أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فاتح الخطيب - غزة وأنا والناس الطيبون في مالي














المزيد.....

غزة وأنا والناس الطيبون في مالي


فاتح الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 20:38
المحور: القضية الفلسطينية
    



بعد غياب استمر لعام وثلاثة شهور, أدهشني أصدقائي وكل من عرفني في مالي بحفاوة استقبالهم لي. ولكن قبل أن اخوض بالذي حصل هناك, سوف أعود لفترة ما قبل الزيارة.
كل ما يكتب ويقال هو باهت وتافه أمام ما جرى في غزة. كل المظاهرات التي شاركت بها في كل يوم جمعة على طول فترة الابادة هي لا شيء أمام ما جرى لأهل غزة, هي لا شيء أمام معاناة أم خرجت من خيمتها تبحث عن رغيف خبز تسد به رمق أطفالها الجياع. وكل المعونات التي ساهمت بجمعها, تخبو خجلا أمام كل قطرة دم سالت في غزة. فكل الحزن والنشيج وشد الأعصاب الذي عشته لم ينقذ احدا من الموت.
أمام صور الابادة المهولة في غزة والتي لم نشهد أو نسمع لها مثيلا في التاريخ القديم والحديث, وأمام حالة الخذلان العالمي, ومع قلة حيلتي, سيما بعد منع وصول المساعدات الى غزة, وقفت مقيدا بروح مشوهة عاجزا عن فعل أي شيء. لتصبح مشاركتي بالمظاهرات الدورية فيما بعد هي النشاط الوحيد الذي يسكن بعض أوجاعي والذي يعينني على النوم اذا ما أردت ذلك. هي التي أحتمي بها من عيون الأطفال الخائفة من صوت القنابل والمرعوبة من الجثث الملقاة في كل مكان. ومع استمرار الابادة تزداد حالة القهر عندي حتى أن مشاركتي بالمظاهرات تلك لم تعد تجدي نفعا مع أرقي الليلي الذي لا ينتهي.
وجاءت الصدمة الكبرى عند ارتقاء قادة حركات المقاومة, فصرت كالطفل الذي فقد من كان يحميه, ليتملكني شعور الخوف مما قد يأتي, ولم أعد قادرا على فعل أي شيء. انطويت على نفسي وابتعدت عن كل ما يربطني بالاخر, هجرت حتى اخوتي وأصدقائي. ولا زالت القنابل تسقط على رؤوس أهل غزة, وبات العالم يعتاد ما يجري على أهل غزة من تطهير عرقي, وزاد شعوري بالألم فصرت أشعر بأن حضني لأبنائي خيانة, احساسي بالشبع خيانة, شعوري بالدفء خيانة. وصار النوم عندي معاناة كبيرة, أهرب اليه من التعب, وأهرب منه من كوابيسه. وصرت على حافة الهذيان, فجاءت الصفقة.
لا أدري كيف لملمت ما تبقى مني, واستعدت أنفاسي, فسافرت الى مالي, لكي أتابع أعمالي المنسية لأكثر من عام. استقبلني أصدقائي هناك وكل من عرفني استقبال الأبطال. بهتافات المنتصرين رحبوا بي, فأنا الفلسطيني الوحيد الذي عرفوه منذ زمن. بدموع الفرح استقبلوني.
هذه المشاعر الجياشة من ذلك الشعب المالي المليئة بالفخر والفرح ببطولة وصمود أهلنا في غزة, تملكتني وغاصت في أعماق روحي, أيقظت فيها ذلك المحارب النائم ونفضت عنه التراب المتراكم من دمار غزة. ودفعتني لجدولة الأولويات من جديد. فأنا لا زلت حيا, ويمكنني فعل الكثير من أجل كل أولئك الشهداء الذين ارتقوا, ومن أجل كل الثكالى اللائي فقدن عزيز لديهن, وكل اليتامى. أنا كفلسطيني لا يحق لي أن أشعر بالاحباط والهزيمة, ومن أجلهم لا يجوز لي أن أفقد الأمل. فواجبنا الان أن نعود للعمل بكل ما اوتينا من قوة من أجل غزة من أجل فلسطين كل فلسطين.



#فاتح_الخطيب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبر عاجل
- الصراع الوجودي بين المجلس العسكري الحاكم والمستعمر الفرنسي ف ...
- فايروس كورونا والفرصة في تغيير النظام الرأسمالي
- وصية
- الإعلام وتجنيد الغافلين مجانا
- مروان برغوثي قبل أن يموت
- جبرييل غارسيا مركيز....مرة أخرى
- إعادة ضبط البوصلة
- موسى
- قراءة سريعة في المؤتمر السابع لحركة فتح
- ما هو السر وراء عودة محمد دحلان للمشهد السياسي الفلسطيني؟؟
- وفد الذل والهوان
- باسم من ينطق الناطق باسم الحكومة التونسية خالد شوكات ؟
- فيروسات فكرية
- عفوا سيادة الرئيس
- مخابرات الارهاب
- لا تنسق.....أنت من يقاوم
- دمى آدمية
- أمي
- إنتحار جندي إسرائيلي


المزيد.....




- حذّر من -أخطاء- الماضي.. أول تعليق لخامنئي على المحادثات مع ...
- نتنياهو لماكرون: -نرفض إقامة دولة فلسطينية لأنها ستكون معقلا ...
- خامنئي: لا تفاؤل مفرط ولا تشاؤم بشأن المحادثات النووية مع وا ...
- الأردن يعلن إحباط مخططات -تهدف إلى المساس بالأمن الوطني-
- حماس تدرس مقترحاً إسرائيلياً جديداً لهدنة في غزة وإطلاق الره ...
- مئات الكتاب الإسرائيليين يدعون إلى إنهاء الحرب في غزة
- هجوم لاذع من لابيد على نتنياهو مستندا إلى قضية -قطر غيت-
- الاستخبارات الروسية: أهداف روسيا في أوكرانيا لن تتغير قيد أن ...
- الإمارات.. حريق برج سكني في الشارقة يودي بحياة 5 أشخاص (صورة ...
- الذكاء الاصطناعي يكتشف 44 نظاما كوكبيا مثيلا للأرض في درب ال ...


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فاتح الخطيب - غزة وأنا والناس الطيبون في مالي