عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 22:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
النصوص الدينية نصوص تأويلية ومختلف عليها ولو كانت واضحة وحاسمة لما جاء العديد من المفسرين ليدلوا بتفاسيرهم المختلفة ويمكن أن نسأل لماذا الإله أنزل نصوصا ملتبسة وغامضة وتتطلب التفسير والتوضيح من البشر مما يجعلهم يؤولون حسب مصالحهم وأهوائهم؟ ويمكن للوطن الواحد أن يتسع للكافرين والمؤمنين لو طبقوا العلمانية حسب روح الدين السلمية والرحيمة وحسب المنطق العقلي، فالإله القادر لا يمكن أن يكون عابثا بحيث يأمر بشرا بقتل آخرين لأنهم يخالفونهم المذهب والعقيدة والفكر وقد كان من السهل عليه جعل جين ديني يجعل من كل الناس مؤمنين به وينتهي الصراع والقتل والشر من العالم. فالإله هو ديمقراطي عندما يسمح الناس الكفر به أليس هو القائل " وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ" وقد أنب واحتج على نبيه محمد عندما فرض الإيمان على الناس بقوله"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ". وهذا يعني بكل وضوح أن الإله لا يضره في شيء عدم الإيمان به ووجود كفار بجانب المؤمنين وكل إنسان حر في اعتقاده ولا يمكن فرض الإيمان أو الكفر على الناس فهو الذي أراد ذلك لتحقيق الأمن والأمان في المجتمع وهذه هي العلمانية وقمة التسامح والرحمة فما هي فائدة الإله بقتل المختلفين في الرأي والعقيدة وهو القادر كما يقول بجعل كل الناس مؤمنين به فلماذا لم يفعل؟ ولهذا وفي غياب صفة العبث عن الإله فهو قد أباح الكفر به حسب منطوق الآيتين المذكورتين سابقا وما يقوم به بعض المفسرين هو تأويل غير عقلاني ويتحدى إرادة الإله الواضحة ولا يتماشى من الصفات الأساسية للخالق، القدرة والرحمة والمعرفة.فالاولوية كما يقول الفيلسوف ابن رشد هي للعقل على حساب النقل والموضوعية والمنطق السليم على حساب الأهواء الشخصية والذاتية وبهذا يمكن عقلنة الدين وجعله يساير التطورات العلمية الحديثة عوض الترقيع والتأويل والتدليس والهروب لعالم المعجزات والخوارق والشطحات البهلوانية بعيدا عن المنطق السليم ولا مفر من التسليم بأن النصوص الدينية هي نصوص زمكانية مرتبطة بواقع وبيئة تاريخية وزمنية معينة لا يمكن إسقاطعها على المجتمعات الحديثة فإذا كانت بعض النصوص تؤدي فعلها وتتماشى مع مجتمع ذلك العصر فهي حتما لا تتلاءهم مع مجتمع العصور الحديثة ولا يضر الإله في شيء أن لا تطبق بعض الحدود ليتم تطبيق قوانين أكثر رحمة ويسرا تماشيا مع رحمة الإله الواسعة وفي ذلك صلاح المجتمع وسلامته فالأديان جاءت لتصلح لا لتنتقم .
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟