نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 11:36
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حين أتخيل نشيد السياب ، وعمق هذه الجملة لما تحمل من الوطنية والحب والأغتراب . أتذكر العراق ، الوطن النخلة والسمكة ودموع الجندي وهياكل العظمية للمقابر التي ثمنها ( نشيد الحرية ) ..أتذكر دجلة والفرات وحضارات صنعت حلم القصيدة ومعزوفة الحب وتفاسير الحياة وشيئاً من أساطير الخلق وأماني الانبياء .
العراق . البلد الذي يجمع بآنيته عطش السنين ويسقي بالقبلات ساكنيه من شتى الملل والطوائف .
حين يتذكره شاعر عظيم كسياب إنما يتذكر فيه رؤية مأساة مايتعرض له ابن العراق في غربته ، ورغم هذا يكون العراق هو الاجمل حتى حين تصيبه عين حاسد وتتعارك شوارعه ومحلاته مع بعضها ، هذا الطيف السحري ، الناعس مثل جفن فراشة غافية على موجة ماء ، كم يتألم الآن من الذي يحدث ، مجانية في الموت ، تهديم في البنية الاقتصادية ، وفلسفات تؤسس للعنف والقتال والهدم ، وغير ذلك ثمة عراقي يتمنى أن تلغى هكذا صور بائسة ويبدأ عهد البناء ، لتصير حقا : الشمس اجمل في بلادي من سواها ..والظلام ..حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق ..
الحضن الدافئ ، المتسربل بأغصان الشجر الاخضر . الذي يجمع الرؤى كلها في أحضان خارطته ، حري بنا أن نظل افياء له ، لتأريخه ، لطباعه ، لعراقة مايملك من أحساس لاتتشرذم فيه النوازع وتصبح سيوفا تذبح بعضها البعض . فمن المؤسف أن نرى حال العراقيون الان وهم يفترشون البوابات الحدودية أو خيام منافي الداخل بسبب لغة الخطاب العنيف : إرحل من بيتك او تقتل .
مفوضية الامم المتحدة تقول إن الرقم يصل الى المليون ونصف ، هم عراقيو الشتات .
إذن نحن نملك مليون ونصف دمعة تتمنى أن تتدفئ بشمس صباحات العراق وإن تربي طفولتها في حدائق ومدن ومدارس العراق .
كفى تهجيرا ، لذاكرة الوطن ، لعلمه ، لفنه ، لثقافته ، لحلمه ، لفقراءه ، إنه يجد نفسه تعيسا حين يتمنى من منظمة دولية أن تحن عليه بلجوء ومنفى .
وهاهي سفارات الارض ، تنزعج من افواج العراقيين الواقفين عند بواباتها لمجرد سماعهم بدعاية تقول إن السفارة الفلانية فتحت اللجوء للعراقيين ، وتراهم يستنسخون جوازات السفر وبطاقات هويات عوائلهم ، تتربح منهم مكاتب الاستنساخ والترجمة وفي النهاية يخرج موظف السفارة الاجنبية ليقول بعربية متكسرة .
اسفون نحن لانمنح اللجوء ، الم يتحرر بلدكم من الدكتاتورية !
وهكذا هي دوامة عراقيو المنافي والمهاجر ، فيما تشرق شمس العراق كل يوم ، ومعها يشرق الامل بأن يعود النزوح الى وطنه ، وتعود اغنية الصباح الاذاعية تهمس لكل الذين يفتحون اجفان اليوم الجديد ، ومعها يهمسون صباح الخير شمس العراق .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟