محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 09:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المجتمع الجزائري، مثل الكثير من الشعوب، عالق في قفص الجهل المقدس، حيث تُقدَّس النصوص بدلاً من أن تُفهم، ويُعطى الماضي سلطة مطلقة على الحاضر، ويُختزل الدين في طقوس وشعارات، بدلاً من أن يُنظر إليه كتجربة إنسانية تهدف إلى السمو الأخلاقي والمعرفي.
شبابنا، رغم ما يملكه من طاقة وحيوية، فإنهم يُسجنون في دوائر من الخرافة والتخلف، محاصرين بخطاب يقدّس الجمود ويزرع فيهم الخوف من التفكير الحر. البؤس الفكري ليس مجرد نتيجة للفقر المادي، بل هو مشروع متكامل لضمان استمرار السيطرة على العقول، لأن العقول الحرة هي الخطر الأكبر على كل سلطة تريد شعبًا خانعًا وسهل الانقياد.
الظلام الفكري، مهما بدا متجذرًا في العقول والقلوب، ليس قدرًا محتومًا، بل هو بناء هشّ قائم على الخوف والجهل والتلقين الأعمى. صحيح أن "الدعوشة" ليست مجرد مظاهر عابرة، بل هي منظومة فكرية تمتد جذورها في التربية والتعليم، وفي الخطاب الديني والسياسي، وحتى في الذاكرة الجماعية. لكن لا شيء يدوم عندما يُسْلَط عليه نور العقل والتساؤل، لأن الأفكار القائمة على التلقين لا تصمد أمام قوة النقد والتشكيك، وكل سؤال يُطرح هو معول يهدم جزءًا من هذا الجدار المظلم.
لكن، رغم هذا الظلام، لا يمكننا الاستسلام. الفكر العقلاني ليس ترفًا، بل هو سلاح مقاومة ضد الجهل والتخلف، ضد التلقين الأعمى والخوف المزروع في النفوس. لا نحتاج إلى معجزات، بل إلى يقين بأن التغيير يبدأ بالفكرة، والوعي، ونشر بذور النقد والشك والتساؤل في كل زاوية، حتى في الأماكن التي تبدو محصنة ضد النور. قد لا نرى النتائج فورًا، لأن التغيير الحقيقي يحتاج إلى صبر ونَفَس طويل، لكنه حتمي، لأنه ببساطة يمثل انتصار الحياة على الموت، والنور على الظلام، والعقل على العبودية الفكرية.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟