أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أزاد خليل - هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!














المزيد.....


هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 18:38
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


مسيحيو الشرق في مهب الريح: تحديات البقاء في زمن الإسلام السياسي
لطالما كان الشرق الأوسط مهدًا للديانات والحضارات، حيث تعايشت فيه الأديان والثقافات لقرون طويلة، وشكّل المسيحيون جزءًا أصيلًا من نسيجه الاجتماعي والثقافي. ومع ذلك، شهدت العقود الأخيرة تحولات جذرية في المنطقة، أثرت بشكل كبير على الوجود المسيحي، خاصة مع صعود تيارات الإسلام السياسي التي تسعى إلى إعادة تشكيل الدولة والمجتمع وفق رؤية دينية صارمة. هذا التحول أثار تساؤلات حول مدى تهديد الإسلام السياسي لوجود المسيحيين في الشرق الأوسط، وما إذا كان هذا التيار يمثل خطرًا على التعددية الدينية التي كانت سمة مميزة للمنطقة.

الإسلام السياسي: بين الأيديولوجيا والممارسة
الإسلام السياسي ليس مجرد تيار فكري، بل هو أيديولوجيا تسعى إلى إعادة صياغة الدولة والمجتمع وفقًا لتفسير معين للإسلام. هذا التوجه يضع الأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين، في موقف حرج، حيث تتعرض حقوقهم وحرياتهم للتهديد في ظل أنظمة تسعى إلى فرض رؤية دينية أحادية. ففي العديد من الدول العربية، أدى صعود الأحزاب الإسلامية إلى تراجع الحريات الدينية، سواء عبر فرض قيود على ممارسة الشعائر أو من خلال التمييز القانوني والاجتماعي ضد غير المسلمين.
في مصر، على سبيل المثال، شهدت فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين (2012-2013) تصاعدًا في الهجمات ضد الكنائس، بالإضافة إلى خطاب إعلامي ودعوي يحرض ضد المسيحيين، مما أدى إلى تفاقم التوترات الطائفية. وفي العراق وسوريا، كان صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل داعش والقاعدة بمثابة إعلان حرب على الوجود المسيحي، حيث تعرضت المدن والقرى المسيحية لحملات تطهير ديني ممنهجة، أجبرت آلاف العائلات على الفرار من موطنها التاريخي.

الجرائم ضد المسيحيين: من التمييز إلى الإبادة
على مدى العقود الماضية، تعرض المسيحيون في الشرق الأوسط لسلسلة من الجرائم والانتهاكات التي تراوحت بين التمييز الممنهج والاستهداف المباشر من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة. في العراق، كان المسيحيون يشكلون جزءًا من النخبة الثقافية والاقتصادية قبل عام 2003، لكن بعد الغزو الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين، وجدوا أنفسهم محاصرين بين العنف الطائفي وتصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة. أدى ذلك إلى نزوح جماعي للمسيحيين، حيث انخفض عددهم من حوالي 1.5 مليون قبل الغزو إلى أقل من 300 ألف اليوم.
في سوريا، مع اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، وجد المسيحيون أنفسهم عالقين بين النظام والمعارضة المسلحة، لكن التهديد الأكبر جاء مع صعود الجماعات الإسلامية المتشددة، التي اعتبرت المسيحيين "حلفاء للنظام"، مما جعلهم هدفًا للانتقام والهجمات العنيفة. في عام 2015، قام تنظيم داعش بخطف أكثر من 250 مسيحيًا آشوريًا من قرى شمال شرق سوريا، وأعدم العشرات منهم في مقاطع مصورة، في مشهد يعيد للأذهان المجازر التاريخية ضد المسيحيين.

الإسلام السياسي المعتدل: هل هو حل أم تهديد مستتر؟
على الرغم من أن بعض الأحزاب الإسلامية تحاول الترويج لنموذج "الإسلام الديمقراطي"، إلا أن التجربة أثبتت أن هذه الحركات لا تزال غير قادرة على ضمان المساواة الكاملة لغير المسلمين. فعندما وصل حزب النهضة الإسلامي إلى السلطة في تونس، حاول طمأنة المسيحيين بأنه سيحترم الحريات الدينية، لكن القوانين لم تتغير بشكل جذري، وبقيت الأقليات تعاني من نظرة دينية تضعهم في مرتبة أدنى.
في تركيا، فإن حزب العدالة والتنمية، الذي قاد البلاد نحو نموذج إسلامي محافظ، قام بتضييق الخناق على المؤسسات المسيحية، وأعاد تحويل كاتدرائية "آيا صوفيا" إلى مسجد، في خطوة رمزية تعكس رؤية دينية متشددة للفضاء العام. هذه الإجراءات تثير تساؤلات حول مدى قدرة الإسلام السياسي المعتدل على ضمان حقوق الأقليات الدينية في ظل أنظمة تسعى إلى فرض رؤية دينية على المجتمع.

مستقبل المسيحيين في الشرق: خيارات صعبة
في ظل تصاعد التيارات الإسلامية وتأثيرها على السياسة والمجتمع، يواجه المسيحيون في الشرق الأوسط خيارات صعبة: إما الهجرة، أو العيش تحت وطأة التمييز، أو محاولة فرض واقع جديد من خلال المطالبة بحقوقهم السياسية والاجتماعية. لتحقيق مستقبل آمن ومستقر للمسيحيين في الشرق، لا بد من اتخاذ خطوات جدية، منها:
* إصلاح التشريعات: يجب إصلاح القوانين لضمان المساواة التامة بين جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم.
* مكافحة الخطاب المتطرف: تعزيز ثقافة التعددية والتسامح ومكافحة الخطاب الديني المتطرف الذي يغذي الكراهية والعنف.
* الحماية الدولية: توفير حماية دولية للأقليات الدينية من خلال دعم وجودهم التاريخي في بلدانهم الأصلية.
* المشاركة السياسية: تعزيز مشاركة المسيحيين في الحياة السياسية وعدم الاكتفاء بدور هامشي في مجتمعاتهم.

ختاماً نجد إن الإسلام السياسي، سواء في شكله المتطرف أو المعتدل، يمثل تحديًا حقيقيًا للوجود المسيحي في الشرق الأوسط. غياب الدولة المدنية الحديثة يجعل الأقليات الدينية في مواجهة مستمرة مع مشاريع الهيمنة الدينية. إذا لم تتخذ المجتمعات والحكومات خطوات جادة لضمان حقوق المسيحيين، فإن الشرق الأوسط سيخسر جزءًا أساسيًا من هويته التاريخية والثقافية، وسيتحول إلى فضاء أحادي يفتقد للتنوع الذي كان يومًا مصدر قوته وحضارته.



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكراد سوريا: بين هوية مهددة ومستقبل مجهول
- سورية بعد الحرب: هل يتحول الاستقرار الهش إلى سلام دائم؟
- -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دو ...
- -الفتنة القادمة من منغوليا: سقوط غابة السلام-
- “سوريا بين مطرقة الجهادية وسندان اللامركزية: فرصة ضائعة أم أ ...
- الخوف الذي يهدد وجود الأقليات في سوريا: الكورد ، الآشوريون، ...
- “توقف واقرأ جيدًا: الاستقلال حقٌ مشروع وليس انفصالًا يا هذا”
- الثورات العربية: هل حققت الديمقراطية أم أعادت إنتاج الاستبدا ...
- العنصريةُ في الإعلام العربي: إسكات الأصوات الكوردية وتهميش ا ...
- -السجادة السحرية، الضبع الخسيس، والحمار البسيط صراعٌ على الس ...
- الضباع والثعالب: قصة وادي الأحلام المغدور
- بعد سقوط النظام: سوريا بين العدالة والانتقام
- دراسة بحثية : الربيع العربي في الشرق الأوسط تداعياته الإقليم ...
- قرية على شفا الهاوية
- كوباني: رمز المقاومة وضحية التعريب المتعصب
- الخيرات المفقودة: العراق وسوريا بين الفساد وسوء الإدارة والف ...
- لم أقترف ذنباً لأنني ولدتُ كورديا
- من سجن الغربة إلى وطن الحرية: حكاية عشر سنوات في السويد
- المهاجرون السوريون: رحلة المعاناة بين الغربة والعودة
- أرقام مثيرة حول أحتياطي النفط في سوريا


المزيد.....




- دراما رمضان.. دانييلا رحمة مشتتة بين عابد فهد ومعتصم النهار ...
- يتطرق لسقوط حكم بشار الأسد.. الإعلان الترويجي للمسلسل السوري ...
- ما مدى واقعية خطة ترامب لسيطرة أمريكا على غزة؟
- سوريا.. الأمن يُعلن خطف اثنين من عناصره في اشتباكات مع -مطلو ...
- بريطانيا تعلن عن مساعدات جديدة لكييف
- الجزائر تبحث قانون تجريم الاستعمار
- بونتلاند والريفييرا مناطق تدور في فلك جغرافيا ترامب حول مخطط ...
- بعد 20 عاماً من التوقف..إسرائيل تُعلن إنشاء مستوطنة جديدة بي ...
- الرئيس الإيراني: طهران لا تسعى للحصول على سلاح نووي و-يمكن ا ...
- الرئيس الكولومبي: الكوكايين ليس أسوأ من الويسكي


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - أزاد خليل - هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!