أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد محمود خدر - لم يعد عند الكثير ذلك الاهتمام المفروض في قراءة الكتب الثقافية العامة















المزيد.....


لم يعد عند الكثير ذلك الاهتمام المفروض في قراءة الكتب الثقافية العامة


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 18:38
المحور: قضايا ثقافية
    


كم من كلماتٍ كُتبت، وحِكَمٍ قيلت، وكم من تجاربَ حياةٍ وُثّقت، وكم من أفكارٍبناءة طُرحت، جاءت على ألسنة العلماء والأدباء والحكماء!

وكان حسبهم فقط أن يجدوا لها صدى يسمعه من يبحث عن كلمة طيبة أو موقف نبيل، وحسبهم أن يرددها على مسامع نفسه من يسعى إلى ترسيخ القيم الإنسانية التي يحملها، بما يعزز ثباته في مشوار حياته، كي لا تقوده الصعاب إلى نفوره من واقعه بعد نفاذ صبره و إطلاق أحكامه سريعًا دون تان وتروٍّ.

الكثير في هذا الزمان وخاصة جيل الشباب يرى في قراءة كتاب، بأي تخصص أو اتجاه، أو حتى مقال، مضيعةً للوقت، أو صعوبةً في إتمامه، أو يجد عدم الحاجة إلى محاولة استطلاع مضمونه ولو كان ذلك مجرد قراءة عنوانه أو مقدمته التعريفية.

بدايةً، أقول لكل هؤلاء: مهما بلغت درجة انشغالك بأمور حياتك، ومهما أحاطتك ظروف تبعدك عن التفرغ لنفسك، فلا بد أن تجد فسحةً من الوقت للقراءة، إن كنت جادًا في صقل روحك بالمعارف الإنسانية التي تضيء لك الدرب في مشوار حياتك، وتعينك على تحمل متاعبها، بل تزودك بزاد فكري ومعرفي وعلمي ومهني يعينك في هذا المشوار. وإن لم تفعل، تكون قد قدمت نفسك بإرادتك لمن يفرض عليك أحكامه ومواعظه، التي كثيرًا ما نجدها في هذا الزمان تُقيّد الإنسان، وتبعده عن التفكير الصحيح في الاجواء الصحيحة ، مثلما تحرمه من مواكبة التطور العلمي والأدبي والمعرفي عمومًا، والذي يمكن أن يكون زادًا لا غنى عنه. مع أن الوقت الذي يقضيه الكثيرون أمام شاشات هواتفهم وما شابهها في متابعة أمور نادرًا ما تهمهم، وأكثرها بحثًا عن التسلية، بما يعكس فراغًا قاتلًا لا يجيدون ملأه بما هو مفيد.

كمقارنة نجد في اجيال الخمسينات و الستينات والسبعينات وما قبلها شغف كبير في حب مطالعة الكتب الأدبية والعلمية والفكرية وغيرها ، مع ان ذلك لم يكن يسر المنال ، والكتاب الذي كان يصلهم ، كما يردد مضامينه الان الكثير من رجال تلك الاجيال ، يكتب اولا في مصر ويطبع في لبنان لتقرأه تلك الاجيال في العراق ، مع ان دخلهم المادي كموظفين او غير موظفين لم يكن كبيرا بل كان اقل من الوقت الحاضر ، ولكن رغبتهم في الاستزادة من المعرفة يفوق تلك المقدرة .

الفرق بين الأجيال السابقة والحالية لا يرجع فقط إلى اختلاف الظروف، بل أيضًا إلى تغيّر الأولويات وأنماط الترفيه. اليوم، أصبحت المعلومة تأتي في جرعات سريعة عبر مواقع التواصل، وغالبًا ما تكون مجتزأة أو مشوهة، مما يجعل القارئ يظن أنه اكتسب معرفة كافية دون التعمق الحقيقي. القراءة ليست مجرد اطلاع، بل هي تمرين ذهني وروحي يعمّق التفكير ويصقل الوعي.
اليوم أكثرية الكتب الثقافيه والادبية اصبحت في متناول اليد سواء في المكتبات العامة او من خلال تنزيلها او قراىتها مباشرة كملف في الكثير من المواقع الإلكترونية ، دون ان يكلفهم ذلك اي مبلغ، لتجد الكثير من ابناء هذا الجيل يبحث عن حكمة او جملة ادبية جاهزة كعنوان عريض ليقراها سريعا وينشرها مزهوا بالوان زاهية في موقعه بشكل اسرع متباهيا وكأنه واضعها في وقت يتمنى القارئ لها عموما ان يبدى ناشرها رأيه بها بعد ان قرأ عنها كتاب بالكامل يتناول فحواها وحياة قائلها ومصدرها ليخلق بداك فرصة للنقاش وتبادل الآراء بما تنعكس فائدته على الكل.

هذا النوع من النشر لعبارات او جمل قد تزود ثقافة محدودة ولكنها لا تشبع ، وهي أشبه ما يكون بطريقة الاكلات السريعة التي تجد الكثير في اميركا مثلا منهمك في تناولها ماشيا وهو ياخذ طريقه الى اقرب موقف للحافلات او إلى عمله ، ومع ذلك تجده يستغل وقته في بالحافله او عند سفره بالطائرة بقراءة نافعة لكتب ضمن اهتماماته.
وإذا كان عذر الاميركي في تناوله لاكلته السريعه ضيق وقته وطبيعة عمله ، فليس للكثير من شبابنا عذر كهذا في قضاء وقت فراغه او غير فراغه، لتجد الكثير منهم في المقهى او ما تعرف بالكافتريا ليصرف وقته هذا فيها والى ساعات متأخرة من الليل.

وإذا كان حل مشكلة البطالة في أيدي مسؤولي الدولة ولكن حل مشكله ملء الفراغ تبقى بيد هؤلاء. ملأ فراغ يتوجب ان يكون باجمل ما يمكن واحسنه فائدة. مع ان هناك فرق شاسع بين بطالة العمل وبطالة الثقافه ويفترض ان يكونا متعاكسين، لان وعي الفقر يخلق فرصة للتفكير والتزود بالمعرفة و المطالبة بالقضاء على ما يمر به من بطالة للمطالبة بتوفير فرص للعمل له ولغيره.

هكذا تراجع الاهتمام بالقراءة، خاصة بين الأجيال الشابة، رغم توفر الكتب والمصادر بسهولة لم تكن متاحة في الماضي. المشكلة ليست فقط في توفر المحتوى، بل في نمط الحياة الحديثة التي جعلت القراءة تبدو للبعض وكأنها جهد غير ضروري أو ترف، في حين أنها في الحقيقة ضرورة لبناء الفكر والوجدان
قضاء الأوقات يفترض أن يكون مصحوبًا بفائدة ملموسة، عبر إتمام أشغال الدار المختلفة او ترتيب حديقة المنزل ان وجدت او غير ذلك من مشاغل. ولكن يبقى تخصيص جزء من هذا الوقت للمطالعة امرا ضروريا لبناء ثقافه الإنسان سواء كان ذلك لكتبٍ تُلتقط من رفوف المكتبات، أو عبر شاشة الهاتف المحمول، بالدخول إلى مواقع إلكترونية ذات محتوى معرفي في الاتجاه الذي يجد فيه القارئ رغبته. أقول هذا وأنا أُقدّر وضع البعض وظروفهم وطبيعة أعمالهم بل ومستوى تعليمهم ، إضافةً إلى تداعيات الواقع وانعكاساته، التي تمنعهم حتى من الحصول على هاتف بسيط، بل من عملٍ يتدبرون به أمور حياتهم، مما يجعل سيرتهم الصعبة بمثابة كتاب حيٍّ يُترجم أفكار الكثير من كبار الفلاسفة والمفكرين، الذين جعلوا من الارتقاء بالإنسان همّهم وغايتهم، وكأنهم رُسل كُلفوا بهذه المهمة.

الحل ليس فقط في إلقاء اللوم على الشباب بعزوفهم عن القراءة، بل في تقديمها لهم بطرق تناسب عصرهم. فمثلاً، يمكن تشجيعهم على قراءة الكتب بطريقة مشوّقة، مثل تحويل بعض الكتب إلى وسائط تفاعلية، أو دمجها في سياقات حياتية يومية، أو حتى توجيههم إلى كتب قصيرة لكنها غنية بالأفكار، بدلًا من مطالبتهم مباشرة بقراءة أعمال ضخمة قد تبدو لهم مرهقة.

تبقى القراءة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي وسيلة لمقاومة السطحية والجهل. وإذا كان الإنسان يستطيع أن يخصص وقتًا للمقاهي أو لمتابعة التريندات، فبإمكانه أن يخصص دقائق يومية لصفحات كتاب قد تغيّر نظرته للحياة وتعينه في مشوارها ومواصلة تفاعله مع هموم وشجون مجنمعه والمساهمة في تغييره ايجابيا، كي لا تبقى مهمه ذلك تقتصر على رجال يدعون الموعظة والتنوير متظاهرين بها وهم اول من بحاجة لتطوير أنفسهم.



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المياه في إقليم كردستان/ العراق (الأسباب والحلول) الجزء ...
- أزمة المياه في إقليم كردستان/ العراق (الأسباب والحلول) الجزء ...
- أزمة المياه في إقليم كردستان/ العراق (الأسباب والحلول) الجزء ...
- أزمة المياه في إقليم كردستان/ العراق (الأسباب والحلول) / الج ...
- أزمة المياه في إقليم كردستان/ العراق (الأسباب والحلول) / الج ...
- أزمه المياه في إقليم كردستان/ العراق (الأسباب والحلول) الجزء ...
- أزمه المياه في إقليم كوردستان / العراق (الأسباب والحلول) / ا ...
- يبقى العالم المنشود هو العالم الذي تجمعه القيم والفضائل الإن ...
- فقدان الارادة بين الانتظار واتخاذ القرار يفقد الإنسان الكثير ...
- هكذا ينبغي ان تكون وتبنى النفوس ليرتقي الجميع بأنفسهم ومجتمع ...
- كن منشدا للسلام لتببني جسوراً من الفهم المتبادل لردم الخلافا ...
- محبتك للناس تبدأ بمحبتك لنفسك ليسهل انتدابها للأعمال الجليلة
- عش كل يوم من ايام حياتك كيوم جديد وسيكون هكذا
- قراءة لدروس الحياة في محطاتها
- الأخلاق في الميزان بين المنصب و العلم والمال
- وقفة تأمل مع الساعات الأخيرة التي تسبق حلول رأس السنة الميلا ...


المزيد.....




- إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي ...
- إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي ...
- ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
- سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
- جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
- ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟ ...
- كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
- الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة ...
- ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل- ...
- الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)


المزيد.....

- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد محمود خدر - لم يعد عند الكثير ذلك الاهتمام المفروض في قراءة الكتب الثقافية العامة