أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الحلقة الثانية عشر)















المزيد.....


المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الحلقة الثانية عشر)


مسعد عربيد

الحوار المتمدن-العدد: 8234 - 2025 / 1 / 26 - 04:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


وسائل الاستيطان الصهيوني وآلياته

ارتكز المشروع الاستيطاني لفلسطين على ركيزتين أساسيتين: الأولى الاستيلاء على الأرض وتجريد الفلسطينيين العرب من أراضيهم. والثانية تهجيرهم خارج وطنهم. وعلى هاتين الركيزتين بنت المؤسسات الصهيونية إستراتيجيتها؛ ومن أهم هذه المؤسسات "الصندوق القومي اليهودي" (الكيرن كييمت) الذي تأسس في العام 1903 من أجل جمع الأموال لشراء الأراضي في فلسطين.

ولم تقتصر هذه الإستراتيجيا على مرحلة بناء الكيان الصهيوني، بل استمرت بعد تأسيسه وحتى يومنا هذا؛ فشملت عمليات الاستيطان مصادرة الأراضي العربية، وإعطاء الشرعية "لإسرائيل" للتصرف بالأراضي المملوكة للعرب، وتوسيع المستوطنات الصهيونية واستمرار بنائها.

أولاً: الاستيلاء على أراضي فلسطين.. خلفية مقتضبة

1- الأراضي وملكيتها في فلسطين إبَّان الاستعمار العثماني

كانت معظم أراضي فلسطين الصالحة للزرعة في حقبة الاحتلال العثماني لبلادنا وحتى أواسط القرن التاسع عشر، مشاعًا للجميع؛ فالكل كان يمكنه العمل فيها والانتفاع من زراعتها. وظلّ هذا الوضع سائدًا إلى أن أصدرت السلطات العثمانية حزمة من القوانين تتيح لها التحكم بملكية الأراضي. ومن أهم هذه القوانين:

أ) قانون الأراضي العثماني: أصدرت الدولة العثمانية هذا القانون في العام 1858، وكان الهدف منه إحكام سيطرة الدولة على الأراضي، وجعل التصرف بها عن طريق قوانين محددة تضعها الدولة، وتسجيل الأراضي بأسماء المتصرفين بها إذا ما تهرب الفلاحون من التسجيل خوفًا من الضرائب والجندية.

ب) تبع هذا القانون مجموعة من القوانين التي تحدد ملكية الأراضي، كان من أهمها: سندات الطابو في العام 1859، ونظام الطابو في العام نفسه، وقانون الطابو في العام 1861 وملحقاته في العام 1867. وقد نصّت هذه القوانين على وجوب تسجيل الأراضي الخاصة على اسم مستعملها ومالكها.

ج) نظام تملك الأجانب: أما ما يهمنا في سياق موضوعنا فهو "قانون تملك الأجانب للأراضي في فلسطين" الصادر في العام 1869 الذي يسمح للأجانب بالتملك. فقد كان الأجانب، قبل صدوره يتمتعون بالامتيازات التجارية في الدولة العثمانية، ولم يكن لديهم الحق في شراء الأراضي. ونتيجة لضغوط الدول الأوروبية، وازدياد ديون الدولة العثمانية وضعفها؛ قامت الحكومة العثمانية بإصدار قانون يسمح للأجانب بالتملك سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، أو شركات، في جميع أراضي الدولة سواء داخل المدن أو خارجها. ونتيجة لذلك أخذت الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا وروسيا ترسل رعاياها للإقامة في فلسطين والعمل على شراء الأراضي وإقامة المستعمرات. وكانت الكنائس الأوروبية قد أخذت تهتم بشراء مساحات كبيرة من الأراضي، وأخذت أيضا تعمل على رفع أسعار الأراضي في مناطق القدس ويافا وحيفا؛ لتحقيق أقصى حد من الأرباح.

ولأسباب عدة، ليس هنا مجال تناولها، عانى الفلاح الفلسطيني من ظروفٍ اقتصادية ومعيشية قاسية بسبب تركُّز ملكية الأراضي الريفية، بعد صدور قانون تملك الأجانب (العثماني)، في أيدي ثلاث فئات كبيرة من الملاكين الأثرياء:

الأولى: الرأسمالية الفلسطينية المحلية التي تكونت من قلة من أثرياء فلسطين؛

الثانية: الرأسمالية العربية المكونة من بعض العائلات الكبرى، جلّها من لبنان وسورية، التي استحوذت على مساحات شاسعة من أراضي فلسطين. وكانت عائلة "سرسق" اللبنانية صاحبة النصيب الأكبر، وتشير بعض الروايات إلى أنهم باعوا نحو 400 ألف دونم لليهود، بما فيها ملكيتهم في مرج ابن عامر.

الثالثة: الرأسمالية الغربية والصهيونية. فمع صدور قانون تملك الأجانب العثماني، شرع رأس المال الصهيوني بالتغلغل في فلسطين، وكان من أبرز هؤلاء الرأسماليين الثري اليهودي البريطاني موشيه مونتفيوري (السير موسى حاييم مونتفيوري)، والبارون الفرنسي إدموند روتشيلد الذي أسَّس أول مدرسة زراعية على أرض قرية "يازور" في منطقة يافا بعدما نال حق استئجارها بفرمان عثماني لتسعة وتسعين عامًا.

2- أراضي فلسطين في ظل الاحتلال البريطاني

مع وصول الاستعمار البريطاني إلى فلسطين في العام 1918 كانت الأراضي المشاع تعادل 70% من أراضي فلسطين. وقد تميّز الاحتلال البريطاني لفلسطين بالتدخل الحكومي المباشر في ملكية الأراضي والسيطرة عليها. وعملت سلطات الاحتلال على دعم الاستيطان الصهيوني في فلسطين، وانتهجت في سبيل ذلك العمل في اتجاهين متلازمين:

أ) تطوير شبكة مواصلات واسعة، وكذلك مرافق البنية التحتية للبلاد لحصر ومسح أراضي فلسطين؛
ب) تحويل ما يمكن تحويله من الأراضي إلى الملكية اليهودية من أجل تطوير وتعزيز أنشطة الاستيطان وبناء "الدولة اليهودية".

وسرعان ما بدأت حكومة الاحتلال البريطاني بسن حزمة من القوانين لضبط أنظمة الأراضي، بغرض زيادة حصة الدولة من الأراضي وسيطرتها على ملكيتها، ومن ثَم تسهيل تمريرها إلى الصهاينة. وقد شملت هذه القوانين، من بين ما شملت، منح المندوب السامي حقوقا مطلقة في تحديد ملكية الأراضي بما تقتضيه "المصلحة العامة". وفي هذا المسعى، أصدر هربرت صموئيل، المندوب السامي للاحتلال البريطاني آنذاك، في أقل من عام عددًا من القوانين التي ألغت النظم العثمانية التي حالت بين اليهود وامتلاكهم الأرض والعقارات في فلسطين. ومن أخطر هذه القوانين: قانون انتقال الأراضي الذي سمح لشركات الصرافة أن ترتهن الأراضي مقابل قروضها، وانتقال الأراضي إلى الشركات التجارية لإقامة مشروعاتها؛ مما تبعه اعتراف رسمي بالصندوق القومي اليهودي بوصفه مؤسسة ذات منفعة عامة يحق لها شراء الأراضي، وغيرها من القوانين التي تخوِّل السلطات وضع يدها على ملكية الأراضي.

كان من نتيجة هذه القوانين والإجراءات، أن انخفضت نسبة المشاع إلى مجمل الأراضي الفلسطينية من 70% في العام 1918 إلى 56% في العام 1923، ثم إلى 46% في العام 1929 حتى وصلت إلى نحو 40% في العام 1940.

هل باع أهل فلسطين أرضهم لليهود؟

"الفلسطينيون هم مَن باعوا أرضهم لليهود". تلك هي الدعاية والشائعات (البروباغندا) التي روَّجت لها الصهيونية والإمبريالية الغربية، بل هي راجت أيضًا بين كثيرين من العرب. فكيف نتعامل مع هذ الأكاذيب؟

قد تبدو هذه المسألة خارج سياق موضوعنا الخاص بالاستيطان الصهيوني، ولكن وقائع التاريخ والسياسة تؤكد أن هذه الأكاذيب كانت، ولا تزال، جزءًا من البروباغندا الصهيونية التي لا تكف عن اختلاق الأكاذيب لتبرير استيطانها واحتلالها لفلسطين. ولكن الحقيقة الجليَّة التي تثبتها حقائق الجغرافيا والتاريخ، هي أنه مع وجود قوانين التملك العثمانية والبريطانية المشار إليها آنفًا، لم يتمكن اليهود على مدى عقود من محاولات التحايل وشراء الأراضي، من تملك أكثر من 5.7% (وفي أقصى التقديرات 6.7%) من أراضي فلسطين. ومن مجموع هذه الأراضي بلغت نسبة ما اشتراه اليهود من الفلاحين الفلسطينيين، وفي ظل ظروف الاستدانة والضغوط المالية، نحو 9.4% فقط. أمّا بقية ما اشتروه (أي 90.6%) فكان من كبار الملاّك، والملاّك الغائبين، وأراضي الحكومة، والكنائس، والشركات الأجنبية، إضافة إلى ما منحته سلطات الاستعمار البريطاني للمؤسسات اليهودية الصهيونية.

لن تمر هذه الأكاذيب؛ فالتاريخ يعرف أن أهل فلسطين لم يبيعوا أرضهم بل خضَّبوا ترابها بدمائهم. أمَّا من باع فلسطين فيُسأل الحكام العرب ابتداءً من الأمير فيصل ابن الحسين بن علي. ففي العام 1918 التقى فيصل بحاييم فايتسمان "قائد اللجنة الصهيونية العالمية" قرب مدينة العقبة. وتوصل الاثنان الى اتفاق غير رسمي يدعم فيصل بموجبه الاستيطان اليهودي في فلسطين. وفي العام 1919 التقى الاثنان في مؤتمر باريس للسلام ووقعا اتفاقية بين فيصل الأول ابن الشريف الحسين بن علي الهاشمي وحاييم فايتسمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية تعطي لليهود تسهيلات في إنشاء مجتمع للتعايش في فلسطين والإقرار بوعد بلفور.
ويُسأل الحكام الذين تآمروا وتخاذلوا عن التصدي للعصابات الصهيونية، وحماية فلسطين في العام 1948؛ ثم الذين اعترفوا بالكيان الصهيوني وبأن فلسطين من حق اليهود بدءًا بالسادات في كامب ديفيد (1978)، ومرورًا بمبادرات السلام السعودية، وانتهاءً بأصحاب اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية مع الكيان الصهيوني. وهو ما يوصلنا إلى الاستنتاج بأن هناك دورًا لهذه الأنظمة في بناء الكيان والحفاظ عليه.

3- الأراضي بعد نكبة 1948

أمّا بعد الاحتلال الأول لفلسطين في العام 1948، فلم يكن من الصعب على الكيان الصهيوني سن القوانين لشرعنة وتبرير نهب الأراضي الفلسطينية مثل قانون أملاك الغائبين الذي سلب الأرض التي غاب صاحبها أو سافر إلى خارج حدود الهدنة.



#مسعد_عربيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بح ...
- المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، (ا ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...
- السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية ...


المزيد.....




- شاهد كيف انتهت مطاردة عشرات القرود الهاربة في ولاية كارولينا ...
- السعودية.. فيديو لمقيم سوداني ألقى نفسه من فوق أحد المباني و ...
- ناريشكين يتحدث عن محاولات لتزوير تاريخ الحرب العالمية الثاني ...
- سيناتور أمريكي ينتقد قرارات العفو التي أصدرها ترامب وبايدن
- -أرض قاحلة مليئة بالأنقاض-.. مسؤولون أمريكيون يوضحون مبادرة ...
- هل تؤسّس زيارة عراقجي لطالبان مرحلة جديدة من العلاقات بين ال ...
- تحديات تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا
- أفغانستان تفرج عن معتقل كندي بعد وساطة قطرية
- اقترح نقل سكان غزة إلى مصر والأردن.. هل خالف ترامب رؤية أمري ...
- الجيش الإسرائيلي ينسحب تدريجيا من محور نتساريم والسكان يتحرك ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مسعد عربيد - المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير … والإبادة، (الحلقة الثانية عشر)