أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبد الحسين شعبان - اليسار الأخلاقي.. عبد الحسين شعبان نموذجًا















المزيد.....


اليسار الأخلاقي.. عبد الحسين شعبان نموذجًا


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 14:16
المحور: قضايا ثقافية
    


بقلم: أحمد المسلماني
رئيس الهيئة الوطنية للإعلام المصري
المستشار السابق للرئيس المصري
أمين عام اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا



التقيتُ المفكر العراقي الكبير الدكتور عبد الحسين شعبان عدة مرات كلها في القاهرة. ولطالما أعجبتُ بحديثه المتدفِّق كنهر دجلة، فهو يمضي من موضوع إلى موضوع ومن تاريخ إلى تاريخ وأطروحة لأطروحة.. دون أن يفقد مستمعيه المتعة والشغف. فبقدر ما هو واحدٌ من كبار الكتّاب، هو أيضًا واحدٌ من كبار الرواة والحكائين.
التقيتُ الدكتور عبد الحسين شعبان مع الرئيس اليمني الأسبق على ناصر محمد، ثم عملنا معًا في المكتب التنفيذي لمجموعة السلام العربي، وهى مجموعة فكرية تهدف لتحقيق سلام عربي - عربي. وقد تولى الرئيس على ناصر محمد رئاستها بعد رئيس الوزراء السوداني الأسبق الصادق المهدي، وتضم المجموعة نخبةً من الساسة والتكنوقراط والمثقفين.
في فندق سيمراميس انتركونتننتال الذي يطل على نيل القاهرة، جلس الدكتور شعبان يروي لنا وقائع عديدة من تاريخ العراق السياسي وتاريخه الشعري، ومن حاضر العراق الثقافي ومستقبله الإقليمي. ثم في جلسة تالية لا تبعد سوى أربعة طوابق حيث مسبح الفندق الذي يطلّ على دار الأوبرا المصرية وبرج الجزيرة، وهناك استمعنا من جديد إلى رؤى الدكتور شعبان في القانون والعلوم السياسية وحقوق الإنسان، كما استمعنا لمذكرات شفهية عن أحداث في عدة دول عربية كانت جيبوتي واحدةً من محطاتها المثيرة.
لقد أدركتُ منذ اللقاء الأول مع الدكتور شعبان أنني - وكما قال الرئيس على ناصر محمد والوزير الأردني سمير حباشنة - إزاء مثقف موسوعي بامتياز، يتحدث عن رأس المال لـ"كارل ماركس" كما يتحدث عن ديوان شعر للجواهري.
في أمسية مبكرة بفندق نوفيتيل القاهرة، ثم أمسية متأخرة بشارع المعز لدين الله الفاطمي وسط العاصمة، تناولنا القهوة ثم الفطير المصري الشهير، كان بعضه بالجين والآخر بالحلوى، وكان في صحبتنا بعض أقاربي وأصدقاء مشتركين من سوريا والأردن. وفي الأمسيتيْن طاف الدكتور شعبان بنا في فضاءات مختلفة من تاريخ الأفكار إلى صراع الحضارات، ومن الإسلام السياسي إلى جامعة اللاعنف، ومن صناعة اليأس إلى صناعة الأمل.
بعد أيام من ذلك زرتُ المفكر والسياسي العراقي الراحل نوري عبد الرازق، وكنتُ قد أصبحت - حديثًا - أمينًا عامًا لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا. وكان الأستاذ عبد الرازق الأمين العام لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية. كان معظم الحديث بيني وبينه عن مقالات متميزة كتبها الدكتور عبد الحسين شعبان عن الأستاذ نوري عبد الرازق وتاريخه الفكري والتنظيمي ورؤاه للسياسة والثقافة، وهى المقالات التي أثنت عليها الكاتبة والناشرة الأستاذة سنيّة البهات زوجة الراحل الكبير.
حين طلبت منّي دار سعاد الصباح أن أشارك بعمل عن المفكر العربي الكبير الدكتور عبد الحسين شعبان، كان ذلك مصدر سعادة لي، فقد جاءت الفرصة لتحية مثقف كبير، وأخلاقيّ رفيع.
إن للشاعرة الدكتورة سعاد الصباح مكانة كبيرة لدى المصريين، ومكانة أكبر لدى أسرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة التي تخرجتْ فيها. ولقد سعدتُ بلقائها قبل سنوات في احتفالٍ للكلية بجامعة القاهرة، وقد رأيت المحبة والاعتزاز لدى جميع الخريجين بخريجة الكلية المتميزة.. التي لطالما سمعوا بها وقرأوا لها، ثم إذا هم اليوم يلتقون بها.
وإن لدار سعاد الصباح مكانة متميزة لدى المثقفين العرب، وهى مكانة تتصل بدور دولة الكويت الشقيقة في دعم وتقديم الثقافة العربية.. منذ انطلاق الحداثة الكويتية في أواسط الخمسينيات وحتى اليوم. وهى الانطلاقة التي شهدت صدور "مجلة العربي" الشهيرة، وسلسلة "عالم المعرفة" التي دخلت كل بيوت العرب من المحيط إلى الخليج، وإصدارات المسرح والثقافة العالمية وغيرها، فضلاً عن عطاءات قسم الفلسفة في جامعة الكويت والتي شهدت حوارات رائعة وأعمالاً مشتركة بين مثقفين كويتيين وغير كويتيين، وبين نخبة من الفلاسفة المصريين الذين تجلى الكثير من إبداعهم في جامعة الكويت، كالدكتور زكي نجيب محمود، والدكتور فؤاد زكريا، والدكتور إمام عبد الفتاح.
وهكذا فإن الدكتور "عبد الحسين شعبان" و"دار سعاد الصباح" كانا مصدر شحن للكتابة عن شخصية حظيت بتقدير كبير. وفي هذه السطور قراءة موجزة لبعض من أفكار الدكتور عبد الحسين شعبان.. وهى قراءة فيما كتبَ، وممّا سمعت.

1. الدولة والهوية
هل هى الأصالة أم المعاصرة؟ وهل هى الهوية أم العولمة؟.
في المشروع الفكري للدكتور عبد الحسين شعبان نرى اهتمامًا بالسؤالين معًا. وهو ينتقد التطرف هنا وهناك، ويرى الأمرَ بين أمريْن.
فهناك تيار علماني متطرف لا يريد أى صلة بالدين أو التراث، وهناك تيار ديني متطرف لا يريد أى صلة بالعلم أو العصر. والصواب ليس في هذا ولا ذاك، بل بما ذهب إليه دعاة التوفيق بين ما كان وما هو كائن، وبين العقل والروح.. التراث والحداثة.
وفي سؤال الهوية، يقول الدكتور عبد الحسين شعبان: "إذا كان بناء الهوية والحفاظ عليها إحدى مشكلات الحداثة، فإنّ تفادي انطلاقها للتفاعل على العالم إحدى مشكلات ما بعد الحداثة".
انتقد الدكتور شعبان ظاهرتي "الإسلاموفوبيا" و"الزينوفوبيا".. ويشير مصطلح "الإسلاموفوبيا" إلى كراهية الإسلام والعداء للمسلمين، ويشير مصطلح "الزينوفوبيا" إلى العداء للأجانب. فقد أدّت الهجرات من الجنوب إلى الشمال، ومن البلاد الفقيرة إلى البلدان الغنية إلى تغيرات طارئة على البنية الثقافية والاجتماعية في أوروبا، فنشأت سياسات لحماية الهوية إزاء الوافدين الجُدد.
إن جدل الهويات - برأى كاتبنا - يكشف مسارات المستقبل، وسنرى بنتائجه عما إذا كان سيقود إلى صدام أم وئام، صراع أم تعايش. ويقول: إن أهم ما في النظرية الديمقراطية هو إدارة التنوع بشكل سلمي، وهذا ما يجب. إن النظام الديمقراطي هو أفضل الأنظمة التي أبدعتها البشرية، ويجب معالجة الاختلالات والتصدعات في مسارها.
وفي العالم العربي فإن الديمقراطية تواجه تحديات عديدة، من النزاعات الطائفية والمذهبية إلى التوترات الإثنية والعرقيّة.. إلى الحروب الأهلية والعنف المجتمعي، إلى الحروب الإقليمية والإرهاب الدولي.. وهو ما يفرض علينا ضرورة مواجهة ذلك من داخل الديمقراطية لا من خارجها، فإصلاح الديمقراطية لا يكون إلاّ بوسائل ديمقراطية، ومواجهة الطائفية والعرقيّة لا يكون إلاّ بنجاح إدارة التنوع بشكل سلمي.. ولا تنمية مستدامة بدون ديقراطية مستدامة.

2. الدين والتطرف
يؤمن الدكتور عبد الحسين شعبان بما آمن به توماس هوبز.. بأن "أي إصلاح مفتاحه الفكر الديني". ويرى أنه لا إصلاح للفكر الديني من دون إصلاح الفكر السياسي، ومن شأن إصلاح الفكر أن يقود إلى إصلاح الخطاب.
لقد استخدم التكفيريون الدين كذريعة للقتل والإرهاب، مع أن الدين يحمل دعوة التأمل والسلام، ويحضّ على الأخذ بيد الفقير والمريض والضعيف، وتعتبر الكرامة والعدل من أسس الدين. وحسب الدكتور شعبان: ليس من الدين أن تمتلئ المساجد والكنائس والمعابد بالمصلّين، وتمتلئ الشوارع والأزقة بالمتسولين والمشردين، ويعاني ملايين الناس الفقر والجوع والمرض.
يردّ الدكتور شعبان على من يروجون لمصطلح "الإرهاب الإسلامي".. ويشير إلى الحروب الصليبية، وحروب المائة عام، وحروب الثلاثين عامًا، والحربيْن العالميتين.. وفي كل تلك الحروب كان الإرهاب حاضرًا، ولم يكن المسلمون جزءًا منه.
ثم يشير الكاتب إلى الجماعات الإرهابية الغربية المعاصرة من منظمة "بادر ماينهوف" في ألمانيا إلى "الألوية الحمراء" في إيطاليا، إلى الجيش الأحمر الياباني، والجيش الجمهوري الايرلندي، ومنظمة "إيتا" الانفصالية في إقليم الباسك الأسباني، وصولاً إلى الأعمال الإرهابية ضد المسلمين والعرب، كحادث تفجير مسجد نيوزلندا الشهير.. وأنّه بينما تمتّ نسبة كل منظمة من هذه المنظمات إلى بلدها لا إلى المسيحية، تمتّ نسبة الجماعات الإرهابية في الدول الإسلامية إلى الإسلام والمسلمين لا إلى بلدانها!
وتكتمل المفارقة - بحسب كاتبنا - حين ندرك أن حجم الدمار الذي ألحقته الجماعات الإرهابية في العالم الإسلامي كان معظمه ضد المسلمين وفي البلدان الإسلامية. وفي المجمل يرى الدكتور شعبان أن الإرهاب لا دينَ له، وأنه ظاهرة كونية عابرة للحدود، يتواجد في كل الديانات والقوميات والثقافات. وبينما يدعو إلى فكّ الاشتباك بين الدين والإرهاب يدعو إلى تقديم نموذج معرفي جديد.

3. أعمدة الأمة الأربعة
ينحاز كاتبنا إلى رؤية تصالحية ديمقراطية داخل الدول العربية، وإلى رؤية حوارية سلاميّة في محيط الدول العربية.. وينحاز إلى جهود وأطروحات منتدى الفكر العربي في عمّان ومؤسسه الأمير الحسن بن طلال بشأن الحوارات الثلاث "العربية - التركية، العربية - الإيرانية، العربية - الكردية" وذلك في إطار رؤية حوارية شاملة لأعمدة الأمّة الأربعة، في هذه المنطقة التي تقع في مركز العالم: "العرب والأتراك والفرس والأكراد".
إن من شأن ذلك الحوار الشامل بلورة مشروع مستقبلي يضم العرب والترك والكرد والفرس. وهو ما يجعل التنمية والتقدم لا الصراع والصدام طريقًا للمنطقة، وحمايةً للأمّة.
لا تغيب الرؤية العالمية عن الرؤية عن الرؤية الإقليمية السلاميّة، إذْ يرى كاتبنا ضرورة أن يعود التضامن الدولي إلى ما كان عليه من تأثير كبير في العلاقات الدولية في القرن العشرين. فقد كان يُحسب للتضامن الدولي ألف حساب، وقد كانت حملة التضامن مع نيسلون مانديلا - على سبيل المثال - هى ما قادت جنوب أفريقيا من العنصرية إلى الديمقراطية، ومن الماضي الإمبريالي إلى الحضور الدولي.
إن التضامن حق من حقوق الإنسان. وينصّ قرار الأمم المتحدة رقم (55) لعام 2005 على "الحق في التضامن". وبحسب كاتبنا فإن الحق في التضامن تم تسييسه وإضعافه، وتفكيك جبهة المتضامنين. وفي الحالة الفلسطينية تمّ إلصاق تهمة الإرهاب بالنضال من أجل الاستقلال، وذلك لضرب حالة التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني. وهو ما يدعو لضرورة العمل على استعادة تموضع التضامن الدولي في القرن الحادي والعشرين، كما كان في القرن العشرين، وأن يتم وقف التسييس، وإعادته لقيمه الأساسية.. من رفض الظلم، والدعوة للعدالة. فالشعوب التي يتم التضامن معها تشعر بالقوة في مواجهة الظلم، إنهم ببساطة يشعرون أنهم ليسوا وحدهم.

4. اليسار العالمي
ما الذي يعنيه اليسار في القرن الحادي والعشرين؟ وما الذي كان يعنيه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار الكتلة الشرقية؟ وأىّ يسار يمكن أن يكون أو يعود؟
لقد كان سؤال اليسار حاضرًا وعلى نحو ملحّ في كتابات الدكتور عبد الحسين شعبان.. الذي يرى أن اليسار يواجه فشل الماضي، وتحديات اليمين الشعبوي واليمين الديني في الحاضر، وكذلك تغوّل الرأسمالية حتى في دول الرعاية الاجتماعية في أوروبا، واستغلال اليمين الأمريكي لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية لضرب مبادئ ديمقراطية عديدة، بحجة الحفاظ على الهوية، وهو ما أدى إلى صعود اليمين الفاشي.
عاشَ اليسار أزمة فكرية بعد سقوط الكتلة الشرقية، وفشل النموذج السوفيتي وتوابعه، وأمّا اليسار العربي فقد كانت أزمته أعمق، حتى أن كثيرين من أتباعه تطلعوا للولايات المتحدة بانبهار شديد، وهو ما أدى إلى إخلاء اليسار العربي الساحة ليملأها الإسلاميون.
وبشأن اليسار الأوروبي يقول كاتبنا: كان اليسار الفرنسي وراء حركة الاحتجاج الكبرى عام 1968، حيث تحالف طيف واسع من الطلبة والشباب والأكاديميين والمثقفين مع الحركة العمالية والنقابية، ولكن ذلك لم يتحقق في حالة السترات الصفراء التي تم تركها وحيدة. في أحداث الستينيات كانت احتجاجات اليسار يصل صداها إلى اليابان والمكسيك والبرازيل.. وكانت شعاراتها "ممنوع المنع" و"نطلب المستحيل لنحصل على الممكن" شائعةً وحاضرةً في كلّ العالم. وكان أن سقط شارل ديجول في فرنسا، وانسحبت أمريكا من فيتنام، وتمكنت حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وصعدت حركة التحرر الوطني في فلسطين، لكن ذلك لم يحدث في حالة السترات الصفراء.
في مئويته الثانية كتب الدكتور عبد الحسين شعبان عن ماركس المفترى عليه، وقال إن هناك فضل لكارل ماركس على البشرية.. في اكتشاف قوانين الصراع الطبقي، وفائض القيمة، والمنهج الجدلي. لكن الخطأ هو تقديس ماركس وتنزيهه ووضعه خارج النقد.. مع أنه هو نفسه اعتبر المثقف ناقدًا اجتماعيًا.
ولقد انتشرت بالتوازي مع ذلك مقولته "الدين أفيون الشعوب" التي أخذها عن الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط.. وتم الترويج لقراءات خاطئة بصددها.
يقول كاتبنا: أعرف شيوعيين متعصّبين لم يقرأوا كتابًا واحدًا لماركس ماعدا "البيان الشيوعي" في أحسن الأحوال. وبعض هؤلاء أصبحوا ليبراليين جُدد، سعداء باكتساح العولمة للقارات والشعوب. لقد كان لينين - وبالدرجة الأكبر ستالين - من قاما بالتشويه الفكري للماركسية، بتغييب وجهها الإنساني.
أدت الأزمة الاقتصادية العالمية 2008، ثم الأزمات التالية إلى عودة "طيف ماركس" إلى الواجهة من جديد، ويرى كاتبنا أن الماركسية في القرن الحادي والعشرين لا يجب أن تشبه ماركسية القرن العشرين.. وإنْ كانت تلتقي مع ماركسية القرن التاسع عشر. ماركسية إنسانية ديمقراطية.

5. الويستفوبيا وحوار الحضارات
في عام 1978 أصدر الدكتور إدوارد سعيد كتابه الشهير "الاستشراق" وفي عام 1992 أصدر الدكتور حسن حنفي كتابه "الاستغراب".
إن موقف الشرق من الغرب وموقف الغرب من الشرق يمثل الخط الرئيسي لتاريخ العالم. وبينما رأى بطرس الأكبر في روسيا والميجي في اليابان ومحمد على وحسن العطار في مصر أن مواجهة الغرب لا تكون إلاّ بمواكبة الغرب، فإن بعضًا من المفكرين انتقد ما أسماه "الإصابة بالغرب".. أى عدوى الإيمان التام بالمنهج الغربي، ودعا إلى مواجهته وعدم الأخذ منه.
يعرض الدكتور عبد الحسين شعبان لمصطلحين شائعين "الويستفوبيا" أى الرهاب من الغرب، و"الإسلاموفوبيا" أى الرهاب من الإسلام.. ويرفض كلا الرهابيْن. ثم إنه يعرض لمصطلح ثالث هو "الويستولوجيا" أى استخدام الغرب لسياسات ضد قيم الغرب.. كالموقف السلبي من الإسلام والمهاجرين واللاجئين.. مع أن قيم الغرب الأساسية تقوم على التعدد واحترام الآخر.
بحسب كاتبنا فإن انهيار سور برلين كان بداية انطلاق تنظيرات معادية للإسلام.. من "نهاية التاريخ" لفوكوياما إلى "صدام الحضارات" لهنتجنتون. وهى أفكار تقوم على ضرورة مواجهة أو إذابة الحضارات الأخرى في الحضارة الغربية، وهى بذلك تقع على النقيض من النظرية الديمقراطية الغربية القائمة على التعددية الدينية والثقافية والعرقية.
ويرى في أطروحات "نهاية التاريخ" و"صدام الحضارات" والأطروحات المماثلة مفهومًا إلغائيًا لا يختلف عن إلغائية الجماعات الدينية المتطرفة من القاعدة إلى داعش.
يوجز كاتبنا رؤيته بأننا إزاء حضارة إنسانية واحدة، ولهذه الحضارة فروعها ومساراتها، والحوار بينهما على أساس قبول التعددية والتنوع والاعتراف بالآخر.. يجب أن يكون أساس العمل حاضرًا ومستقبلاّ.
وبعد
إن المشروع الفكري للدكتور عبد الحسين شعبان على اتساعه، وكثافته.. هو مشروع يمضي في طريق واحد.. طريق الإنسانية العالمية، وإعادة بناء العالم على أسس من الحوار والتسامح، ونبذ الحرب والعنف.
لا أرى أن مشروع كاتبنا مشروعًا يساريًا كلاسيكيًا غارقًا في غياهب الألفاظ المعقدة والايديولوجيا الدائرية والمكعبة، ولكنه مشروع منضبط في آلياته المنهجية ومضامينه الفكرية.. واضح في أهدافه ومبادئه الإنسانية.
لقد جمعَ الدكتور عبد الحسين شعبان كل ما يحمِل من ايديولوجيا، ووضعها في إناء واحد: العدل والسّلام.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الوفاء.. وتجليات الفكر النهضوي
- رسالة تعزية لرحيل أبو أحمد فؤاد
- قيس الزبيدي حين تكون الحياة شاشة سينما
- لماذا مدّدت واشنطن العقوبات على دمشق؟
- لا تتركوا الأمازيغ...!
- قصائد الصباح امتطت صهوة المجد وابياتها شامخة انيقة الإحساس: ...
- وَفُاءً .. لِوْفاّء مثقفي الأمة من شعبان إلى الصباح
- الى د.عبدالحسين شعبان… صانعُ الفجر من رماد الليل
- يوم الوفاء لعبد الحسين شعبان
- حوار النجف – أربيل
- عبد الحسين شعبان أيقونة الثقافة المشرقية
- قلادة الإبداع على صدر شعبان
- سوريا التفاؤل المفرط والتشاؤم المحبط
- منصور الكيخيا وحكاية الاختفاء القسري
- طيران فوق عش الوقواق
- الكويت ونخبها الفكريّة والثقافية تكرّم عبد الحسين شعبان
- فقه العدالة الانتقالية
- كوب 29 والعدالة المناخية
- اللّاجئون والهجرة غير الشرعية
- الحياة المشتركة في الشرق الأوسط سؤال شك أم سؤال يقين؟


المزيد.....




- -أخاف المرور بجانب أي سيارة-، لماذا تشهد مدينة منبج السورية ...
- الجيش الإسرائيلي: استهداف نفق بين سوريا ولبنان
-  -برغر كينغ- يطيح بمسؤول في الحزب الحاكم بتركيا
- نيبينزيا: موسكو لم تتلق إشارات محددة من واشنطن بشأن الاتصالا ...
- كيفية التعرف على المرض النفسي الجسدي
- الولايات المتحدة والذكاء الاصطناعي - سباق مع الصين 
- الخارجية: روسيا مستعدة لتطور الوضع حول مجموعتها العسكرية ومو ...
- الرئيس الإكوادوري الحالي يتقدم في الانتخابات الرئاسية
- الصين تبتكر طريقة جديدة للكشف عن الغواصات
- اكتشاف آلية دماغية تساعد في قمع الخوف الغريزي


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عبد الحسين شعبان - اليسار الأخلاقي.. عبد الحسين شعبان نموذجًا