أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال علي الحلاق - العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة















المزيد.....

العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 541 - 2003 / 7 / 12 - 08:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


                     

في اليوم الذي يتم التخلّص فيه من شجرة النّسب سنكون أحرارا .

***
لم يخلق الإنسان سجنا لنفسه أضيّق وأقتل من النّسب ، وإذا ما كان هذا السجن في البداية بذرة صغيرة ، فإنه بفعل الدين والسياسة تحوّل الى شجرة هائلة ، حجبت كلّ السماوات ، حتى أصبح من العسير معرفة لون سماء .

***
ها نحن في الألف الثالث بعد الميلاد ، وفي الألف السادس بعد الكتابة ، وفي الألف العاشر بعد الوعي ، نصلب أعمارنا على أخشاب مفاهيم عفنة .
نحتاج الى تفجير العقلية بأكملها ، التخلّص من كلّ ما ورثناه ، نزع جلودنا محاولة في اكتشاف العالم . العالم الذي لا نعرف منه إلا صلتنا بآبائنا ، والمقربين إليهم ، كما لو أننا في جبّ القرابة من الولادة الى الموت .

***
" فلننسف
هذا الصدأ المتراكم
فوق جلودنا
الذي أغلق مسامات اتصالنا
بالعالم الحقيقي
عالم ما وراء الأسماء والمحددات
عالم البداية الأولى
حيث كلّ شيء
يجري على سجيته
يمثل ذاته
ولا شيء سواها
حيث أصابع الكلّ بريئة
من العار  "

***
الأنساب فخ كبير ، خلقته عناصر كثيرة ، وتبنّته فئات كثيرة أيضا ، وضحيته دائما الإنسان المفكّر ، الايثاري ، الخارج على القطيع ، الذي يرى ، ويحاول حدّ الموت أن يجعل الآخرين في مدار الرؤيا .

***
فتحت عيني فرأيت الأديان تمتدّ الى قاع العالم .
ورأيت العروش تمتدّ الى قاع العالم .
ورأيت الفقراء المظلومين يمتدّون الى قاع العالم .
ومن القاع ، من هناك جدا . تمطر علينا سحب التخلّف أحمالها.
من القاع ، تحجب المفاهيم البائسة عنا السماوات .
من القاع ، تتسلّق حياتنا نباتات نتنة ، تملأ عالمنا بالعفن .

***

لماذا ونحن على قمّة الألف العاشر بعد الوعي ، نبدو كما لو أننا في القاع ، بينما يترسّب فوق أيامنا كلّ تفسّخ الماضي ؟‍
لماذا والولادة خروج ، ندخل في جمجمة تهرأت جدرانها منذ قرون ؟

***

كما لو أن العالم الإنساني مقسّم الى ثلاثة عوائل تحديدا
1- عائلة لا تلد إلا أنبياء وأوصياء. 
2- عائلة لا تلد إلا ملوكا وحكاما . كانت ولا تزال جمهورياتنا ملكية . لا يجوز اعتبار الحكم التكريتي في العراق حكما جمهوريا، لقد كان إنموذجا سيئا للنظام العائلتي في العالم .
3- عائلة لا تلد إلا  فقراء ، مظلومين ، سبايا .

فلا يخرج من أرحام المظلومين حاكم ، ولو صدفة . أو نبّي يتسلّق أسوار العائلة الأولى . ولا يعترف بنبّي إن لم يكن سليل أنبياء ، ولا يعترف بملك إن لم يكن سليل ملوك ، وكفى بالفقير شهيدا على نفسه كي يكون من المظلومين .
كما لو أن العالم ولد في بيوت ثلاثة ، وعليه أن يحيا فيها ، وأن يموت فيها الى النهاية ، فلا سلام عليه يوم ولد ، ويوم يحيا ، ويوم يموت أبدا .

***
لا يجوز المساس بعائلة النبّي . عائلة مقدسة من البداية حتى الخاتمة . طاهرة إن قامت وإن قعدت .
ولا يجوز الاقتراب من شرفات العائلة المالكة .
بينما تنتهك سماوات عائلة الفقير ، كما لو أنها عائلة مرجومة من البداية الأولى حتى النهاية الأخيرة .

***
على طول التأريخ ، وفي كلّ الأمم ، عوائل الأنبياء ، وعوائل الملوك ، قراد على جلود الفقراء.
عائلتان مشربّة وجوه أبنائهما بدم الثالثة .

***
عائلة النبّي محميّة بباطن الكلام ، وعائلة الملك محميّة بالعرش ، بينما عائلة الفقير مستباحة بظاهر الكلام والعراء .

***
هكذا كتب لنا رواة التأريخ :
عوائل كاملة مكمّلة معصومة لا تنطق عن الهوى .
وعوائل عادلة متمسّكة بالحق ، والقسط بالميزان . وعوائل غوغاء تحاول تدمير ما عمرته العوائل الأخرى .
بيوت ثلاثة مسيّجة بجبال من نار ، فلا يعبر منها أحد على أحد . رغم التصاقها بعضها ببعض .

***

يولد ابن النبّي وقد زقّ العلم زقّا . وأطفال الأنبياء يوحى لهم وهم في المهد ، وليس بغريب أن يكون نبّي أمة طفلا رضيعا يهديهم سواء السبيل .
ويولد ابن الملك أو الحاكم وفي فمه ملعقة من ذهب . وأطفال الملوك يحكمون وهم رضّع ، أو أجنة في بطون أمهاتهم ، وليس بنشاز أن يحكم أمة جنين لم يولد بعد .
بينما يولد ابن المظلوم سجينا .
 
***
بينما يتسلّق الفقراء جبال الهمّ ، يتزلّج الملوك على جبال الهملايا .

***

عائلة تملك حكم السماء .
وعائلة تملك حكم الأرض .
وعائلة محكومة من السماء والأرض .

***

ولأن السياسة ضرب من الثعلبة ، والنفاق ، والرياء ، والمداهنة ، والمراوغة ، والاحتيال ، والازدواجية ، و ، و ، و ، وكلّ ما يمكن ان تنجب هذه الدلالات ومقارباتها ، اقول : لكلّ هذا الضرب تقترب العائلة التي تملك حكم السماء من العائلة التي تملك حكم الأرض ، في اتحاد ، أو اجتماع ، أو إإتلاف ، أو تحالف حتى تبدوان متممة إحداهما للأخرى .
وتظل عائلة الفقير ، والمظلوم ، معزولة تنتظر حكم تحالف يتسلّق أكتاف أبنائها أيضا .

***
وبالتأكيد فان العائلة تختلف من دولة الى أخرى ، ومن مجتمع الى آخر ، ومن تقاليد الى أخرى ، ومن أعراف الى أخرى ، فقد يكون الملك شيخ عشيرة ، وقد يكون النبّي سليل كاهن أو قارئ فنجان ، شيء له علاقة بالماوراء ، ويكون الفقراء ما تبقى من العشيرة .

***
حين يكون العالم الإنساني قائما على مفهوم العائلتية ، فان الإنسان فيه اكثر انتسابا والتصاقا بالحيوان ، فالعائلة الحيوانية لا تلد إلا توائم متطابقين ، هكذا تكرر العائلة الحيوانية ذاتها من البداية الى النهاية . الحمار يلد حمارا ، والأرنب يلد أرنبا ، والفأر فأرا .
العائلتية نظام حيواني لا يتأقلم مع الفكر الحر المنفتح ، ولا يحبذ الخروج على المفاهيم الإسمنتية الجاهزة ، لذا يتقوقع في خرم إبرة ، كي يحارب الحياة ، ولا أظننا نحن العراقيين ننسى - أو نتناسى - الحكم العائلتي الذي أنجب لنا كلّ هذا الخراب .

***

والآن ، بعد كلّ هذه المفارقات ، بعد كلّ هذا البؤس ، بعد عمر تم استهلاكه في مفاهيم تافهة ، أقول بعد كلّ هذا ، يحق للفقير أن يكتسي ، يحق له أن يشارك الآخرين امتيازاتهم ، يحق له أن يقف معهم على أرض واحدة ، يحق له ما يحق للآخرين ، أن يتنبأ ، وأن يكون ملكا أيضا ، أن يحكم نفسه بنفسه .
ينبغي التخلّص من شجرة النّسب ، سأنحني لأبي ، لكنني لن أنتسب لغير ذاتي .

***
الذاتية انتماء للإنسانية ، للأكثر انفتاحا .
الذاتية انتماء للكلّ ، للوردة وعطرها ، للعين وما ترى .
الذات اقتراب من الجمهور ، ومن جمهورية الحكم أيضا ، جمهورية يقودها إفراز الوعي لا النّسب ، فعلى الجميع أن ينتبهوا للذات أولا ، هكذا يكون الفرد ابن الإنسان ، لا ابن العائلة . هكذا فقط ، نقترب من الحياة الحقّة ، لا المغلّفة بأكياس تمزقت منذ قرون ، أغلفة لا تلد إلا طفيليين ، وانتهازيين ، وسقطة .
 

 



#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فايروس حق الاعتراض : الفعل هو الكلام حتى لا يتجرأ أحد على تج ...


المزيد.....




- هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي ...
- هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
- ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
- محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح ...
- إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
- سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
- الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
- تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف ...
- هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
- نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال علي الحلاق - العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة