|
مطلوب بلورة موقف إقليمي ودولي لرفض مقترحات ترامب
علي ابوحبله
الحوار المتمدن-العدد: 8236 - 2025 / 1 / 28 - 13:26
المحور:
القضية الفلسطينية
المحامي علي ابوحبله
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه وإدانته الشديدة إزاء تصريحات الرئيس الأمريكي رونالد ترامب، التي أعلن فيها عن نيته تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ودعوته الدول المجاورة إلى استقبال الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، بعد أكثر من 15 شهرا من ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية بحقهم، وما تضمنته من تدمير شامل لمقومات الحياة الأساسية في القطاع، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأكد الأورومتوسطي على أن أي خطط لنقل السكان المدنيين قسرًا تحت الاحتلال هي مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص بوضوح على حظر الترحيل ألقسري للسكان الواقعين تحت الاحتلال. كما أن مثل هذه الخطط تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتعارض مع الحق الطبيعي والمكفول دولياً للشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه ووطنه. وإن التهجير ألقسري للفلسطينيين لا يمثل فقط جريمة دولية، بل هو جزء من إستراتيجية تهدف إلى تعزيز جرائم الترحيل ألقسري والطرد المنهجي التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ عقود.
وتثير دعوة الرئيس الأمريكي ترامب الأردن ومصر إلى استقبال الغزيين بعد تدمير مقومات الحياة في غزه علامات استفهام ؟؟؟ ترتبط بمصير غزه في مرحلة ما بعد الحرب، وتحديداً لجهة ما إذا كان الترتيب المنشود، أميركياً وإسرائيلياً، هو " تطهير" القطاع، وتسليمه لإسرائيل لضمّه، في ما يبدو إحياء للخطّة الأصلية التي بلورتها إسرائيل مع بدء الحرب، عندما أرادت ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء. لكنّ الخطّة هذه تُعدّ أكثر طموحاً من سابقتها، كونها لا تستثني أياً من أهالي غزة، بعكس الخطّة الأصلية التي كانت تقتصر على تهجير سكان المناطق الواقعة إلى الشمال من محور " نتساريم "
ولعل هذه هي المرة الأولى التي يتحدّث فيها ترامب علانية عن مستقبل القطاع ما بعد الحرب، مخالفاً كلّ توقعات الخبراء حيال مقاربته للصراع في غزة واليوم الذي يليه. ومن شأن هكذا مقاربة، على رغم اختلاف أسبابها، أن تعيد الأمل إلى الفاشيين في إسرائيل بإمكان السيطرة من جديد على القطاع، تمهيداً للمباشرة في استيطانه وضمّه. وبالفعل، سارع الوزير المستقيل من الحكومة الإسرائيلية، رئيس حزب " قوّة يهودية" الفاشي إيتمار بن غفير، إلى التعليق، بالقول إن " أحد مطالبنا من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هو تشجيع الهجرة الطوعية. وعندما يَطرح رئيس أكبر قوّة في العالم، ترامب، الفكرة بنفسه، فيجب على الحكومة الإسرائيلية تنفيذها. فَلْنشجّع الهجرة الآن" . أمّا وزير المالية، رئيس حزب " الصهيونية الدينية" ، بتسلئيل سموتريتش، فقال إن " فكرة مساعدتهم (الغزيين) في العثور على أماكن أخرى لبدء حياة جيّدة جديدة، هي فكرة عظيمة" ، مضيفاً أنه " بعد 76 عاماً تمّ فيها احتجاز معظم سكان غزة قسراً في ظروف قاسية من أجل الحفاظ على طموح تدمير دولة إسرائيل، جاءت فكرة مساعدتهم في إيجاد أماكن أخرى لبدء حياة جديدة جيدة وأفضل في مكان آخر، ويجب أن تكون لدى الحكومة (الإسرائيلية) خطّة عملية لتنفيذ ذلك في أسرع وقت ممكن"
إن تصريحات ترمب التي تتماها مع تطلعات الفاشيين الإسرائيليين والداعية إلى تفريغ غزة من سكانها عبر إجبار الدول المجاورة على استيعابهم، تتناقض مع الروابط التاريخية والثقافية العميقة التي تربط الفلسطينيين بأرضهم، فضلا عن أنها تُعد بمثابة دعم مباشر لسياسات إسرائيل التوسعية والاستعمارية، التي تسعى بشكل منهجي إلى تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها لصالح مشاريعها الاستعمارية الاستيطانية غير القانونية، بهدف إحلال الإسرائيليين مكان الفلسطينيين.
لقد تعمدت إسرائيل على مدى أشهر طويلة على تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية عبر ارتكاب مجازر واسعة النطاق، استهدفت المدنيين، ودمرت الأحياء والمدن والبنية التحتية في قطاع غزة بشكل منهجي، في محاولة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية واقتلاعهم من أرضهم. ولم تقتصر هذه السياسات على القتل والتدمير والتجويع، بل امتدت إلى تدمير مقومات الحياة الأساسية، مثل المياه والكهرباء والتعليم والخدمات الصحية، لتقويض قدرة الفلسطينيين على الصمود على أرضهم وخلق بيئة قسرية تدفعهم إلى مغادرة وطنهم.
وموقف ترامب ودعوته لترحيل الغزيين من أماكن سكناهم هي مكافأة للمجرم على حساب أصحاب الحق الشرعيين ، وان تدمير الجيش الإسرائيلي مدناً وأحياء فلسطينية بأكملها في قطاع غزة يعد تجسيداً واضحاً لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأداة رئيسة لتنفيذها..
لم تقتصر جريمة حرب الاباده على قتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين بل عمدت إلى التدمير الممن هج للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بالكامل بنسيجها المعماري والحضاري، وما يتبع ذلك من تدمير للهوية الوطنية والثقافية واستئصال للفلسطيني من أرضه ، وفرض التهجير ألقسري الدائم عليهم، ومنع عودتهم، وتفكيك مجتمعاتهم، وطمس ذاكرتهم الجمعية، في محاولة منهجية للقضاء على وجودهم المادي والإنساني وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
مطلوب بلورة موقف إقليمي ودولي رافض لتصريحات ترامب بشأن ترحيل سكان قطاع غزة، وأن في اقتراح التهجير الجماعي كحل للصراع المستمر لا يؤدي إلى عدم معالجة جذور المشكلة فحسب، بل يعمق معاناة الشعب الفلسطيني ويزيد من الظلم الواقع عليه، ويسلب حقوقهم المشروعة في تقرير مصيرهم والعيش في وطنهم بأمان، كما من شأن هذه التصريحات وأي خطوات مترتبة عليها، زعزعة الاستقرار الإقليمي وتعزيز التوترات في المنطقة.
وهذا يتطلب من المجتمع الدولي موقف حاسم ورافض لتصريحات ترامب ، وضرورة الالتزام التام بمبادئ القانون الدولي، وبتبني حلول قائمة على احترام حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية، ومحاسبة إسرائيل عن جرائمها المستمرة، ووضع مسار واضح لتحقيق العدالة للفلسطينيين، مع ضمان عودة جميع اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى مناطقهم الأصلية وفقًا للقرارات الدولية ذات الصلة، بدلا من العمل بأي شكل من الأشكال على دعم أية سياسات تهدف إلى اقتلاع سكان فلسطين الأصليين لصالح إسرائيل.
#علي_ابوحبله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدس تناديكم فهل من مستجيب
-
إدارة ترمب معنية بتنفيذ الاتفاق بمرحلتيه
-
عملية السور الحديدي ضمن أهداف الحرب لتشمل الضفة الغربية
-
ضمن مفهوم وفلسفة التعاون كرافعه لدعم الاقتصاد الفلسطيني
-
رسالة نتنياهو لترامب في يوم تنصيبه ماذا تحمل من مضامين وأبعا
...
-
عنف المستوطنين وانعدام القانون
-
انقسامات في حكومة إسرائيل تهدد مستقبل نتنياهو واستمرار وقف ا
...
-
مرحلة ما بعد الحرب على غزه
-
متطلبات المرحلة المفصلية من تاريخ القضية الفلسطينية تتطلب وح
...
-
لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزه تحمل في مضمونها خطر ال
...
-
ترامب وريغان.. والتاريخ يعيد نفسه بالتوصل لصفقه تنهي الحرب ع
...
-
الإصلاح من البوابة الفلسطينية ومتطلباته التعددية والشراكة ال
...
-
شدّ وجذب بين الحكومة والمعارضة اثر ملاحقة الجنود الإسرائيليي
...
-
يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويخل بميزان العدالة الدولية
-
الحوار الوطني مطلب شعبي
-
بمناسبة يوم الشهيد الفلسطيني نستذكر كل الشهداء على ثرى فلسطي
...
-
سوريا في انتظار المؤتمر الوطني لملئ الفراغ الدستوري
-
متطلبات المرحلة تقتضي الحفاظ على الوحدة الوطنية ووحدة التمثي
...
-
هناك إجماع على أنّ -إسرائيل- متهمه بارتكاب إبادة جماعية في غ
...
-
المال السياسي الفاسد وشراء الو لاءات والذمم وخطورته على وحدة
...
المزيد.....
-
-كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد
...
-
فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط
...
-
عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في
...
-
السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت
...
-
ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
-
زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي
...
-
إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة
...
-
لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال
...
-
-واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
-
-ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|