أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أبوبكر المساوي - خفيف الظل














المزيد.....


خفيف الظل


أبوبكر المساوي
...

(Aboubakr El Moussaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 22:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أيها الناس،
سيدتي، سيدي،
قد تكون أكثر نفعا للإنسان،
إذا زرعت أرضا
أو نشرت فكرا
أو علَّمت صبيا
أو أسعفت مريضا
أو صنعت قِدْرا
أو حِكْت ثوبا
...

أما أن تجوع نهارا وتقوم ليلا، وتطوف بحجر وترجم حجرا بحجر، وتتبجح بامتلاك الفضيلة وبكونك خير الناس أجمعين، وتقصف كل مختلف عنك في الفكر والمعتقد وتدعو لتصفيته والقضاء عليه فلن تنفع الإنسانية في شيء، بل أبشع ما يمكن أن تفكر فيه وتفعله ولو في سرك هو أن ترفع أكف الضراعة إلى إلهك ليهلك ما يزيد على السبعة مليارات من البشر ويرمل نساءهم وييتم أطفالهم، رغم أنك تعيش في نعيم ما صنعوا وما يصنعون، أنت الهالك لا محالة إن هم هلكوا.
لا داعي لتعداد أفضالهم عليك، لا داعي لتذكيرك بأنك عبء على الإنسانية، ولا داعي للحديث عن كسلك وجهلك وتخلفك ورضاك بالسقوط في الوحل والبقاء في قاع مزبلة التاريخ.
لا داعي للمسكنة واستجداء العواطف وتقمص دور الضحية ساعة ضعفك، ولا تنسى تجبرك على ملل غيرك من بني البشر حين كنت تملك الوسيلة لذلك.
وأخيرا أرجوك أن تخجل من نفسك وتساهم ولو بصمتك لتخفيف العبء على الناس الشرفاء الذين يحملون على عاتقهم هموم الإنسانية.
أما إذا بلغت الرشد وقررت فراق بركة الوحل التي تتخبط فيها ولك من القدرات العقلية ما ييسر لك فك رموز مكتوبي فاقرأ ما يلي:
أول الهموم وأصل المحن أن تسلم عقلك لغيرك، فتصير كبهيمة الأنعام تساق في كل اتجاه إلا ما ترتضيه لنفسك، لذا لا تفرط في عقلك ما حييت ولا تجعل بينك وبينه كاهنا يملي عليك ما يصح وما لا يجوز، ثانيها وهذا من سرائر النفوس ودواخل القلوب ولا يجوز البوح بها إكراما لرفيقك وجليسك ومكلمك: صلِّ للحجر إن شئت ولا ترشق به أحدا، فللآخر سريرة نفس ودواخل قلب قد تصيبك بدوار وغثيان إن ألقيت نظرة إليها، فتوخَّ الحذر.
ثالثها وهذا من شيم النساء والرجال الذين اختبرتهم الحياة واختبروها حتى أحبتهم وأحبوها، فتحولوا إلى فيض من نور وحب، وتمنوا لو عاش كل من على هذه الأرض كالفراشات في خفتها وجمالها، في نعيم وسلام وحب ووئام، بعيدا عن الحقد والضغينة وسواد الدواخل: لا تحقد على أحد مهما كان مختلفا عنك ولا تحمل أوزار أحد ولا تُحَمِّل أحدا أوزارك.
عش كالطيف خفيف الظل نقي السريرة، عش لحظة الحاضر بكل جوارحك ووعيك لأن الماضي في عداد الموتى وما عليك إلا الترحم عليه وأخذ العبر منه، أما المستقبل فما تزرعه الآن، فاحرص على أن تزرع أفضل ما بوسعك لتنعم بمستقبل أفضل.
لا تشهد شهادة زور ولا تحدث بيقين، فشهادة الزور أول بذور الشر وقد يبلعك إذا تعاظم، والحديث باليقين من صفات الجهال، وقد يعرضك لسخرية العوام من الناس.
واسأل على الدوام ولا تخجل، ولا تركن بعقلك إلى المسلمات واجعل الشك والنقد منهاجا وسلوكا.
رابع الأمور شيء يجمعك بمن يحيط بك من الناس، يقال إن الناس معادن، ففيهم الراقي والدنيء، والمحتال والنزيه، والمتعفف والمتسول، لذا من الضروري معرفة مقامات الناس ومعادنهم، ليس للتمييز بينهم في المعاملات، بل لتفادي السقوط في شباك المحتالين والحثالة ممن نحتتهم ظروفهم على غير ما يشتهون، لهذا إن وقف ببابك طالب خدمة لا تتأخر في استجابة الطلب في حدود الإمكان لأن هذا سيملأ دواخلك بالخير الوفير، ولا تسرف في الكرم طمعا في جزاء يأتيك بعد الموت، فقد يأتي ذلك بعكس ما ترمي إليه، لأنك قد تكرم لئيما فيصيبك منه ما قد يؤذيك أو يشعرك بالندم، أما الصدقات في سبيل الله فاعلم أنها من أمهات أفكار الذين كانوا بحاجة لأصوات البؤساء المنبطحين لابتزاز الميسورين، فاجتنبها لأنها تخدم المحتالين من تجار الدين ومن الطبقة الحاكمة وتملأ جيوب المتسولين وحثالة المجتمع.
خامسها، تعلم أن تصوم لتحقيق هدف نبيل أو لامتحان جزء من دواخلك، أو سعيا للتداوي من سقم ألم بك من فرط ما ابتلعت، وفارق الجوع العشوائي المتعارض مع مقتضيات العقل والذي قد يدخلك في خانة الذين يمشون على أربع أو الذين يساقون كالقطيع إلى الهاوية.
وأخيرا أن تحج إلى أجمل مكان في مدينتك أو في بلدة مقامك مشيا على الأقدام، مرة في الأسبوع أو متى استطعت إلى ذلك سبيلا، ففي ذلك تقوية لجسمك وتنشيط لخلايا عقلك، وتذكير لك بجمال الحياة وطردا لما يمكن أن تزرعه مواقف الحياة اليومية من ضغط وسوداوية في دواخلك.
قبل الختام أخبرك أني لست نبيا ولا مصلحا ولا فيلسوفا، وبناء على هذا فإني لا ألزمك بأي شيء مما كتبت، كما أرجوك أن تبول على ما قرأت من مكتوبي وترسم لنفسك طريقا على مقاسك، فهذا مقاسي أنا وقد لا يناسبك.
وامض قدما يا ولدي خفيف الظل ودع الأحمال.



#أبوبكر_المساوي (هاشتاغ)       Aboubakr_El_Moussaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصية السِّي مّوح المحترم
- الزحام
- خاطرة
- الرغبة واللذة
- الخوف
- الشيزوفرينية
- الحرية
- مثل ديك على حبل
- الغثيان والاشمئزاز والتقزز
- أجيال في الوحل
- جلد الذات
- عقدة الذنب عندنا
- -النحن- و -الأنا- و الفعل و رد الفعل
- الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية
- التبن والشعير والحمير


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يوافق على عفو وتخفيف عقوبة أكثر من 3 آ ...
- الإخوان في سوريا.. بين محاولات التسلل وحتمية الإقصاء
- عراقجي: موقف ايران واضح من السلاح النووي وفتوى القائد حسمت ا ...
- قائد الثورة الاسلامية يعين الشيخ نعيم قاسم ممثلا لسماحته في ...
- وفاة الزعيم الروحي لطائفة الإسماعيليين النزاريين حول العالم ...
- مليارديرة يهودية تكشف تفاصيل ضغوط ترامب على نتنياهو
- عراقجي: الجمهورية الاسلامية اوفت بدورها في دعم المقاومة
- كيف يُعاد تشكيل صورة الإسلام في أوروبا؟
- -دجال فاشل-.. خبير مصري يرد على حاخام يهودي متشدد
- حاخام يهودي متشدد: ندعو الله أن تتلقى مصر ضربة قوية قريبا


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أبوبكر المساوي - خفيف الظل