|
أزمة الملف النووي الإيراني مهادنة ستنتهي بمفاجآت
سامي خاطر
الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 22:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
2-1 يُعد الملف النووي الإيراني أحد أكثر القضايا الدولية تعقيدًا وإثارة للجدل منذ عقود. فمنذ الكشف عن البرنامج النووي الإيراني في أوائل الألفية الثانية، أصبح هذا الملف محط أنظار العالم، حيث تتنازع حوله مصالح دولية وإقليمية، وتتصارع فيه الدبلوماسية مع التهديدات العسكرية. ومع تزايد التحديات والضغوط، يبدو أن سياسة المهادنة التي انتهجتها بعض القوى الدولية تجاه إيران قد تقود إلى مفاجآت غير متوقعة، قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة والعالم. خلفية الملف النووي الإيراني بدأ البرنامج النووي الإيراني في الخمسينيات بدعم من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، في إطار برنامج "الذرة من أجل السلام". لكن الأولويات قد تغيرت بعد الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979، وأصبح البرنامج النووي مصدر قلق للدول الغربية، خاصة مع تزايد الشكوك حول نوايا ملالي إيران الحقيقية. فهل يسعى نظام الملالي الحاكم في إيران لامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، أم أنه يُخفي مساعيه نخو تصنيع وامتلاك أسلحة نووية؟ كانت المقاومة الإيرانية أول من فضح مشاريع نظام الملالي النووية السرية للملأ العام، ومع مرور الوقت كشفت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن وجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة وجاء ذلك مصداقاً لما أعلنته المقاومة الإيرانية؛ الأمر الذي أثار مخاوف المجتمع الدولي. ونتيجة لذلك، فرض هذا المجتمع الدولي عقوبات اقتصادية وسياسية شديدة بهدف إجبار الملالي على التعاون مع المجتمع الدولي والحد من برنامجه النووي، ولم تقع حدة هذه العقوبات على النظام الحاكم بل على الشعب الإيراني الذي يدفع ثمن ذلك إلى اليوم. الاتفاق النووي: بارقة أمل أم وهم مؤقت؟ في عام 2015 تم التوصل إلى اتفاقية تاريخية عُرفت باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة، أو ما يُطلق عليها "اتفاقية الجوهرة النووية". وقعت عليها إيران مع مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، وألمانيا). وكان الهدف من الاتفاقية وضع قيود على البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. في البداية، اعتُبرت الاتفاقية نجاحًا دبلوماسيًا كبيرًا، حيث أظهر ملالي إيران التزامًا بتقليص أنشطتهم النووية. لكن هذا التفاؤل لم يدم طويلًا. ففي عام 2018، أعلنت الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاقية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، وفرضت عقوبات أشد على إيران. ردت إيران بتصعيد أنشطتها النووية، مما أدى إلى تدهور الوضع وزيادة التوترات. إلى متى ستستمر سياسة المهادنة التي يمارسها المجتمع الدولي تجاه النظام الإيراني؟ سياسة المهادنة التي يتبعها المجتمع الدولي تجاه النظام الإيراني، وخاصة فيما يتعلق ببرنامجه النووي وأنشطته الإقليمية المثيرة للجدل، تطرح تساؤلات كبيرة حول مدى فعاليتها وأمد بقائها. فهل هي مجرد استراتيجية مؤقتة لاحتواء الأزمة، أم أنها ستتحول إلى نهج دائم يُعطي النظام الإيراني مزيدًا من الوقت لتعزيز نفوذه وتطوير قدراته؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب تحليل العوامل التي تقف وراء هذه السياسة، والتداعيات المحتملة لاستمرارها، والسيناريوهات المستقبلية الممكنة. سياسة المهادنة: مخاطرها وعواقبها اتبعت بعض الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة سياسة المهادنة والاسترضاء تجاه ملالي إيران بحجة محاولة إنقاذ الاتفاقية النووية وإعادة النظام الإيراني إلى طاولة المفاوضات. لكن هذه السياسة واجهت انتقادات كبيرة، حيث رأى كثيرون أنها منحت إيران مزيدًا من الوقت لتطوير قدراتها النووية دون أن تدفع ثمنًا حقيقيًا لتصرفاتها. من جهتهم استغل ملالي إيران هذه السياسة لتعزيز نفوذهم الإقليمي عبر دعم مليشيات مسلحة في عدة دول مثل لبنان والعراق واليمن وفلسطين، وكذلك التوسع في برنامجهم الصاروخي، كما واصلوا تخصيب اليورانيوم بنسب أعلى بما يقربهم من القدرة على تصنيع سلاح نووي. مفاجآت محتملة: ما الذي يمكن أن يحدث؟ مع استمرار سياسة المهادنة والاسترضاء هذه تجاه ملالي إيران فإنه لابد وأن تنتهي هذه السياسات بمفاجآت غير سارة للجميع، ومن المحتمل أن يقترب نظام الملالي في إيران من عتبة امتلاك السلاح النووي، مما قد يدفع دولًا إقليمية، مثل السعودية وتركيا، إلى السعي لامتلاك أسلحة نووية أيضًا، في سيناريو يشبه بسباق التسلح النووي في الشرق الأوسط. كما أن تصاعد التوترات قد يؤدي إلى مواجهات عسكرية مباشرة، خاصة مع إسرائيل التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا لها كما تُعلن. من ناحية أخرى، قد تُغير الدول الكبرى من سياساتها المهادنة وتتحرك التطورات متسارعة نحن اتخاذ إجراءات حقيقية وأكثر حزمًا، سواء عبر فرض عقوبات أشد أو حتى اللجوء إلى خيارات عسكرية. لكن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، خاصة في ظل وجود قوى إقليمية ودولية متحالفة مع إيران، مثل روسيا والصين. ومن تداعيات استمرار سياسة المهادنة أنه قد يستغل النظام الإيراني هذه السياسة لكسب الوقت وتطوير برنامجه النووي بشكل أكبر ليقترب عاجلا أم آجلا من امتلاك السلاح النووي.
#سامي_خاطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة بهمن فبراير الوطنية ذكرى ملحمية متجددة
-
النظام الإيراني إلى أين بعد سوريا وتوافق حماس وانصياع حزب ال
...
-
الحملة الوطنية لدعم منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية
-
الشعب الإيراني يقترب من إسقاط نظام ولاية الفقيه
-
بومبيو يلتقي بالمقاومة الإيرانية: فهل يخفي شيئاً في جعبته؟
-
الأفق المتوقع للسياسة الخارجية لملالي إيران – الأزمات الإقلي
...
-
ملالي إيران من الإنكسار الإقليمي إلى تصعيد لغة الموت والقمع
...
-
ملالي إيران وتداعيات السقوط المدوي لنظام الأسد
-
قراءة في المشهد السياسي العالمي والإقليمي بعد سقوط بشار الأس
...
-
النظام الإيراني بين عزلة دولية وأزمات داخلية
-
بزشكيان رئيس الجمهورية في إيران يعدم 460 إيرانياً خلال ال 10
...
-
ماذا تبقّى لنظام ولاية الفقيه في الداخل والخارج؟
-
ماذا يريد رضا محمد رضا بهلوي، ومن ورائه؟
-
النظام الإيراني والاختبارات الصعبة؛ وماذا بعد؟
-
لا تتوقف مسيرة كيلهم بألف مكيال بل تتطور.. هكذا هو الغرب مع
...
-
الازدواجية والصفقات المشبوهة بين الملالي والغرب بعد حرب أوكر
...
-
بزشكيان تخلى عن خدمة الشعب الإيراني قبل تعيينه رئيساً
المزيد.....
-
أكثر من مائة عائلة لمقاتلي تنظيم -الدولة الإسلامية- تغادر مخ
...
-
المتحدث باسم القوة القضائية الايرانية: متمسكون بقيم الثورة ا
...
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
هل تنحدر سوريا لحرب أهلية -طائفية أو إسلامية-؟.. شاهد رد صحف
...
-
أفقهي: -الثلاثية الذهبية- تفشل مخططات العدو وتضمن ديمومة الث
...
-
انطلاق مسيرات إحياء ذكرى الثورة الإسلامية في طهران
-
1400 مدينة تحتفل بذکري انتصار الثورة الاسلامية
-
انطلاق مسيرات الذكرى الـ 46 لانتصار الثورة الاسلامية في ارجا
...
-
بدء مسيرات ذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإسلامية في أرجاء ايرا
...
-
القاتل ملحد والقتلى مسلمون.. كراهية تغتال 3 أرواح بريئة
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|