وسائل الإعلام والتحول الرقمي

سلطان عدوان
باحث وكاتب صحفي فلسطيني
(Sultan Adwan)

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 15:04
المحور: الصحافة والاعلام
    

ساهمت الثورة التكنولوجية في تغيير العديد من المفاهيم المتعلقة بالإعلام والاتصال، حيث بات الاتصال معروفاً بأنه نقل وتبادل المعلومات والأفكار والاتجاهات والميول والعواطف بين الأفراد والجماعات عبر بث الرسائل المتنوعة واستقبالها من خلال النظم الرقمية ووسائلها المختلفة الأكثر تنوعاً لتحقيق أهداف التأثير والتفاعل وتعديل الاتجاهات والسلوك.

والوسيلة الإعلامية هي أحد أبرز مكونات الاتصال (المرسل والرسالة والوسيلة والمستقبل والتغذية الراجعة) التي تستخدم لنقل ونشر الأخبار والمعلومات إلى الجماهير.

وأحدث التحول الرقمي نقلة نوعية لوسائل الإعلام، وأسهم في ظهور منصات جديدة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، ووفر السرعة في نشر المعلومات وتنوع المحتوى، والوصول لأكبر عدد من المتابعين والجماهير.

كما حقق التحول الرقمي التفاعل المباشر للمتلقين عبر التعليقات والمشاركة على منصات التواصل الاجتماعي وغيرها، ومنحها إمكانية تحليل سلوكهم لتقديم المحتوى الذي يناسب احتياجاتهم وأذواقهم، حتى أصبح أمامهم العديد من الخيارات للاختيار بين الوسائل المفضلة لديهم.

أنواع وسائل الإعلام:

تطورت وسائل الإعلام على مدار التاريخ، حيث ظهرت الوسائل القديمة والمقروءة والمكتوبة وصولاً إلى المسموعة والمرئية التقليدية، ثم تحولت مع مرور الزمن إلى الرقمية التي تعتمد على الإنترنت والتكنولوجيا، وقد قسمها العلماء حسب الوسيلة المستخدمة وطرق البث ونوع المحتوى إلى جانب معايير أخرى على النحو التالي:

- التقليدية التي تعتمد على التقنيات القديمة مثل المحاضرات والندوات والصحف والمجلات والنشرات والدوريات، والراديو الذي يقدم الأخبار والبرامج الحوارية والموسيقى، بالإضافة إلى التلفزيون الذي يعتمد على البث المرئي والصوتي، ويشمل القنوات الإخبارية والمتخصصة.

- الرقمية التفاعلية التي تعتمد على التقنيات الحديثة، وتتيح التفاعل المباشر مع الجمهور مثل المواقع والمدونات والصحف والمجلات والنشرات الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي والبودكاست والتطبيقات الذكية.

- المطبوع الذي يعتمد على الطباعة كوسيلة لنقل المعلومات مثل الصحف والمجلات والنشرات والبروشورات والملصقات والكتب، والمسموع الذي يعتمد على الصوت لنقل المحتوى مثل الراديو والبودكاست، والمرئي الذي يعتمد على الصوت والصورة مثل السينما والتلفزيون والفيديوهات، والرقمي الذي يعتمد على التكنولوجيا لنقل المعلومات ويشمل المجموعات البريدية والصحف الالكترونية والمدونات والمنصات الرقمية.

- الإعلام الإخباري المتمثل في النشرات الإخبارية، والترفيهي الذي يقدم البرامج التلفزيونية والإذاعية والرقمية الحوارية الترفيهية عبر محتويات مختلفة وجذابة، والمتخصص الذي يقدم محتوى متخصص يتعلق بالسياسة والرياضة والاقتصاد والدراما وغيرها، ويخاطب جماهير معينة لها اهتمامات بالمضمون الذي يلبي احتياجاتها.

- يمكن تقسيمه وفق معايير أخرى حسب نوع الرسالة كالإعلام الرسمي وغير الرسمي، وحسب محتوى الوصول والانتشار كالمحلي والإقليمي والعالمي، وحسب الإطار الزمني كالإعلام الفوري والمؤجل، وحسب درجة التفاعل ونوع الرسالة ومستوى التأثير وطريقة العرض.

شروط فاعلية وسائل الإعلام:

تزداد فاعلية وسائل الإعلام الرقمية عندما تتكيف مع التطورات المتسارعة، وتتميز بالشفافية والمصداقية والنقل السريع للمعلومات لضمان تلبية احتياجات الجماهير.

ويبرق لمعانها عند توظيفها بالشكل المثالي لعرض المحتوى المقدم بأشكال جديدة عبر المنصات المختلفة وأحدث الأدوات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي.

وهنا يجدر الإشارة إلى ضرورة استفادة وسائل الإعلام من التحول الرقمي لتحقيق التفاعل الذي يعتبر أحد أبرز العوامل التي تميز وسيلة عن أخرى لضمان استمراريتها في ظل المنافسة الشرسة والتغييرات المتلاحقة التي تلقي بظلالها على تلك الوسائل وتطويرها وجاذبيتها.

والوسيلة الناجحة هي التي تدخل السباق بقوة، وتختار الرسالة المناسبة، وتلبي احتياجات المتلقين باعتبار أن لديهم ميول متنوعة وتعرض مختلف للموقف الاتصالي يتوقف على طبيعتهم وقدراتهم وخصائصهم مما يحتم عليهم استخدام وسيلة بعينها.

وتتسم بعض الوسائل بكونها أكثر فاعلية عندما توظف عوامل الوقت والسرعة والمصداقية والجاذبية، وتقلل تكاليف الاستخدام.

التحديات التي تواجه وسائل الإعلام:

تواجه وسائل الإعلام التقليدية تهديداً حقيقياً في ظل الثورة التكنولوجية وانتشار منصات الإعلام الرقمي، والأخيرة أيضاً قد تواجه تحديات مماثلة مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي، وتجدد الوسائل المنافسة بشكل متلاحق.

كما تواجه وسائل الإعلام الرقمية تحديات كبيرة تتمثل في تضخم المعلومات وتدفقها ومواكبة نشرها تحقيقاً للسبق والمصداقية، إلى جانب مخاوف الخصوصية والأمان من خلال استخدام البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة التي قد تعرض الأفراد للمخاطر، أضف إلى ذلك إدمان تلك الوسائل المؤثر على صحة الأفراد وسلوكهم.

ووسائل الاتصال متعددة ومتنوعة ولكل منها مزايا وخصائص تختلف عن الأخرى، وهنا لابد من توفير مقومات النجاح للقائم بالاتصال حتى تزيد الفرصة أمامه لاستخدام الوسيلة المناسبة لمخاطبة المتلقي بما يتناسب مع الهدف وصياغة الرسالة، وهذه من أبرز التحديات التي قد تواجه وسائل الإعلام بشكل عام.

والخلاصة أن التحول الرقمي أثر بشكل لافت على تعدد وسائل الإعلام، ومنحها مميزات كثيرة تمكنها من جذب الجماهير وفقاً لخصائصها وميولها، وتحقق لها فرص الاختيار والتفاعل والمشاركة والوصول السهل للمعلومات.

وقد خلق تنوع تلك الوسائل وإمكانياتها نوعاً من المنافسة، وأشعل صراع التربع على عرش الأفضلية في ظل التحديات الكبيرة.


** دكتور: سلطان عدوان، باحث وكاتب صحفي فلسطيني.

#سلطان_عدوان (هاشتاغ)       Sultan_Adwan#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات