أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم كمال - “وعاظ السلاطين”.. الأزمة الدائمة في الأمة الإسلامية















المزيد.....


“وعاظ السلاطين”.. الأزمة الدائمة في الأمة الإسلامية


عبدالرحيم كمال
كاتب

(Abdulrahim Kamal)


الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 16:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عبدالرحيم كمال*
كتاب “وعاظ السلاطين” صدرت طبعته الأولى في عام 1954، من تأليف “د. علي الوردي” (1913 - 1995)، وهو عالم اجتماع عراقي ومؤرخ وأستاذ جامعي، أصدر عددا كبيرا من الكتب والدراسات الهامة تسد ثغرة كبيرة في المكتبة العربية، من أهمها كتابه “وعاظ السلاطين”.. وربما يتساءل القارئ الكريم عند سبب تقديم قراءة لكتاب صدر منذ 70 عاما.
يكمن السبب في تفرد موضوع الكتاب، فهو يتناول موضوعا ندر من يتطرق إليه، ثم إنه يقوم بتشريح الظواهر والتاريخ والظرف السياسي، اجتماعيا ونفسيا، لتشخيص أمراض الأمة الإسلامية، والعرب في مقدمتها.. ورغم أن “علي الوردي” يوجّه كتابه بشكل أولي للعراق، فإن الظواهر التي يتناولها في الكتاب نراها ما تزال منتشرة في كتير من أقطارنا الإسلامية، وخاصة العربية.
على أن تخصيص المؤلف لموطنه “العراق” لتوجيه سِفْره الهام “وعاظ السلاطين” ليس هو التخصيص الوحيد الذي يحدده المؤلف لمن يقرأ الكتاب، فهو يبدأ كتابه بتوجيهه “لمن يريد أن يفهم”، ويعترف مبدئيا بأن طروحات الكتاب لن تعجب المدللين والمترفين، ويقول إنه يوجّه الكتاب للجيل الجديد الذي سئم الصراعات والخلافات الطائفية، وهو ما يتناوله “الوردي” في الكتاب بشكل مفصل.
مواعظ غير واقعية
ينتقد “الوردي” أولا عدم واقعية مواعظ الواعظين في المساجد والمنتديات الدينية، لعدم قراءة الوعاظ لمجتمعهم، ويعزون التفسخ الاجتماعي إلى سوء أخلاقنا، ويعتبرون الإصلاح أمرا ميسورا، فبمجرد أن نصلح أخلاقنا ونغسل قلوبنا من أدران الحسد والأنانية والشهوة، نصبح سعداء مرفّهين ونعيد مجد الأجداد.. ويدعو الواعظين لأن يكونوا براجماتيين/ نفعيين بعض الشئ ويراعوا طبيعة النفس البشرية، ويقول إن العراق حكمه الطغاة أجيالا متعاقبة، فاعتاد سكانه أن يحترموا الظالم ويحتقروا المظلوم، وأخذ مفكرونا يصوغون مثلهم العليا صياغة تلائم هذه العادة الاجتماعية اللئيمة.
ازدواج الشخصية العربية
يرى الوردي أن العرب مصابون بازدواج الشخصية أكثر من غيرهم من الأمم، والسبب وقوعهم أثناء تطورهم الحضاري تحت تاثير عاملين متناقضين هما البداوة والإسلام الذي جاء حاملا قيما جديدة تخالف قيم البداوة المحرضة على الكبرياء وحب الرئاسة والفخر بالنسب، فيما أن الإسلام هو دين الخضوع والتقوى والعدالة، ويرى أن العراق هو الأكثر ازدواجا بين الدول العربية لسببين: الأول إنه كان -ومايزال- يتلقى موجات بدوية أكثر من غيره، والثاني أنه كان منذ صدر الإسلام منبعا للفرق الدينية ومهبطا لكثير من مبادئ الإسلام وتعاليمه وأفكاره، وفيه نشأ المناطقة وأرباب العلم والفلسفة، وفيه ترددت الكثير من أصوات الواعظين والمرشدين.. ويشير “الوردي” إلى زيادة ازدواج الشخصية كلما ابتعدنا عن الصحراء واتجهنا أكثر نحو المدينة.. ويشير “الوردي” تاريخيا، إلى أن النبي (ص) وحّد القبائل العربية المتنافرة وجعلهم في مواجهة الروم والفرس، بعد أن كانوا يحاربون بعضهم، وعند توقف الفتح رجع البدو إلى طبيعة التنازع بينهم، ويشير إلى أنه لو تمت دراسة الثورات المتواصلة دراسة نفسية لوجدناها مظهرا خارجيا لما كان يحدث في النفوس من صراع، وكان الناس في ذلك الحين مصابين بداء الصراع النفسي بشكل عنيف، فهم كانوا بدوا في أعماقهم، ويطالبون الحكام باتباع تعاليم الإسلام.. كانت قلوبهم بدوية وألسنتهم إسلامية، وكان الفرد يحتج على الحكام بالحجة الدينية، ثم يثور عليهم بالسيف البدوي، فهو في أعماله قبلي فخور، وفي أقواله تقي زاهد.
الطاغي يبكي
يقول “علي الوردي” إن العهد الأموي شهد ثغرة بين الدين والدولة، فالدولة كانت راسخة الدعائم في الشام تؤيدها سيوف القبائل العربية، بينما كان حملة الدين والفقه والحديث ينشرون دعوتهم المثالية بين الفلاحين والغوغاء وأهل الحرف، وكان الدين والدولة -بهذا- يسيران في اتجاهين متعاكسين، وحين جاء العباسيون حاولوا إزالة تلك الثغرة، لكنهم لم يوفقوا إلا ظاهريا، فقد قربوا الفقهاء وأهل الحديث وتظاهروا لهم بالخشوع، فيما كانوا في حياتهم يسيرون كغيرهم من الملوك.. وكان الخليفة العباسي إذا جاء وقت الموعظة بكى، وإذا جاء وقت السياسة طغى، وانسحب هذا على العامة.. ويبدو أن البكاء عند سماع الوعظ أصبح في نظر البغداديين غاية لذاته، فهم في مجلس الوعظ يبكون ويشهقون ثم يغمى عليهم ويذوبون شوقا إلى الله وخشية منه، وفي السوق ينقصون الكيل ويستغلون الغريب.
نوع واحد
ويخلص المؤلف في سفره “وعاظ السلاطين” إلى أن الوعاظ والطغاة من نوع واحد، هؤلاء يظلمون الناس بأعمالهم، وأولئك بأقوالهم، وقد برع الفقهاء فيما يسمونه الحيل الشرعية، فهم يجدون مسوّغا شرعيا لكل عمل مهما كان دنيئا.
بين الحب والاحترام
من الظواهر النفسية التي يلفت المؤلف نظرنا إليها في أصحاب الشخصية المزدوجة، هي أنهم يحبون من لا يحترمونه ويحترمون من لا يحبونه، فنجد فرقا كبيرا بين محبة الناس واحترامهم، ويرجع ذلك إلى الازدواج الذي تغلغل في تكوين شخصيتنا.
منطق مغاير
يعود المؤلف للتاريخ والبناء على أحداثه فيقول: عبد اليزيديون الشيطان وتركوا الله، وحجتهم أن الله يحب الخير بطبيعته فلا حاجة لاسترضائه أو عبادته، أما الشيطان فهو مجبول على الشر، وهو إذن أولى بالعبادة والاسترضاء، مضيفا: نحن نسخة من عقيدة اليزيديين هذه، ويعلق: وما درينا أننا جميعا يزيديون من حيث لا ندري.
مبرر ديني
يرى “الوردي” أن وجود الغنى الفاحش بجانب الفقر المدقع في مجتمع واحد يؤدي إلى الانفجار عاجلا أو آجلا، مهما طلي هذا التفاوت بطلاء من الدين أو الخُلُق أو الشرف، والدين لا يردع الإنسان عن عمل يشتهي أن يقوم به إلا بمقدار ضئيل، فتعاليم الدين يفسرها الإنسان حسب ما يشتهي، وقد رأينا القرآن أو الحديث مرجعا لكثير من الأعمال المتناقضة قام بها المتنازعون في صدر الإسلام، فوجدناهم يقتل بعضهم بعضا، ويكفّر بعضهم بعضا.
حقيقة بن سبأ
يفرد المؤلف فصلا كاملا لتحليل شخصية “عبدالله بن سبأ” وأقواله وأفعاله، وما يُنسب له من تحريض الأمصار على”عثمان” وتأليب “علي بن أبي طالب”، وأنه المحرك الرئيسي لـ “ابي ذر الغفاري” في دعوته الاشتراكية، وأنه وضع تعاليم لهدم الإسلام وألف لذلك جمعية سرية’’ وينسبون له كذلك إختراع فكرة “الوصية” التي تقول أن لكل نبي وصيا، وأن وصي النبي “محمد” (ص) هو “علي بن أبي طالب”.
لكن “الوردي” يتفق مع “طه حسين” في نفي أي وجود لابن سبأ، مستندا لدليل عقلي وهو أن “أبا ذر” لم يكن بحاجة لمن يعلمه حقوق الفقراء على الأغنياء، وأن الله بشّر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بعذاب أليم.. ويعيب “الوردي” على المؤرخين الذين ذكروا قصة “ابن سبأ” أنهم يتصورون أن المجتمع الإسلامي كان راضيا هادئا مطمئنا، وأنهم -المؤرخين- بذلك ينضمون لكتيبة الوعاظ، ويرى أن المجتمع الإسلامي حينذاك كان يعاني أزمة إجتماعية كبرى، فقد كان الفرق بين الغنى والفقر شاسعا، وبالتالي كان لا بد من الثورة.. ويوجه “الوردي” إصبع الاتهام في اختراع شخصية ابن سبأ إلى “معاوية بن أبي سفيان” وطبقة الأغنياء.
بدء الانشقاق
يثير “الوردي” في سفره “وعاظ السلاطين” نقطة محورية في إطار بدء الانشقاق في صفوف المجتمع الإسلامي، فبعد أن كان الحاكم يعتمد على الشورى، حوّله “معاوية” إلى ملك وراثي تدعمه الجيوش، لينقسم المجتمع إلى فريقين متعاكسين: فريق يدعو إلى الخضوع للسلطان مهما كان ظالما، وفريق يدعو إلى الثورة، ولجأ كل فريق إلى السيف أولا، ثم إلى القرآن وحديث الرسول (ص).
قريش والإسلام
يُفرد “وعاظ السلاطين” فصلين لقريش، فيشير إلى أن الإسلام كان في بدء أمره ثورة كبرى على طغيان قريش، وبينما أفاد الإسلام بدخول قريش فيه، إلا أن قريشا حوّلت الإسلام إلى نظام للطغيان والفتح، وأن قريشا لم تحارب “محمدا” (ص) ودعوته دفاعا عن آلهتهم، بل من أجل مصالحها التجارية ومنزلتها الطبقية وكرامتها القبلية، ظنا منهم أن دين “محمد” سيقضي على الكعبة والحج والأسواق والتجارة التي تنتعش بسبب الحجيج، ويدلل على ذلك بما حدث في فتح مكة حين أبقى الرسول (ص) على الكعبة وحطم الأصنام وسط صمت القرشيين، مما يؤكد أن قريشا لم تكن مخلصة لأوثانها في محاربة “محمد”، فلما وجدت مصلحتها مصونة وكرامتها موفورة في الدين الجديد، تركت آلهتها وانضمت لصفوف “محمد”.
كراهية متبادلة
يشير “الوردي” إلى كراهية محتقنة بين قريش و”أبي بكر الصديق” و”عمر بن الخطاب” لأن كلا منهما ينتمي لقبيلة صغيرة، كما أن قريشا لم تكن تميل لـ “علي بن أبي طالب” لأنه هاشمي، كذلك كانت تكره “عمار بن ياسر” لأنه من الموالي وكان عبدا قبل الإسلام، وكان أسمر يميل لونه إلى السواد، وكلها صفات تحتقرها قريش، وكانت تطلق عليه لقب “العبد الأسود”.. لذلك كان هؤلاء يبادلون قريشا الكراهية -عدا أبي بكر الذي لم يصدر عنه تعبير عن كرهه لقريش-، وقد لعبت الكراهية بين قريش و”عمر” و”علي” و”عمار” أدوارا محورية في التاريخ الإسلامي، أهمها مشاركة “عمار بن ياسر” في قتل “عثمان بن عفان”.
فرصة الأمويين
يسرد المؤلف وقائع تاريخية لوصول بني أمية للحكم، فقد كانوا ينتظرون الفرصة، ولم يكون القرشيون مقتنعين بتولي “أبي بكر” ومن بعده “عمر” للخلافة، وكانوا يخشون وصول “علي” لها.. وكان “معاوية بن ابي سفيان” قد أستعد في دمشق لهذا اليوم منذ تولي “عمر بن الخطاب” للخلافة، وعند تولي “عثمان بن عفان” أصبحت دمشق بمثابة العاصمة الفعلية للدولة الإسلامية، وكان “معاوية” ينتظر وصوله للحكم ليحوله إلى ملك عضوض، وهو ماحدث.
يذكر “الوردي” أنه بعد تولي “عثمان” للخلافة وتقريبه لأقربائه منحهم الأموال والأملاك ومناصب الدولة بدأ الأعراب يشعرون بتعالي القرشيين وظلم “عثمان” لهم في الفتوحات العديدة، ورأوا أن الغنائم تصب في جيب القرشيين وحدهم، ومن هنا كانت بداية الثورة.
هل قتل الأمويون عثمان
يتهم المؤلف “معاوية بن أبي سفيان” بالمشاركة في مقتل “عثمان” حين منع مده بالجنود، كما يتهم “مروان” بالتصرف بحمق ورعونة في عهد “عثمان” وأثناء الثورة عليه، ومشاركته في تهييج الناس على “عثمان” وعرقلة الصلح مع الثوار، بينما بدا “مروان” نفسه على شئ من الاتزان والتروي وبُعد النظر بعد مقتل “عثمان”.. كما يتهمه المؤلف بتزييف الكتاب الموقّع بخاتم “عثمان”، والموجه إلى والي مصر لقتل الثوار حين وصولهم إليه، خاصة أن الغلام حامل الرسالة لم يكن متخفيا، بل أعلن عن نفسه ومهمته للثوار وهم في طريقهم إلى مصر، وكأن الأمر مقصود ينطوي على مكيدة ضد “عثمان”.
عودة للجاهلية
يواصل المؤلف تشريحه الاجتماعي/ النفسي لقريش، فيزيد من صفحات الكتاب يخصصها لقريش ودخولها الإسلام.. فبينما كانت قريش في وجاهة وكرامة ويسار قبل ظهور الإسلام، فقد اختلف الأمر جذريا بعد ذلك، فحلت الخطابة محل الشعر في التعبير عن النفس والقضايا العامة والخاصة، مما أنزل قريشا درجات على السلم الاجتماعي، وهو تحول يساير تحول المجتمع نفسه من نظامه الفبلي القديم إلى نظامه الديني الجديد، لذا أصبح المجتمع بحاجة لواعظ لا لشاعر.
لكن حين وصل الأمويون إلى الحكم، أخذ “معاوية” يحيي القيم العربية/ البدوية ومنها الشعر، وعلى نهجه سار “يزيد”، غير أن إحياء الأمويين للتقاليد البدوية القديمة لم يتوقف عند الشكل والوسيلة، بل امتد لمنظومة الفيم نفسها ومنها الفخار القبلي والعنصرية البدوية، وأثار الأمويون النزاع القديم بين عدنان وقحطان، كما عملوا على بث روح النعرة الجنسية ضد الجنسيات الأخرى، فصارت دولتهم “دولة شعرية عربية” لا تفهم الإسلام إلا على أساس قومي/ بدوي، واختزلوا “محمدا” ليصبح في نظرهم بطلا قوميا للعرب، وبذلك دخل الدين الإسلامي طورا جديدا هو الغزو القومي، والفتح والاستعمار.
دور عمار بن ياسر
ينسب “د. علي الوردي” في “وعاظ السلاطين” إلى “عمار بن ياسر” قيامه بدور كبير في الصراع الاجتماعي في عهد “عثمان بن عفان” ويرى أن دور “عمار” كان أشد وأبلغ من دور “أبي ذر الغفاري”.. وكان “عمار” يميل إلى “علي بن أبي طالب” ضد “عثمان”، فعثمان في نظر “عمار” يمثل قريشا التي كان يعتقد أنهم لم يسلموا حقا، بل استسلموا للأمر الواقع وتظاهروا بالإسلام انتظارا لفرصةٍ ما، بل وصل الأمر عند “عمار” إلى القول بأن “عثمان بن عفان” خرج عن طريق سلفيه العظيمين -أبي بكر وعمر-.

هنا يخطو المؤلف خطوة واسعة للأمام فيصف “عمار بن ياسر” بأنه كان سبئيا من الطراز الأول، بل إنه كان زعيم السبئيين الأول، ويتهم المؤرخين بالتقصير المخل -بما يعني الخيانة العلمية ولي عنق التفسير التاريخي للأحداث- بإحجامهم عن وصف “عمار بن ياسر” بالسبئية رغم ذكرهم حالات عديدة تؤكد ذلك.
علي.. قنبلة ذرية
عن “علي بن أبي طالب” يرى “علي الوردي” أنه أكثر الرجال إثارة للجدل في الأمة الإسلامية، فيذهب البعض إلى تأليهه، ويزيد من الجدل كثرة الأحاديث المنسوبة للنبي (ص) في مدح “علي”، مما لاقى هوى في نفوس مؤيديه.. ويشبّه المؤلف أسطورة “علي بن أبي طالب” بالقنبلة الذرية وقد فجّر ذرتها الأولى الرسول (ص) ثم توالت الانفجارات، خاصة بعد قيام “علي” بثورته الكبرى من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية.
هنا يظهر الخلاف بين الشيعة والسنة، فالشيعة يؤمنون بأن النبي أوصى لعلي بالخلافة من بعده، فيما ينكر السنة ذلك، وقضية الشيعة والسنة هي أكثر القضايا وعورة في خوضها في نظرالمؤلف ولاسيما في العراق، ويرى أن المشكلة تكمن مبدئيا في اعتمادنا على منطق قديم يعتبر الحق والباطل أمرين متضادين، بينما يعتبرهما المنطق الحديث أمرين اعتباريين، والنزاع فيهما نزاع على المقاييس أكثر منه على الحقائق، ويقول المؤلف إن العباسيين كانوا من الشيعة، ولكنهم يتشيعون لأهل البيت -يقصدون العباس وأولاده- لأنهم -في نظرهم- اولى من “علي” و”فاطمة” بوراثة النبي، ويقول إن كلا من الشيعة والسنة أخذ في التطرف والتعصب، فالسنة جعلوا مقياسهم في الصحابة هو الفضيلة، والشيعة جعلوه في النسب العلوي، وبدأ ظهور مصطلحي “الروافض” وأطلقه السنة على الشيعة لرفضهم الصحابة، وأطلق الشيعة لقب “النواصب” على السنة لأنهم ناصبوا اهل البيت العداء، وبهذا زاد الغلو وأصبح داء اجتماعيا وبيلا.
زمان الشعوب
يصل المؤلف في ختام “وعاظ السلاطين” إلى ضعف نفوذ التدين الذي حل بدلا منه نفوذ “وعاظ التمدن” من دعاة المجد التليد، ويقول إن الغريب أن الدعاة المتفرنجين لايختلفون عن الوعاظ المعممين إلا بمظاهرهم الخارجية ومصطلحاتهم التي يتشدقون بها، هؤلاء يصيحون: الدين.. الدين، وأولئك يصيحون: التمدن.. التمدن.. وقد آن الأوان لكي نُحدث انقلابا في أسلوب تفكيرنا، فقد ذهب زمان السلاطين، وحل محله زمان الشعوب.
* كاتب وصحافي مصري



#عبدالرحيم_كمال (هاشتاغ)       Abdulrahim_Kamal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بيت خالتي-.. رواية تفضح آلة التعذيب السورية
- موسى.. الجدل المتجدد بين الدين والعلم


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم كمال - “وعاظ السلاطين”.. الأزمة الدائمة في الأمة الإسلامية