|
القرآن والمضواء ٣
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 16:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القرآن والمضواء ٣ سورة البقرة القرآن: أَلِف لام مّيم ﴿١﴾ المضواء: سبب التعديل، بالحذف: إذ أهمل في (المضواء) (ألف لام ميم)، لكونها حروفا مقطعة لا معنى لها، وبالتالي تكون لغوا من الكلام، مما يتعالى الله عنه، ومع كونها عديمة المعنى، جعلها هنا مؤلف القرآن، كما في سور عديدة آية مستقلة اكتسبت الرقم (١) من أطول سورة في القرآن، لمنحها المزيد من الأهمية، رغم أنها عديمة المعنى. القرآن: ذالِكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدًى لِّلمُتَّقينَ ﴿٢﴾ المضواء: هاذا كِتابٌ عَسى أَن يَّكونَ فيهِ ثَمَّةُ هُدًى لِلَّذينَ هُم لِفِعلِ الشَّرِّ مُتَّقونَ ﴿٢﴾ سبب التعديل: نعرف إن اسم الإشارة (ذالِكَ) مما يستعمل للبعيد، وهنا جرى استعماله للتعظيم، ولذا ولإيماننا بالنسبية، تواضع (المضواء) فيما طرحه كبديل، فاستخدم اسم الإشارة للقريب (هاذا)، المعبر به عن التواضع، أي عدم اعتماد دعوى امتلاك الحقائق المطلقة. وهكذا ولنفس السبب استخدم كلمة (كِتابٌ) بصيغة النكرة، بدلا من صيغة المعرفة (الكِتابُ). ثم لم يحسم قاطعا باليقين أن (لا رَيبَ فيهِ هُدًى)، بل استخدم صيغة الرجاء والاحتمال في أنه (عَسى أَن يَّكونَ فيهِ ثَمَّةُ هُدًى)، فقول (ثَمَّةُ هُدًى) يدل على تعدد مستويات الهدى، وعلى تعدد ميادين الهدى، ولم يجعل (المضواء) الهدى إن حصل حصرا لمن يسميهم القرآن بالمتقين، بل جعله (لِلَّذينَ هُم لِفِعلِ الشَّرِّ مُتَّقونَ) بقطع النظر عما يؤمنون به، وما لايمنون به، من قضايا عالم ما وراء الطبيعة. القرآن: الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ ... ﴿٣﴾ المضواء: سَواءٌ كانوا مِنَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ أَو لا يُؤمِنونَ ... ﴿٣﴾ سبب التعديل: لأن جزاء الله وفق لاهوت التنزيه لا يأخذ بنظر الاعتبار ما يؤمن وما لا يؤمن به الإنسان من عالم الغيب، الذي لا يتأتى لكل إنسان أن يؤمن به، ثم من آمن به، لا يضمن لنفسه أن يؤمن به على نحو يطابق الحقيقة، بما هي، لا بما نتصورها. القرآن: ... وَيُقيمونَ الصَّلاةَ ... ﴿٣﴾ المضواء: وَسَواءٌ كانوا مِنَ الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ كَيفَ ما وَمَتى ما شاؤوا أَو مِنَ الَّذينَ لا يُصَلّونَ ... ﴿٣﴾ سبب التعديل: فالصلاة حسب لاهوت التنزيه طوعية، من شاء أقامها، ومن أقامها فكيفما شاء ومتى ماشاء، وقد تكون إقامتها سببا لمزيد من الثواب، بشرط استقامة وصلاح مقيمها، لكن لا يجب أن يكون تركها سببا للحرمان من ثمة ثواب استحقه تاركها بأعماله الخيرة، ناهيك عن أن يكون سببا للعقاب، الذي هو ممتنع على الله عقلا، بالأخص لهذا السبب. القرآن: ... وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ ﴿٣﴾ ... لاكِنَّهُم مِمّا رَزَقَهُمُ اللهُ مِن مّالٍ أَو عِلمٍ أَو جاهٍ أَو مَلَكاتٍ لِّمَن هُم في حاجَةٍ إِلى أَيٍّ مِّن ذالِكَ يُنفِقونَ ﴿٣﴾ فالإنفاق في سبيل خير الناس، في أي مجال كان، هو أوجب للثواب عند الله من الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة. القرآن: وَالَّذينَ يُؤمِنونَ بِما أُنزِلَ إِلَيكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يوقِنونَ ﴿٤﴾ المضواء: وَسَواءٌ كانوا يُؤمِنونَ بِأَنَّ اللهَ أَنزَلَ كِتابًا أَو لا يُؤمِنونَ ۞ وَسَواءٌ كانوا مِنَ الَّذينَ بِالجَزاءِ بَعدَ هاذِهِ الحَياةِ يُؤمِنونَ أَو كانوا لا يُؤمِنونَ ۞ أَو أَمِن حَياةٍ بَعدَ هاذِهِ الحَياةِ وَجزاءٍ فيها بِالقِسطِ وَهُوَ الحَقُّ أَم لَيسَ بَعدَ المَوتِ مِن حَياةٍ أُخرى هُم لا يَدرونَ ﴿٤﴾ سبب التعديل: لنفس الأسباب التي ذكرت قبلها، فلقد وضع مؤلف القرآن الإيمان به شرطا للفلاح. القرآن: أُولائِكَ عَلى هُدًى مِّن رَّبِّهِم وَأُولائِكَ هُمُ المُفلِحونَ ﴿٥﴾ المضواء: كُلُّ أُولائِكَ هُم عَلى ثَمَّةِ هُدًى مِّن أَنفُسِهِم أَو مِن هُدَى المُصلِحينَ ۞ وَكُلُّ هُدًى هُوَ مِن رَّبهِم وَإِن كانوا لا يَعلَمونَ ۞ فَكُلُّ أُولائِكَ هُم عَلى ثَمَّةِ هُدًى مَّا استَقاموا وَبمِقدارِ مَا استَقاموا وَأَصلَحوا وَأَحسَنوا وَأُولائِكَ هُمُ المُفلِحونَ ﴿٥﴾ سبب التعديل: لأن معايير الثواب عند الله تكون زفقا لعدله ورحمته المطلقتين، وليس وفق معايير القرآن، أو التوراة، أو الإنجيل، لتعارض الكثير من تلك المعايير مع عدل الله ورحمته. القرآن: إِنَّ الَّذينَ كَفَروا سَواءٌ عَلَيهِم أَأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنونَ ﴿٦﴾ المضواء: إِنَّ الَّذينَ لم يُؤمِنوا بِاللهِ لَيسوا سَواءً ۞ فَمِنهُم مَّن هُم سَواءٌ عَلَيهِم أَدُعوا إِلَى الإيمانِ أَم لَم يُدعَوا لا يُؤمِنونَ ﴿٦﴾ سبب التعديل: لم يستخدم (المضواء) مصطلح (الَّذينَ كَفَروا)، لما فيه من توهين وحكم قاس ضد (الَّذينَ لَم يُؤمِنوا)، كمصطلح بديل خال من الإساءة، سواء لم يؤمنوا ببعض قضايا الغيب، أو حتى لو لم (يُؤمِنوا بِاللهِ) نفسه، ثم لم يعتمد المضواء أسلوب التعميم والإطلاق الذي استخدمه القرآن، بأنهم كلهم لم يؤمنوا ولا يؤمنون ولن يؤمنوا، بل أكد أنهم ليسوا سواء، فمنهم فريق لن يؤمنوا مهما دعوا إلى الإيمان، الذي استخدم بدل الإنذار، فالدعوة إلى الإيمان أو عرض فكرة الإيمان، لا يجب أن يكون على سبيل الإنذار والتخويف والوعيد، بل هو عرض لمن يريد أن يتلقاه، وليقتنع من يقتنع ولا يقتنع من لا يقتنع.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرآن والمضواء ٢
-
القرآن والمضواء ١
-
الشرك في الأديانِ التوحيدية
-
بين أزمة الحرب وأزمة العقل الشرقي
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٤
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٣
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ٢
-
الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ١
-
لماذا كتابي (القرآن والمضواء)؟
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦١
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٧
-
عندما تدخل الدين
-
قوانين الحثالة السياسية
-
سيد عقلاء قريش وإسلامه تحت حد السيف
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 166
-
رؤية في أحداث غزة وعموم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٥
-
الطاقة الذكية الأزلية بين العلم والفلسفة 4/4
-
الطاقة الذكية الأزلية بين العلم والفلسفة 3/4
-
الطاقة الذكية الأزلية بين العلم والفلسفة 2/4
المزيد.....
-
حماس و-الجهاد الإسلامي- تحددان موعد الإفراج عن أربيل يهود
-
قطر تعلن حل أزمة الرهينة أربيل يهود.. ونتنياهو يعلق
-
اتفاق حول اربيل يهودا والسماح بعودة النازحين الى شمال غزة ال
...
-
قطر: عود النازحين لشمال غزة صباح الاثنين وتسليم الأسيرة أربي
...
-
النازحون يعودون غدا.. قطر تعلن التوصل لتفاهم بين إسرائيل وحم
...
-
تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية 2025 وخطوات تثبيته
...
-
الخلافات حول إطلاق سراح الرهينة الإسرائيلية أربيل يهود انتهت
...
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 للأطفال على جمي
...
-
-سرايا القدس-: الوسطاء وصلتهم ضمانات تؤكد أن الأسيرة الإسرائ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: سحقت كل المعادلات السياسية امام شعب ج
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|