|
قراءة في كتاب
ذياب فهد الطائي
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 14:01
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
قراءة في كتاب (العراق ...دراسة في المتغيرات السكانية )
الكتاب من تأليف الدكتور هاشم نعمة فياض الصادر عن دار اهوار في بغداد للطباعة والنشر في عام 2025 ،والدكتور نعمة متخصص في الدراسات السكانية والجغرافية وصدرت له مجموعة من الكتب ضمن مفهوم الدراسات السكانية الكتاب موضوع القراءة يتكون من خمسة فصول بأربعمئة صفحة، وجاءت الفصول كما يلي الفصل الأول: نمو السكان في المناطق الحضرية في العراق واثاره الفصل الثاني :العلاقة بين الخصوبة السكانية والمتغيرات الفصل الثالث :اللاجئون العراقيون في أوربا بين اكراهات اللجوء وافاق الاندماج الفصل الرابع :هجرة الكفاءات العراقية ...دراسة تحليلية الفصل الخامس :الهجرة السكانية وحرب الخليج الثانية من مراجعة الفصول التي تضمنها البحث الشامل الذي تناول فيه المؤلف قضايا السكان في العراق، نلحظ إنه المّ بكل الجوانب الأساسية للمسألة السكانية وهذا ما يجعله مرجعا مهما لكل العاملين في خطط ودراسات التنمية المستدامة من المعروف ان علم السكان او الدراسات السكانية هيمن عليه المصطلح الاعم (العلوم الاجتماعية ) الذي ظهر في عام 1650 وكما سبقت الإشارة فان الدراسات السكانية خطوة أساسية وضرورية لعمليات التخطيط وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي تعتمد على الأرقام والبيانات التي من الممكن أن يحصل عليها الشخص من المصادر المختلفة، حيث أن دراسة السكان تنقسم إلى مجموعتين، فالمجموعة الأولى هي مصادر البيانات الثابتة التي تتضمن حجم السكان وكيفية توزيعهم وتركيبهم أيضاً، والمجموعة الثانية هي مصادر بيانات غير ثابتة حيث تتضمن هذه المجموعة الإحصاءات الحيوية وسجلات الهجرة. وبالعودة الى الكتاب فقد تميز بأسلوب علمي يعتمد على الاحصائيات الرسمية المعلنة ويناقش أسس التمايز الذي يجدها متناقضة ويستنتج ان المجتمع العراقي منذ القرن الثالث الهجري الذي بدأت فيه علامات الضعف على مركز الدولة رافقها تنامي قوة العشيرة ،وفي القرن التاسع عشر وبسبب الأفكار التنويرية التي دخلت العراق فقد بدأ مركز الدولة بالهيمنة وتراجع النظام العشائري ،وهنا اجدني ملزما بإبداء التحفظ على هذا الاستنتاج المنسوب الى حنا بطاطو،اذ كل المعاصرين للنظام الملكي في العراق يعلمون ان قانون العشائر كان معترفا به رسميا حتى اعلان الجمهورية عام 1958 ،كما كانت العشائر القوية في جغرافية العراق لا تعير اهتماما للقوانين السائدة والمعلنة وكانت الإحصاءات المقدمة في الفصل الأول متنوعة ودقيقة تساعد الباحثين على تلمس اتجاهات الحركة السكانية واسبابها مما يساعد في تحديد أساليب وطرق المعالجة اما الفصل الثاني فقد كرس للبحث في الخصوبة لأنها جوهر البحث في النمو السكاني وعلى أساس ان معدلات الخصوبة عاملا مهما في الديناميكيات السكانية، ولا تعكس فقط عدد الأطفال الّذين يولدون ، بل تعكس أيضا الهياكل الصحية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع. وتلعب العوامل الاجتماعية والاقتصادية، بدءاً من الثروة الفردية إلى السياسات الوطنية ومن اجل الوصول الى نتائج واقعية قام المؤلف باتباع أسلوب التحليل الاحصائي ولهذا اعتمد أساسا على الإحصاء الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الذي أشار الى ان عدد سكان العراق في عام1934 كان بحدود 3 مليون وثلاثمئة واربع وثلاثين نسمة اما في عام 2022 فقد بلغ سكان العراق 42 مليونا و348 نسمة ، وجاء في الإحصائية ان أعلى معدل نمو كان في عام 1975 حيث بلغ 3،3 % ويشير التقرير الى ان معدل الوفيات كان متذبذبا واعلى معدلاته كانت في ما بين عامي2005 -2010 ويذكر المؤلف ، ان سبب ذلك (تأثيرات الخسائر البشرية الناجمة عن احتلال العراق) ،ويمكن أن نشير هنا الى الفترة بين 2005 و2010 قد شهد فيها العراق نشاطا إرهابيا واسعا داخل المدن العراقية خلف عشرات الاف من الضحايا ويخلص الباحث الدكتور هاشم الى انخفاض خصوبة المرأة العراقية في العقود الأخيرة وتباين مستوياتها ،ورغم ان البحث كان واسعا وشاملا ويستند على إحصاءات رسمية متنوعة ،فهو في تقديره يرى الى ان متغير الخصوبة في حاجة لمزيد من البحث
وفي الفصل الثالث ينتقل الدكتور هاشم الى موضوع اللاجئين العراقيين متحدثا عن أنواع الهجرة واسبابها معززا بحثة بجداول إحصائية مختلفة المصادر ومستعرضا اعداد اللاجئين في مختلف انحاء العالم ويذكر الدكتور هاشم ان دول الاتحاد الأوربي قد منحت حالة الحماية ل 710400 طلب لجوء في عام 2016وكان نصيب العراقيين 9% من المجموع وبهذا كان العراق ثاني اكبر مجموعة استفادت من هذه الحماية من المعروف ان الهجرة العراقية بدأت على نطاق واسع في سبعينات القرن الماضي حينما نشب القتال بين الحكومة العراقية والحركة الكردية ثم توسع بعملية ابعاد الكرد الفيليين بحجة التبعية الإيرانية وبعدها تأثير الحرب العراقية الإيرانية وأخيرا عملية غزو العراق والدمار الذي تعرضت له البنية التحتية للاقتصاد العراقي ويشير الدكتور هاشم الى انه بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن العراقيين هم اكثر اللاجئين تشتتا في العالم ويتوزعون على 80 بلدا ،كما يشير الى الهجرة المغادرة من هولندا بالنسبة للعراقيين كانت اعلى من الهجرة الوافدة خلال فترتين ، الأولى 2005 -2996 والثانية في 2012-2013 ولكن دون تفسير لهذه الحالة وأخيرا يؤشر الدكتور هاشم الى ان اندماج العراقيين بالمجتمع الهولندي يعود الى التباين الثقافي والحضاري والديني ويعزو هذا الضعف الى: 1-العنصرية والاحكام المسبقة وقلة التفهم لدى قطاعات من الهولنديين 2-ضعف اجادة اللغة الهولندية 3-صعود اليمين المتطرف وخصص الفصل الرابع لموضوع هجرة الكفاءات العراقية، وأوضح المقصود بالكفاءات العراقية بانه مصطلح يتعلق بنزوح حملة الشهادات الجامعية ،العلمية والتقنية ، كالأطباء والمهندسين والعلماء والتكنولوجيين والباحثين والممرضات والاختصاصيات والمتخصصين في مختلف العلوم والآداب ويذكر الدكتور هاشم ان العراق يقع في اخر القائمة الخاصة بأعداد الطلاب العرب المغادرين من اجل الدراسة خلال الفترة 2004-2013 وفي تعداد 1957 بلغ عدد العراقيين المسجلين في الخارج 40984 وجاء في إحصاء 1965 ان عدد العراقيين في الكويت بلغ 29893 ومن المتفق عليه تضرر العراق كثيرا من فقده لكفاءاته والحيلولة دون عودتهم، ويعد من أكثر دول العالم تضرراً من ذلك، وصدر أول قانون للكفاءات رقم 154 لسنة 1975 وقدم لهم امتيازات عديدة، وعاد الكثير منهم، إلا أن العدد الأكبر لم يعد والذين عادوا إلى وطنهم تعرضوا للمضايقات السياسية، إضافة إلى الحروب التي حصلت في الثمانينيات والتسعينيات والتي عقدت الحياة وأجبرت الكثير من الكفاءات على مغادرة العراق ويحدد الدكتور هاشم المقترحات لعودة الكفاءات العراقية بثلاثة عشر مقترحا تصدّره إرساء دعائم الامن والنظام وختمها بإصلاح نظام التعليم باستقلال المؤسسات الاكاديمية وتحررها من الضغوط الاقتصادية . أن الوضع السياسي العام السائد في المرحلة الحالية منشغلاً بالمصالح الشخصية والولاءات الحزبية والمناطقية. وان أصحاب الكفاءات والخبرات العلمية، بعيدون عن هذه الممارسات ويشعرون بالغربة والعزلة وهم في وطنهم. ويذكر الدكتور سعد جبار السوداني ((وليس هناك من ينكر أن التعيينات والمسؤوليات والمواقع الإدارية تتحكم فيها المحسوبية والولاءات والوساطات والرشوة، ولهذا انحدر المجتمع نحو الرذيلة والفساد الإداري والمالي، لعدم وجود عقوبات صارمة تجاه الخارجين على القانون والقيم الأخلاقية. وهذا يتعارض مع النصوص الدستورية التي نص عليها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 م، التي أكدت بشكل صريح وقاطع حق العراقيين في المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وسنثبت بعض النصوص الدستورية نصت المادة 13رمن الدستور على ما يلي " (لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني أخر يتعارض معه)). ونصت المادة (14) على (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي)، ونصت المادة (19)/سادساً في الدستور (لكل فرد الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية والإدارية). اما الفصل الخامس فقد كرّسه الدكتور هاشم لموضوع متخصص في الهجرة السكانية وحرب الخليج الثانية رؤية في انماطها وتأثيراتها ، ان المقصود بحرب الخليج الثانية هي عملية غزو الكويت وما نتج عنها من تدخل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها في حرب تحرير الكويت وما خلفته تلك الحرب على الوضع العام في العراق، كما يجري تسميتها (عاصفة الصحراء) ويشير الدكتور هاشم ان اول تلك الاثار تجلت في نزوح يمكن تقديره بحوالي من 4 الى 5 مليون في 2اب 1990 والاثر الثاني والمهم أيضا هو اشتعال الانتفاضة في اذار 1991 الذي وفرض العقوبات الاقتصادية الصارمة على العراق . والاثر الثالث هو عملية نزوح القوى العاملة العربية والاسيوية العاملة في العراق قبل الغزو ، في بداية الحرب كان عدد النازحين حوالي 100000 نازح وهذا بسبب قيام السلطات العراقية بغلق الحدود مع كل من تركيا وسوريا وتحديد الحركة الى الأردن وايران ولكن الموجة الثالثة من عملية النزوح كانت بعد انتفاضة اذار 1991 فقد نزح من إقليم كردستان حوالي 2 مليون نحو الحدود التركية والإيرانية او نحو الجبال ولمساعدة الكرد في العراق ، أسس الحلفاء ملاذا آمنا في المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال العراق ، وقامت الطائرات الحربية المتحالفة بدوريات في مناطق “حظر الطيران” في شمال وجنوب العراق والتي كانت خارج الحدود المسموح بها للطائرات العراقية ، و علاوة على ذلك ، من أجل كبح جماح العدوان العراقي المستقبلي ، طبقت الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية ضد العراق مما أدى إلى عرقلة تقدم أكثر برامج الأسلحة فتكًا ، بما في ذلك برامج تطوير الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية في نيسان 2007، كان هناك تقدير أكثر من 4 ملايين لاجئ عراقي في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مليون وتسعمئة ألف عراقي، في دول الشرق الأوسط المجاورة، . قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين إن النزوح العراقي الحالي هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط منذ النزوح الفلسطيني عام 1948 ) Institute for the Study of International Migration(
إن ما قدمه الدكتور هاشم نعمة في كتابه القيم والمهم بصفحاته الاربعمئة يجعله يسد فراغا كبيرا في حجم الدراسات التي تتعلق بخطط ومسارات التنمية المستدامة في العراق وهو مرجع في هذا الصدد لابد منه لكل من يرغب في البحث في المتغيرات السكانية واثرها على الاقتصاد العراقي وعلى المتغيرات الاجتماعية والتعليمية ومما يعطي البحث أهمية علمية وأكاديمية استخدام الدكتور هاشم أسلوب التحليل العلمي والتحليل المقارن واعتماده المباشر على ما هو متوفر من إحصاءات لابد منها لعرض حركة وميكانيكية تلك المتغيرات هذا فضلا عن ان الدراسة جاءت شاملة لمفاهيم الهجرة السكانية وتنويعاتها
#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
. الممهدات الاجتماعية والسياسية والفكرية لولادة الحزب- الحزب
...
-
الرجل الذي نظر الى قدميه
-
شيئ قد لايكون حقيقة
-
رؤية مختلطة
-
حالة
-
نص
-
ذكرى ليست قريبة
-
ضوء / رواية
-
الهروب الى الغرق
-
ضوء /رواية .......1992.......الهجرة الى اوربا
-
ضوء / رواية ....التغريب 1984
-
حين ينتفض النهر
-
من الصحافة اليسارية في العراق /صحيفة العامل
-
في الكتابة عن الصحافة اليسارية
-
ضوء /رواية ..1974 ..في المعتقل مرة ثانية
-
ضوء / رواية ...العودة
-
الحب هو السحر
-
ضوء..... رواية / الفصل السادس
-
تجليات الغربة
-
ضوء /رواية /الفصل الخامس
المزيد.....
-
ضربات -تركية- على نفق أسلحة لقوات سوريا الديمقراطية.. ما حقي
...
-
مصدر مصري لـCNN: السلطة الفلسطينية تستعيد إدارة معبر رفح.. و
...
-
12 سؤالا للحفاظ على صحة دماغك طوال الحياة
-
سوريا: مقتل 15 في انفجار سيارة مفخخة في منبج
-
مقتل مؤسس كتيبة المتطوعين في جمهورية دونيتسك بانفجار في مبنى
...
-
البحرين.. عبد العاطي يؤكد التزام مصر بأمن الخليج
-
طريقة رصد المناطق المحمومة في العالم
-
سقوط سيارات من فوق جسر في تركيا
-
صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
-
إيران ترسل 4 سفن حربية إلى الإمارات لمناورات مشتركة
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|