أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توفيق أبو شومر - حزب الذبابة!














المزيد.....


حزب الذبابة!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 22:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا أردنا أن نحدد اهداف تشكيل الأحزاب في العالم، علينا أولا أن نعود إلى اكتشاف الغاية من تأسيس الأحزاب، ولعل أبرز مثال على الهدف الرئيس من تشكيل الأحزاب، هو إيقاظ الحكومة حين تغفو، وحين تقصر في أداء واجبها، هذه الأحزاب التي تلدغ المسؤول الحكومي النائم ليستيقظ سميت هذه الأحزاب (أحزاب الذبابة)!
بالطبع هناك فرق كبير بين هذه الأحزاب وبين الأحزاب التي تضحي بمواطنيها وبذريتهم وبيوتهم وكل ما يملكون، ولا تكتفي بذلك، بل تعتبر هذه الخسارة تكتيكا للوصول إلى السلطة، كما يحدث في كثير من الدول النائمة أو النامية!
إن أبرز أهداف الأحزاب الوطنية التي فهمت الغاية من تأسيس الأحزاب كأحزاب الذبابة، هو السعي لتحقيق التوعية والتثقيف، وهذا المبدأ هو أهم مبادئ أحزاب الذبابة، لأن التوعية والتثقيف أهم أركان المجتمعات، فهي السبب الرئيس في النهضة والتفوق والمنافسة على المستقبل في كل المجالات، كما أن أهم ركن في تحقيق التفوق تبدأ من برامج التعليم في كل المؤسسات التعليمية!
مع العلم أن تشكيل وإعادة صياغة الرأي العام هو هدفٌ آخر من أهداف حزب الذبابة الوطني، وهو في الوقت نفسه أبرز نتائج التوعية والتثقيف، لأنه يسعى لتحقيق هدف التوعية والتثقف كغاية سامية أخرى، وهي اكتشاف المواهب في المجتمع وتسهيل ظروف الإبداع لهذه العقول، وهذا ما فعله الفلاسفة الأولون مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو حين قرروا أن يتولوا إيقاظ الغافلين باستخدام الأفكار الجديدة المبدعة حتى يتجنبوا الأصوليات الفكرية التي تسبك عقول البشر كلهم في سبيكة عقلية حجرية تقليدية!
مع العلم أن الأحزاب الدينية لا تنجح أبدا في إدارة شؤون البلاد، فهي بمثابة الواعظ الديني الذي يُبدع لفظيا وهو يقف على منبر الخطابة، ولكنه يفشل عمليا في إدارة مؤسسة واحدة، لأن الخطابة الأدبية والشعرية وحدها لا تبني الأوطان.
سوف أظل أذكر مقررات دراستنا حين كنا في الصفوف الإعدادية، كان معلمونا يَجدُّون في ترقية عقولنا وتثقيفنا، لا بحشوها بالأفكار الجامدة والمحفوظات كما يحدث في مدارسنا اليوم، بل بالفهم والتوعية، وهذا هو جوهر التعليم الحقيقي، وغاية النظام التعليمي والتربوي.
كانوا يختارون لنا ما يُحببننا في المنهاج، وبخاصة في اللغة الإنجليزية، فقد كانوا يختارون لنا الروايات الممتعة، مثل الرواية العالمية الرائعة، (الأرض الطيبة) لبيرل باك، كانت تلك الرواية الراتعة ضمن مقرراتنا في المرحلة الإعدادية، مع العلم أن الكاتبة، بيرل باك حاصلة على جائزة نوبل في الأدب عام 1938م، هي كاتبة أمريكية توفيت عام 1973 عاشت أكثر من نصف حياتها في الصين، وصفت لنا المجتمع الصيني وصفا دقيقا كنت أشعر وأنا أقرأ القصة أنني جزء منها، وكأنني أعيش في الصين منذ سنوات طويلة، عرفت شوارعها وعاداتها!
كذلك كانت مقرراتنا تضم أجزاءً من الرواية العالمية الممتعة، (ثلاثة رجال في قارب) للروائي، جيروم سيغال جيروم!
كذلك رواية (رحلات جليفر) لجونثان سويفت، وهو الكاتب الإيرلندي الرائع المولود 1667 والمتوفى 1745 والتي ما تزال بعضُ قصصها الخيالية عالقة في ذهني حتى اليوم.
قررتُ أن أُعيد قراءتها من جديد، كنتُ أعلم أن كاتبها، جونثان سويفت، المولود في دبلن بإيرلندا، كان مريضا، مصابا بالتهاب الأذن والعين، حتى أن عينه تكوَّرت، وخرجت من محجرها كبيضة، وكان هو على مشارف الجنون، وكانت أسرته تراقبه باستمرار حتى لا يؤذي نفسه، فيقوم بقلع العين بإصبعيه! جونثان سويفت، المبدع المجنون.
شخصية بطل الرواية هي طبيبٌ عاش حياتين متناقضتين، ألقته الأمواج بعد أن تحطمت سفينته، مرة في شواطئ بلاد الأقزام، حيث متوسط طول الفرد خمسة عشر سنتمترا، ومرة أخرى ألقته الأمواج على شواطئ بلاد العمالقة، فشوقنا وهي يصف الشاطئين، فجرب أن يكون عملاقا تارة، وقزما تارة أخرى!
عثرتُ في الرواية بعد قراءة جديدة على نصٍ ساخرٍ رائع، لم أكن قد أوليته أهميةً في مرحلة دراستي الأولى، ولم يُشر إليه مدرسونا، لأننا لم نكن وقتها نعاني من (مرض الأحزاب)!!
في هذا النص وصفة طبية ساخرة، لإشفاء رجال الأحزاب السياسيين من (داء الحزبية) أو مرض التحزُّب! فهو يقول: "هناك وصفة طبية لإشفاء رجال الأحزاب من مرض الحزبية، وهي علينا جمعَ مائةٍ من رجال كل حزب، ونقيس حجم رؤوسهم، ثم يُقسَّم المتشابهون في حجم الرؤوس، كلُّ زوجٍ على حدة، ثم يُستعان بجراح ماهر، يقوم بشق رأس كل زوج من الحزبين المتناقضين ويُقسم مخاهما، ثم يجري تبادل أنصاف المخ بين الأحزاب، فيوضع نصفُ كلِّ مخٍ على رأس المنافس الحزبي، وهذا يتطلب دقة فائقة من الجرَّاح، غير أن الشفاءَ مضمونٌ من داء الحزبية، والنتيجة، قاسم مشترك من التفاهم المعقول بين الطرفين"!
ويضيف في قولٍ ساخرٍ آخر: "إن رجال الأحزاب يعتقدون بأنهم أُرسلوا إلى البشرية لمراقبة العالم والتحكم فيه"!
بعد مرور أربعة قرون على رواية الكاتب، فإن جملته التي لم تُثر اهتمامي في الصِّغر، تلخص معظم أفكار الأحزاب المتطرفة في عالم اليوم وهي: "كل رجال الأحزاب يظنون، أنهم أرسلوا للبشرية هداة مبشرين، لذا فإنهم يتصرفون وكأنهم مالكو زمام الكون"
فهل كان جونثان سويفت مصيبا في تشخيص مرض الحزبية المنتشر عندنا، وإيجاد العلاج لهذا المرض؟!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحلة طالبان اليهودية!
- نزوح بسبب قنبلة!
- من هي جان دارك دونالد ترامب؟!
- قصة جاري الحمار!
- شمال إسرائيل، أم جنوب لبنان؟
- طاحونة والدي!
- لماذا اختارت الحكومة العميقة ترامب؟
- جنازتان لم أحضرهما!
- لا تحولوا إعلام الكوارث إلى إعلام تسلية!
- كاوبوي البورصات، وأبطال الصناعات!
- مولودة في خيام النازحين!
- هل خسائرنا تكتيكات؟!
- الاغتيالات في إسرائيل!
- دفنوها في حضن قبر أبيها!
- مصادر قوة نتنياهو السرية!
- القبض على مياه المطر!
- استطلاعات الرأي سلاح خطير!
- اصطياد الإنترنت على شواطئ غزة!
- هل أزالت حرب إبادة غزة (ديموقراطية) إسرائيل؟
- قصة أفلاطون في خيمة اللجوء!


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توفيق أبو شومر - حزب الذبابة!