أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد ساجت قاطع - قراءة في كتاب -آلهة في مطبخ التاريخ-















المزيد.....


قراءة في كتاب -آلهة في مطبخ التاريخ-


محمد ساجت قاطع

الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 21:36
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قراءة في كتاب "آلهة في مطبخ التاريخ" لجمال علي الحلاق



كتابٌ مثير، حرث المؤلف بواسطته داخل أرض بحثية صلدة، وغاصَ من خلاله في أعماق معتمة تُشبهُ بطون المحيطات السحيقة، الفترة التي خاض جمال علي الحلاق البحث فيها مغيبة أو مجهولة، لكثير من الناس، وحتى عن الكثير من النخب المثقفة، وقد أذهب في القول أنها منطقة ضبابية حتى لدى الكثير من الأكاديميين والباحثين، ألا وهي فترة ما قبل الإسلام، وقد يرجع ذلك لقلة المصادر التي تناولتها بحثا، وندرة الأدلة و الكشوفات الأركيولوجية حولها..

تلك الفترة حملت الكثير من التأثير على المرحلة التالية لها، وهي مرحلة ظهور الإسلام ونبوة محمد بن عبدالله، هذا التأثير مصدرهُ جماعات الاحناف الموحدون، هؤلاء الاحناف الأوائل تسربت الكثير من آدابهم وعقائدهم وثقافتهم وتجاربهم الشخصية إلى الإسلام، قد يكون بسبب تأثر النبي محمد والصحابة الأوائل بهم وبتجاربهم الروحانية الشخصية، ورحلاتهم في البحث عن اليقين والاله، الذي يعتقدون بجدارتهِ للعبادة، واستحقاقهِ في أن يكون معبوداً دون سواه من الالهة التي كانت منتشرة في منطقة شبه الجزيرة العربية، وهؤلاء الاحناف، بدورهم كانوا متأثرين بالنصارى واليهود، وعقائدهم وطقوسهم الدينية، ورهبانهم الذين انكفئوا في صوامعهم للعبادة..

لا أعرف من أين أبدا، لكي أقدم مراجعة لهذا الكتاب المثير بأفكارها وطرحه والمنطقة التي غارَ فيها، ولكن سألخص بعض الآراء التي أراد الحلاق تمريرها أو الإفصاح عنها، من خلال هذا الكتاب، أولا أن الدين هو صناعه بشرية خالصة، وهذا الرأي أو التصريح يمكن استشفافه بسهولة من خلال عنوان الكتاب – آلهة في مطبخ التاريخ -، وهو عنوان يصرح بأن التاريخ البشري هو مطبخ لتحضير الالهة وصنعها وتشكيلها، أي أن الالهة والاديان هي صنيعة بشرية خالصة، مرتبطة بمراحل نمو وتطور وعي الإنسان والبشرية عبر تاريخها الغير طويل مقارنةً بعمر الكون الأطول!، ثانيا أن المعرفة الجديدة للبشر تصنع آلهة جديدة، أي بمعنى ان ظهور الالهة وزوالها، وظهور آلهة جديدة مرتبط بتطور وعي الإنسان، والحلاق بهذا يربط عملية صنع الآلهة بمبدأ ونظرية النشوء والارتقاء الداروينية، كما صرح في مقدمة الكتاب، وبهذا تصبح عملية صنع الآلهة عملية ديناميكية تطورية ترتبط بتطور وعي الإنسان، هذه الأفكار التي تضمنها المبحث الأول للكتاب، والكتاب مكون من مباحث أربعة، تتخللها عدة فصول..

في المبحث الثاني يبحث المؤلف فيه انتشار عبادة الرحمن والله في منطقة شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، يقول الحلاق، أن عبادة الرحمن هي غير عبادة الله، أي أن الاحناف الأوائل كانوا وفي مناطق عديدة يعبدون الاله الذي يسمى ب (الرحمن) ، ويضيف أيضا ان عبادة الرحمن منفصلة تماما عن عبادة الله، وانها سابقة لها، وأكثر سعة في الانتشار منها، وأن مصطلح أو اسم الله جاء بعدها بفترة منها، ويرجع الفضل في نحت وصياغة اسم الله إلى زيد بن عمرو بن نفيل..

في المبحث الثالث والرابع، يتناول فيها سورة الفاتحة، تاريخها وشكلها الأول، وصيغتها النهائية، يوضح الحلاق أن سورة الفاتحة، هي من السور الإشكالية في القرآن، حيث صرح الصحابي عبدالله بن مسعود أنها ليست من القرآن (والمعوذتين أيضا ليستا من كتاب الله يصرح إبن مسعود) ، ولم يدونها في مصحفه، وكذلك هي محذوفة من مصحفي علي بن أبي طالب وجعفر الصادق، أيضا يطرح الحلاق الأشكال الموجود عند المؤرخين المسلمين الذي يدول حول نزول سورة الفاتحة، في أن كانت هي أول ما نزل على النبي أم لا، وهناك من يقول أنها نزلت في مكة، وهناك القائل بأنها نزلت في المدينة، ومنهم من يقول أنها نزلت على مرتين، أحدهما في مكة والأخرى في المدينة، أما الحلاق يذهب في القول بأن الفاتحة، لها جذور تاريخية قبل بعثة النبي محمد، أي أنها نتاج تجربة حنيفية خالصة، وبالتالي فأنها تسربت إلى القرآن من كلام وأذكار وادعية الاحناف الأوائل، وأيضا يقول الحلاق، بأن سورة الفاتحة طرأ عليها تغيير في الشكل والمضمون في السنة الثامنة للهجرة، حيث كانت من دون (بسم الله الرحمن الرحيم) وايضا من دون (الرحمن الرحيم)، وأن هاتين العبارتين أو الآيتين اضيفا لها في تلك السنة، ويرجع الحلاق سبب هذا الى (اترك ذكر هذه الجزئية لمن يقرأ الكتاب)، في الحقيقة ان الحلاق من خلال هذين المبحثين الذين بحث فيهما في الجذر التاريخي لسورة الفاتحة، ومراحل تطورها، والاختلاف حولها عند الصحابة في فترة تجميع المصاحف إبان خلافة عثمان بن عفان، وكذلك عن المؤرخين المسلمين، اراد ان يقول – حسب فهمي ونظرتي الشخصية – أن الكثير من السور والآيات، هي نتيجة تجارب شخصية للصحابة والمسلمين، أو أنها تسربت من كلام الاحناف الأوائل واذكارهم، وبالتالي فإن القرآن هو ليس بكتاب منزل من عند الله لمحمد بن عبدالله عن طريق ما يعرف بالوحي، بل انه كُتبَ بواسطة محمد نفسه، نتيجة مسيرة ممتدة لثلاثة وعشرون سنة، مليئة بالأحداث والمفارقات والتجارب الشخصية، كانت سببا بكتابة وإخراج وطبخ هذا الكتاب المقدس، ليكون في الصورة النهاية له عند وفاة النبي، أيضا المسألة التي اراد الحلاق أن يوضحها بشدة هو تأثير الاحناف على الإسلام وتأثره بهم، وكيف أن محمد استفاد من التجربة الحنفية في بناء دينه الجديد، وكيف أن بعض الاحناف كان لهم الفضل الكبير على الإسلام وعلى محمد كورقة بن نوفل الذي شجع محمد كثيرا، ودفعه بأن يتغلب على مخاوفه، أي أن الجيل الأول من الاحناف كان لهم حضور وتأثير على محمد، وعلى عملية إنتاج النص القرآني..

في الحقيقة انا أقف في الحياد تجاه الكثير من الآراء الواردة في هذا الكتاب (لأنها تحتاج إلى الكثير من التريث والتأني لكي توضع تحت مشرط البحث والتنقيب والنقد الموضوعي)، هذا الكتاب الذي وصفه السيد كمال الحيدري بالكتاب الخطير في أحد لقاءاته التلفزيونية، يمثل هذا الكتاب صفعة قوية بوجه جمودنا الفكري، وكأنه فأس يريد أن يلتهم ويعبث بالأصنام الراقدة في كعبة عقولنا واذهاننا، نظراً لما في هذا الكتاب من معلومات جريئة وجديدة على من يقرأه، قد يُصدم بها إلى حد الانبهار، ولما فيه من آراء واستنتاجات تذهب بعيدا عن المتعارف عليه والسائد والمسلم به، كتابٌ يخترقُ بطرحه الكثير من المسلمات التي صارت نتيجة توارثها من البديهيات التي لا تقبل النقاش، أو التي لا يُحرم فيها النقاش أصلاً، ويخترق الكثير من الخطوط الحمراء، والمناطق المحرمة، ولكني في نفس الوقت اقول ونتيجةً لاطلاعي البسيط ولقراءاتي المتواضعة، أن القرآن ليس فيه من الأصالة إلا الشي القليل، بيد أن القصص والعبر التي جاءت فيه، هي موجودة في كتب الأديان السابقة له مثل اليهودية وتوراتها والمسيحية وانجيلها، وهذين الدينين بدورهما ليست لهم الأصالة في تدوين هذه القصص والمرويات، بيد أن علم الأديان يبين بوضوح فاضح، أن هذه المرويات تسربت لهذين الدينين عن طريق الأساطير الرافدينية القديمة، برأيي تكمن اصالة القرآن فقط في بعض الآيات التي توضح المسائل الشرعية، وهي آيات قليلة من القرآن، وحتى تلك الآيات ذات الصبغة الأدبية السجعية، هي تشبهُ تماماً أساجِيعُ الكهنة والاحناف الموحدون الأوائل قبل الإسلام..

أنا أُؤْمِنُ تماماً بأن الأديان يأثر بعضها على بعض، وأن كل دين هو نتيجة التجارب الدينية السابقة لها، وأن الأديان يكمل بعضها الآخر، وأن التناص موجود في جميع الأديان، ولكن هل هي – الأديان – صناعة بشرية خالصة، حضّرها وقدّمها لنا مطبخ التاريخ كما يقول جمال علي الحلاق؟

ختامها إذا أردت معرفة ما يدور في ذهن جمال علي الحلاق، وهو يؤلف هذا الكتاب ويقدمه لك – عزيزي القارئ – لتقرأه، يكفي أن تقرأ بعض ما كتبه في مقدمته “ان ما نعرفه لا يعني كل المعرفة، وما نؤسس عليه قد لا يكون صلدا مثلما نتوقع، بل لعله الفراغ بذاته، وليس غريبا ان تنهض امة بأكملها على فراغ”.

✍️ محمد ساجت السليطي 16/1/2025...



#محمد_ساجت_قاطع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب - حرب العاجز، سيرة عائد، سيرة بلد - لزهير الجز ...
- إِسْرَائِيل VS حِزْبِ اَللَّهِ. . . هَلْ مِنْ مُنْتَصِرٍ؟
- لمحات الوردي... النهاية والمصير
- خنساء الجنوب.. فدعة
- الرصافي.. نقده لقانون العشائر
- قراءة في كتاب -مصقولة- بطعم الحنظل لسلمان كيوش
- فضفضة علمانية
- الطابور الخامس.. تجلياته في سلوك القوى السياسية العراقية
- رأي للدكتور الوردي.. في ثورة العشرين
- قراءة في كتاب جولة في دهاليز مظلمة للسيد محمد حسن الكشميري
- ((ألمانيا المعجزة.. وعملية تدمير الأفكار المدمرة))
- قراءة في كتاب ايامُ بغداد.. لأمين سعيد
- (( قراءة في كتاب العبودية المختارة.. لإتيان دو لا بويسي ))
- أنا بالضد من...، ومع.....
- الاحتجاج الشعبي.. والاستغلال السياسي
- لكي لا يبصق عليك التاريخ!!
- (( قراءة في كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب.. لأبن ا ...
- من هم الهمج الرعاع؟
- الشاعر الذي قتلتْه وردة
- مَنّ يَزِيذُ على إسرائيل.. في الخسة والنذالة؟


المزيد.....




- إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي ...
- إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي ...
- ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
- سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
- جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
- ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟ ...
- كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
- الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة ...
- ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل- ...
- الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد ساجت قاطع - قراءة في كتاب -آلهة في مطبخ التاريخ-