|
وعد السنوار للأسرى.. أي ثمن؟!
سليم يونس الزريعي
الحوار المتمدن-العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 09:13
المحور:
القضية الفلسطينية
شاهدت وسمعت مراسلا لأحد القنوات بعد عملية تبادل لأسرى من الضفة مع مختطفات يهوديات، يسأل أحد هؤلاء الأسرى الذين أطلق سراحهم الكيان الصهيوني في صفقة التبادل مع حماس: هل أوفي أبو إبراهيم (يحيى السنوار) بعهده تحرير الأسري؟ وهو في تقديري سؤالا كاشفا، من شأنه والحال هذه أن يطرح سؤالا مفخخا وهو: هل كان تعهد السنوار هو الغاية العليا لطوفان حماس؟ وأن تلك الغاية كانت هي الحاكمة لموقف حماس أثناء البحث في عقد صفقة مع الكيان، دون أي اعتبار للثمن الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني في غزة من أجل ذلك، كونها كانت التزاما شخصيا لقائد حماس القوي في غزة آنذاك يحيى السنوار، وهذا للأسف ربما يعري بشكل ما، تلك الذهنية التي اختزلت نكبة غزة التي استمرت خمسة عشر شهرا في مدي وفاء السنوار بما وعد به الأسرى، ومن ثم يكشف بؤس تلك الذهنية التي جعلت من وفاء السنوار بوعده للأسرى في سجون الاحتلال عند خروجه من السجن في صفقة شاليط أنه سيحررهم من الأسر كهدف مركزي لطوفان حماس، وبأنه كما أكدت الوقائع، كان المعادل لنكبة غزة، وهذا ربما يستحضر جانبا من الإجابة عن سؤال لم طالت مدة الحرب، دون التفكير في الضحايا الذين كانوا يسقطون وحتى اللحظات الأخيرة من بدء تنفيذ الصفقة؟ عدم التفكير في الضحايا كقيمة إنسانية عليا، هو من جعل أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، والمختبئ هو وجماعته بالأنفاق، يقرر أن سقوطهم هو "ثمن مستحق" لما سماه "تحرير الأرض والإنسان والمقدسات".. وهو التوصيف الذي أرى أنه وفق المعطيات، تدليس متعمد كونه يتجاهل أن غزة قد احتلت بعد طوفان حماس، وأن الشعب الفلسطيني في غزة كان يموت جوعا، والمقدسات باتت تنتهك حرماتها في كل يوم وبشكل غير مسبوق، والضفة الغربية تعيش حالة تغول لجيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه في ظل دعوات بضمها للكيان، والإنسان الذي ادعى أنهم حرروه ضمن منشور الدعاية لانتصار حماس، تؤكد الوقائع أن هذا التوصيف هو مجرد حالة ذهنية لدى أبو عبيدة وفريقه المفصولين عن الواقع وعن نبض أغلبية أهل غزة، الذين دُمرت حياتهم مجانا؛ لأن السنوار وعد بتحرير الأسرى، وأنه كي يبر بوعده فإن عليهم أن يكونوا هم الضحية لتحقيق ذلك الوعد، فيما كان التظهير الإعلامي لعملية التبادل بالشكل الذي جرت عليه، والاحتفاء بها، عبر المشاهد التي جرى تسويقها وكأنها انتصار، لا يمكن أن تحجب جثث الآلاف من أبناء شمال غزة التي كانت حتى تلك اللحظة في الشوارع وتحت الركام. وهذا التظهير الإعلامي لمظاهر التبادل واحتفاء أهل المحررين بهم، ولهم كل الحق في ذلك، لكنها لا يمكن أن تجعل من عملية كي الوعي المتعمد بهذه الدعاية الإعلامية، وسيلة للتغطية على النكبة بكل تفاصيلها، في ذاكرة ووعي وواقع أهل غزة المعاش، لعشرات السنين. وهنا يجب تدارك أي محاولة لتفسير ما نقوله انطلاقا من سوء النية، بالتأكيد على أن الأسري يمثلون قيمة كبيرة في الواقع والوجدان الفلسطيني، وأن شرف وجودهم في الأسر هو بالضرورة نتيجة نضالهم ضد الوجود الكولنيالي الصهيوني، وهذا النضال الذي كان خيارا شخصيا حرا واعيا لكل واحد منهم ارتباطا بانتمائه السياسي الخاص أو الوطني العام، وهو خيار كان يحتوي ضمن شرط اللحظة ثنائية الشهادة أو الأسر، وقد مارس الأسير مشروعه النضالي وهو يعي تماما أنه محكوم في المدى المنظور بهذه الثنائية الأسر أو الشهادة. ولا أتصور أن أسيرا يمتلك الحد الأدنى من النزاهة الفكرية والسياسية والأخلاقية قد يقبل، أن يكون ثمن حريته هو كل هذا الخراب الذي طال غزة وأعادها عقودا إلى الوراء، كي يرضي رغبة أو نزوة لدى هذا المسؤول أو ذاك، ومن يقبل فإن علامة استفهام كبيرة على صدقية تضحيته وانتمائه الوطني، وكنت لأتمنى لو أعلن مسؤولي الأسرى على الأقل انطلاقا من موقعهم كمسؤولين موقفا واضحا أن لا يكون تحريرهم ذريعة لإطالة مدة المحرقة، سعيا وراء مقايضة من شأنها أن تحرر مئات الأسرى أو أكثر، في حين أن المحرقة أبادت عشرات الآلاف، وهو معادل غير أخلاقي أو وطني مطلقا، ذلك أنه لا يحق لأي كان أن يقرر حياة الآخرين، كونه سلطة أمر واقع، نيابة عنهم لتحقيق أهداف حزبية، أو رغبة شخص قرر أن يكون يطلا على حساب أهل غزة بشرا وحجرا في نكبة غير مسبوقة جعلت قطاع غزة غير صالح للحياة، جراء المحرقة التي رد بها الكيان الصهيوني على عملية 7 أكتوبر 2023 التي نفذتها حركة حماس ضد مستوطنات غلاف غزة، التي شكلت صدمة غير مسبوقة بالنسبة له؛ لكن دون أن تضع حماس في حسابها ردة فعل العدو ودورها كسلطة أمر واقع في حماية الناس ضمن مسوليتها السياسية والأخلاقية والإنسانية، وأنها هي السبب في الصدمة التي فجرت كل هذا التوحش لدى الكيان الصهيوني، في حملة انتقام، راح ضحيتها أكثر من 6 في المائة من سكان غزة بين قتيل ومفقود ومصاب، ومع ذلك كان جوهر موقف حماس إبرام صفقة التبادل، دون أي اعتبار في أن كل يوم إضافي تستمر فيه الحرب، كان يحصد المزيد من الضحايا، الذي اعتبرتهم مع فداحته ثمنا مستحقا من أجل التحرير، وهي مغالطة وتدليس متعمد بعد أن باتت غزة نفسها تحت الاحتلال المباشر للكيان الصهيوني كنتيجة لطوفان حماس. السوال: هل كان على غزة وأهلها والضفة الغربية أن يدفعوا كل الثمن؛ كي يقال إن السنوار قد أوفي بوعده، وأن الوفاء بالوعد كان يعلو مصير غزة وأهلها؟!
#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق وقف إطلاق.. وأوهام النصر التاريخي
-
اتفاق وقف إطلاق النار.. والمفهوم الواسع للضمانات الأمنية
-
عون الثاني.. يتوعد حزب الله وسلاحه
-
هل يمثل وعيد ترامب لحماس .. النار التي تنضج الصفقة
-
شكرا.. استريحوا وأريحوا.. ودعونا نرى غيركم
-
في بؤس مقولة.. -هذا مش وقته-
-
شكرا.. الحوار المتمدن
-
سوريا .. مؤشرات مفارقة حول هوية الحكم الجديد..!
-
سوريا.. منظومة القمع والفساد أسقطت النظام
-
المتغير السوري الدراماتيكي.. الرابحون والخاسرون
-
استهداف الإرهاب الدولة السورية.. لعبة جيوسياسية تتعدى دمشق
-
نحو صفقة بين حماس والكيان.. ما الذي تغير؟!
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. مقاربات
-
قرارات الجنائية الدولية .. تبني دولي ونشاز أمريكي
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. بين التفاؤل والتشاؤم
-
في غياب الموقف الفلسطيني الموحد.. القطاع بقبضة الشركات الأمن
...
-
القمة العربية والإسلامية.. الأسئلة المشاكسة
-
الوحدة الكفاحية.. لمواجهة -فخ- ترامب نتنياهو
-
ترامب.. السمسار الرئيس عام 2017.. هو الرئيس السمسار 2025
-
مشاكسات.. عُسر.. النزاهة!.. تعاطف.. !
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|