|
ظاهرة الفاشنيستات وأثره على تدهور الإعلام في العراق
عماد السامرائي
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 13:42
المحور:
قضايا ثقافية
ظاهرة الفاشنستات وأثره على تدهور مهنة الإعلام في العراق…
شهدت في السنوات الأخيرة، الساحة العراقية ظاهرة مثيرة للجدل تمثلت في صعود ما يعرف بـ”الفاشنستات” أو بعض النساء اللواتي يطلقنَّ على أنفسهنَّ “إعلاميات” كعناوين مستعاره دون أن يكنَّ مرتبطات فعليًا بالمجال الإعلامي أو الصحفي بمعناه المهني الحقيقي. هذه الظاهرة لم تؤثر فقط على صورة العمل الإعلامي، بل أيضًا على قيمته الأساسية، مما دفع الكثيرين للتساؤل ؟ إلى أين يتجه الإعلام العراقي في ظل هذه التحولات؟ وكما هو معروف ان لكل ظاهرة أسبابها نجد ان ألأثر السلبي واضح جداً لمنصات التواصل من خلال الخدمة المجانية التي تقدمها الأخيره كونها متاحة ولكافّة الفئات العمرية. وعليه فان منصات التواصل الاجتماعي أسهمت في فتح الأبواب أمام الجميع للتعبير عن آرائهم وتقديم أنفسهم بمختلف الصور. ومع غياب الرقابة والمهنية، تحولت هذه المنصات إلى ساحة مفتوحة لتضليل الجمهور من خلال تقديم شخصيات غير مؤهلة أو ذات نوايا تجارية بحتة على أنهنَّ “إعلاميات” أو “صحفيات”. وعلى العكس نجد أن الكثير من هؤلاء لا يمتلكن خلفية إعلامية حقيقية، ولا يحملن شهادات أو خبرات في المجال، بل يعتمدن على الجمال، الملابس الفاخرة، والإثارة لجذب المتابعين، مما يؤدي إلى خلط مفاهيم الإعلام بالاستعراض الفردي الذي يفرغ مادته من سلوكياته عاكسه لحالات غالباً ما تكون شاذه لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب بالقيم النبيلة التي تسهم في بناء مجتمع متحضر. الجميع على علم ان الإعلام الحقيقي قائم على البحث، التوثيق، تقديم الحقائق، وممارسة النقد البناء، بينما تعتمد “الفاشنستات” على المحتوى الاستعراضي الذي يفتقر إلى العمق أو المصداقية. هذا الانحراف عن القيم المهنية أدى إلى: * فقدان الثقة في الإعلام كون أن الجمهور أصبح غير قادر على التمييز بين الإعلاميين الحقيقيين وبين من يدّعين العمل الإعلامي. * التقليل من شأن الصحفيات الجادات فبعض النساء اللواتي يعملن بجد في المجال الإعلامي يعانين الآن من النظرة المشككة بسبب هذا الخلط. * تجارية الإعلام الحر الذي أدى إلى تزايد الاهتمام بالإعلانات والمحتوى الربحي على حساب القضايا الإنسانية والاجتماعية المهمة.
استغلال المهنة لأغراض أخرى
ما يزيد الطين بلة هو أن بعض هذه الشخصيات تستخدم لقب “إعلامية” أو “صحفية” كغطاء للترويج لأنشطة مشبوهة أو للتواصل مع شخصيات سياسية واقتصادية لتحقيق مصالح شخصية. هذه الممارسات لا تسيء فقط للمهنة، بل تنشر الفساد في مفاصل المجتمع، حيث يتم تقديم الإعلام كوسيلة للتلاعب بدلًا من كونه رسالة نبيلة. تفاقم هذه الظاهرة يعود بشكل كبير إلى غياب المؤسسات الإعلامية المهنية والرقابية القوية. وعدم وجود معايير واضحة أو قوانين صارمة تحكم منح الألقاب الإعلامية، مما أفسح المجال أمام كل من هبّ ودبّ للانخراط في المجال دون تأهيل. كما أن النقابات والمؤسسات الإعلامية العراقية لم تقم بدورها في حماية المهنة من الدخلاء، ما أدى إلى تشويه صورتها أمام الجمهور. هناك حلول تعمل للحد أو تحجيم هذه الظاهره وتسعى لإعادة الهيبة لمهنة الإعلام، من خلال اتخاذ الخطوات التالية: 1. وضع معايير مهنية صارمة مثل إصدار تراخيص للإعلاميين تعتمد على الخبرة والشهادات الأكاديمية. 2. تفعيل دور النقابات بحيث تكون هي الجهة المسؤولة عن منح الألقاب الإعلامية. 3. التوعية المجتمعية على الجمهور أن يدرك الفرق بين الإعلامي الحقيقي والمحتوى الاستعراضي، وأن يطالب بالمهنية والجودة. 4. دعم الإعلام الجاد من خلال تمويل ودعم المؤسسات التي تقدم محتوى هادف ومبني على الحقائق. ختاماً فظاهرة “الفاشنستات الإعلاميات” ليست مجرد مشكلة تخص الإعلام فقط، بل هي انعكاس لتغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية أعمق. ومع ذلك، فإن إعادة الاعتبار لمهنة الإعلام تتطلب جهودًا جماعية من المؤسسات الإعلامية، النقابات، والجمهور. الإعلام رسالة، وإذا فقدت هذه الرسالة، فقد الإعلام هويته وقيمته في المجتمع.
23/1/2025
#عماد_السامرائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستر نوركَه ورحلة سمك السلمون
المزيد.....
-
بكلمته لدافوس.. أبرز ما قاله ترامب عن حرب أوكرانيا والعلاقات
...
-
سياسي فرنسي: كايا كالاس تفتعل ترويع الأوروبيين وتأجيج الكراه
...
-
ابن فرحان: مستمرون بمساندة لبنان
-
حريق ضخم جديد سريع الانتشار بالقرب من لوس أنجلوس مع تزايد سر
...
-
أوروبا: هل من سبيل للتعامل مع تهديدات ترامب؟
-
الجيش الإسرائيلي: نرصد تركيزا للأنشطة الإرهابية في منطقة شما
...
-
موسكو: مستعدون لحوار متكافئ مع واشنطن
-
في كلمته بمنتدى دافوس.. ترامب يوجه سهامه نحو الاتحاد الأوروب
...
-
مدفيديف: انتصارات القوات المسلحة الروسية أفضل رد على -إنذارا
...
-
ترامب يصنف الحوثيين إرهابيين.. ماذا بعد؟
المزيد.....
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|