|
ترامب.. يكافئ مرتكبي محرقة غزة.. بمشروع تطهير عرقي للناجين
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 8240 - 2025 / 2 / 1 - 10:15
المحور:
القضية الفلسطينية
كثف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إخراج مليون ونصف المليون من سكان القطاع من أرضهم بأنه" تطهير عرقي"، هذا هو التوصيف السياسي والقانوني لمخطط ترامب، بمعني أن ترامب يرتكب حتى على صعيد النوايا والإعداد لتنفيذ قراره، ومحاولته فرض إرادته على الدول المستهدفة باستقبال الفلسطينيين، في ظل رفضها ذلك، هو شروع مادي في ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، ومع سبق الإصرار والترصد.
سلوك عدواني أصيل وهذا السلوك الأمريكي يعكس حالة الاستعلاء والشعور بفرط القوة، التي تسكن العقل السياسي والثقافي الأمريكي، دون النظر إلى رأي الآخرين، حتى وصل الأمر حد الوقاحة، عندما يقول الرئيس المريكي ردا على رفض مصر والأردن المشاركة في جريمته، عن اعتقاده بأن مصر والأردن ستقبلان النازحين من غزة، وأكد عندما سُئل عن إمكانية اتخاذ إجراءات ضد مصر والأردن، مثل فرض تعرفات جمركية لإجبارهما على استقبال سكان قطاع غزة، رد الرئيس الأمريكي في تهديد واضح بقوله: "سيفعلان ذلك.. نفعل الكثير لأجلهم، وسيفعلون ذلك". في عملية ابتزار مفضوحة، تمثل حد الإكراه، إذا ما ربطناها بالمساعدات التي تقدمها واشنطن لكل من القاهرة وعمان، وهي تريد منهما أن يشاركاها في جريمتها بصرف النظر عن مدى تأثير ذلك، على وضع أنظمتهما، وربما تفجر أوضاعهما الداخلية جراء ذلك. وفي سياق اعتبار أن أهل غزة هم المشكلة، وأن ترامب يريد حلها لصالح الكيان الصهيوني، ومن ثم رفض مصر والأردن نوايا ترامب الإجرامية، ألقى آدم بوهلر مستشار الرئيس الأميركي الخاص لشؤون الرهائن، الكرة في مرمى القاهرة وعمان،بمنتهى العجرفة والوقاحة، بأن على الدولتين في حال رفضهما قرار ترامب أن تقترحا حلا بديلا تعتقدان أنه سيكون أفضل إذا لم ترغبا في استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة.
غلاف إنساني كاذب ومن أجل تغليف قرار ترامب بأبعاد إنسانية لخدمة أهل غزة، وليس في كونه جريمة تطهير عرقي موصوفة، قال مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف الذي أمضى يوم الأربعاء في قطاع غزة لتفقد الوضع من الأرض ومن الجو، إن ”الناس يتجهون شمالًا للعودة إلى منازلهم ويرون ما حدث ويعودون أدراجهم ويغادرون... لا يوجد ماء ولا كهرباء. إنه لأمر مذهل حجم الدمار الذي حدث هناك.“ وأن الدمار هائل وأن غزة ”غير صالحة للسكن“. ”لم يتبق شيء قائم. العديد من الذخائر غير المنفجرة. ليس من الآمن السير هناك. إنه أمر خطير للغاية. لم أكن لأعرف ذلك دون أن أذهب إلى هناك وأتفقد المكان“. وأن عملية الهدم ونقل الأنقاض وحدها ستستغرق خمس سنوات. وقد تستغرق عملية تقييم الأثر المحتمل للأنفاق الكثيرة تحت غزة على بناء أساسات جديدة بضع سنوات أخرى. وقال إن عملية إعادة الإعمار نفسها ستستغرق بضع سنوات أخرى. وأضاف ”كان هناك هذا التصور بأننا يمكن أن نصل إلى خطة محكمة لغزة في خمس سنوات. ولكن هذا مستحيل. إنها خطة إعادة إعمار تمتد من 10 إلى 15 سنة“. ولذلك فإن ويتكوف يقدم لترامب، وأيضا للعالم أن هناك مبررا إنسانيا للتطهير..
أبعد من غزة يشير التحركات والتوجهات الأمريكية المعلنة، أن إدارة ترامب تريد أن ترى استمرار وقف إطلاق النار واستقرارا في غزة؛ حتى تتمكن من المضي قدمًا في خططها الطموحة للشرق الأوسط، التي تشمل التوصل إلى اتفاق سلام بين السعودية والكيان الصهيوني، ومحاولة التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. ذلك بهدف خلق واقع جيوسياسي جديد يخدم الرؤية الأمريكية للمنطقة، بأن لا تشكل غزة مستقبلا عائقا أمام هندسة المنطقة بما يخدم تصور الرئيس ترامب، وفي سياق تلك الرؤية يجب تفريغ القطاع من أهله ـ لخدمة الرؤية الأمريكية الصهيونية المشتركة، ودون النظر إلى ما تريده الجهات الرسمية الفلسطينية كونها صاحبة الولاية القانونية على السكان والأرض الذي كفلته الشرعية الدولية، أو حتى رأي سكان غزة المستهدفين بحملة التطهير، فيما العالم يتفرج على هذه النوايا الأمريكية الإجرامية. وفي غياب موقف فلسطيني موحد يتعدى الكلام إلى تأكيد حضور فلسطيني يتجاوز حالة صراع الديكة على من من يدير شؤون غزة المنكوبة، التي باتت الشركات الأمنية الأمريكية وغيرها تعمل في القطاع لملء فراغ وجود سلطة متوافق عليها من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، في ظل رفض أي دور لحركة حماس كسلطة، ورفض الكيان لأي دور للسلطة الفلسطينية الشرعية في إدارة القطاع.
فتح معبر رفح لكن لما كان اتفاق وقف إطلاق النار حاجة أمريكية، ومن أجل تجاوز أهل غزة مأساة المحرقة والحصار، لحاجة واشنطن إلى هدوء في المنطقة من أجل هندستها مجددا، ثم دور ترامب المباشر في إبرام اتفاق إطلاق النارـ كان من الطبيعي أن يعاد فتح معبر رفح بحيث يسمح بدخول المساعدات وترتيب الخروج والدخول للقطاع وفق الآليات التى سبقت مرحلة حكم حماس. وعودة المعبر إلى العمل ستكون بناء على اتفاق 2005 الذي ينظم الدخول والخروج، تحت إشراف أوروبي وأمريكي مباشر، ووجود فلسطيني من منتسبي السلطة، ومراقبة مباشرة من الكيان الصهيوني يتمتع بسلطة الفيتو على الدخول والخروج من القطاع وفق ترتيبات معينة، ومن ثم طي صفحة سيطرة حماس على المعبر، عقب الانقلاب الذي نفذته عام 2007، وكان من نتائجه المباشرة، انسحاب الأطراف الدولية والسلطة الفلسطينية، من المعبر الذي نتج عنه وضع قطاع غزة تحت الحصار الذي استمر سبعة عشر عاما . لكن السؤال هو: متى تكف الإدارة الأمريكية عن استهداف الفلسطينيين، وتحمي الكيان الصهيوني وتجعله فوق القانون، ذلك أنه انطلاقا من قيم الحرية وحقوق الإنسان التي تتشدق بها، أن تنصف الفلسطيني عوض التهجير وكأن لا تكفي مأساة المحرقة التي استمرت أكثر من عام بمشاركة أمريكية، في حين أن لدى هذا الفلسطيني قانون حق العودة رقم 194 الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 11 ديسمبر 1948 الذي قرر حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، وأن يدفع تعويض عن ممتلكات من يختارون عدم العودة وعن الخسائر أو الأضرار التي تلحق بالممتلكات، بموجب مبادئ القانون الدولي أو الإنصاف الدولي، ينبغي أن تنفذها الحكومات أو السلطات المسؤولة. لكن ترامب يريد أن يكافئ الكيان الصهيوني على حرب الإبادة في غزة، بأن يكمل ما بدأه الكيان، بارتكاب جريمة تطهير عرقي جديدة للناجين أهل غزة، وهذا النوع من الجرائم هو للأسف مكون أساسي من التاريخ الأمريكي، وبات جزءا من عقلة السياسي وثقافته، ولأنه كذلك فهو لا يستوعب قيم الإنصاف والعدالة والقانون..ولن يكون..
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءه في أهداف أبو مرزوق لطوفان حماس
-
نعم للتهجير من قطاع غزة.. ولكن..
-
وعد السنوار للأسرى.. أي ثمن؟!
-
اتفاق وقف إطلاق.. وأوهام النصر التاريخي
-
اتفاق وقف إطلاق النار.. والمفهوم الواسع للضمانات الأمنية
-
عون الثاني.. يتوعد حزب الله وسلاحه
-
هل يمثل وعيد ترامب لحماس .. النار التي تنضج الصفقة
-
شكرا.. استريحوا وأريحوا.. ودعونا نرى غيركم
-
في بؤس مقولة.. -هذا مش وقته-
-
شكرا.. الحوار المتمدن
-
سوريا .. مؤشرات مفارقة حول هوية الحكم الجديد..!
-
سوريا.. منظومة القمع والفساد أسقطت النظام
-
المتغير السوري الدراماتيكي.. الرابحون والخاسرون
-
استهداف الإرهاب الدولة السورية.. لعبة جيوسياسية تتعدى دمشق
-
نحو صفقة بين حماس والكيان.. ما الذي تغير؟!
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. مقاربات
-
قرارات الجنائية الدولية .. تبني دولي ونشاز أمريكي
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. بين التفاؤل والتشاؤم
-
في غياب الموقف الفلسطيني الموحد.. القطاع بقبضة الشركات الأمن
...
-
القمة العربية والإسلامية.. الأسئلة المشاكسة
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|