خانة "المعارضة" لصدام وحكمه الذي ذهب مع الريح بغزوة أنجلو امريكية، وتحولوا هم الى حكامٍ لشعب يعترفون هم أنفسهم أنه يتألف من "مكونات " عديدة..
الإنتقام الطائفي
لا مجال هنا للدخول في جدل حول تأريخية، وفقهية الخلاف حول تحديد " هلال العيد" في شهر رمضان بشكل خاص، ولكن ما يمكن قوله هنا هو أن الحج الذي يؤدي الى عيد الأضحى، إنما هو مواقيت وأمكنة، وأن إعدام صدام تمّ في يوم العيد أو في يوم عرفة بحسب التوقيت الشيعي، وهو يوم من أيام الله خصوصا إذا عرفنا أن من لم يدرك عرفة لم يحج، والحج عرفة..
ولن أدخل في جدلية الاحتلال و مشروعية المحكمة التي أصدرت حكم الاعدام على صدام (وأنا شخصيا وأسرتي وأسرة زوجتي وأسرة خالي وخالتي وبعض أبناء عمومتي من ضحاياه)، كما لن أخوض في تحميل المسؤولية فريق الدفاع عن صدام ،المهووس بالاعلام والبحث عن الشهرة، والذين أوقعوا بموكلهم المصاب بجنون العظمة،عندما تركوه يتحدث ليقدم للمحكمة وعلى طبق من ذهب اعترافا بالقتل، وكانوا يتعاملون معه كرئيس ! وليس كمتهم يبحث عن براءة، أي أنهم رضوا بان يحدد هو ما يريد قوله في المحكمة، بينما هم مشغولون بالشكليات ولعبة الانسحاب المتكررة من القاعة، فساهموا مع الاحتلال، في أن لايحصل صدام على محاكمة عادلة!.
لن أدخل في تفاصيل كل ذلك وموضوعة "العدل" الذي افتقدته محاكمة صدام وهو يقتضي أن يحاكم على كل جرائمه وليس قضية الدجيل وحده، لكن ....ما أود قوله هنا هو أن صدام كان في الظاهر " سنيا" مع أن حزبه علماني، وأن يوم عيده هو السبت والقانون قي المادة 290 من قانون العقوبات لا يجيز اعدامه في يوم عيده، وأن الشيعة الحاكمين، لم يجيدوا حتى الآن لعبة الحكم وما فيها من مرونة ودبلوماسية والتعاطي مع "الآخر" ومع الوقائع من باب "لكل مقام مقال" و "نحن معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم"، فحولوا بأخطاء "تقنية" صدام من مجرم الى "بطل" وشهيد، بنظر !!...
ولي أن أسأل: لماذا أختيرت قضية الدجيل "الشيعية"...لتكون الحبل الذي التفّ حول عنق صدام ... صبيحة عيد الأضحى المبارك، ولتفجر معها ذلك الانقسام الطائفي البغيض الذي زرع بذرته الأمريكان، ولتدفت معه كل الأسرار؟..
لقد كان بامكان المحكمة اذا كانت مستقلة أن تبدأ بالقضايا الكبرى التي تحرك عواطف الرأي العام العربي والاسلامي لصالح ضحايا "الأنفال وحلبجة " بشكل خاص ، دون الشروع في قضية تُعدُّ سهلة في حسابات عدد الضحايا، وأن يصدر حكم الاعدام في تلك القضايا الكبرى التي لاترتبط من قريب أو بعيد بشيعة العراق،ولاتثير شبهات - يبدو أنها مقصودة- حول ....لصق صورة الانتقام الطائفي بالشيعة!!
لقد سبق لفريدريك نيتشه أن قال: "فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!!".. أليس كذلك؟
الفخ الأمريكي!
لقد أظهر الاعدام بالتوقيت الذي نُفذ فيه، ومن خلال طقوس التشفي والانتقام البدائية من خلال القطات المسرية عمدا، حكومة المالكي كـ"منظمة" دينية متطرفة لا تُقيم وزنا لما حولها، خصوصا في الجانبين الاسلامي والانساني!.
وهاهم الأمريكيون-ومعهم الأكراد-، ينجحون كما هو واضح في أن يضعوا مسافة بينهم وبين حكومة المالكي "الشيعية" وتداعيات إعدام صدام، وهم يتهيأون كما يبدو لمعاقبة كل من شارك في حفل الاعدام، خصوصا التيار الصدري، بعد أن صورته طقوس الاعدام، جلادا، رغم أنه كان و لايزال ...الضحية!
وفي التصريحات الأمريكية نلاحظ تلميعا مفبركا لصورة الأمريكيين السيئة، وها نحن نقرأ "أن الدعم الذي قدمه الجيش الامريكي لنقل جثمان صدام لم يتوقف عند توفير المروحية التي نقلته من بغداد الي تكريت، فالدور الامريكي كان أوسع وسبق الاعدام في النقاشات السرية التي دارت مع العراقيين، حيث تساءل الطرف الأمريكي عن حكمة الاعدام وتوقيته، وعدالة الحكم بطريقة جعلت رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يتجاوز الامور الدستورية والدينية التي ربما ضمنت نهاية اكثر احتراما للرئيس السابق".
تصريحات الأمركيين، وانضم لها البريطانيون وأوروبيون، وحكام عرب! تعتمد على المشاهد التي صُورت من خلال هاتف نقال عن الاعدام، وقدمت لهم هدية ثمينة للتنصل من دور كبير ومحوري في كل ما حدث، حيث تستند السلطة الأمريكية في العراق لتحميل الشيعة المسؤولية في إعدام صدام، الى السخريات وعمليات الاستفزاز التي تعرض لها صدام قبل لحظات من اعدامه، واستمرت بهستيرية لا تخلو من بداوة وجاهلية لا يقرها الاسلام الذي أمر باحقاق الحق والعدل بعيدا عن الانتقام كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام لابنه الحسن بعد أن ضربه بن ملجم "ضربة بضربة" وقد جسده علي في واقعة الأحزاب وما أراد أن يقتل عمرو بن ود العامري إلا مخلصاً لله ،لا يُشرك في عمله هذا وغضبه وانتقامه واستيائه من تصرفات البطل العامري الذي أهانه، حينما حينما جلس عليه السلام على صدره.
ويبدو أن تسريب مشاهد التشفي والصرخات التي تقول "الطاغية سقط، لعنه الله"، وأصوات تنادي "الى جهنم"، والهتاف المدسوس بحياة مقتدى الصدر، ومحمد باقر الصدر، ترمي الى تهيئة أرضية محاسبة المالكي ولو بعد حين، والشروع قبل ذلك بالتيار الصدري الذي أكد أكثر من مسؤول فيه أنه بريء من تلك الأفعال الجاهلية!
ومن هنا فلن أشك لحظة أن المسؤولين الامريكيين في بغداد، عملوا منذ البداية على الظهور بمظهر من لا علاقة له بالتوقيت وأن الأمر هو شأن عراقي، ليوقعوا وبالتعاون مع بعض حلفائهم غير الشيعة، بالمالكي، وهم يخططون منذ زمن لجر التيار الصدري الى منازلة غير متكافئة لذبحه، بعد تشويه صورته أمام السنّة الذين دافع عنهم الصدريون، سواء في واقعة إعدام صدام، أو من خلال عمليات القتل الطائفية التي يُتهم بها صدريون، أو تلك التي تأتي في سياق الاحتقان الطائفي وتقوم بها عناصر لا تخضع لسيطرة مقتدى الصدر.
ولن أتردد أيضا في القول إن واشنطن هي من دفع بطرق مختلفة الى اعدام صدام في يوم العيد، وأنها ستقوم لاحقا بمحاسبة من نفذ العملية ...مع ملاحظة أن واشنطن دعمت مجيء حزب البعث وبالتالي صدام الى سدة الحكم، وهي من حرضه على ايران وقدمت له كل أشكال المساندة، وشجعته على غزو الكويت، وأيدته في قمع المعارضة الشيعية خلال انتفاضة مارس/شعبان عام 1991، وهي التي اسقطته وقررت محاكمته ورتبت الروزنامة كما أرادت حتى إعدامه.
وعلى المالكي أن ينتبه الى أن البداية الأمريكية للايقاع به وبعموم الشيعة، برزت في ما سمّاه الأمريكيون بـ"الحرص" الذي أبداه السفير الأمريكي زلماي خليل زادة مع كبار الضباط، على "تحذير" المالكي من الاستعجال في عملية الاعدام، بذريعة وجود بند في الدستور العراقي يقتضي توقيع الاعدام من الرئيس ونائبيه، وبند يمنع اعدام اي شخص في العطل الرسمية، وعيد الاضحى. ويُقال في هذا الصعيد إن خليل زادة حاول التمسك بموقفه في لقاء مع المالكي تم بعد 48 ساعة من تثبيت قرار اعدام صدام، وإنه ومعه آخرون طلبوا التأجيل خمسة عشر يوما بينما المالكي الذي كان يقرأ تقاريرعن نية "تهريب" صدام، أراد تنفيذ حكم الاعدام حالا بعد قرار محكمة التمييز وعدم انتظار مهلة الشهر التي حددتها المحكمة. وفي النهاية وافق الامريكيون على موعد الاعدام الا انهم طلبوا عدداً من الضمانات من أن صدام لن يتعرض لاعتداء جسدي او اهانة عندما يسلمه الامريكيون للطرف العراقي. وقال الامريكيون ليس لدينا اعتراض على تنفيذ الحكم ولكن نريد تأكيدات من عدم خرق القانون، وقال المسؤولون العراقيون "الشيعة" لن نخرق القانون... وهذا هو بداية الطريق نحو الفخ ...الأمريكي.
وبعد الاعدام، تذكر التسريبات الأمريكية أن حكومة المالكي رفضت تسليم الجثة، وأصرت على الاحتفاظ بها في مكان سري حتى تسمح الظروف بتسليمها لعائلة صدام ودفنها، وعندها تدخل الامريكيون!
غياب الحقيقة الكاملة!
وعلى أيّ حال، وبعيدا عن كل الملابسات التي أحاطت بإعدام صدام ، خصوصا في اختيار التوقيت، وفي الأسلوب.،فان السرعة التي تم فيها الاعدام ، أكد أن الاعدام كان ثأرا وانتقاما ً وليس تحقيقاً للعدالة، وأن رحيله فرصة لعدم فتح ملفات لا تريد أطراف كثيرة أن تتطرق إليها عن فترة حكمه. كما أن تسريب تسجيل الدقائق الأخيرة قبل إعدام صدام، يعكس صورة بشعة لعراق متعطش للإنتقام ويعيش في فوضى، إضافة إلى أن اسدالَ الستار على ملفات أخرى ماعدا قضية الدجيل "السهلة" في مقاييس القضاء، يُعد حجبا للحقائق، قبل أن يكون من باب الحرص على تطبيق العدالة، لأن تطبيق العدالة يقتضي النظر في بقية القضايا والجرائم التي ارتكبها ضد الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب والسنة المعارضين، وضد البعثيين من رفاقه السابقين. نعم إن من حق العراقيين أن يعرفوا الأسرار التي دُفنت مع صدام، لكي يكتبوا التأريخ ..كما هو وليس كما يريد المنتصروهو ليس الحكومة العراقية!.
إننا حين نعترض على إعدام صدام، نُدرك جيدا أن رحيل ديكتاتور ظلم شعبه وارتكب أفظع الجرائم بحقه،هو أقل بكثير من العدالة المطلوبة لرجل حكم بلاده بقبضة من حديد ونار، لأن العدالة الكاملة هي أن تصدر محكمة عراقية مستقلة،أحكاما عدة بالاعدام على صدام، على كل جرائمه الفردية والجماعية، المحلية والاقليمية وحتى الدولية، بعد أن يعرف الجميع منه تلك الأسرار التي وُريت الثرى معه في حفرة صغيرة!.
فالعراقيون لايعرفون حتى الأن كيف ولماذا أعدم السيد محمد باقر الصدر واخته بنت الهدى، والبقية من مراجع الدين الذين أغتيلوا غيلة وغدرا،وماهي تفاصيل باقي الاعدامات خصوصا القيادي البارز في حزب الدعوة عارف البصري وباقي فبضة الهدى،وعلماء الدين السنة الشيخ ناظم عاصي العلي العبيديوعبد العزيز البدري، واعدام مجموعة جابر حسن حداد و راهي عبد الواحد سكر و عبد الغني شندالة،ومحاولة اغتيال الزعيم الكردي التأريخي مصطفى البرزاني ،و اعدام مجاميع من آل الحكيم وآل يحر العلوم، والاغتيالات"المرورية التي طاولت الشيوعيين والبعثيين والأكراد، وقصة مجيء حزب البعث الى السلطة عامي 1963 و1968 وأسرار إزاحة أحمد حسن البكر،وخلفيات محاولة اغتيال الزهيم عبد الكريم قاسم و الحرب العراقية الايرانية وغزو الكويت، ومن هم المتورطون الآخرون، ، وقصة اعدام الداعية المؤسس عبد الصاحب دخيّل واختفاء عبد الهادي السبيتي واغتيال حسن الشيرازي في بيروت والسيد مهدي الحكيم في الخرطوم ومحمد صالح الحسيني في بيروت أيضا وطالب السهيل ومقتل حردان التكريتي في الكويت وقيادات فلسطينية، والكثير من الألعاز ومنه طبعا لغز سقوط بغداد المحير وملفات أخرى. وبدا واضحا أن السلطة الأمريكية في العراق وهي التي كانت مسؤولة عن اعتقال صدام ومحاكمته ، أخذت تتبرأ مما حصل عندما قال الرئيس الأمريكي جورج بوش إن إعدام صدام حسين كان يجب ان يتم بطريقة تحفظ الكرامة أكثر، لكنه أعتبر ان الرئيس العراقي المخلوع نال محاكمة عادلة وهو أمر لم يحصل عليه ضحاياه،ليسدل بذلك بوش الستار على ملفات وأسرار تشكل جزءا مهمة من تأريخ العراق .
ثروة العراق في البنوك السرية
المضحك المبكي في قصة إعدام صدام أن أكثر من 35 عاما من فيلم طويل سجل الجرائم التي ارتكبها الرئيس العراقي السابق، لم تترك دقيقتان منه ،لدى الرأي العام المتباكي عليه،الا صورة " البطل الذي هوت به المقصلة وهو يؤدي الشهادتين!".. دُفن صدام ودفنت معه اسرار لاتريد أطراف عدة الكشف عنها، ومنها بالطبع الأموال الضخمة التي أكدت الوثائق الأمريكية، قبل العراقية أنها تُقدر بـ" مائة " مليار دولار موزعة في حسابات سرية في بنوك عالمية.
وإذا لم تكن الادارة الأمريكية حصلت على معلومات حول هذه الأموال،فان الواضح –حتى الآن- هو أن هذا الملف يكاد يغلق مع إعدام صدام،ومع " تقليل "الولايات المتحدة ودول غربية من " كفاية الادلة " بيد السلطات العراقية حول مقدار وكمية هذه الاموال وأسماء الدول أو البنوك التي أُودعت فيها هذه المليارات ، مع ملاحظة أن هذه الادلة تقل بكثير عما بيد السلطات الاميركية في الوقت الحاضر .
لقد أكدت تقارير محفوظة لدى المخابرات المركزية الاميركية ( سي آي أي ) في وقت سابق بعد اعتقال صدام، أن هذه المبالغ المسروقة والتي كانت تشكل الثروة الحقيقية السرية لصدام تصل الى مائة مليار دولار، جمعها صدام منذ عام 1990 حتى 2003 . واعتمدت المخابرات الاميركية لتأكيد حجم الثروة الضخم الذي تم تهريبه،على تقارير، أعدها بعض خبراء التفتيش على الاسلحة في العراق ، الذين أتيحت لهم فرصة الاطلاع على الكثير من الأسرار في العراق في عهد صدام حيث كانوا يتصفحون الوثائق السرية ويقومون بتصويرها وتوثيقها لديهم. ومن أهم هذه الوثائق ما ورد في تقرير أعده مفتش الامم المتحدة وخبير الاسلحة " جارلس دولفر " الذي أكد أن الأموال التي جمعها صدام منذ عام 1990 الى عام 2003 تبلغ نحو مائة مليار دولار .
كما أن هناك وثيقة سرية عثرت عليها قوات الاحتلال الاميركي أثناء دخولها بغداد وتفتيشها لوثائق البنك المركزي ، تشير بوضوح الى أن صدام وجه رسالة الى محافظ البنك المركزي أمره فيها ، بتسليم كل من قصي صدام ، وحكمت مزبان ابراهيم ، مبلغ (920000000) تسعمائة وعشرين مليون دولار ، ومبلغ (90000000) تسعين مليون يورو لإخفائها في مكان آمن.
وبينما لم تحظ هذه القضية بالاهتمام الكافي من الحكومة،ربما بسبب انشغالها بالشأن الداخلي حيث العملية السياسية القلقة، والوضع الامني المتردي ، فان المسؤولين الاميركيين - قبل اعدام صدام- أولوا هذا الملف اهتماما كبيرا خصوصا وأن هذه المبالغ أعتبرت أرقاما خيالية وانفراد مجموعة من الاشخاص بالتصرف بها يشكل مخاطر كبيرة ومن شانها ان تمد الجماعات المسلحة المرتبطة بحزب البعث بامكانات ضخمة ، لذا فان وزارة الخزانة الاميركية كانت أعدت فريقا خاصا لمتابعة هذا الموضوع بالاضافة الى تعاونها وتنسيقها مع المخابرات المركزية الاميركية ، وقامت بارسال وفود الى سوريا وعمان وسويسرا والدانمارك واليابان ،ودول اخرى لتقصي الحقائق وجمع المعلومات عن هذه المليارات من الدولارات الموزعة في بنوك عالمية وبأرقام سرية. كما أن هناك معلومات عن رجال مال كانوا يقومون باستثمار الأموال لصدام ، دون استثناء ابنة صدام " رغد " التي يعتقد المسؤولون الأمريكيون والعراقيون أنها مطلعة على جانب مهم من الحسابات السرية لأبيها، وكانت آخر شخص من العائلة التقى بها وتحدث اليها مطولا بشأن خططه المستقبلية ، وتزداد الشكوك حول وجود ثروة كبيرة من المال تحت تصرفها ، من خلال صرفها السخي للملايين والتي تستثمرها لتغذية الأعمال المسلحة في العراق وتوزيع الأموال على البعثيين والاعلاميين والسياسين العراقيين المعارضين للنظام ولشخصيات اعلامية وسياسية عربية.كذلك فان المعروف أيضا فان برزان التكريتي هو واحد من أهم حملة مفاتيح الأسرار لعدد غير قليل من الحسابات السرية ، ولهذا فقد حظي باهتمام خاص من قبل الأمريكيين من خلال التحقيق معه والذي تناول أسرار هذه الاموال أكثر مما تناول تورطه في عمليات قتل وأسرار تشكيل جهاز المخابرات في عهد النظلم البائد.
وإذ لم تُعرف بعد المعلومات التي كشفها برزان التكريتي للأميركيين ،فان المطلوب من الحكومة العراقية أن تضع على طاولتها هذا الملف الذي يجب أن لا يُغلق مالم يتم استرجاع هذه الاموال الى البلد بدلا من "استجداء" الدول المانحة ، فلربما عمل برزان لانقاذ حياته من الاعدام ,بعد أن شاهد صور تنفيذ حكم الاعدام بأخيه الذي حكم البلاد بلغة الموت التي شاركه في صياغتهاـ اللهم الا إذا بقيت في ذهنه الدقيقتان فقط مما سمع بتفاصيلها من المحامين .!!!
أخير يجب القول إن التعاطف الكبير الذي حصل لصالح الشيعة بسبب مواقف حزب الله في الحرب مع اسرائيل، هوى حين هوت المقصلة بصدام حسين ..بأيد شيعية!.أليس كذلك؟
#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)
Najah_Mohammed_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعدام صدام ...وثروة العراق في البنوك السرية !
-
إعدام صدام..غياب الحقيقة الكاملة!
-
إني أعترض..إعدام صدام ...الفخ الأمريكي! :
-
إعدام صدام.. فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!!
-
انی اعترض اعدام صدام وفن الحكم
-
مطالب العرب في إيران بين الشرعية والواقعية
-
انتخابات الإمارات.. خطوة انتقالية نحو مشاركة سياسية أوسع
-
إيران: هل هي جزء مِن حَل أَمْ أن الأزمة مستعصية في العراق؟
-
البعث وحلم العودة الى الحكم في العراق!
-
ماذا يجري في العراق؟
-
تجربة انتخابية بحرينية مثيرة للإهتمام
-
العراقيون وعقدة صدام !
-
إني أعترض...بدون- الإمارات.. مواطنون بلا هوية
-
انقلاب عسكري في العراق!
-
دخان النووي الإيراني.. من لبنان!
-
عندما يُعلنُ حزبُ الله ..النصر!
-
خارطة طريق عراقية يرسمها حزب الله في لبنان!
-
النصر الذي وعد به حزب الله
-
عنف العراق: حرب طائفية أم حرب الآخرين؟
-
قانا ..النصر مرّ من هنا.
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|