|
في العراق –رعاية صحية هاي –تك ناقص رعاية صحية
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 08:04
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
مترجم CorpWatch - Pratap Chatterjee قافلة الشاحنات التابعة لشركة عالمية للنقل والمحمّلة بالتجهيزات الطبية الثمينة (حاضنات الأطفال وأجهزة التحاليل وغيرها ) والتي انطلقت من مطار بغداد الدولي شمالاً وغرباً في الربيع الماضي والتي تم إرسالها للعراق لتقوية النظام الصحي فيه تم توجيهها لتفريغ حمولتها في مخزن في ابو غريب بدل تسليمها لمئة وخمسين من المراكز الصحية الأولية كما خطّط سابقاً. وقد وصلت بعض هذه التجهيزات تالفة للمخزن المملوك لشركة كويتية وهذا ليس كل شيء ذلك أن قفصاً واحداً من كل 14 قفص في الشاحنات قد اختفى. واستناداً إلى وثائق التسليم فإن النقل البحري كان سليماً غير أن المدققين العسكريين حسبوا بعد ذلك أن 46% من التجهيزات الطبية وقيمتها 70 مليون دولار قد فقدت أو تلفت أو تحتوي على صناديق أسماؤها مغلوطة أو لا تحمل أسماء قط . وهذه ليست جميع المشكلة فقط فقبل ثلاثة أسابيع من تسليم الأجهزة في أبو غريب ألغت الشركة الهندسية التابعة للجيش الأمريكي عقوداً لبناء 130 مركزاً صحياً من المراكز المئة والخمسين والتي أرسلت المعدات لها . وبالتالي فإن التجهيزات الطبية التي كان من المفترض أن تساعد في تشخيص وعلاج المرضى العراقيين ( بما فيها الإصابات الناتجة عن الحرب هناك ) تنتظر الآن في المخازن حتى يقرر أحد ما ماذا يفعل بها . وعندما تصل هذه التجهيزات إلى المستشفيات أو العيادات بالطرق البيروقراطية فإن هناك نقصاُ في التدريب على تشغيلها وخاصة خارج المدن الرئيسية مما سيقلل من فائدتها فالشركة الأمريكية التي اشترطت 15 يوم تدريبي في العقد تم تخفيضه إلى عشرة أيام ثم ثلاثة وقد فقد موظفو وزارة الصحة العراقية الأمل في إجراء أي تدريب على هذه الأجهزة الحديثة . لكن إذا فشل العراقيون في الاستفادة من هذه المراكز الصحية النموذجية فإن عقد ال 70 مليون دولار المخصصة لتجهيزها كان طلقة في اليد لشركة بارسون (Parsons) هذه الشركة ومقرها كاليفورنيا ربحت 3.3 مليون دولار كما جاء في تقرير أعدّه محقق خاص لوكالة حكومية امريكية مستقلة تحقق في مشاريع إعادة إعمار العراق إضافة إلى 186 مليون دولار من دافعي الضرائب تم دفعها للشركة لبناء عشرات العيادات في العراق . بينما بقيت البنايات الجديدة غير مكتملة والتجهيزات التي كلّفت ملايين الدولارات مخزنة وعليها قفل ومفتاح فإن اكثر الاطباء العراقيين في المستشفيات الموجودة اصلاً يقومون بإجراء العمليات الجراحية بدون أدوات ومواد للتعقيم وهناك نقص حاد في الخدمات التمريضية . هذا الفشل في التخطيط والأموال المفقودة هو علامة مميزة للخدمات الصحية في العراق في السنوات الثلاثة الأخيرة واليوم تواجه البلد أزمة صحية يقول العديدون أنها أكثر حدّة مما كان سنوات الحصار . ويزيد من حدّة هذه الأزمة العنف الذي ينتج عنه شلالاً من الإصابات الخطيرة المستمرة . مستشفى واحد – قصتان – بينما تحاول القوات العراقية والأمريكية السيطرة على منطقة القادسية يقاوم المدنيون العراقيون في الديوانية للحصول على خدمات صحية أساسية للبقاء على قيد الحياة . تقع الديوانية في قلب أرض زراعية غنية على نهر الفرات وعلى الخط الرئيسي الذي يربط بغداد بالبصرة مما يؤهلها لتكون مركزاً تجارياً لكن الحرب جعلت هذا الموقع وبالاً عليها . لقد كشفت حالة الخدمات الصحية أثر الاحتلال ويبلغ عدد سكان المدينة مليون نسمة وفيها مستشفى واحد كان من المفترض أن تجهزه شركة بارسون اضافة الى 17 مستشفى آخر ضمن خطة اعمار العراق بعقد قيمته 4 مليون دولار لقد كتب في موقع الشركة الالكتروني في العام 2005 أن عملها سيجعل من هذه المستشفيات عالمية المعايير . وفي هذا الصيف قدّم الطبيب والصحفي العراقي علي فاضل وصفاً مختلفاً أمام لجنة الكونغريس عن مستشفى الديوانية . (أوّد القول أن شركة بارسون تتحمل المسؤولية الرئيسة على النوعية الرديئة للعمل إضافة الى آخرين لاحظوا وقيّموا العمل بشركات عراقية محلية انهم مكتب العقود في الديوانية والشركة الهندسية التابعة للجيش الامريكي ) قبل عام وفي مقالة نشرتها الشركة الهندسية للجيش الامريكي وصف مستشفى الديوانية كمثال على فرح العراقيين المحليين بعمليات إعادة اعمار العراق وقال احد اعضاء الشركة في اركنساس ان احد الشيوخ قبّل أقدام جندي أمريكي للتعبير عن تقديره لهم . لكن بعد اشهر من ظهور المقالة أخذ الطبيب علي فاضل كاميرته الى المستشفى حيث صوّر التوأمين بعمر يومين عباس وزهرة اللذين كانا يصارعان الموت في المستشفى الذي تنقصه الأجهزة والأدوية اللازمة لهما . زهرة في حالة سيئة والعراق يخسر البلايين كتب الدكتور فاضل إنها تحتاج أدوية وأجهزة لمساعدتها على التنفس والمستشفى لا يوجد به وذهب والدها الى البلدة يشتري لها فيتامين K من السوق السوداء وقد تدهورت حالة زهرة وعباس وماتا أثناء عمل الدكتور فاضل . كيف بقيت المستشفيات تفتقد الأجهزة الطبية الأساسية بعد ثلاثة أعوام من الاحتلال وبعد صرف بلايين الدولارات لم تجب بارسون على هذا السؤال وغيره الذي وجهته CorpWatch ولم تسال بارسون طاقم المستشفى عن احتياجاته رغم عملها عن قرب معه ومع وزارة الصحة وهذا قاد إلى تجهيز عشوائي وتحسّن قليل على فاعلية المستشفى وقدرته على تدّبر النمو في عدد المرضى . من هذه الأموال دفعت بارسون مليون دولار لمتعاقد لبناني للحفاظ على الأمن وخدمات التنظيف في المستشفى ومن النتائج المرئية لذلك شريط سميك من الأسلاك على جدار وبعض خدمات التنظيف الأساسية . لكن كما أظهر فيلم فاضل فما زال المستشفى بحالة مزرية رغم صرف 4 ملايين دولار . قلة في عدد العاملين ونوعية عمل سيء ولا يستطيع الطاقم الطبي والصحي الوصول للمستشفى لفترات طويلة وظروف خطيرة يعيش بها المرضى . وأشارت الوثائق الإحصائية في المستشفى إلى زيادة في عدد وفيات الأطفال منذ بدء إعادة اعمار المستشفى ويشكو الأطباء من الازدحام الناتج عن قلة عدد الأسرّة وزيادة عدد المرضى في العام الماضي . متعاقد محلي لبارسون قام بترقيع سطح المستشفى المتهالك والذي ما زال يرشح ليسبب تلفاً في السقف والأرضيات والجدران وعمليات الدهان تلفت والماء تحت الدهان يسمح بنمو العفن . الحمّامات تكسّرت والإضاءة غير جيدة المصابيح تالفة وأغطية المصابيح البلاستيكية منصهرة . قال فاضل أيضا أن بارسون عملت مع شركتين عراقيتين الأولى مصنع للاكسجين والأخرى للمولدات لكنها لم تدرب الطاقم الصحي على استخدامها أو صيانتها والنتيجة : المولدات لا تعمل الآن . أما المشكلة الرئيسة في المستشفى الآن فهي نظام المجاري حيث تم استبدال أنابيب المجاري في الطابق الثاني وتركت الأنابيب ذوات العشرين عام في الطابق الأرضي دون استبدال إن أنابيب المجاري المسدودة الآن تؤدي إلى وصول المياه العادمة إلى غرفة العمليات ومناطق حساسة أخرى في المستشفى . ولم يزوّد المستشفى بمعدّات أساسية يحتاجها كحاضنات الأطفال ومعظم الحاضنات بحالة سيئة مكسّرة وهي من السبعينات يتبع .
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا يسار الشرق الأوسط صلّ على محمد وآل محمد - الى سالم جبران
المزيد.....
-
شاهد.. رئيسة المكسيك تكشف تفاصيل مكالمتها مع ترامب التي أدت
...
-
-لم يتبق لها سوى أيام معدودة للعيش-.. رضيعة نٌقلت من غزة لتل
...
-
وزير الخارجية الأمريكي يتولى إدارة وكالة التنمية الدولية، وت
...
-
شهادات مرضى تناولوا عقار باركنسون -ريكويب-: هوس جنسي وإدمان
...
-
شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة ف
...
-
باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر -إف
...
-
أول رئيس ألماني يزور السعودية: بن سلمان يستقبل شتاينماير
-
لماذا تخشى إسرائيل تسليح الجيش المصري؟
-
-فايننشال تايمز-: بريطانيا تستعد للرد على الولايات المتحدة إ
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر بيانا إثر مغادرته السعودية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|