|
تلاعب السلطة الإعلامية بالعقول وصناعة( الوعي المعلّب)
عماد السامرائي
الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 15:06
المحور:
قضايا ثقافية
بدأً علينا تحديد ماهية الوعي المعلّب والذي هو غالباً ما يتشكل كونه وعياً مشوهاً حيث يتم تصنيعه بعناية عبر ماكنات وسائل الإعلام من خلال التحكم بالمعلومات والأفكار المتاحة للجمهور. لا يُسمح لهذا الوعي بالنمو بشكل مستقل أو نقدي، بل يُقدم كمنتج جاهز أو سلعة يحدد للناس ما يجب أن يفكروا فيه، وكيف يجب أن يشعروا حيال القضايا المختلفة. هذا النوع من الوعي يُشبه السلعة التجارية التي يتم تصميمها وفق احتياجات صانعيها، وليس وفق الحقائق الموضوعية. تلعب وسائل الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه تصورات الأفراد حول الواقع. ومع تزايد سيطرة السلطة الإعلامية على مصادر المعلومات، أصبح بالإمكان التلاعب بالعقول بأساليب خفية تهدف إلى صناعة وعي موجه ومعلّب، يخدم مصالح النخب الحاكمة أو الجهات المسيطرة على وسائل الاتصال الجماهيري. فكيف تُمارس هذه العملية؟ وما الأساليب التي تُستخدم لفرض هذا النوع من الهيمنة الفكرية؟ للاجابه على هذه التساؤلات يجب علينا تحديد أساليب التلاعب الإعلامي بالعقول. * التضليل الإعلامي (Fake News والتلاعب بالمعلومات) يتم ذلك عبر نشر الأخبار الزائفة أو تحريف الوقائع بطريقة تخدم أجندات معينة. قد يتم التركيز على جزء من الحقيقة وإهمال بقية القصة، مما يؤدي إلى تقديم صورة مشوهة عن الواقع. * الإلهاء وصناعة القضايا الزائفة حيث تلجأ بعض الجهات الإعلامية إلى خلق قضايا جانبية أو تضخيم أحداث هامشية لإلهاء الجمهور عن القضايا الأساسية. هذا يُستخدم لإشغال الناس بمسائل ثانوية تمنعهم من التركيز على المشاكل الحقيقية التي تؤثر على حياتهم. * التكرار والبروباغندا، إذ يعتمد الإعلام الدعائي على تكرار الرسائل والمفاهيم نفسها حتى تُصبح جزءًا من القناعة العامة، حتى لو كانت خاطئة أو مبالغًا فيها. يتم ذلك عبر الأخبار، والبرامج الحوارية، والإعلانات، وحتى المسلسلات والأفلام. * التحيّز الانتقائي للمعلومات يتم إبراز جوانب معينة من الخبر وإخفاء أخرى بهدف توجيه الرأي العام نحو استنتاجات محددة. على سبيل المثال، قد يتم تصوير جماعة معينة على أنها خطرة عبر التركيز على أخطائها وتجاهل الجوانب الإيجابية فيها. * اللغة المشحونة والعاطفية( لغة صياغة الخبر)، يتم استخدام لغة تحريضية أو عاطفية لإثارة المشاعر بدلاً من تقديم المعلومات بشكل عقلاني. على سبيل المثال، استخدام مصطلحات مثل “الإرهابي” بدلاً من “المعارض” يخلق صورة ذهنية سلبية مباشرة لدى المتلقي. * العدو الوهمي، هو واحد من الأساليب الكلاسيكية المهمة التي يستخدمها الإعلام الموجه، صناعة عدو وهمي أو تضخيم تهديد ما لإثارة الخوف وتبرير قرارات سياسية معينة. هذه التقنية تُستخدم بشكل كبير في الحروب والصراعات السياسية. كل هذه السبل التي هي مسببات مباشره تطرح النتائج المترتبة على التلاعب الإعلامي 1. فقدان الوعي النقدي، حيث يُصبح الجمهور مستهلكًا سلبيًا للمعلومات دون تحليل أو تمحيص، يفقد القدرة على التفكير النقدي والتمييز بين الحقيقة والدعاية. 2. استقطاب المجتمع، يؤدي الإعلام الموجه إلى خلق حالة من الانقسام بين فئات المجتمع عبر بث خطاب الكراهية أو التأجيج العرقي والطائفي. 3. تعزيز السيطرة السياسية، من خلال تشكيل وعي جماهيري مُوجّه، تستطيع السلطات فرض سياسات معينة دون مقاومة تُذكر، لأن الجمهور مقتنع بصحتها مسبقًا. رغم كل ذلك لابد من وجود سبل ناجعة لمقاومة هذه الهجمات الإعلامية ولابد من …. 1. تعزيز الوعي النقدي أولاً وهنا يتوجب أن يطور الأفراد قدرتهم على تحليل المعلومات والتشكيك في المصادر بدلًا من استهلاك الأخبار بشكل سلبي من خلال تحصينهم بمبادي الوعي النقدي. 2. تنويع مصادر المعلومات وتجريدها من سمة الاحتكار ،من خلال الاعتماد على مصادر متنوعة، محلية ودولية، مستقلة ورسمية، وهذا الأمر يساعد في الحصول على صورة أكثر شمولية للواقع. 3. التدقيق في المعلومات، التحقق من صحة الأخبار عبر البحث عن المصادر الأصلية وعدم الانجرار وراء العناوين المثيرة أو المحتوى العاطفي. 4. دعم الإعلام المستقل، وتشجيع الصحافة المستقلة والبديلة التي لا تخضع لسلطة الحكومات أو الشركات الكبرى. ختاماً فإن التلاعب بالعقول عبر السلطة الإعلامية ليس مجرد نظرية مؤامرة، بل واقع نعيشه يوميًا. لهذا، فإن إدراك الأساليب المستخدمة لصناعة الوعي المعلّب هو الخطوة الأولى نحو التحرر الفكري. لا يمكننا إلغاء دور الإعلام في حياتنا، لكن يمكننا أن نكون مستهلكين واعين قادرين على الفرز بين الحقيقة والدعاية، وبالتالي، بناء وعي حر ومستقل.
6/2/2025
#عماد_السامرائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النقد والانطباع, اختلافه وتأثير المزاج في تقييم الأعمال الفن
...
-
ظاهرة الفاشنيستات وأثره على تدهور الإعلام في العراق
-
مستر نوركَه ورحلة سمك السلمون
المزيد.....
-
مفاوض إسرائيلي سابق عن خطة ترامب بشأن غزة: هل سنرى أكياس جثث
...
-
كيث كيلوغ يقيم فرص أوكرانيا في الحصول على سلاح نووي
-
حوادث الطائرات ترفع مستويات القلق وتزيد من مخاوف السفر جواً
...
-
دراسة: غير المتزوجين أكثر عرضة للاكتئاب
-
ترامب: إسرائيل ستسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة عند انتها
...
-
خبراء المتفجرات من وزارة الطوارئ الروسية يدمرون الذخائر الأو
...
-
مدفعية مجموعة القوات -دنيبر- تدمر مواقع العدو في خيرسون
-
توقيع مذكرة تفاهم في مجلس الدوما الروسي مع البرلمان العربي
-
إيطاليا.. سالفيني وحزبه يرحبان بخطة ترامب بشأن غزة -إذا كانت
...
-
وزيرة بريطانية: سنعارض أي جهود لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة
...
المزيد.....
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|