أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حين لا يُمهلُ القدرُ الطُّيُورَ الأَصيلة.. وداعاً سليم فرحات














المزيد.....


حين لا يُمهلُ القدرُ الطُّيُورَ الأَصيلة.. وداعاً سليم فرحات


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 16:07
المحور: القضية الفلسطينية
    


غادرنا سليم فرحات فرحات (أبو كريم) كما تُغادرُ الطُّيورُ الأصيلةُ السماءَ عند أوَّلِ إشراقةٍ للفجر، دون أن تُودِّعَ أعشاشَها، ودون أن تلتفتَ للخلف.

لم تقتله حربُ المخيَّمات، ولم تفتك به نيرانُ النِّزاعات، لكنَّه رحلَ حين دقَّت السَّاعةُ التي لا تُؤجلُ أجلاً ، فالموتُ لا يمنحُ مهلةً للوداع.

كيف لمن عرف الشَّقاءَ منذُ طفولتهِ أن يُغمِضَ عينيهِ بهذه العجلة؟

لقد قاومَ الموتَ سنينَ، ثمَّ استسلمَ له في لحظةٍ خاطفة، كأنَّما كان يُودِّعُ الدُّنيا بنظرةٍ أخيرةٍ دون أن نشعر!



يا سليم، أيُّ ريحٍ حملتكَ بعيداً بهذه السُّرعة؟ أكنتَ مُستعجلاً للحاقِ بوالدكَ الذي سبقتكَ روحُهُ منذُ أسابيع؟ أم أنَّ قلبكَ لم يحتمل فراقهُ، فاختارَ أن يذوبَ معه كما تذوبُ الشُّموعُ حين تتعانقُ مع اللَّهب؟ كنت نوراً في عتمةِ المخيَّم، تُنيرُ طريق الآخرين دون أن تطلب نوراً لنفسك. كنت الجسر بين الحُلمِ والواقعِ، بينَ الغُربةِ والانتماءِ، بين البقاءِ والرَّحيل، لكنَّك رحلت قبل أن ينتهيَ المسير، رحلت دون وداع، دون أن تمنحنا فُرصةً لنقول: انتظر!



لقد كان الموتُ عادلاً في ظلمهِ، فقد أخذكَ كما يأخذُ الطَّيِّبين، بغتةً، دون ضجيج، كأنَّكَ حُلمٌ تسلَّلَ من بينِ أيدينا قبل أن نعيشهُ حتَّى النِّهاية. يا سليم، ألم تقل لنا ذات يومٍ إنَّ الأوطانَ لا تموت، وإنَّ الرِّجالَ يبقونَ في ذاكرةِ الأرض؟ ها نحن اليوم نُردِّدُ كلماتِكَ، لكنَّنا نُكابرُ الحُزنَ الذي يأبى إلَّا أن يكونَ سيِّدَ اللَّحظة.



إنَّها مُفارقةُ القدر، فقد نجوتَ من جحيمِ الحرب، وتجاوزتَ أهوالَ اللُّجوءِ، لكنَّكَ لم تنجُ من سهمِ الموتِ حين انطلق بلا إنذار. كأنَّما الدُّنيا أرادت أن تقولَ لنا: "الموتُ لا ينتظرُ أحداً، حتَّى مَن ظنَّ أنَّهُ مُؤجَّلٌ إلى حين."



حين تلتقي روحُكَ بروحِ والدِكَ، ماذا ستخبره؟ هل ستقولُ لهُ إنَّ القدس ما زالت أسيرة، وإنَّ الوحدة سرابٌ في صحراءِ الخذلان؟ هل ستخبره عن أمَّةٍ تُصلِّي في المساجد، لكنها نسيت أنَّ السجودَ لا يليقُ إلا لله، لا للمصالحِ ولا للخوف؟



هل ستخبره أنَّ الأقصى ما زال يبكي، وأنَّ فلسطين تُباعُ في سوقِ السياسةِ كما تُباعُ السِّلعُ الرخيصة؟ هل ستخبره أنَّ الأخ قد خان، والصديقَ قد طعن، وأنَّ من حملَ السلاحَ يوماً للمقاومة، صارَ يُشهره في وجهِ إخوته؟



يا سليم، كيف ستصفُ لهُ هذا المشهد؟ هل ستقولُ لهُ إنَّ الصمتَ أصبحَ لغة العرب، وإنَّ الخيانة صارت عقداً مكتوباً بدماءِ الشهداء؟ هل ستخبره أنَّ الطُّغاة يتصافحون فوق الجراح، بينما ترتفعُ قبابُ القدسِ شامخةً رغم الألم؟



يا سليم، قُل لهُ إنَّ فلسطين لم تمت، لكنها تنزفُ بصمت، كما ينزفُ جرحٌ عميقٌ بلا طبيب . قُل لهُ إنَّ اللَّيل مهما طال، فإنَّ الفجر سيأتي، وإنَّ الظلم مهما استبد، فإنَّ العدل لا يموت، وإنَّ من خانَ اليوم، ستلعنهُ الأيامُ غداً.



سلامٌ عليك، وسلامٌ على من سبقوك إلى عالمٍ لا خيانة فيه، حيثُ الحقُّ لا يُساوَمُ عليه، وحيثُ الأرواحُ تلتقي على نقاءِ الحقيقةِ لا على زيفِ الشعارات.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنَّان شربل فارس: مِثالُ الإبداعِ وعِمَادُ الوطن
- حِينَ يَبكِي المَساءُ... على أَجنِحةِ الطُّيُورِ
- المقاومةُ قدرُ الأحرارِ: قاوِم حتى لو كنتَ أعزلَ
- علي عبدالله علي، أَبو عاطف: رجلٌ من ذهبٍ تاهت به الأَزمنةُ
- غزَّة: بين أَنقاضِ الصَّمتِ وخيباتِ الأَملِ
- غوَّار الطُّوشة: أَيقُونةُ الخداعِ والتّلوّن
- صُلحُ الحُديبيةِ: اتفاقيَّةُ الهدنةِ التي مهَّدت لفتحِ مكَّة
- أَطفالُ غزَّة: شهادةُ حُزنٍ على خيانةِ العالمِ!
- الفلسطينيُّون: أُسطُورةُ الصُّمُود وأَيقُونةُ التَّحرير!
- أطفالُ غزّةَ: بينَ الألمِ والصَّمتِ العالميِّ!
- رحلةٌ في عتمةِ اللَّيل
- في عتمةِ الانتظارِ: حكايةُ ليلٍ لا ينتهي!
- الإعصارُ الناريُّ في لوس أنجلوس: كارثةٌ بيئيةٌ ودعوةٌ للتفكّ ...
- الأرقامُ الهنديَّةُ والعربيَّةُ في تاريخِ الرِّيَاضِيَّاتِ
- الرِّياضيات في الحضارة الإِسلامِيَّة: من الجبر إلى الفلك!
- سليمان فرنجية: زعيمُ الوفاءِ ورمزُ الشجاعةِ والثباتِ!
- أم ناظم: دموعُ الانتظارِ وحلمٌ ماتَ في أحضانِ الغيابِ!
- ناقةُ صالح: معجزةٌ ربانيةٌ وعبرةٌ أبديةٌ
- تاريخُ اكتشافِ الرَّقمِ صفرٍ: من الحضاراتِ القديمةِ إلى الثّ ...
- الريَّاضياتُ والاكتشافاتُ العلميَّةُ: السَّرِقاتُ الفِكرِيَّ ...


المزيد.....




- إسرائيل تعلن استهداف منشأة تخزين أسلحة تابعة لحماس في سوريا ...
- ترند في ليبيا.. قرعة الحج في -بانيو- و-جرد- بعد التسجيل إلكت ...
- قبل اجتماعه غدًا.. توصيات المبادرة المصرية للمجلس الأعلى للأ ...
- مطاردة استثنائية وعلى ظهور الخيل.. شرطة فلوريدا تلاحق مشتبهً ...
- بوندسليغا.. ليفركوزن يبتعد عن الصدارة ودورتموند يتعثر
- الجيش اليمني يتصدى لتحركات وهجمات حوثية في عدة جبهات بمأرب و ...
- البرلمان العربي لترامب.. فلسطين خط أحمر
- خبراء سعوديون يردون عبر RT على تصريحات نتنياهو عن إقامة دول ...
- -لسنا بحاجة لمحايدين وهميين-.. روسيا ترفض الوساطة السويسرية ...
- منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تصف مباحثات وفدها في دمشق بالمث ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - حين لا يُمهلُ القدرُ الطُّيُورَ الأَصيلة.. وداعاً سليم فرحات