أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضيا اسكندر - العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية














المزيد.....


العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 16:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في عالم اليوم، لا يسعنا إلا أن نتساءل: لماذا اختار الغرب تبنّي العلمانية نهجاً ثابتاً، وجعلها حجر الزاوية في تطوره وازدهاره؟ ولماذا يُمنع على الدول التي تدور في فلكه الاقتراب من هذا النموذج؟
الجواب باختصار؛ لأن العلمانية – ومن خلال تجربة الغرب – فتحت آفاقاً واسعة للتطور والازدهار، وابتعدت بهم عن براثن الحروب والجهل التي كانت تسيطر على القارة الأوروبية لعقود. وهذا محرّم على الدول الأخرى التي تسعى للحاق به، لأنه لا يصبّ في مصلحة الغرب، الذي يدرك تماماً أن العلمانية هي المفتاح الذي يضمن له التفوق، ويخشى أن يؤدي تبنّيها في دول أخرى إلى اختلال في توازن القوة الذي يصبّ لصالحه، ويسعى دائماً وأبداً إلى البقاء على العرش؛ حاكماً، متبوعاً، آمراً، ناهباً..

ولأن الغرب يعرف فضائل العلمانية على أي بلد، فقد استبسل لإقرار نظام المحاصصة الطائفية في لبنان عام 1989 في أعقاب الحرب الأهلية التي دامت 15 سنة. وكرّر فعلته بعد الغزو الأمريكي البريطاني للعراق في 2003، حيث فرض أيضاً نظام المحاصصة الطائفية والقومية فيه. وكل متابع لهذين البلدين يدرك تماماً أي "تطور" تحقق فيهما!

من المعروف أنه في القرن السابع عشر دارت رحى الحروب الدينية لمدة ثلاثين عاماً في ألمانيا بين الكاثوليك والبروتستانت، قُتل خلالها أكثر من نصف سكان ألمانيا. وفي فرنسا، استمرت هذه الحروب قرابة الأربعين عاماً، قُتل فيها الملايين. وقد راح ضحية الحروب الدينية بشكل عام أكثر من 40% من شعوب أوروبا. والسبب الرئيس في اندلاع هذه الحروب كان حركة الإصلاح البروتستانتية التي قام بها الراهب الكاثوليكي "مارتن لوثر" (مؤسس البروتستانتية)، حين انتقد الكاثوليكية ورفض أفكارها، خاصة صكوك الغفران وإمكانية شراء المناصب الدينية العليا مثل المطران والبابوية.

فما كان من الكنيسة الكاثوليكية، التي كانت الحاكم الآمر الناهي، إلا أن استخدمت محاكم التفتيش لبث الرعب في نفوس الناس، وردعهم عن الخروج عن الكاثوليكية، ومحاكمة الهراطقة والمرتدّين والمخالفين لأوامر الكنيسة، حفاظًا على مصالحها. فقامت بإبادة الملايين باستخدام وسائل تعذيب مروّعة مثل الخنق والإحراق والإغراق والإعدام شنقاً، إضافة إلى العديد من أساليب التعذيب الوحشية الأخرى.

استنتج المفكرون في الغرب أن هيمنة الكنيسة على الدولة كانت أحد أسباب الحروب والتخلف والجهل، فقد كانت تتدخل في أدق الأمور، وتسيطر على كل ما يتناقض مع العقيدة الدينية الجامدة. ومن هنا، توصلوا إلى الحل الأمثل للتخلص من شرور الكنيسة وسطوتها، عبر تبنّي منهج العلمانية، الذي يعني في جوهره فصل الدين عن الدولة، والمدرسة، والعلم، والسياسة. فاعتمد الغرب هذا المنهج، وانطلق نحو تحقيق معجزات في مختلف المجالات.

ومع هذا النجاح الذي حققته العلمانية في الغرب، هل ستتمكن القوى الديمقراطية في سوريا بمختلف مسمياتها، من فرض رؤيتها بتبنّي العلمانية، وتحدّي القوى المتشددة كـ "هيئة تحرير الشام" ومن في حكمها؟ أم أن الوضع الحالي يتطلب الكثير من التنسيق والوقت حتى تتمكن هذه القوى من الاتفاق على مشروع يسهم في إنقاذ سوريا من الفوضى المستمرة، ويجنّبها المزيد من الصراعات التي قد تؤدي إلى محو سورية التي نعرفها إلى الأبد؟

بتقديري أن الممارسات الطائفية المذلّة والمهينة وصولاً إلى الإعدامات الميدانية بحق أفراد من طوائف بعينها والتي ازدادت بشكلٍ يثير القلق من انتشارها وتوسعها، تهدف إلى دفع هذه الطوائف إلى القبول وتبنّي فكرة، لا أقول قبول التقسيم، بل على الأقل، قبول المحاصصة الطائفية في الدستور القادم. وما يجري حالياً يمهد الطريق لترسيخ هذه الفكرة في عقول الناس، كما حصل في البوسنة والهرسك والعراق وقبلهما في لبنان.

لا سيما وأن إدارة العمليات العسكرية فاقمت الأمور مؤخراً، وأصدرت جملة من القرارات التي ليست من صلاحياتها: (تعيين أحمد الشرع رئيساً للبلاد، حل حزب البعث وأحزاب الجبهة، تجميد العمل بدستور 2012، حل مجلس الشعب، حل الجيش، التمديد للحكومة المؤقتة ثلاثة أشهر بعد انتهاء ولايتها، تأجيل مؤتمر الحوار الوطني إلى أجلٍ غير مسمى.. وغيرها من القرارات).

من هنا، تبرز ضرورة توخّي الحذر من المخطط الجهنمي الذي يرسمه أعداء الوطن، وفي مقدمتهم "إسرائيل"، الذين يسعون لتقويض استقرار المنطقة من خلال زرع الفتن والتمزق الطائفي.
المسؤولية الآن تقع بشكل حاسم على عاتق قيادة العهد الجديد ومن يقف وراءها. إذا استمرت هذه الممارسات الطائفية والممارسات "الفردية"، وإصدار القرارات التي لا تخدم مستقبل البلاد كما يرغب السوريون، وقد نصل إلى مستنقع لا مخرج منه؛ جهنم من المجازر والحروب الأهلية والفوضى وعدم الاستقرار.

وفي هذا السياق، يجب أن تتحمل القوى الوطنية والقيادات الحكيمة عبء المواجهة، فالتوقيت حاسم. إذا استمر التلاعب بالمشاعر الطائفية، فإن البلاد ستغرق في دوامة صراع لا نهاية لها، وعواقبها ستكون كارثية على الجميع. الفرصة أمامنا الآن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تُمحى سوريا من خريطة التاريخ وتصبح مجرد ذكرى في كتب الحرب.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟
- ترامب وفلسطين.. صراع مفتوح وأمل لا يموت
- دعوة للعيش المشترك واحترام التعدد الديني والطائفي
- لماذا لم يلقِ قائد إدارة هيئة تحرير الشام خطاباً حتى الآن؟
- التضامن الأممي.. سلاحنا ضد الظلم والتعتيم الإعلامي
- مستقبل غامض لملايين السوريين تحت حكم هيئة تحرير الشام
- وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة
- دعوة لبناء الدولة المدنية والعيش المشترك
- مستقبل الأحزاب الموالية بعد سقوط البعث.. هل يغفر الشعب السور ...
- هيئة تحرير الشام.. مساعي الهيمنة في خضم الفصائل السورية المت ...
- عودة اللاجئين السوريين أم هجرة المقيمين إلى الخارج؟
- ثورة بلا عدالة اقتصادية.. كسرابٍ في صحراء
- أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي ...
- حوار وطني أم استعراض رقمي؟ أسئلة حول مستقبل سوريا
- هل يحق لحكومة تسيير الأعمال بقيادة أحمد الشرع ما قامت به حتى ...
- حين يصبح نشر الغسيل تهمة
- هل ستعيد حكومة تصريف الأعمال عجلة الزمن إلى الوراء؟
- مسؤولية بشار الأسد في الكارثة السورية
- عدالة بلا انتقام.. لماذا أرفض الإعدام للفاسدين؟
- صبيحة سقوط الأسد


المزيد.....




- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...
- أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م ...
- فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب ...
- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...
- المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف - ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضيا اسكندر - العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية