|
100 من 700
مجدي مهني أمين
الحوار المتمدن-العدد: 8246 - 2025 / 2 / 7 - 04:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما يأتي اليوم الذي أتمكن فيه من نشر كتاب عن الخبرة التي مررت بها في مراحل التعليم، خاصة الابتدائي والإعدادي، خبرتي إيجابية ومفرحة لأقصى درجة، بين الدراسة والفن والمسرح وكافة الأنشطة، وطبعا لا تغيب عن الذاكرة حصص الموسيقى، وحصص الدين. تناولت جانبا من حصص الدين في مقالة على هذا الموقع الموقر، موقع الحوار المتمدن، تحت عنوان " الموعِظَة على الجبل والعِظَات المصاحبة"- طبقا للرابط أدناه، ومناسبة هذا المقال تعود للمدح الذي تناول به الإعلامي إبراهيم عيسى تلك الموعظة الأمر الذي استدعي انتقادا شديدا من أحد الدعاة لإبراهيم عيسى وللموعظة، بل والنيل من شخص السيد المسيح.
ويبقى لحصة الدين مكانتها، مكانة تبتعد عن التقييم، تبتعد عن فكرة مين شاطر ومين لأ؟ بل تصل لمكانة تتعلق بالوجدان، وترتبط بمناخ لا يميز بيننا، نقبل عليها دون عبء، دون فرض، ندخل معها في نوع من العلاقة الحرة،
- كم نتوق أن يصل التعليم في كل مواده لهذا النوع من العلاقة، علاقة حرة رابطها الوحيد هو الشغف والرغبة في المعرفة.
العلماء أنفسهم يواصلون بحثهم ليل نهار بدافع الشغف والرغبة في المعرفة، ولكن الظروف تحرمنا من علاقة الشغف مع العلم كي نقع في علاقة أخري تتعلق بالرغبة في الحصول على الدرجات التي تؤهلنا للالتحاق بالكلية التي نريدها، وهي علاقة مشروطة تؤثر كثيرا على رغبتنا في الاستغراق الحقيقي في العلم، فنصبح مجرد ببغاوات تحفظ وتكرر ولكن لا تتذوق مثلما يتذوق العلماء؛ هؤلاء الذين يأتون لنا بكل جديد مبهر. علاقتنا نحن بالعلم لازالت تضعنا في صف المتلقي دائما، وكأن الإبداع والاكتشاف لهم، ولا يبقى لنا إلا التلقي والتقليد.
نعود لحصة الدين، فبدلا من أن يلحق بها التعليم، في هذا النوع من "العلاقة الحرة"، نجد أن نظام التعليم، المؤمن بالقيود، يكبل الحصة ويجعلها هي أيضا حصة لمادة نجاح ورسوب، ويجعل مادتها هي المادة الأساسية الوحيدة للصف الثالث الثانوي، كي تكون مادة من ضمن سبع مواد، درجاتها 100 من 700 درجة تحدد مصير الطالب في الالتحاق بالتعليم الجامعي، أي قرابة 14 % من الدرجات تم تخصيصها لمادة الدين.
- فإلي أين تأخذنا هذه الوزارة؟ - مًن أوحى لها، أو أملى عليها بهذه الفكرة؟
الحقيقة لو جاءت هذه الفكرة تلبية لطلب من مؤسسة دينية فالأمر يدل على قصور المؤسسة الدينية في القيام بدورها.. نحن نذهب لدور العبادة بإرادتنا، ونؤمن بكل كلمة تقال هناك، ولدور العبادة اجتهادها في توصيل رسالتها إلينا، ولكننا لا نذهب للمدرسة بمحض إرادتنا، وهنا على المدرسة أن تلتزم بدورها كوسيلة تربطنا بما وصلت إليه اجتهادات البشرية، كي نتعلم ونحذف ونضيف ونتقدم، لكنها غير مسئولة ان تلزمنا بما انعمت به السماء علينا، هذا ليس مجهودا بشريا.
نعم نحن نتقدم بما نعرفه ونطبقه من العلم، لكننا لا نتقدم بما نعرفه من الدين بل بما نختبره من إيمان، فالناس في تقواهم ليس بما يعرفون ويحفظون ولكن بما يعيشونه فعلا. وان لزم الأمر، فهناك من يدرسون الدين بعمق كي يكونوا دعاة أو رجال دين مهمتهم حينئذ في دور العبادة أو الإعلام؛ يذهب إليهم الناس طواعية، أو يقرأون لهم كي يعلموهم أصول دينهم. دي مش مهمة المدرسة، لو قامت بها المدرسة فتكون قد خرجت عن دورها، وأحرجت مؤسسات دينية مُبَيّنة أنها لا تقوم بدورها، ووضعت الأمر بكامله في دائرة الإلزام والقمع، ولعل الأخيرة هي كبرى ثغرات فكرة الدولة الدينية برمتها، فهي دولة تضع الإيمان في دائرة الإلزام والقمع- بما يحصِّن الحاكم ويضِرّ بمعني الدين.. فالدين في الأساس دعوة تُبنى على حرية الاختيار.
الوزارة هنا تترك العلم، وتخطب ود التيارات الدينية، وتضع الطالب في مأزق ضرورة الحصول على أعلى الدرجات في مادة لا تتصل من قريب أو بعيد بالدراسة التي يتطلع أن يلتحق بها في الجامعة، مجهود في غير ذات موضوع، خاصة وأن الدرجات المخصصة لهذه المادة عالية جدا، 100 من 700. القرار يخدم مصالح سياسية أكثر منه مصالح تربوية، هذه مجازفة لا يجب الانجراف نحوها،
- نعم هذه مجازفة تضع الدين في مساحة العبء، بعد أن كان في المدرسة في مساحة المتنفس الروحي والمعنوي والإنساني.
كل الأنبياء والرسل جاءوا برسالة، لنا أن نقبلها ولنا أن نرفضها، ولم يضعوا رسالاتهم في دائرة الإلزام، لأن الإيمان الحر النابع من القلب هو الطريق الوحيد للإنسان الصالح، فلم نسمع عن الفضيلة في كل الدول التي أقرت الحكم الديني، بل سمعنا عن القمع، ودراسة الدين في مدارسنا بهذه الكثافة وهذا الإلزام لن تعلي قيمة الفضيلة ولن تنقصها.. فلا داعي لهذا العناء الذي يميز بين أولادنا وبناتنا، أعز مًن نملك، لا داعي على الأطلاق، بل علينا أن نوقف، أو نقف في وجه، هذه المجازفة غير التربوية.
ملحق: - مجدي مهني أمين، الموعِظَة على الجبل والعِظَات المصاحبة، الحوار المتمدن، أغسطس 2022 https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=764102
#مجدي_مهني_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياسة والتحالفات، والإيمان بالرسالة
-
يهوذا واعتراض الطريق
-
الناظر شيوعي!!
-
الأخت أديلا، المحاربة المبتسمة
-
صلاح سبيع، عندما تكون التنمية وجهة نظر
-
أبونا وليم، صفحة من كتاب الإيمان الحي
-
أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُ
...
-
شنودة الذي حل ضيفا على هذا المجتمع القاسي
-
ساويرس، بكري، علاء، والحق الضائع وغير الضائع
-
الموعِظَة على الجبل، والعِظَات المصاحبة
-
لكن عشق الجسد فاني
-
الرجل رأس المرأة
-
المؤمن ثقيل الظل
-
الصيدلي المتشدد والعمل الإرهابي في سيناء
-
دون مزايدة
-
عَيِّلة تايهة يا ولاد الحلال
-
أبونا عيروط، إصلاح الخطاب الديني
-
يا أهل المحبة
-
نبيل صموئيل: المصلح المسالم
-
المستشارة تهاني الجبالي
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية: إذا هددت أمريكا أمننا فسنهدد أمنها
-
قائد الثورة الإسلامية: لم يلتزم الأمريكيون بتنازلاتنا السخية
...
-
قائد الثورة الإسلامية: المفاوضات مع هذه الحكومة الأمريكية لي
...
-
قائد الثورة الإسلامية: إذا اعتدى الأمريكيون على أمن شعبنا سن
...
-
قائد الثورة الإسلامية: التفاوض مع أمريكا ليس له أي تأثير في
...
-
قائد الثورة الإسلامية: إذا تم هددونا سنهددهم وإذا نفذوا الته
...
-
قائد الثورة الإسلامية: إذا هددونا سنهددهم وإذا نفذوا التهديد
...
-
قائد الثورة الإسلامية: إذا اعتدوا على أمننا سنعتدي على أمنهم
...
-
قائد الثورة الإسلامية: إذا هددنا الأمريكيون سنهددهم نحن أيضا
...
-
قائد الثورة الإسلامية: إذا نفذ الأمريكيون تهديدهم سننفذ تهدي
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|