قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 19:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مسلسل..مع الدين؟ ضد الدين؟
د. قاسم حسين صالح
8. أحمد بن يحيى الراوندي
يعدّ أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي أحد أشهر (الملاحدة ) في التاريخ الأسلامي ، ووصف بأنه كان يتباهى بأنه ملحد!. وأثار موقفه هذا عجب كثيرين،كيف لم يقتل رغم شناعة ما بدر منه..وبقي حيا الى يوم توفى (نحو 298هـ/912م)..تاركا مؤلفات كثيرة وصفت بالكتب (الملعونة).وينسب لأبن الجوزي قوله: "زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري".
ومع ذلك؛ يبدو أن شهرة ابن الراوندي لم يكن سببها مجرّد أفكاره ،بل أيضا جرأته على إعلان تلك الأفكار داخل أروقة الثقافة ومجالس الفكر وفي مدونات الجدل الكلامي؛ مما جعل نصوصه وآراءه مثارا لأقوى السجالات الكلامية والفِرَقية في التاريخ الفكري الإسلامي.
وتعرّض الرواندي لحملة تشهير وتشنيع اثر طرد المعتزلة له ،فزاد تطرفه وتحول الى "ناقد بالإيجار" يقدم خِدْماته المعرفية لمن يدفع مقابلها. وشرع في تأليف الكتب لأية طائفة ترغب في التشهير بخصومها، لدرجة أنه ألف كتبا للردّ على عقائد الإسلام باعها لمن طلبها من غير المسلمين،كما وصفه كثيرون ،وانه تحوّل الى منتقم أكثر منه ناقدا أو مفكر، وتحول من عالم معتزلي الى عالم شيعي الى ملحد.. كما يضيفون!
ويرى أبو الحسين الخياط المعتزلي أن المعتزلة طردوا ابن الراوندي عن مجالسها لطعنه في الدين؛ وطعنه في كتابه " الزمرد" بجميع الرسل، وأن هذا الطرد أثر كثيرا على نفسيته فحمله "الغيظ الذي دخله على أن مال إلى الرافضة، إذ لم يجد فرقة من الأمة تقبله فوضع لهم كتابه في الإمامة، وتقرّب إليهم بالكذب على المعتزلة، فيما يؤكد الإمام أبو الحسن الأشعري أن ابن الراوندي وشيخه الوراق، الذي أخرجه "من عزّ الاعتزال إلى ذلّ الإلحاد والكفر"..كلاهما من "رجال الرافضة".
ويذكر الخياط عن مدى تأثير أفكار ابن الراوندي "الخبيثة" في من حوله من الشباب؛ فيقول: "وهذا القول كان يقوله الخبيث في آخر صحبته للمعتزلة، وصَحِبَه على ذلك أحداثٌ، فكلهم ظهر إلحادُه وانكشف. ويذكرالمؤرخ صلاح الدين الصفدي " أن ابن الراوندي كان لا يستقرّ على مذهب ولا يثبت على انتحال حتى ينتقل حالا بعد حال".
وفي مقابل تلك الاتهامات الموجهة إليه بالإلحاد من كل هذه الطوائف؛ نجد قولا معزواً إلى ابن الراوندي يدل على أنه كان ينفي عن نفسه هذه التهمة الشنيعة، وينحو بأسبابها الموصلة إليها لدى الخصوم منحى معرفيا بحثيا خالصا؛ فقد جاء في ‘الوافي بالوفيات‘ للمؤرخ الصفدي: "قال القاضي أبو علي التنوخي :كان أبو الحسين ابن الراوندي يلازم أهل الإلحاد، فإذا عوتب في ذلك قال: إنما أريد أن أعرف مذاهبهم"..
ومع اننا نميل الى أن غيظ ابن الراوندي على المعتزلة ، وتمنيه ان يحصل على رئاسة يرى انه يستحقها كانتا سببين سيكولوجيين دفعاه الى الإلحاد، الا أن اشكالية الحاده تظل مثار جدل تبعد اليقين.
*
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟