|
الدين البهائي جدل وأفكار ج 3 والأخير
ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)
الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 18:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
• الاشراقات البهائية: - وفيها نرى استمرار التناص بالمعنى واللفظ مع القران "ونزل ذلك من القلم الاعلى في الزبر والالواح" فيها ما يشابهها في القران حول كلمة النزول المستخدمة بكثرة فيه" ونزلنا" "وانزلناه" " انا انزلنه في ليلة القدر" هذا من ناحية اللفظ اما المعنى فنرى " ما يطلبه هذا المظلوم من الكل هو العدل والانصاف" كذلك يقول" لذا نفخ في الصور مرة اخرى " لفظ استخدممه البهاء لمعنى اخر غير مناسبة القيامة المستخدم في القران . - - "حزب الله" يقول البهاء" يجب على حزب الله ان يبذلوا الجهد البليغ" يقول القران" الا ان حزب الله هم الغالبون" وغيرها من الايات التي وردت فيها هذه الكلمة. - "وجادلوا باياتك وكفروا بنعمتك بعد ظهورها وكلمتك بعد انزالها وبحجتك بعد اكمالها" في القران نجد معنى الجدال في الايات القرانية من قبل المخالفين للرسول انذاك" وفي القران نجد " وجادلهم بالتي هي احسن" فمعنى الجدال موجود ، فقد ورد الجدل كلفظ في القران 29 مرة حسب ما تشير الى ذلك الحسابات الالكترونية .وبسياقات معنوية وليس كلمة جدل بالتحديد. - ويستمر كذلك بذكره لاسماء كثر يستنسخها من القران تماما" قد جاءت الحاقة واتى الحق بالحجة والبرهان" "قد اتت الزلازل وناحت القبائل" الحاقة ما الحاقة " سورة الحاقة التي وردت في القران والزلازل هنالك سورة كاملة تحمل اسمها الزلزلة وهكذا " قال هل الطامة تمت قل اي ورب الارباب" حيث نرى الطامة في القران ايضا: فإذا جاءت الطامة الكبرى 34 يوم يتذكر الإنسان ما سعى 35 وبرزت الجحيم لمن يرى 36 فأما من طغى 37 وآثر الحياة الدنيا 38 فإن الجحيم هي المأوى ..(النازعات)
• البشارات في الدين البهائي:
اما في البشارات ، نجد اغلب العبارات مستقاة من القران ولكن تتجلى الامور واضحة في البشارة المعنونة (هو المبين العليم الخبير) على سبيل المثال حيث تحوي الكلمات التالية الموجودة بكثرة في القران" اسمائه ، صفاته، النداء، الكلمة العليا، بكوثر، القصص ،الكلمة الطيبة، المباركة، العليا، علم فاطر السماء ، خالق، طوبى " ففي هذا النص المكون من ثلاثة اسطر نجد 13 كلمة كلها من القران مستقاة ، وهكذا بقية النصوص ، نستشف ان الخطاب الصادر من بهاء الله النوري مستقى من القران ولكن بطريقة ذكية اي انه: يوظف كلمات الكتاب في صياغة خطابه دون ان يقع في استنساخ مباشر سوى في بعض الالواح وكذلك عبر الية الجمع بين عدة ايات حيث يضعها في اية خطاب واحد مما يموه القارئ كما بينا فيما سبق . في البشارة الاولى نقرأ :ام الكتاب، السماوات والارضين ، ولكن الجميل في هذه البشارة الغاء حكم الجهاد فنرى البهاء يخالف تعاليم الاسلام في هذا المجال ويعد الغاء الجهاد لوحده دعامة اساسية من دعامات دينه الجديد ورفضه القاطع لالغاء الاخر ناهيك عن قتاله يقول في البشارة الاولى " التي منحت من ام الكتاب في هذا الظهور الاعظم لجميع اهل العالم محو حكم الجهاد من الكتاب" ، الانفتاح على الاخر والتسامح ديدن البهائيين ، (صدور الاذن لاحزاب العالم بان يتعاشروا بالروح والريحان ، عاشروا يا قوم مع الاديان كلها بالروح والريحان) وهذه نقطة هامة نراها صدرت في ظل التطرف الموجود اثناء نشوء وتكوين البهائية وفي ظل الالغاء المتبادل بين السنة والشيعة نرى البهائيين يأمرون بالتعاشر والتسامح والتعايش. • العالمية في الدين البهائي: نعم هذا ما نلحظه في البشارة الثالثة /فالنوري يطالب ان تكون هنالك لغة عالمية توحد العالم وتوصل المعاني بين الناس اجمعين فهو يطالب بالعولمة وفي وقت مبكر لما في اللغة الموحدة من اهمية في ايصال الصوت والرسالة والتفاهم وهو يطلب من الملوك (يختاروا لغة من اللغات المتداولة او يقرروا لغة جديدة ويعلموا بها الاطفال في مدارس العالم، فحينئذ نشاهد الارض قطعة واحدة ) والملاحظ لهذه العبارة ممكن ان يؤولها فالارض اليوم قطعة واحدة ليس فقط باللغة بل بثورة الاتصالات التي نراها ملأت اصقاع الارض فمن خلال وسائل التواصل الاجتماعية بالامكان ان نرى ونستمع للاخر بل وان نترجم كلامه بواسطة وسائل الترجمة فكأنما كان البهاء يتصور ما ستؤول اليه الارض كما اليوم. بمشاهدة الارض كقطعة واحدة . البشارة الرابعة :تاخر الاتباع باطاعة ولي الامر الذي يحافظ على الدين البهائي او كما يسميه اللوح"الحزب المظلوم" كما ويلزم دينه بانه اذا اقام دولة فهي دولة امانة وصدق عسى"ان يتبدل سلاح العالم بالصلاح وان يرتفع الفساد" وهذا يدلل على انه كان يبحث عن اقامة دولة ويسعى للعمل السياسي. ولا يتدخل الدين البهائي بألبسة الناس وطرق معيشوععيشهم وهذا ما يفصل الدين عن حياة الناس ،فمن غير المعقول ان يتدخل الدين حتى في طريقة دخول الحمام او النوم في الفراش او حتى تخليل اللحية (قال رايت عثمان توضأ ،فخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول الله توضأ) فالاسلام يتدخل في كل شيء ، واللحية مهم وجودها في الاسلام في حين نرى البهاء يقول" فوض زمام الالبسة وترتيب اللحى واصلاحها الى اختيار العباد" والمسلمون بعد مرور 1400 سنة على دينهم ما زالوا فقهاءهم مختلفين حول اللحية ، تحلق ام لا؟ وهكذا يأتي شخص مثل البهاء محطما لهذه الصنمية التي تتدخل فغي تفاصيل الانسان كافة. ايضا يأمر اتباعه بالزواج (واذنا الكل بالتزاوج ليظهر منهم من يذكر الله")وهذه شبيهة بدعوة الرسول محمد (تزوجوا تكاثروا فاني مباهي بكم الامم) وهذه البشارة تدخل ضمن الاقتباسات التي اوردها البهاء ناقلا اياها من الاسلام وتعاليمه . وفي البشارة التاسعة نجد النوري يطلب من الناس عدم اعترافهم بأخطائهم لبعضهم البعض بل الاعتراف لله فقط. اما تحصيل العلم فهو امر ورد في البشارة رقم 11 (تحصيل العلوم والفنون من كل الانواع جائز) وهو بالتالي لا يضع تابو وحرمة على اي علم يتبناه انسان في سبيل رقي البشرية. وهذه البشارات تذكرنا ببشارات عيسى بن مريم في الانجيل حيث ان اختيار كلمة البشارة متأتية من الدين المسيحي. وفي البشارة رقم 12 يأمر مريديه ومتبعيه بالعمل واقرانه بالعبادة وهو شبيه بما ورد في القران عندما قرن العمل بالعبادة وفي ايات عدة فعلى سبيل المثال (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) (وقد وجب على كل واحد منكم الاشتغال بأمر من الامور من الصنائع وامثالها وجعلنا اشتغالكم بها نفس العبادة لله الحق) ثم ان التفكر في رحمة الله والشكر له هو ما يطلبه القران ايضا من اتباعه وحسب الايات الكثيرة التي وردت في هذا الباب وهنا يقول البهاء "تفكروا يا قوم في رحمة الله وألطافه ثم اشكروه في العشي والاشراق) وفي القران نجد" واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار" فقد رفع البهاء الابكار ووضع بدلها الاشراق والمعنى نفسه تماما . ولديه دعوة جميلة في بابها في البشارة رقم 12" لا تضيعوا اوقاتكم بالبطالة والكسالة واشتغلوا بما تنتفع به انفسكم وانفس غيركم" بالنتيجة نجد هكذا دعوات انسانية منطلقة لنفع الغير والبهاء يقرن نفع الانسان لنفسه بنفعه لغيره. وفيه هذه البشارة تكرار (وجعلنا اشتغالكم بها نفس العبادة لله الحق) ويقول ايضا" فكل من يشتغل بصنعة او احتراف ويعمل بها يعد عمله عند الله نفس العبادة" ويستخدم كلمات قرانية كما اشرنا من باب التناص "متوكلين على الله مسبب الاسباب" والتوكل على الاله هو نص قراني متراكم في الكتاب ومتكرر كثيرا وومسبب الاسباب كلمة قرانية ايضا . كما ويعطي مجموعة اخلاقيات ضمن البشارة رقم 13 مدار تربية العالم اسلوب المجازاة والمكافاة ولم يتطرق للعقوبة الا ان الجزاء يتضمن العقوبة ضمنا وهو بالتالي يشابه الاسلام الذي حكم الناس بالثواب والعقاب ، كذلك يأمر الناس الا تلعن احدا وتسبه وغض الابصار. وفي البشارة رقم 14 نجد دعوة سلفية تشابه ما يدعو اليه المذهب الوهابي السلفي والبشارة مأخوذة من حديث ينسب للرسول محمد يقول النوري" لا تشدوا الرحال خاصة لزيارة اهل القبور" والرسول يقول بما ورد عنه" لا تشدوا الرحال الا لثلاث بيت الله ومسجدي وبيت المقدس" .ويرجع مرة اخرى في البشارة رقم 15 ليكرر تأكيده لالغاء حكم الجهاد ويأمر بمعاشرة اهل الملك ومصاحبتهم وهي دعوة في غاية التسامح والمحبة ويأمر بقراءة الكتب المخالفة لهم والانفتاح على الغير فدعوة التعايش تنطلق من قراءة الاخر ومصاحبته ومعاشرته. "وكما كان من المحقق الثابت في المذاهب السابقة حكم الجهاد ، ومحو الكتاب والنهي عن معاشرة الملك ومصاحبتهم والنهي عن قراءة بعض الكتب نظرا لمقتضيات ذلك الوقت الى ان يقول: ننسخ ما سبق ذكره من هذه الاحكام" وهذه رؤية جميلة في بابها : حيث الغاء حكم الجهاد الارهابي والسماح للجميع بالاطلاع على الكتب بتنوعاتها وليس كما يفعل اليوم اصحاب بعض المذاهب بطلبهم من الاتباع السذج عدم الاطلاع على كتب الضلالة كما يسمونها وما زالت بعض المذاهب تشتغل على هذا الموضوع واخصص بالذكر الشيعة الاصولية والشيخية . وفي نفس البشارة نراه يعتمد نظاما للحكم ويشير لتطبيقه وهو "الجمهورية" ويعتبر ان السلطنة اهم منه واكثر ارتكازا "وان جمع اهل التدبير بين الاثنين فأجرهم عند الله عظيم" وهذا يدلل على رغباته السياسية الجامحة بعد ان كنا قد اشرنا الى بعض منها في سياق حديثنا السابق. • الطرازات واحكامها والتناص بينها وبين القران: في الطرازات يستمر التناص ولكن بخلاف المعنى "الذي اشرق من افق سماء ام الكتاب في معرفة نفسه" وفي مظاهر الاخلاق يطلب البهاء من اتباعه التحصيل من طريق الصنعة فهي ممدوحة ومقبولة عند اهل العقول او كما يسميهم (اولي النهى) استخدامه عبارة"الصراط المستقيم" في اللفظ والمعنى وهي عبارة منسوخة تماما من القران . وتبقى الاخلاق هي السند الحتمي والكبير للدين البهائي "يجب على اهل البهاء في جميع الاحوال ان يعملوا بما يليق بمكارم الاخلاق وان يكونوا سببا لانتباه النفوس"(الالواح) اما التعايش فهو مهم عند البهاءولا يقارن بالاديان البقية ولاسيما الاسلام الذي الغى الاديان الاخرى واعتبر الاسلام خاتمها وغير المسلمين ملزمين بدفع الجزية وهم صاغرين " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين" اما البهائيون فنجد البهاء في الطراز الثاني كما يسميه وفي هذا النص على الاقل يوصي اتباعه بما اسميه "انقلاب على المفاهيم الاسلامية" وتقدم كبير في حينها اقصد في مفاهيم القرن التاسع عشر حيث الغاء الاخر على اشده يقول في الطراز الثاني" المعاشرة مع الاديان بالروح والريحان واظهار ما أتى به مكلم الطور والانصاف في الامور" ويزيد قائلا" يجب على اهل الصفاء والوفاء ان يعاشروا جميع اهل العالم بالروح والريحان لان المعاشرة لم تزل ولا تزال سبب الاتحاد والاتفاق وهما سببا نظام العالم وحياة الامم، طوبى للذين تمسكوا بحبل الشفقة والرأفة وخلت نفوسهم وتحررت من الضغينة والبغضاء وان هذا المظلوم ويقصد نفسه، ليوصي اهل العالم بالتسامح والعمل الطيب وهذا هما السراجان لظلمة العالم والمعلمان لتهذيب الامم" (الطرز 2) حيث نجد ان التسامح والتعايش والعمل الطيب هو ما يوصي به البهاء اتباعه. فمن هذا القول يتبين لنا التسامح الذي كان يروج له البهاء لاتباعه ويركز البهاء في الطبعة 3 على مفاهيم الاخلاق فالخلق عنده هو المهيمن. اما مفهوم الامانة فهو مفهوم مشابه للمعنى الذي ورد في القران :"انا عرضنا الامانة على السموات والارض فأبين ان يحملنها وحملها الانسان " نرى البهاء يجسدها قولا بقوله" ان الامانة هي الوسيلة العظمى لراحة الخلق واطمئنانهم" والحق والصدق هو ديدن البهائيين "وان يتكلموا بالحق والصدق ولاينكروا فضل احد ويحترموا ارباب الفننون ، ولايدنسوا السنتهم كالطوائف السابقة ببذيء الكلام" فالعلم هو ديدن المفاهيم الانسانية التي يعتمدها البهائيون. ونرى التناص على اوجه في الطراز رقم 6 بل انه يعتمد نصا من سورة التكوير (قد ظهرت اسرار القيامة واشراط الساعة ولكن الناس عنها غافلون محتجبون ) وفي التكوير نقرا " واذا البحار سجرت ... واذا الصحف نشرت )ويقول ايضا" تالله الحق ان الصبح تنفس والنور اشرق والليل عسعس طوبى للعارفين ، طوبى للفائزين"والصبح تنفس كلمة قرانية وردت في التكوير (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) 17-18 اذن يتضح لدينا ان كلمات البهاء هي خليط من القران وكلماته الخاصة وحتى من الانجيل . • التجليات: نراه يركز مرة اخرى على الفنون والعلوم فهو يقرنها سوية فالعلم"هو بمنزلة الجناح للوجود ومرقاة للصعود تحصيله واجب على الكل" ويركز ايضا في التجليات وعبر التكرار على شخص اسمه" علي اكبر" (وهو علي اكبر البناه ، احد البهائيين من مدينة يزد ، وضع مخططا لبناء مشرق الاذكار في مدينة عشق اباد وفاز مخططه بموافقة عبد البهاء، وضحى بنفسه في سبيل عقيدته وقتل عام 1903 في مدينة يزد) (الالواح،م س) هذا ما ذكر في (صحيفة الله المهيمن القيوم هو السامع) (يا علي قيل اكبر انا سمعنا نداءك مرة بعد مرة من افقه الاعلى) في التجليات ورجع وذكره في (التجلي الثاني) (يا علي قبل اكبر فكر في ضعة مقام المعرضين) وفي التجلي الرابع تم ذكره ايضا( يا علي قبل اكبر ذكر الناس بايات ربك وعرفهم صراطه المستقيم والنبأ العظيم) وفي الكلمات الفردوسية يذكر رجل اخر اسمه (ميرزا حيدر علي) وهو مبلغ بهائي ومؤلف بارز امضى تسعة اعوام منفيا وسجينا في الخرطوم ،قام بأسفار متتالية وواسعة النطاق في انحاء ايران، مات عام 1920م له" دلائل العرفان ، بهجة الصدور ، كتاب سيرة ابي الفضائل" (يا حيدر قبل علي عليك ثناء الله وبهاؤه) وهؤلاء أي من يذكرهم البهاء يصبغ عليهم صبغة قدسية ليكون ائمة للدين البهائي وشخصيات بارزة فيه يتم اتباعهم في الكثير من القضايا وهي احد اهم توجهات أي دين جديد يظهر للوجود وهكذا نجح البهاء في هذا المسعى لتثبيت دينه واركانه والعجيب هو تحمل هؤلاء المشاق في سبيل اتباع البهاء. ويذكر نصا في الكلمات الفردوسية من اجمل ما يكون "قل ان الانسان يرتفع بأمانته وعفته وعقله واخلاقه ويهبط بخيانته وكذبه وجهله ونفاقه، لعمري لا يسمو الانسان بالزينة والثروة بل بالاداب والمعرفة" ومن مظاهر تجلي الانجيل في كتابات بهاء الله النوري قوله" لا بد من ان يظهر من الانسان ثمر ،لان الانسان الخالي من الثمر كما نطق به حضرة الروح "ويقصد عيسى" بمكانة الشجر بلا ثمر ، والشجر بلا ثمر لائق بالنار"" الكلمات الفردوسية ، م س ، ص231" وركز في الكلمات الفردوسية على جملة مهمة من المعاني الانسانية الفريدة لنهضة الانسان منها العقل فالعقل لديه "هو العالم والمعلم الاول في مدرسة الوجود وهو المرشد والحائز للرتبة العليا" " كلمة الله ،في الورق الخامس من الفردوس الاعلى" بل هو العالم والمعلم الاول في مدرسة الوجود كما ان بعض عباراته تبين اطلاعه الكبير على الفرق الاسلامية ، فمفهوم الوعد والوعيد مفهوم معتزلي وهو احد الاصول الخمسة لمدرسة الاعتزال، استعمله بهاء الله النوري قائلا" فمن الاول ظهرت بشارة الوعد ، ومن الثاني خوف الوعيد" ومن الوعد والوعيد ظهر الخوف والرجاء" اذن فالوعد والوعيد هو اسلوب الثواب والعقاب فالبهائية ليسوا بعيدين عن مفهوم الثواب والعقاب ، فبشارة الوعد وخوف الوعيد كلاهما يركز عليه بهاء الله على الرغم من تركيزه على المفاهيم الانسانية والاخلاق . والعدل له مكانه في الدين الجديد والاتحاد بين العلماء مفهوم جدديد يبينه " يا علماء الامم غضوا الاعين عن التباعد وانظروا الى التقارب والاتحاد وتمسكوا بالاسباب التي توجب الراحة والاطمئنان" وهو يركز من خلال الاتحاد على العالمية "وجه الارض عبارة عن شبر واحد ووطن واحد ومقام واحد فتجاوزوا عن الافتخار الموجب للاختلاف" والافتخار مهم لديه ولكن بماذا؟ بالعلم والعمل والاخلاق والحكمة لا تيارها . كذك نراه لا يختلف عن بقية الاديان بضرورة تعلم الدين للاطفال كي ينشؤوا عليه يقول في الاشراق السابع " ان القلم الاعلى يوصي الكل بتعليم الاطفال وتربيتهم ... والذي ترك ما امرنا به فللأمناء ان ياخذووا منه ما يكون لازما لتربيتهما ان كان غنيا " ص208-209 ، الكلمات الفردوسية ، يوسف افنان ثبت ، م س بالتالي فان نشوء الاطفال على الاديان هو مطلب ضروري لاستمرار الدين كذلك يقول" ان تعلم الاطفال شرائط الدين يمنعهم الوعد والوعيد المذكوران في الكتب الالهية عن المناهي ويزينهم بطراز الاوامر" على ان لا يكون هنالك تعصب وحمية الجاهلية وهنا ما اشك في عدم حدوثه والتعصب عدم حدوثه منوط بأمر يصطدم به وهو مالم يكن منصوصا من الحدود في الكتاب صراحة" أي بمعنى يجب تطبيق الحدود وان كانت تسبب التعصب ،فمهما حاول عدم التعصب فان عدمه سيصطدم بالحدود، وهذا ما يحصل اليوم في الاسلام فتطبيق الحدود تزيد من التطرف فيه الى حد مقرف وللاسف فمع التسامح الذي تحدثنا عنه لدى البهائيين فهو يريد تعليم الاطفال الدين وبشرط عدم التعصب الا عند تطبيق الحدود. ويرجع مرة اخرى الى ضرورة التوحد والتوحيد للعالم، "يجب بذل الجهد حتى ينتهي الى لسان واحد" وانا ارى التناقض موجود في هذا الدين حاله حال الاديان الاخرى فمرة التسامح ومرة التبشير بالدين ومرة تعليم الدين وتطبيق الحدود ، بل انهم يدعون لدينهم بشكل كبير فاصلاح المفاسد في العالم والمتأتية من الغرب وبسببه يتم من خلال "مذهب من المذاهب ، اسمعوا نداء المظلوم ويقصد نفسه وتمسكوا بالصلح الاكبر" ونرى بهاء الله، يتدخل بأمور ما كان له ان يتدخل بها ، فنراه مثلا يقول في الورق العاشر "يا اهل الارض ان الانزواء والرياضات الشاقة غير فائزة بعز القبول"فما هو دخلك في الرهبنة التي يقوم بها الكثير من رجالات الاديان الاخرى كما ان بعض نصوصهم لا تحترم حرية العقيدة واختيارها وهي بذلك تتشابه مع بقية الاديان بضرورة الالتزام بنهجها وهذا ما يتضح بأوامره لاتباعه بضرورة التمسك بنهج ديانته حتى اللحظة الاخيرة ، انا نأمر مظاهر الاسماء والصفات ان يتمسك كل منهم من الان فصاعدا بما ظهر في هذا الظهور الاعظم ولايكونوا اسباب الاختلاف" فالالتزام ضروري للابقاء على الدين البهائي بل ان الاختلاف لديه قد يؤدي الى ان يكون سبب لسسفك الدماء وعلة انقلاب العباد، فلا حرية في اختيار العقيدة والاستمرار بالديانة البهائية والالتزام بنهجها ضرورة ملحة . ويدعي بهاء الله النوري ان ما جاء به من ايات لا تشابه الايات التي وردت قبله"ان ايات ام الكتاب اليوم مشرقة ولائحة كالشمس ولا تشبه قط ما قبلها وما بعدها " ونراه يهاجم من المذاهب ما يوازيه فيقول" لهذا الظهور الذي به ارتعدت فرائض الاسماء وسقطت اصنام الاوهام" ويرجع ليلغي التشيع بقوله" يشاهد المعرضون من اهل البيان ، بمثابة حزب الشيعة ، ويمشون على قدمهم ، ذروهم في اوهامهم وظنونهم انهم من الاخرين في كتاب الله العليم ، الحكيم، فجميع علماء الشيعة مشتغلون الان على المنابر بسبب الحق ولعنه" " ص240-241 ، الكلمات الفردوسية . الورق الحادي عشر . فيتبين لنا حتى انه لا يسمي الشيعة مذهبا بل حزبا بقصد الاساءة اليه ولا عجب ، فالشيعة انذاك اذوهم كثيرا. ومع ذلك فلم يستطع التسامح مع من اذاه ، ولكن يبقى متسامحا مقارنة بمجايليه من الاسلاميين. الا ان توحيد الاديان اصطدم بعدة امور لدى بهاء الله: الاشارة الى احقية الدين وهذا ما فعله بهاء الله .وعدم السماح للاتباع وباتباع دين اخر ، أي بحرية العقيدة ، بل الالتزام الحرفي بالديانة البهائية وتعليم الاطفال تعاليمها لضمان استمرارها وديمومتها . عدم التطرف في تطبيق احكام الديانة ولكن عندما يصطدم عدم التطرف بتطبيق حدود الدين ، فتطبيق الحدود واجب الالتزام به ، وهذه كلها تقف بالضد من توحيد الاديان الذي دعا اليه البهاء . كتب البهاء ومريديه كتابات عديدة تنذر من لم يتبعه بانه من اهل الضلال وهذا اتضح من خلال رسالة وجهتها قرة العين الى اهل السنة والجماعة في بغداد" فبعد ظهور هذا النور من افق البهاء وسر الاشياء واجب على الكل الاعراض عما سوى وجه ربه الاعلى، فكل مالا يعرفون فيطلبوون فهمه من الذي عنده مفاتح الغيب ، وعليه قصد السبيل" " ص131، بكاء الطاهرة، رسائل قرة العين ، ت :يوسف افنان ثابت ، دار المدى، ط 1، بغداد، 2008" كذا اغراق النصوص البهائية بالغنوصية والدوغمائية الشديدتين من استخدام المصطلحات والتلميحات وغيرها من الكلمات التي تتطلب شروحات وتعطي تاويلات عدة تجعل المتلقي السلبي وغير المطلع من الدخول بالدين الجديد لدوغمائية الدين ونصوصه، وانبهار المتلقي السلبي بهذه الدوغمائية الطاغية وكما مر في النصوص التي تحدثنا عنها . وهذه القضية في نظرنا مستمدة اصلا من تراث الشيخ الاوحد احمد الاحسائي مؤسس الفرقة الشيخية حيث قام بخطوات كرست هذه الدوغمائية في رفضه فكرة الاجتهاد وتكريسه الروايات المغالية ، واغراقه التراث الشيعي في بحر من الخرافات والاساطير بالاضافة الى موجود فيه اصلا ، وفكرة الجسد الهورقليائي الكائن البشري الى جانب الجسد الصوري ودعوته بقرب ظهور الامام المهدي ، معلنا انه على وشك الظهور وبموت الاحسائي قبل الموعد الذي حدده لظهور المهدي بعشرين عام تسلم زعامة مدرسته كاظم الرشتي الذي اوصاه استاذه بالخلافة الدينية بالتاهب والترقب لظهور المهدي وبالنتيجة هكذا بدأت الدوغمائية من خلال الشيخية حتى انتهت الى بهاء الله النوري ، حيث فتح كل هؤلاء السابقين له باب التاويلات والتفسيرات الكيفية .
ختاما سأشير إلى الأساس الأعظم الذي أنيطت به إدارة العالم الإنساني وهو: 1- على وزراء ....،.، الخ ص245، هذا ما كتبه في عكّا في سجنه، ويسمي المسلمين بالمعرفين والمنكرين، وهم متمسكين بأربع كلمات: ( فضرب الرقاب)، (إحراق الكتب) ، الإقتباس من الملل الأخرى)، (إفناء الأحزاب) وهو قد أزال هذه الأحكام الأربعة، و هو بالتالي: ألغى الجهاد، وهو تأكيد كما مر بنا، وهذه أعظم خطوة خطاها بهاء الله، وألغى إحراق الكتب، التي يقدم عليها المسلمون، تجاه الفلسفة وغيرهم، ودعى إلى التفاعل والتناغم، مع أصحاب الملل والأديان الأخرى من باب التعايش على الرغم من الغائه لهم، ولكن ليس بصورة متطرفة، ودعى الى الحفاظ على جميع الأحزاب دون الغائها، كما لديه نقد للشيعة إذ يقول(( فاسألوا الله جل جلاله، أن يهدي حزب الشيعة ويخلصهم من الصفات غير اللائقة، وتجري من لسان كل واحد من ذلك الحزب في كل يوم كلمة اللعنة، وباتت كلمة الملعون مما يتغذون به كل يوم )). اللعن مستمرا من بعضهم سيما لصحابة الرسول محمد زيادة في الفرقة، وكذلك يلعنون أي مخالف لهم، وهو يشير إلى لعنه من قبلهم، لانه خالف ملتهم وعارضها، بالتالي: إن الفكر السياسي الطائفي حتى اليوم يلعن. وفي بعض الكلمات القصار يتبين لنا التناص الذي استخدمه البهاء مع بعض الأحاديث والسور الواردة من المسلمين، مثلا : 1- أصل الحكمة، خشية الله.... وهي من (رأس الحكمة مخافة الله) فبدلا من رأس استخدم كلمة(أصل) وبدلا من (مخافة) استخدم(خشية). 2-أصل الحب: هو إقبال العبد الى المحبوب والإعراض عما سواه، وهي كلمة صوفية بحتة. 3-رأس الدين: هو الإقرار بما نزل من عند الله، واتباع ما شرع في محكم كتابه، وهذه الكلمة مشابهة تماما لإرادة القرآن بضرورة الإيمان بما نزل من الله، واتباع تشريعاته وأحكامه. كان بهاء الله يخاطب اتباعه بخطابات مقصودة لبعضهم سائرا بذلك على خطى القرآن مثلا الذي خاطب الرسول، وخاطب اتباعه بخطابات مقصودة وفي أسباب نزول واضحة المعالم. مثلا نجد بهاء الله في (لوح مقصود) خاطب الميرزا مقصود بهذا اللوح، وهو أحد البهائيين الأوائل سكن في بلاد الشام، بتأريخ 29/صفر/1299ه. 1882م وفي تلك الأيام جرت العادة بأن البهائيين كثيرا ما كانوا يوجهون رسائلهم إلى كاتب بهاء الله المسمى بميرزا (آقاجان) المعروف ب خادم الله، والعبد الحاضر بدلا يرفعوها مباشرة الى بهاء الله نفسه، والرد على هذه الرسائل رغم كونها مكتوبة بالنيابة عنه، كان يملى على الكاتب كلها من قبل بهاء الله، وبناء على ذلك كل ما ورد في الرسائل يعتبر نصا مقدسا، وآثارا مباركة لدى البهائيين، ولوح مقصود احدى هذه الرسائل أما اهم ما تضمنه اللوح نستطيع تلخيصه بما يلي: 1- يطالب اتباعه بالاتحاد، وعدم الفرقة ويعتبر ان الخلق وجدوا كي يتحدوا، لا يتفرقوا وهي نظرة يوتوبية، لم يكتب لها النجاح في الأديان كافة، فالقرآن يقول( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا) في حين نجد المسلمين في قمة الفرقة وفي كل مكان وزمان، يقول اللوح(مع إن الكل خلقوا للاتحاد، والإتفاق ترى آثار النفاق موجودة ومشهودة في الآفاق). 2- تركيز اللوح على مبدأ العقاب والثواب(أن ضياء نظم العالم يقوم ويرتفع على عمودين: المجازاة والمكافأة). هكذا هو يستوحي من الإسلام وغيره نظام المجازاة، والمكافأة كي يرغب الأتباع باتباعه والمشي خلف رؤيته الدينية. 3- دعوته لملوك الأرض بالصلح كي تنعم الأرض بالسلام، وهي دعوة بالرغم من كون منبعها ديني محض الا إنها دعوة أخلاقية، فريدة، لكي تسكن الأمم وترتاح وتعمر الأرض، يقول سيد الوجود(( لا بد من أن تشكل في الأرض هيئة عظمى يتفاوض الملوك والسلاطين في تلك الهيئة بشأن الصلح الأكبر)). ذلك بأن تتشبث الدول العظمى بصلح محكم لراحة العالم، نجد هذا النص محكوم عليه بالفشل في ظل الصراعات العالمية المستمرة. 4- يدعو إلى لغة عالمية واحدة، وهي أيضا رؤية يوتوبية غير متحققة، فالتنوع هو شيء راسخ في النوع البشري( من جملة الأمور التي تؤديإلى الإتحاد والإتفاق وبها يرى جميع العالم وطنا واحدا هي أن تنتهي الألسن المتنوعة إلى لسان واحد). وهذه كيف تتحقق؟ يجب أن تكون هنالك لغة عالمية يتفاهم بها جميع العالم كحال اللغة، إلا أن تقوم بإلغاء لغات العالم واستبدالها بواحدة، فهذه من المستحيلات. 5- ركز على محبة العالم وفضلها على محبة الوطن، فهو صاحب نظرة عالمية مميزة: أ- دعوته للغة واحدة لجميع العلم. ب- صلح عالمي كبير ت- محبة العالم وتفضيله على محبة الوطن. (ليس الفخر لمن يحب الوطن، بل لمن يحب العالم) 6- محاربته للفلسفة وعدم الدعوة اليها( على علماء العصر أن يأمروا الناس بتحصيل العلوم النافعة، كي ينتفعوا منها بأنفسهم، وينتفع منه أهل العالم، كانت وما زالت العلوم التي تبدأ بالكلام وتنتهي بالكلام دون فائدة) وهذه ليست بفكرة صائبة بتاتا أن يشيطن الإنسان الفلسفة، فهي أم العلوم، وشيطنتها من قبل بعض رجالات الدين واضحة كي لا تفضحهم الفلسفة لأنها تدعو إلى إعمال العقل، وعندما يعمل العقل تقف الفلسفة شامخة فاضحة لرجل الدين مهما كان انتماؤه. 7- دعى إلى الحرية والتمدن، والإعتدال بهما(الحرية والتمدن وأمثالهما بالرغم من كونها موضع قبول أهل المعرفة لو جاوزت حد الإعتدال، أدت إلى الضرر) ثانيا : لوح السيد مهدي دهجي: إذ كتبه البهاء بام (مهدي دهجي)الذي خاطبه بهاء الله في الواحه باسم(المهدي) وهو أحد المبلغين المشهورين، في عهده، غير إنه نقض العهد في عهد ولاية عبد البهاء وأهم ما تضمنه اللوح: 1- طالب بترك الأمور التي تؤدي إلى الهيجان والفساد والنزاع، وهو بالتالي شجع وركز على التسامح من جهة أخرى. 2- ما زالت بعض الأفكار مأخوذة من القرآن(ولكن الناس أكثرهم لا يفقهون). ثالثا: سورة وفا: وفا: وهو لقبٌ منحه بهاء الله لمحمد حسين أحد الأتباع القدماء في مدينة شيراز وأهم ما جاء في سورة وفا: 1- أصل الوفا هو (الإيقان بالقلب والإقرار باللسان) وهو شبيه جدا لما ورد من نص إسلامي إن الإيمان هو: ( ايقان بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان). 2- الإستمرار في الدعوة لنفسه ( قل تالله قد تمت حجة الله في هذا الظهور لكل من في السماوات والأرض) 3- الدوغمائية ، أيضا تستمر في هذا اللوح ( قل تالله قد نزل هيكل الموعود على الغمام الأحمر، وعن يمينه جنود الوحي، وعن يساره ملائكة الإلهام، وقضي الأمر من لدى الله المقتدر القدير) وإلا ما معنى: هيكل الموعود، الغمام الأحمر، جنود الوحي، ملائكة الإلهام، بالتالي: قضي الأمر، فهو إدخال الأتباع في دوامة من التقديس. 4- مهاجمته لعلماء الدين الشيعة(إياك إياك انك لا تكن بمثل أهل البيان، لأن اكثرهم قد ضلوا وأضلوا ونسوا عهد الله وميثاقه واشركوا بالله الواحد الفرد الخبير) بل إنه في هذا النص يتهمهم بالشرك ويكفرهم، وهو يسير على نهج الأديان في ذلك بتكفير الآخر والغاءه. 5- ورد تفسير في هذه السورة لبعض المفاهيم المتعلقة بسايكولوجية النوم، فهو امر يقوم به العقل، الدماغ، لبقية أجزاء الجسم وهي مسألة علمية نوقشت بنظريات تفسر النوم ، كان قد تناولها العلامة الدكتور نوري جعفر، الا ان بهاء الله يفسر النوم تفسيرا دوغمائيا دينيا كعادته، ويفسر الاحلام تفسيرا دوغمائيا كذلك في حين الأحلام هي من صناعة الدماغ، وهي حالة مادية تماما كما أشارت إليها الدراسات الحديثة ولمن يريد الإستزادة عليه أن يرجع إلى كتابي (نوري جعفر رجل النهضة والإصلاح، الصادر عن دار رند/ دمشق 2011/ الفصل العاشر (قراءة في طبيعة الإنسان في ضوء فسلجة بافلوف) ومما ورد فيه داحضا كلام(بهاء الله) الذي سنعرض له في هذا المجال، فقد دلت الدراسات الفسلجية على ان تغيرات بايوكيمياوية كثيرة وكبيرة تعتري الجسمم اثناء اليقظة والنوم وتكون آثارها بالغة الأهمية، ص324 نوري جعفر رجل النهضة والإصلاح، ياسر جاسم قاسم، م س . وسيجد القارئ مفاهيم عديدة كنت قد ناقشتها في هذا المضمار، تدحض ما يقوله بهاء الله في مجال النوم والأحلام مستغلا جهل الناس وعدم معرفتهم بذلك، الوقت بهذه القضايا(( تفكر في النوم مثلا إنك ترى في نومك أمرا في ليل وتجده بعينه بعد سنة أو سنتين أو أزيد من ذلك، أو أقل ولو يكون العالم الذي أنت فيه ما رأيت هذا العالم الذي تكون فيه، فيلزم ما رأيت في نومك أن يكون موجودا في العالم ويظهر من بعد)) وهذا كله كلام منافي لصحيح العلم من ناحية التفسير العلمي للنوم وللأحلام، وهو بالتالي يستغل عدم معرفة الناس بهذه القضايا في سبيل تمرير خطاباته الدوغما. بنفس الطريقة الإسلامية الترغيبية يعرضها البهاء لمن اتبعه، فالرضا في الدنيا عليه وفي الآخرة له الحوريات، وهذا من المضحك المبكي على أهل الأديان، فالحوريات نتيجة شبقهم للنساء، وحبهم لهن، فهم بذلك يسايرون المشاعر، مثلهم بذلك مثل أي تنظيم إسلامي> داعش مثلا تفجر الناس رغبة منها بلقاء الحوريات بعد الموت، يقول البهاء(( أما الجنة فهي حق لاريب فيه، وهي اليوم في هذا العالم حبي ورضائي، ومن فاز به لينصره الله في الدنيا وبعد الموت يدخله في جنة أرضها كأرض السموات والأرض، ويخدمنه حوريات العزة والتقديس في كل بكور وأصيل) استطيع ان اعتبر ان نص البهاء هذا هو نص يحاكي القرآن بامتياز، فالنار أيضا موجودة للمخالف كما إن الحوريات ، والجنة موجودة للمتتبع(كذلك فاعرف النار وكن من الموقنين، ولكل عمل جزاء عند ربك). رابعا: لوح البرهان/ حيث كتب بهاء الله هذا اللوح بحق الشيخ محمد باقر، الذي خاطبه باسم (ذئب) بعد أن أفتى محمد باقر، يقتل سلطان الشهداء، ومحبوب الشهداء في مدينة أصفهان وهما من الأتباع الأوائل، وأهم ما ورد في هذا اللوح نقرأ: 1- مهاجمته لهذا الشيخ نتيجة افتاءه يقتل متبعي الأوائل في مدينة أصفهان (قد ذاب كبد البتول من ظلمك وناح أهل الفردوس في مقام كريم) وواضح إن البهاء يدغدغ مشاعر المتبعين بذكره للبتول. 2- استمرار للبهاء في الدعوة لنفسه، دعوة واضحة المعالم بل يعتبر الشيخ محمد باقر (جاهلا) نتيجة عدم اتباعه للبهاء(يا أيها الجاهل اعلم ان العالم من اعترف بظهوري، وشرب من بحر علمي وطار في هواء حبي ونبذ ما سوائي، وأخذ ما نزل من ملكوت بياني البديع) ص280، م س وواضح من هذا الكلام للبهاء إن العلم مرهون لديه، بالاعتراف به وبوضعه كمرسل بدين جديد، بل إنه يدعو إلى نبذ كل عالم دونه، وهذا يشير إلى دعوته لنفسه كي يثبت مكانه حاله كحال الآخرين الذين سبقوه، لكن هنالك نقطة أساسية مهمة، انه وعلى الرغم من كل هذه الدعوات تبقي دعوة البهائي لنفسه في ظل ظروف القرن 18 الميلادي الشديدة من ناحية الدين وسطوة رجاله، لهي شجاعة ما بعدها شجاعة ، والا فلان ما فعله البهاء بكسره لنصوص الدين الإسلامي وابتداعه دين جديد هو جرأة كبيرة، لايقوى عليها متصدي، لكن دعوته تبقى نفسها تتمتع بدوغمائية والغائية مشابهة لما تمتعت به بقية الأديان، بل انه كفر هذا الشيخ وعرض به كثيرا(( يعرض بشيخ آخر هو المير محمد حسين امام جمعة أصفهان، الذي اشترك مع محمد باقر في اضطهاد البهائيين، واسماه بالرقشاء وخاطبه: يا أيها الغافل المردود، سوف تاخذك نفحات العذاب، كما اخذت قوما قبلك، انتظر يا أيها المشرك بالله مالك الغيب والشهود)) م س ص283، فهو هنا يكفره ويطالبه بلعنات وعذاب. كما إن البهاء وجه مجموعة من الرسائل او ما يسميه بالألواح الى عدد من الملوك والرؤساء ومنها: 1- اللوح الموجه الى ناصر الدين شاه، واهم ما جاء فيه: أ- يدعوه للإيمان به( تالله يا ملك لو تسمع نغمات الورقاء التي تغني على الأفنان بفنون الألحان بأمر ربك الرحمن لتدع الملك من ورائك وتتوجه الى المنظر الأكبر) وهي دعوة واضحة. ب- يبين اكمال البهاء في القضاء على الفتن وابعاد الناس عنها وكيف انه استطاع ان يجمع حوله الكثيرون دون نزاع او شقاق احدثه. ( لكن هذا العبد الفاني بعد أن وصل العراق، منع الجميع من الفساد والنزاع، وأفعاله تشهد على ذلك، لأن الجميع مطلعون وشاهدون على إن عدد هذه الطائفة في العراق اكثر من عددهم في جميع البلدان ومع ذلك لم يتجاوز احد منهم حده، ولم يعترض نفسا) ص313 م س. ت- يبين مسيرته بالانتقال من فارس الى العراق وادرنة حتى، طبعا في تركيا.( ثم أمروا بإحضار هذا العبد الى إسطنبول فدخلنا تلك المدينة، برفقة زمرة من الفقراء) اذ يشرح كيف دخل المدينة، وكيف ان الأدلة التي تثبت صحة دعوته يضعها كهدف له يبرهن عليه. ث- كما يبين باللوح المقاساة التي تعرضت لها البهائية نتيجة خروجها عن مبادئ الإسلام، وكيف تعاملت معها السلطة آنذاك قتلا وتشريدا حتى إنهم ملأوا الأرض من دمائهم، وفقد الكثير منهم أموالهم نتيجة اتباعهم البهاء، اذن الدين البهائي قام على الدماء والتضحيات كحال بقية الأديان التي تأتي بجديد فتتعرض للمحاربة والوعيد( ما من أرض الا وقد صبغت من دمائهم، وما من هواء الا وقد ارتفعت اليه زفراتهم، ولقد هطلت عليهم في هذه الأعوام، المعدودة سهام البلاء من سحاب القضاء دون انقطاع) وهذا نص صريح يبين مدى الإيلام الذي وقع على البهائيين. ج- ايمانه بالحدود "الإلهية" كما اسماها حاله كحال المسلمين وتعاملهم مع هذه الحدود(ان اجراء حدود الله عدل محض والكل راضون بذلك، بل الحدود الإلهية كانت وما تزال سببا وعلة لحفظ الناس بقول الله( ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب) ) وهو هنا لا يحدد معنى للحدود بل يجعلها مفتوحة متعددة التأويلات يدخل فيها ما أشار اليه من حدود وما لم يشر. ح- لوح الرئيس الموجه الى عالي باشا: وأهم ما جاء فيه: 1- اشارته له بمشاركة عالي باشا، بالحرب ضد البهائية، (( واتحدث مع ر العجم في صري بعد ان جئتكم من مطلع العظمة والكبرياء بأمر قرت عيون المقربين)) وهو مستمر بالدعوة الى نفسه. 2- يقسم النفس الى تقسيمات فلسفية، وهذا وضع البهاء في التناقض، اذ بينا فيما سبق مهاجمته لأهل الكلام والفلسفة( نفس ملكوتية وأخرى جبروتية، ولاهوتية، وإلهية، قدسية، مطمئنة، راضية، مرضية، ملهمة، سواحة، أمارة) وهي يستقي من اللاهوت والفلسفة هذه التقسيمات. هنالك لوح آخر بالفارسية، كان قد وجه الى عالي باشا، مهاجمته للعالي، وتذكيره باحقية البهاء بالسيادة عل العالم( إن قبضة من الطين عند الله اعظم من مملكتكم وسلطنتكم وعزتكم ودولتكم ولو يشاء ليجعلكم هباء منبثا). بالتالي هو يهاجم دولهم كي يوطد دينه الجديد وهكذا هم أصحاب الأديان. هنالك الواح موجهة إلى كل من نابليون الثالث، ونقولى الثاني: ملك الروس كما يسميه، والملكة فكتوريا، وكل هذه الألواح لاتختلف عن سابقاتها من رسائله إلى ملوك العالم والغرض منها ودعوتهم لدينه الجديد ودعوتهم لدعمه، ومهاجمته لبهارج الدنيا وزينتها. اود الخروج بالنتائج التالية بعد ان شارف بحثنا عل الانتهاء: 1- إن البهائية دين مبتدع جديد، وهو فكرة دوغمائية حالها حال بقية الأديان، استند في اغلب نصوصه عل نصوص دينية سبقته من الإسلام والمسيحية وغير أشياء كي يعطي له الخصوصية. 2- وقع في التطرف كبقية الأديان وكما بينا على الرغم من إن البهائيين وقع عليهم الظلبم الشديد من الحكام، الذين عاصروهم ولم يقم البهائيون بأي عدوان على أحد قد يكوون السبب عدم وصول السلطة اليهم الى اليوم. 3- الدين البهائي دين جريء جدا، ففي ظل هيمنة المسلمين وسطوتهم المعهودة، يخرج نفر من الناس مدعين نهجاجديدا، ويتعرضواللقتل بانواع العذاب في سبيل العقيدة، التي ابتدعوها فهذه شجاعة كبيرة تحسب لهم. 4- عالمية الدين البهائي، فهو لم يقتصر بدعوته عل العراق وايران وتركيا، بل إن البهاذيين اليوم في كل مكان في العالم نتيجة القوة التبشيرية الهائلة والعالمية التي دعى اليها بهاء الله النوري. 5- اعتماد بهاء الله عل استراتيجية دوغمائية(. غير مفهومة) في طرح أفكاره مستغلا سذاجة الاتباع مع حالة من الغنوصية/الصوفية التي استخدمها في الطرح. بعد كل هذا يبقى الدين البهائي لغزا محيرا في ظل هيمنة إسلامية أحاطته، وشجاعة اتصف بها البهائيون لتحطيم الكثير من المحرمات الإسلامية والخروج بأفكار جديدة في ظل هيمنة المؤسسة الإسلامية الشيعية بالتحديد.
#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)
Yaser_Jasem_Qasem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين البهائي جدل وأفكار ج 2
-
الدين البهائي، جدل وأفكار- ح 1
-
عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية فكرة تنويرية للدكتور رف
...
-
من كتاب الوعي بالتنوير ج 2 ح 27
-
مهمة المثقف تجاه القضايا المهمة في المجتمع والدين والسياسة .
...
-
من هو وكيل الاله على الارض العقل ام رجل الدين.. .....من سلسل
...
-
من المجتمع الى الشخصية وهذا خلاف ما ذهب اليه علي الوردي- من
...
-
كتاب مفهوم العقل في البصرة ج 1
-
التنوير ام الحداثة ام الاصلاح ... هو السبيل لنهضة حقيقية
-
ادباء بصريون راحلون- ح1
-
هل تهدد التكنولوجيا وضع الاخلاق عالميا ج2
-
التكنولوجيا والارهاب - الدراسة مجتزأة من كتابي (العلاقة المح
...
-
هل تهدد التكنولوجيا وضع الاخلاق عالميا؟؟؟ ج 1
-
مقاربة نقدية بين البوذية والاسلام تجسد اليات تحرير الفكر رؤي
...
-
التنمية في العراق وابعادها .... التخطيط والرؤى المستدامة
-
المثقف ليس حارسا للقيم ..... وهو يعيش وسط مجتمع منافق عفن ..
...
-
العلم وحرية الارادة
-
دفاعا عن التنوير .ح 21 صدام الحضارات وصدام المحليات
-
حكمة ادارة الموارد وفق مفاهيم التنمية المستدامة العراق أنموذ
...
-
• عندما يخالف المصلح حقوق العقل .. احمد امين أنموذجا ...
المزيد.....
-
بالودان يواصل استفزاز المسلمين ويحرق نسخة أخرى من المصحف أما
...
-
-ليس المسلمون فقط-.. نجيب ساويرس يثير تفاعلا عن رفضه مخططات
...
-
الإفتاء بين الإرشاد الديني والتوظيف السياسي
-
صحيفة إسرائيلية: ممثل يهودي يشبه أفعال إسرائيل بجرائم النازي
...
-
“الأرنب والثعلب”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 Toyor
...
-
“فرحي أولادك طوال 24 ساعة” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة
...
-
بزشكيان: منظمة التعاون الاقتصادي تساهم في تعزيز التنسيق بين
...
-
قائد الثورة الاسلامية يوافق على عفو و تخفيف عقوبة اكثر من 3
...
-
قائد الثورة الاسلامية يوافق على عفو وتخفيف عقوبة أكثر من 3 آ
...
-
الإخوان في سوريا.. بين محاولات التسلل وحتمية الإقصاء
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|