أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (23)















المزيد.....


عن الطوفان وأشياء أخرى (23)


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 09:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


-مغامرة الصراع مع إسرائيل
تُظهر وقائع الصراع مع إسرائيل، وبالأخص في أعقاب كل جولة حرب تليها "اتفاقات" لوقف إطلاق النار، أن الفلسطينيين هم الوحيدون -عملياً- الذين يتحملون مخاطرة (أو مغامرة إن شئت) الاستمرار في مقاومة الاحتلال، رغم ما تنطوي عليه هذه المخاطرة من تكلفة عالية. الأمر الذي يمثل تحدياَ، بل معضلة، للأطراف والقوى الفلسطينية على صعيد العمل المقاوم. ويشبه هذا ما واجهته -وسوف تواجهه-، حركات التحرر في تاريخ مقاومة الاستعمار (في مقدمة هذه التحديات -بالطبع- القول بعدم القدرة على تحقيق منجز حقيقي -مهما بلغ حجم التضحيات والبطولات- ما لم تتوافر رؤية سياسية شاملة وبرنامج عمل واقعي متكامل؛ يأخذ في حسبانه واقعية الفعل المقاوم وإمكانات الحركة وقدرتها على تنفيذ أهدافها ضمن ما هو متاح على أرض الواقع.
إن المراقب للمشهد لا يمكنه أن يكون متفائلاً فتوالي الهزائم والنكسات عكست أو حتى خلقت تفاعلاً سلبياً بين الفلسطينيين ومحيطهم العربي العضوي؛ وأوجدت لدى البعض منهم شعوراً يدفعهم للاعتماد على أنفسهم لمواجهة هذه الإسرائيل بالوسائل المتاحة أو المتوفرة (نستعيد هنا انتفاضة الحجارة؛ حيث بدا للكثير -في لحظة ما قبل اندلاعها في مخيم جباليا- أن روح المقاومة خفتت بسبب الرهبة والوهم: الرهبة من بطش العدو وغطرسته؛ والوهم بمناخات تسويات قادمة من عاصمة عربية أو أجنبية)
أدركت أجيال الصهيونية المتعاقبة* أن ثمة "ناس" يعيشون على هذه الأرض، ولن يتخلوا عنها عن طيب خاطر. فاختزلوا إلى مجرد "شيء" أخرس طارئ على التاريخ، مجرد ناس حصلت معهم أمور ما -في لفتة استعمارية لا تعترف بهم كبشر لهم موضوعاتهم وحياتهم الخاصة-. فعلى سبيل المثال لم يستطع الإسرائيليون السيطرة على الانتفاضة الأولى أو القضاء على فعالياتها، (حتى بتطبيقهم نصائح "اليهودي الأسطوري" هنري كيسنجر - بقصد كسر الانتفاضة- بأن "اطردوا كاميرات التلفزة، على غرار ما كانوا يفعلون في جنوب أفريقيا"؛ و"اقمعوا أعمال الشغب بوحشية، وبسرعة وشمولية"). فكان لابد من القيام بمناورات من نوع آخر. وما جعل إسرائيل تسارع في الوصول إلى تسوية قرار الملك حسين بفك الارتباط بين الضفة والأردن في نهاية تموز 1988**، ما يعنى فشل رهاناتها السابقة على ما ترغب أن تتعبد في محرابه أي، "الخيار الأردني". كما ساعدها في ذلك خطاب الرئيس عرفات في البرلمان الأوروبي (أيلول 1988) وجملته الشهيرة "سلام الشجعان" ثم "إعلان الاستقلال" في الجزائر "تشرين الثاني 1988".
تلقفت إسرائيل إشارات عرفات المتعاقبة بإعلانها القبول [ولو ظاهراً] بتسوية سياسية للصراع في شقه الفلسطيني يقوم على مبدأ حل الدولتين، وهذا من شأنه احتواء الانتفاضة جزئياً أو كلياً؛ ومن ثم إخمادها عبر خلق "نظام حكم" فلسطيني يشبه في طبيعته أنظمة الحكم العربية [وهذا ما حصل فعلاً حين تم توقيع اتفاق أوسلو في أيلول 1993؛ ففي الرابع والعشرين من الشهر ذاته تلقى نشطاء الفصائل (باستثناء القوى الإسلامية) ما قيل إنها أوامر مباشرة من الرئيس عرفات بوقف العمليات العسكرية كافة ضد الجيش الإسرائيلي]. وكانت المكافأة اختراع سلطة "وطنية" فلسطينية لتكون، كما يرى خليل نخلة*** " نموذج تحكم للتجريب وإعادة الهندسة. و يبدو أن جوهر هذه التجارب يدور حول السؤال التالي: كيف يمكن إعادة تشكيل و قولبة "دولة وطنية" ملفقة ومنزوعة السيادة لتصبح بحجم شركة حديثة يمكن السيطرة عليها ويديرها كبار المدراء التنفيذيون "السياسيون" وفئة المنظمات غير الحكومية التي أعيد تسييسها. وينظمها ويحافظ على بقائها جهاز أمن جيد التدريب "...............
ما زال الفلسطيني يشكل مقلوباً لـ "الإسرائيلي" بمعانٍ مختلفة بما في ذلك المعنى الوجودي. لذا، لن يقبل العقل الإسرائيلي بوجوده مهما كانت المسوغات والضغوطات. وما يقدمه من "تنازلات مؤلمة" في ساحات ومواقع أخرى؛ يحظر عليه -بصفته الصهيونية هذه المرة – تقديمه للفلسطينيين.

.....
*مأزق الصهيونية الحقيقي-من ضمن مآزق عدة تعيشها- أنه لا يمكنها أن تكون "حركة تحرير وطنية" و "حركة استعمارية" في الوقت عينه، فإذا كانت الصهيونية الإسرائيلية "بمعناها القومي" هي نتاج طبيعي لحركة الاستعمار الاستيطاني الأوروبي حول العالم فإن هذه " القومية الاستعمارية العنصرية" لا يمكنها أن تلتقي مع "حركات التحرر الوطني"، بالأحرى هي على نقيض معها، ومن هنا جاء موقف إدوار سعيد غير المساوم بأن الصهيونية هي حركة استعمارية، ورفض بشكل قاطع اعتبارها حركة تحرر وطني، ومن هذا الموقف اعتبر، أيضاً، أن الخطاب ما بعد الصهيوني-الذي ظهر و تطور في الوسط الأكاديمي الإسرائيلي في تسعينيات القرن الماضي- خطابٌ فارغ ما لم يتضمن إنهاء الاستعمار "نزع الصفة الاستعمارية عن الصهيونية على الأقل". ويعتقد نور مصالحة أن إدوارد سعيد سعى إلى تطوير استراتيجيات إنهاء الاستعمار decolonisation وابتكر طريقة "contrapuntal" الشهيرة (استراتيجية "حجة مضادة") عندما يتعلق الأمر بالصهيونية والأساطير التأسيسية الصهيونية، بينما يسعى هؤلاء الأكاديميون الذين يسيئون استخدام عمل إدوارد إلى "سد الفجوة" بين "المستعمِر" coloniser و "المستعمَر" colonised في سياق الاستعمار الاستيطاني الصهيون الحالي وبدون إنهاء استعمار حقيقي decolonisation، وهو ما يعتقده سعيد مستحيلاً.
**يقال أن هذا تم بطلب من الرئيس عرفات شخصياً كي يتمكن من إعلان "دولته" لاحقاً في جلسة المجلس الوطني في الجزائر. (بمعنى التخلص من الوصاية الأردنية لإدارة الضفة الغربية). والشيء بالشيء يذكر، يتناقل الإسرائيليون فيما بينهم على سبيل التندر الحوار التالي بين يوسي بيلين و فيصل الحسيني:
-يوسي بيلين: ما الحل الأردني الفلسطيني الذي تعتقد أنه ممكن؟
-فيصل الحسيني (يضحك): هل تعتقدون حقاً أن جميعنا أغبياء؟ تتحدثون عن كونفدرالية أردنية فلسطينية، وأنا أقول لك: نحن نريد كونفدرالية إسرائيليّة- فلسطينية.. لم تعتقدون أننا مهتمون بكونفدرالية مع ملكية شرق النهر العاجزة وغير الديمقراطية؟.. سنفضل تأسيس كونفردالية أكثر طبيعية، غرب النهر، مع دولة ديمقراطية مستقرّة وغنية، ولنتعلم الكثير منها».
***خليل نخلة: فلسطين: وطن للبيع، مؤسسة روزا لوكسمبورغ. ص35.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استثمار الكارثة بين العقاب الإلهي والشخصنة والتأويل
- قتل الأب عند دوستويفسكي
- عن الطوفان وأشياء أخرى (22)
- مختبر فلسطين: تسويق وتصدير تقنيات الاحتلال
- الطوفان وأشياء أخر (21)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (20)
- علم الآثار الكتابي في إسرائيل: حين يغمّس -إسرائيل فنكلشتين- ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (19)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (18)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (17)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (16)
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى( 15)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (14)
- عن الطوفان واشياء أخرى (12)
- عن الطوفان واشياء أخرى (13)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (11)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (10)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (9)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (8)


المزيد.....




- عقوبات أمريكية على كولومبيا رداً على منعها ترحيل مهاجرين، وت ...
- شهيد برصاص الاحتلال في القدس ودعوات لاعتبار جنين -منطقة منكو ...
- وزير الدفاع الأمريكي يناقش مع نتنياهو عددا من القضايا
- لوكاشينكو يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية في بيلاروس بنسبة 8 ...
- زيلينسكي يرسل قائد القوات البرية إلى محور دونيتسك بعد انهيار ...
- برلماني روسي: تصريحات زيلينسكي حول المفاوضات -النباح السياسي ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين برصاص القوات الإسرائيلية قرب حاج ...
- -رويترز-: متمردو -إم 23- يسيطرون على مدينة غوما في الكونغو ا ...
- السويد تحقق في -عملية تخريب خطيرة- طالت كابلا تحت بحر البلطي ...
- رفض مصري أردني فلسطيني لمقترح ترامب بتهجير سكان غزة


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (23)