الروبوتات: بين الخيال العلمي والواقع التقني

أميمة البقالي
(Oumaima Elbakkali)

الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 01:33
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    

لطالما كانت الروبوتات جزءًا من الخيال العلمي، حيث تصورها الكتاب والمخرجون كآلات ذكية تمتلك القدرة على التفكير واتخاذ القرارات مثل البشر. لكن في العقود الأخيرة، تحول هذا الخيال إلى واقع بفضل التقدم الهائل في مجالات الذكاء الاصطناعي، والهندسة الميكانيكية، وعلم الروبوتات. اليوم، تلعب الروبوتات دورًا حيويًا في العديد من المجالات، من التصنيع والطب إلى استكشاف الفضاء وحتى الحياة اليومية. فكيف تطورت الروبوتات عبر التاريخ؟ وما هي أبرز تطبيقاتها وتأثيرها المستقبلي؟

تاريخ تطور الروبوتات

يمكن إرجاع فكرة الروبوتات إلى العصور القديمة، حيث ابتكر الإغريق والرومان آلات ميكانيكية بسيطة. ومع ذلك، بدأ التطور الحقيقي للروبوتات في العصر الحديث، ويمكن تقسيم تاريخها إلى مراحل رئيسية:

1. القرن العشرين: ولادة الروبوتات الصناعية

في عام 1921، صاغ الكاتب التشيكي كارل تشابك مصطلح "روبوت" في مسرحيته R.U.R (Rossum’s Universal Robots)، حيث تصور الآلات على أنها عمال اصطناعيون.

في الخمسينيات، بدأ العلماء في تطوير روبوتات حقيقية، وكان أول روبوت صناعي عملي هو يونيميت، الذي اخترعته شركة "يونيميشن" عام 1961 واستخدم في مصانع السيارات.



2. السبعينيات والثمانينيات: التوسع في الصناعات

بدأت الشركات الكبرى، مثل ABB وFanuc، في تصنيع روبوتات متطورة يمكنها تنفيذ مهام متعددة، مثل اللحام والتجميع في خطوط الإنتاج.

في عام 1986، طورت شركة هوندا نموذجًا أوليًا لروبوت بشري الشكل، والذي تطور لاحقًا إلى الروبوت الشهير أسيمو.



3. التسعينيات وما بعد الألفية: الذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية

ظهرت روبوتات قادرة على التعلم والتفاعل مع البشر، مثل AIBO، كلب الروبوت من سوني.

مع تطور الذكاء الاصطناعي، ظهرت روبوتات مثل سوفيا، التي طورتها شركة Hanson Robotics، وهي قادرة على التحدث والتفاعل مع البشر بطريقة طبيعية.




أنواع الروبوتات وتطبيقاتها

تتنوع الروبوتات اليوم بشكل كبير، ويتم استخدامها في مختلف المجالات:

1. الروبوتات الصناعية

تُستخدم في المصانع لأداء المهام المتكررة مثل التجميع، واللحام، وطلاء السيارات.

توفر هذه الروبوتات الدقة والسرعة، مما يزيد من كفاءة الإنتاج.



2. الروبوتات الطبية

تُستخدم في العمليات الجراحية الدقيقة، مثل روبوت دافنشي الذي يساعد الجراحين على إجراء عمليات معقدة بأقل تدخل جراحي.

تُستخدم أيضًا في إعادة التأهيل، حيث تساعد المرضى على المشي مجددًا بعد إصابات الحبل الشوكي.



3. الروبوتات الخدمية

تشمل روبوتات التنظيف مثل Roomba، وروبوتات المساعدة المنزلية مثل Amazon Astro.

تُستخدم أيضًا في الفنادق والمطاعم لخدمة الزبائن.



4. روبوتات الاستكشاف

تُستخدم في استكشاف الفضاء، مثل المركبة بيرسيفيرانس التي أرسلتها ناسا إلى المريخ.

تُستخدم أيضًا في استكشاف أعماق البحار، حيث يمكنها الوصول إلى أماكن لا يستطيع البشر الوصول إليها.



5. الروبوتات العسكرية

تُستخدم في مهام الاستطلاع وإزالة الألغام.

طورت بعض الجيوش روبوتات مسلحة لأغراض الدفاع والهجوم.



الروبوتات والذكاء الاصطناعي: نحو مستقبل أكثر تطورًا

بفضل التطورات في الذكاء الاصطناعي، أصبحت الروبوتات اليوم قادرة على التعلم والتكيف مع البيئات المختلفة. تقنيات مثل التعلم العميق (Deep Learning) والرؤية الحاسوبية جعلت الروبوتات أكثر ذكاءً واستقلالية. ومن أبرز التطبيقات المستقبلية:

الروبوتات ذاتية القيادة: مثل السيارات ذاتية القيادة التي تعمل على تقليل الحوادث وزيادة كفاءة التنقل.

الروبوتات الاجتماعية: مثل الروبوتات التي تساعد كبار السن وتوفر لهم الرعاية الصحية والنفسية.

الروبوتات النانوية: التي يمكن أن تعمل داخل جسم الإنسان لعلاج الأمراض مثل السرطان.


التحديات والمخاوف المستقبلية

على الرغم من الفوائد العديدة للروبوتات، إلا أن هناك بعض المخاوف المرتبطة بتطورها:

1. فقدان الوظائف: قد تؤدي الأتمتة إلى تقليل عدد الوظائف المتاحة للبشر، خاصة في القطاعات الصناعية والخدمية.


2. الأخلاقيات والمسؤولية: هل يمكن تحميل الروبوتات مسؤولية قراراتها؟ وكيف يمكن التحكم بها لمنع إساءة استخدامها؟


3. الأمان والخصوصية: مع تزايد استخدام الروبوتات، تزداد المخاوف بشأن الأمان السيبراني وإمكانية اختراق الأنظمة الذكية.



الروبوتات ليست مجرد أدوات ميكانيكية، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. وبينما تستمر في التطور، يبقى السؤال المطروح: كيف يمكننا تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة وضمان استخدامها بطريقة مسؤولة تخدم البشرية؟ المستقبل يحمل الكثير من الفرص والتحديات، والروبوتات بلا شك ستكون عنصرًا أساسيًا فيه.

#أميمة_البقالي (هاشتاغ)       Oumaima_Elbakkali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات