|
حرب تلامذة جابوتنسكي
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 17:45
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الرأي عندنا أن مقاربة الأوضاع الراهنة في مصر و بلاد الشام و العراق ، بما هي موضوعيا أقطار الصف الأول في المشرق العربي ، تقتضي أن نضع دائما نصب أعيننا أصول المشروع الاستيطاني الأوروبي الغربي التي نستعرضها بإيجاز : ـ معاداة السامية في أوروبا . على الأرجح أن انتشار الديانة اليهودية في أوروبا يرجع منطقيا إلى الهجرة بالإضافة إلى تهوّد بعض السكان الأصليين في شرق أوروبا مثل شعوب الخزر ، و هم من الترك السلافيين الذين كانت لهم مملكة بين القوقاز و نهر الفولغا في القرنين السابع و الثامن ميلادي ، و أغلب الظن أن اتصالها بالدولة العباسية من جهة و بيزنطيا من جهة ثانية ، جعلها تختار اعتناق اليهودية بدافع سياسي " و سطي " بين الجيران المسيحيين و المسلمين . بكلام آخر إن تاريخ اليهود في الشرق يختلف عنه في الغرب ! ـ تزامن تصاعد العداء للسامية في أوروبا ، مع نشوء الدولة القومية و الوطن القومي ، توازيا مع بداية محاولات المعاينة العلمية في مجال الطبيعة و علم الأحياء ، حيث ظهرت نظريات عن تمايز الأجناس البشرية و الوراثة ، و التبدل الإحيائي تأقلما من ظروف العيش ( اشتقاق نظرية داروينية اجتماعية عن نظرية داروين في تطور و تبدل الأجناس الحيوانية و النباتية ) . ـ ارتكز العداء للسامية على علم الانتربولوجيا و تراتبية الأعراق ، نجم عنه تحول اليهود في أوروبا لضحايا تمييز عنصري على أساس " بيولوجي " ، أي أنه قطعي و نهائي ، يمنع إدخالهم في النسيج الاجتماعي القومي لأسباب التضاد و التعارض و التناقض الأمر الذي يبرر فصلهم و ابعادهم ، بطريقة من الطرق . إذن يوجد فرق بين العصبية العربية و العنصرية في الغرب ـ تفشت العنصرية في عموم أوروبا في ظروف تلازم فيها الصراع بين القوميات في الخارج و الصراع الطبقي في داخل البلاد، وتحديدا بين أرباب العمل و الإقطاعيين الزراعيين من جهة و عمال المصانع و الفلاحين من جهة ثانية .ولا شك في هذا الصدد أن انطلاق الحملات الاستعمارية و رواج تجارة الرقيق و ما رافقهما من عنف و حشي في المستعمرات ، ساهما في توكيد قناعات المغامرين الأوروبيين "بلزوم العنصرية " ضد " الغرباء " عموما، إلى حد أن البلدان الغربية تحولت إلى " رحم النازية " على حد تعبير مؤرخ فرنسي لامع. ـ ما هي النازية ؟ تدل النازية كما هو معلوم على حزب سياسي ، أمسك بزمام الحكم في ألمانيا في ألمانيا في سنة 1933 و حتى نهاية الحرب العالمية الثانية . من العوامل التي فتحت الطريق امامه إلى السلطة نجد تحالفه مع التيارات اليمينية من أجل إبعاد خطر الثورة العمالية إلى جانب قيامه بتشكيل جماعات إرهابية توكلت بالاغتيالات و إعاقة نشاطات الأحزاب اليسارية و الاعتداءات العنصرية ضد اليهود و إكراههم على الهجرة . . أما بخصوص مبادئه فإنه توج " العنصر الجرماني " علىرأس الأجناس البشرية الراقية ، ذكاء و إبداعا ، في طول " المدى الجرماني الحيوي " و عرضه ، انطلاقا من شمال أوربا ، إلى اليونان جنوبا و إلى روسيا شرقا ، حيث تضمن برنامجه الوعد باستعادة هذا المدى و بعث "ألمانيا الكبرى " و تطهيره ا من اليهود . ـ بعض ملامح الاحتلال الألماني : ـ زعمت السلطة النازية انها تخوض حربا دفاعية ضد الاتحاد السوفياتي في ظل قيادته البلشفية و اليهودية ، و ذلك عن طريق اسقاط النظام الشيوعي باسم معاداة الشيوعية ، و تقسيم روسيا و ضم أجزائها الغربية إلى المدى الحيوي الجرماني ، بالإضافة إلى إعادة رسم خريطة أوروبا و اقتسام العالم من جديد .في الحقيقة ، كانت خطط النازيين تتغير بحسب التطورات الميدانية ، حيث كانت "أوهام عظمتهم " تكبر توازيا مع تقدم قواتهم . ـ معاداة السامية أملتها دهنية عنصرية ، ناهيك من أن الأحزاب العلمانية الشيوعية و الاشتراكية كانت جاذبة للأقليات الدينية مثل اليهود ، على عكس الأحزاب الدينية ـ السياسية أو القومية ، مما جعل النازيين يكرهون الشيوعيين و اليهود معا . مهما يكن فلقد كان لدى الألمان خطة تحت عنوان " الحل النهائي " من أجل التخلص من اليهود في "المدى الحيوي الألماني " . أما بالنسبة للشعوب السلافية غير اليهودية في أوروبا الشرقية فإن مشروع التطهير العرقي كان مقدرا أن يقتصر على " تقليل " عدد السكان و الإبقاء على اليد العاملة اللازمة لخدمة " الجرمان " . ـ تعامل النازيين مع المقاومة ضد الاحتلال ، تميز بالبطش غير الهادف ، حيث كان العقاب غالبا ، فرديا و جماعيا ، من نصيب سكان الحي جميعا أو البلدة ، فنعتوا المقاومين طبعا بالإرهابيين . تحسن الإشارة هنا إلى معسكرات التجميع و التشغيل في المصانع و المزارع ، و تصفية الذين لا يمكن الاستفادة من قدراتهم و كفاءاتهم لا سيما إذا كانوا من اليهود . يذكر أيضا ان السلطات الألمانية أقامت أنواعا أخرى من معسكرات التجميع ، كان منها معسكرات للمعتقلين إداريا أو احترازيا ، و أخرى كانت تضم معتقلين رهائن ُيستبدلون بقبول ذويهم مع قوات الاحتلال . و أخيرا كان المحتلون يفجرون المنازل و أحيانا كانوا يخلون أصحابها و يتخذون منها مواقع لهم . توصلنا هذه المراجعة المقتضبة إلى ملاحظة كم هي متعددة أوجه التطابق بين مشروع الدولة الألمانية النازية في " المدى الحيوي الجرماني" من جهة و مشروع الدولة الصهيونية في " إسرائيل الكبرى " من جهة ثانية ، تحت قيادة تلامذة بيغين و جابوتنسكي ، الذي قال عنهما بريمو ليفي : " بيغين كان فاشيا ، أعتقد أنه شخصيا يقبل هذه الصفة. لقد كان تلميذ جابوتنسكي . حيث يعتبر هذا الأخير من الجناح اليميني للصهيونية ، و يقدم نفسه على أنه فاشي ، كما كان على صلة مباشرة بموسيليني "
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرجل المريض و الحملات الغربية
-
الهزية و عقدة البيرق !
-
الدولة المستحيلة
-
الوطن للمواطنين !
-
أنا شارلي ,, أنا ثوري
-
جيوش بلا دول تتصدى لدول بلا جيوش ! !
-
هويات موسمية و أوطان مؤقته !
-
حصان طروادة في سورية
-
أكثر من حرب طائفين و أقل من ثورة و طنية !
-
دولة الرئاسة و دولة الخلافة !!
-
داوها بالتي كانت هي الداء !!
-
الحل الأفغاني و الحل الغزاوي !
-
ثورة أو استثارة ؟
-
ثورات الجملة
-
أما و قد سقط الرئيس !
-
السياسة الدينية !
-
تأملات في متغيرات جبل الجليد !
-
شريط أخبار سورية !
-
الحرب و الحرث
-
هجمات شُرَطية !
المزيد.....
-
مصممة أزياء تستخدم المطاط السائل لصنع قطع -غريبة ومبهجة-
-
أول تعليق من -حماس- على تصريح ترامب -غزة موقع عقاري كبير-: -
...
-
إلى أين تتجه سوريا بعد شهرين من سقوط الأسد؟ علياء مالك تتحدث
...
-
ماسك يرد على رجل أعمال من أصول لبنانية بشأن إذاعتي -صوت أمري
...
-
منازل مدمرة وحياة مفقودة.. هذا ما واجهه السوريون عند عودتهم
...
-
انتخابات كوسوفو: حزب رئيس الوزراء الحالي يتصدر الانتخابات ال
...
-
-رووداو-: الرئاسة العراقية ترفع دعوى ضد رئيس الوزراء ووزيرة
...
-
نيبينزيا: صداقة روسيا مع شعب سوريا صمدت أمام اختبار الزمن وس
...
-
سلمان رشدي يلتقي المتهم بمحاولة قتله
-
الخارجية الروسية: وثائق عام 2022 قد تصبح أساسا للمفاوضات مع
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|