المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 18:14
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يعرض هذا النص تسعة ملامح عن أمرين متزامنين أولهما تأثر سياسية روسيا للتعايش والصراع مع أمريكا بأمور التعايش والصراع داخل بنية الحزب الشيوعي و السوفييتات ثم في بنى روسيا بعد موت الاتحاد بين الجمهوريات السوفييتية الـ15 وثانيهما عن أصول وطبيعة تجنب الصين لأخطاء استراتيجية السوفييات وروسيا في مجالات التعايش والصراع ضد البرجزة الداخلية وضد النشاط العدواني والاستعماري للإمبريالية.
أول هذا العرض تصريح نشر في تاريخ 4 فبراير 2025 في موقع روسيا اليوم قدمه وزير خارجية اتحاد جمهوريات روسيا سيرغي لافروف للصحافة إثر منعقد ديبلوماسي، أقر فيه بأن : "الخطأ الإستراتيجي في سياستنا الخارجية بعد الفترة السوفييتية كان اتجاهنا نحو الغرب، نقر بهذا الخطأ الإستراتيجي وقد تعلمنا منه."
1■ هذا التصريح المقتضب عرض خطأ التعامل مع المسألة الغربية في العلاقات السوفييتية ثم الروسية دون اهتمام منه بعرض متكامل لتعامل غرب أوروبا وأمريكا مع إمبراطورية روسيا ثم مع السوڤييت ثم مع اتحاد جمهوريات روسيا وشقيقاتها والتعامل الروسي والسوفييتي مع الغرب وهو موضوع له تاريخ طويل كان زمامه في يد الغرب سوى شذرات فترة التحرر الوطني العالمية التس ملت الفترة منذ عام 1919 إلى عام 1979.
2■ من المهم تذكر ان حالة من سذاجة أو عشم أو خيانة النخبة السوڤييتية قد بدأت أخذ السوڤييت ثم روسيا وشقيقاتها غرباً منذ أواخر أربعينيات وأوائل خمسينيات القرن العشرين. خاصة عندما عارض غالبية أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوڤييتي رؤية زعيم الحزب آنذاك يوسف إستالين حول ان شكل العداوة الإمبريالية ضد السوفييت سيتغير، ومن ثم ستحتاج مواجهة هذا الشكل العدواني الجديد إلى إجراء تغييرات متنوعة في البنية والأنشطة السوفييتية. فآنذاك أقرت اللجنة المركزية ما معناه:
(أ) ان لا سبيل عسكري للامبريالية للنيل من القوة السوڤييتية،
(ب) ان دول المراكز الإمبريالية لا تستطيع حصر أو جرح الإتحاد السوڤييتي لأنها لم تزل في مرحلة تضميد جراحها من الحرب العالمية الثانية.
(ت) ان "التعايش السلمي" مع الدول الغربية مع مواصلة دعم تحرر الشعوب من الاستعمار لن يعطي الامبريالية ذريعة أو إمكانية لمهاجمة الإتحاد السوڤييتي [وهو الهجوم الذي حصرته تلك النخبة السوفييتية في شكل هجوم عسكري مباشر كالذي قامت به ألمانيا النازية].
3■ بهذا الإتجاه الشيوعي إلى "التعايش السلمي" انتقلت الامبريالية من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التقاط الأنفاس وتجميع و تنسيق قواها. من ثم مع أول الخمسينيات قامت بالآتي:
(أ) رفض اقتراح أو "مبدأ إستالين" حول توحيد واستقلال ألمانيا،
(ب) بدأت في حشد وتجميع واستثارة القوى الدينية ثم القوى الليبرالية في العالم ضد الشيوعية،
(ت) أسهمت في إغتيال إستالين نفسه في مارس 1953،
(ث) أسهمت مع المنشفيك الجدد في تغيير تركيبة واتجاه المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي فبراير 1956،
(ج) عززت النخبة السوفييتية المضادة للإستالينية تغييرات في البنية السوفييتية خفضت فيها الطبيعة البروليتارية في مختلف مجالات العمل بطبيعة "لجان خبراء" بيروقراط وتكنوقراط انخفض بها تأثير الفئات العمالية المباشر على تسيير الإنتاج والمعيشة والإقتصاد وبذلك صار للمجتمع السوفييتي مجهجهاِ بين مبادئه وسلوك نخبه.
4■ في المجال الخارجي:
(ا) واصل السوفييت دعم لسياسات وقوى التحرر الوطني في عالم المستعمرات.
(ب) في المجال الديبلوماسي العالمي دعموا أنشطة الأمم المتحدة
(ت) في واقع الصراع في أوروبا أمتنع السوفييت عن أي تدخل عسكري لدعم العناصر الشيوعية التيكانت تعاني من حملات انتقام وتصفية دموية شنتها ضد "الأنصار" بقايا الجيوش والحكومات الفاشستية في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان وقد استمر اضطهاد وتقتيل الشيوعيين بتهم حيازة اسلحة والتخريب والارهاب والتآمر والعمالة للسوفييت وتخريب الوحدة الشعبية، إلخ حتى الستينيات.
(ث) رغم أو بمناسبة التعايش السلمي مع الغرب قامت النخبة السوفييتية المضادة للإستالينية بأعمال قمعية في شرق أوروبا إذ قمعت التيار اللييرالي وتحالفاته مع شراذم الفاشيست و قمعت التيار الإستاليني في الأحزاب الشيوعية وانتفاضاته في بلاد شرق ووسط أوروبا حيث ألقت القوات الشيوعية والجيش الأحمر كثرة من الشيوعيين في السجون.
5■ النتيجة العامة من تسلسل هذه الأحداث ان النخبة المضادة للإستالينية واشجت سياسات أضعفت الهيمنة و السيطرة البروليتارية على مجريات الأمور والأنشطة والعلاقات السوفييتية بل أضعفت هيمنة وسيطرة العناصر البروليتارية على وجود و أنشطة الحزب الشيوعي السوڤييتي وهو الأمر الذي انتبه له الشيوعيين في الصين منذ أول ستينيات القرن العشرين.
6■ بهذه السياسات المضادة لأسس ومبادئي اللينينية وادخالها الشيوعيين في صراعات متنوعة امتلكت الامبريالية منذ خمسينيات القرن العشرين زمام المبادرة وذلك بقيامها بهجوم متنوع ومتكامل سياسي واقتصادي واعلامي وثقافي وديبلوماسي ومخابراتي على كل قيم وأنشطة العقلانية الإجتماعية ذات السياق النقابي أو الشيوعي وحتى ذات السياق الوطني العام أو المتستر بالتنمية وعدم الانحياز. وقد اشتد هجوم الإمبريالية على صور ثم أسس العقلانية الاجتماعية منذ سبعينيات القرن العشرين بالتضليل والانقلابات والتدخلات وأعمال العدوان الى ان بادر أبطال العراق بتحطيم جبروت الغزو الإمبريالي لبلادهم.
7■ في العقد الأول من هذا القرن الـ21 بدأت النخبة المتحكمة في أنشطة وبلاد الروسيا وشقيقاتها في الإنتباه إلى خطر تداخل وزيادة عمليات التغلغل والتسميم الإمبريالي داخل روسيا وشقيقاتها وعمليات التشويه و الخنق من الخارج. لكنه كان انتباهاً متأخراً ومتذبذباً إلى ان حسمته عمليات دموية مدعومة غربياً للإرهاب الإسلامي في جمهوريات آسيا السوفييتية و عمليات اضطهاد وتقتيل ضد الإثنية الروسية في أوكرانيا تواشجت مع تقدم المليشيات النازية بشعارات القضاء على الروس وروسيا ودعمها من حلف الناتو ومنظومات الامبريالية والدول والسياسات الليبرالية الساعية للسيطرة على روسيا ومواردها الضخمة.
8■ رغم تصريح لافروف بأن عشم روسيا في الغرب كان خطأ إستراتيجياً إلا ان الدولة الروسية لم تزل تحافظ على نفس البنية النخبوية التي أنتجت بالتدريج هذا الخطأ الإستراتيجي. فالنظام الإقتصادي السياسي والإعلامي في روسيا رغم قسماته الإجتماعية و الأممية الحميدة لم يزل نظاماً يهمش امكانات سيطرة الكادحين على أمور معيشتهم ويمنعهم من التحكم في أمور الإقتصاد والشؤون الاستراتيجية لوجود الدولة.
9■ لقد كان ولم يزل نضال الحزب الشيوعي الصيني نضالاً واعياً لعمق الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه التكنوقراط داخل الحزب الشيوعي السوفييتي وفي سياسات الاتحاد السوفييتي ما بعد 1956 باسم "مكافحة الاستالينية"!
بحكم خبرة الصين في الصراعات والحروب وعمق ثقافة الديالكتيك في ميثولوجيات مجتمعاتها انتبهت الصين مبكراً إلى ان "مكافحة الإستالينية" تواشج حرباً غير معلنة ضد تكامل الأساليب والقوى والآليات والأهداف الاشتراكية كما تبينت الصين ان الإستالينية نفسها لم تكن مرنة في الصراع المتنوع ضد البرجوازية الداخلية وضد الامبريالية.
لعل نجاح بقاء وتقدم التنظيم نضالات الحزب والمجتمع والدولة في الصين قد ارتبط بأسلوب مواجهة البرجزة ومواجهة الامبريالية بشبكة متنوعة الاشكال من الأعمال الثورية والسياسية. وواقعياً تفوق أسلوب الشبكة والنجوم المتبادلة التاثير تفوقاً كثيراً بنتائجه العملية على الأسلوب الواحدي لتعامل السوفييت الذي واجه العدوين الاثنين معاً في وقت واحد كما كان الحال في ثلاثينيات واربعينيات القرن الـ20 أو هادنهما معاً بداية من منتصف خمسينيات القرن العشرين إلى فترة 2000 2014 حيث بدأت نخب روسيا تتكلم عن أخطائها الإستراتيجية.
■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟