أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - إكرام فكري - الماضي الذي لا يتركني














المزيد.....


الماضي الذي لا يتركني


إكرام فكري

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 09:42
المحور: سيرة ذاتية
    


لم أختر كيف بدأت حياتي، لم أختر الأماكن التي وُلدت فيها ولا الظروف التي سبقتني إليها. وجدتُ نفسي داخل قصة لم أكتبها، في عالم لم يمنحني خياراً سوى أن أكون قوية قبل أن أفهم حتى معنى القوة. كنت هناك، حيث الوحدة لم تكن مجرد شعور عابر، بل قانوناً صارماً، حيث الأشياء التي تبدو بديهية للآخرين كانت بالنسبة لي رفاهية مستحيلة. كنت أراقب العالم من بعيد، أراه يتحرك بسرعة لا تلائمني، كأنني متأخرة عن اللحاق به، كأنني عالقة في زمن لا ينتمي إلى المستقبل.

عرفتُ معنى الفقد قبل أن أعي معنى الامتلاك. كنت أظن أن النجاة تعني الهروب، أن المسافة بيني وبين الماضي كافية كي أنساه، لكن الماضي لا يُنسى. إنه كالأثر المحفور في الحجر، لا يمحوه الزمن، بل يتسلل خلسة إلى اللحظات التي أعتقد فيها أنني بخير، يختبئ في التفاصيل الصغيرة، في الطرقات التي أسلكها، في الأبواب التي أتردد في طرقها، في الحزن الذي لا أعرف سببه أحيانًا لكنه يذكرني بأنه لم يرحل تمامًا.

واليوم، أقف في مكان مختلف، بعيدًا عن كل ما كنت أخشاه، عن كل ما كنت أهرب منه. صنعتُ لنفسي حياة أنتمي إليها أكثر، اخترتُ طريقي بيدي، وقررتُ ألا أكون امتدادًا لما كان، بل بداية لما يجب أن يكون. لكن رغم ذلك، لا يزال الحزن يسير بجانبي كظل طويل، لا يفارقني تمامًا لكنه لم يعد يتحكم بي. ربما لأن بعض الجراح لا تلتئم، بل تتحول إلى ندوب تذكّرنا بما كنا عليه، وربما لأن بعض الذكريات ترفض أن تُمحى، تظل هناك، كعلامة طريق في ذاكرة القلب.

لكنني أعرف شيئًا واحدًا: لن أعود أبدًا. الماضي قد يكون جزءًا مني، لكنه ليس قدري، ليس سجني. حتى لو كان خلفي، حتى لو كان يتبعني كظل، سأمضي. سأمضي نحو مستقبل لا يشبه البدايات التي لم أخترها، بل يشبهني، يشبه من أنا الآن، ومن سأكون.

واليوم، وللمرة الأولى، أدرك أنني موجودة حقًا. ليس مجرد بقايا لطفلة كانت تبحث عن مخرج، ليس مجرد ظل لشخص عبرته الحياة بعنف. أنا هنا، أعيش. لا أراقب العالم من بعيد، بل أمشي فيه، أتنفسه، أختبره بكل ما فيه من تناقضات. أستطيع أن أضحك، أن أبكي، أن أشعر بثقل الحزن حين يزورني، وأن أتركه يمر دون أن يسحبني معه. أدركت أن الوجود نفسه هو الغاية، أن أكون هنا، الآن، بكل ما فيّ، هو أعظم انتصار على ما كان.

لقد صنعتُ لنفسي حياة، وهذا بحد ذاته كافٍ. لا أحتاج إلى ماضٍ جديد، ولا إلى بداية مختلفة. ما أحتاجه هو أن أواصل، أن أعيش، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.



#إكرام_فكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواتفي
- الغرائز الطبيعية: ممارستها بانسانية
- الإرث الاستعماري: بين مظاهر التحضر والاستغلال الطبقي
- تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التع ...
- عندما يصبح الاختيار رحلة لفهم الذات
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
- القوة الموازية في الفرد و المجتمع
- المجهول : الرحلة بين الحياة و الموت
- المجهول: الرحلة ما بين الحياة و الموت
- العشرينات
- عالم التسليع
- الرسم بالكلمات
- الخوارزمي
- بين الزنزانة الفردية و خيانة الحقيقة
- احتراق
- حقيقة واقعية
- حالة ضعف
- تجليات المقدس في القوة النفسية
- المقدس و تجلياته النفسية


المزيد.....




- الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال ...
- قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا ...
- الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب ...
- بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
- أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
- اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي ...
- -فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست ...
- العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
- سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - إكرام فكري - الماضي الذي لا يتركني