أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة















المزيد.....


أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 8230 - 2025 / 1 / 22 - 10:14
المحور: القضية الفلسطينية
    



ثمة أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة الذي دخل حيّز التنفيذ يوم الأحد الماضي. الأسطورة الأولى تعزي تحقيق الاتفاق لضغط من دونالد ترامب الذي كان قد أعرب عن رغبته في أن يتم الأمر قبل تولّيه الرئاسة، بل توعّد بإحلال «الجحيم» (وكأن ما عاشه أهل غزة خلال 471 يوماً لم يكن جحيماً) إن لم يجر وقف النار في الموعد المرغوب. طبعاً، مارس فريق ترامب ضغطاً فعلياً للتوصّل إلى الهدنة (وهي التسمية المناسبة) لكن الأسطورة هي في تصوير هذا الضغط وكأنه كان لوياً لذراع نتنياهو، بحيث وجدنا تصويراً لترامب من أطراف شتّى وكأنه بطلٌ سوف يحقق سلاماً عادلاً لصالح الشعب الفلسطيني.
والحقيقة أن هذه الأسطورة هراءٌ ما بعده هراء! وكأن الرئيس الأمريكي الذي أدّى أكبر خدمة لإسرائيل قبل أن يكمّل فعلَه خليفتُه جو بايدن، والذي عاد الآن إلى الرئاسة محاطاً بطاقم من الصهاينة المسيحيين واليهود يكاد بعضُهم يقف على يمين نتنياهو، كأن هذا الرجل، وهو زعيم أقصى اليمين العالمي وسياسيٌّ غارقٌ في رجعية بلا حدود، تحوّل بسحر ساحر، أو ربّما بعناية إلهية، إلى مناهض للصهيونية ونصير لشعب فلسطين.
أما الواقع فهو أنه كان واضحاً للجميع، ولبايدن في المقام الأول، وقد أعرب عن لومه لنتنياهو علانية بعد استقباله في واشنطن في تموز/ يوليو الماضي، كان واضحاً أن رفْض رئيس الوزراء الإسرائيلي السير قدماً بمشروع الاتفاق الذي صاغته إدارة بايدن بمعونة القاهرة والدوحة منذ الربيع الماضي، كان بالدرجة الأولى لأن لّا يقدّم لبايدن، وكذلك لكامالا هاريس بعد أن حلّت محلّ الأخير كمرشّحة عن الحزب الديمقراطي، إنجازاً يمكنهما التحجّج به في السباق الرئاسي. بل كان جلياً أن نتنياهو، الذي زار ترامب في قصره في فلوريدا بعد زيارته لواشنطن، وعد هذا الأخير بإهدائه الهدنة لو فاز بالانتخابات. وكان نتنياهو قد صرّح أمام الصحافيين بعد لقائه ترامب أنه «متشوّق» لتحقيق اتفاق، مضيفاً «نسعى من أجل ذلك».
وقد استخدم نتنياهو أسطورة ضغط ترامب عليه، التي حرص مندوب الأخير إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الصهيوني بامتياز، على أن ينسجها، استخدمها كي يُقنع حلفاءه في أقصى اليمين الصهيوني بالقبول بالاتفاق. وبينما سكت الإعلام، أو كاد، عن الضغط الفعلي الذي جرت ممارسته على «حماس» من خلال مصر وقطر، بإصرار من مندوب ترامب، طغت الأسطورة بما يلائم نتنياهو. وقد وعد هذا الأخير سموتريش وبن غفير بأن الاتفاق لن يعدو مرحلته الأولى، فقبل سموتريش بالوعد بينما استقال بن غفير من الحكومة قائلاً إنه سوف يواصل دعمه لنتنياهو في الكنيست وإنه سوف يعود إلى الحكومة حالما تتواصل الحرب في غزّة.


كان قادة الجيش الصهيوني يطالبون بالاتفاق الذي تمّ، تلبية لضغط المجتمع الإسرائيلي من أجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع. وقد استقال وزير «الدفاع» السابق يوآف غالانت احتجاجاً على مماطلة نتنياهو إزاء القبول بالاتفاق. هذا وجميعهم على يقين من أن الاتفاق لا يعدو هدنة مؤقتة تتيح الإفراج عن الرهائن المدنية، وأن الجيش سوف يواصل حملته إثر ذلك. وبالطبع فإن تظاهر رجال «حماس» بكثير من الحماس، بأنهم ما زالوا مسيطرين على سكان القطاع، إنما هو أقوى حافز ممكن للجيش والمجتمع الصهيونيين على مواصلة الحرب والاحتلال! وكلّ من يعتقد أن الهدنة الحالية سوف تستحيل وقفاً نهائياً للحرب، مصحوباً بانسحاب كامل للجيش الصهيوني من القطاع، إنما يحلم ويخلط بين رغباته والواقع.
أما الأسطورة الثانية، فهي ملازمة للأولى نوعاً ما، تصوّر الهدنة الحالية وكأنها نصرٌ عظيم أنجزته «حماس». وقد طلعت علينا الحركة يوم السبت الماضي بتصريح صحافي قالت فيه «إن معركة طوفان الأقصى قرَّبتنا أكثر نحو زوال الاحتلال والتحرير والعودة، بإذن الله». ها أننا أمام مثال جديد عن التفكير السحري غير العقلاني الذي رافق عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقد شكّلت مدخلاً لأبشع وأخطر فصل في المأساة الطويلة التي عانى منها شعب فلسطين، بل أدّت فوق ذلك إلى انهيار «محور المقاومة» حليف «حماس» بعد تلقّي «حزب الله» ضربة حاسمة في لبنان، وانهيار نظام آل الأسد في سوريا، وإصابة الحكم الإيراني بالذعر، بحيث لم يبقَ في الميدان سوى «أنصار الله» الحوثيين اليمنيين الذين يستغلون إطلاقهم للصواريخ في صراعهم الطائفي مع باقي اليمنيين والمملكة السعودية، يمثّلهم خير تمثيل يحيى سريع، الذي بات رمزاً جديداً للجعجعة العربية بعد أحمد سعيد ومحمد سعيد الصحاف، بل يفوقهما في إثارة السخرية.
أمام الإبادة الهائلة التي تعرّض لها شعب غزّة (لا شك في أن عدد القتلى الإجمالي، بمن فيهم الذين لقوا حتفهم بسبب الظروف التي خلقها الاحتلال، يزيد عن مئتي ألف، ناهيك من عدد المصابين بشتى أنواع الإصابات الدائمة الجسدية والنفسية، وهو أعظم بالتأكيد) وإعادة احتلال الجيش الصهيوني للقطاع بعد ما يناهز عشرين سنة من خروجه منه بما أتاح لغزّة التمتّع بإدارة ذاتية، وتدميره من قِبَل هذا الجيش تدميراً لم يشهد له التاريخ مثيلاً في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، وتدمير البيئة فيه وسائر مقوّمات الحياة، وتزامن الإفراج عن مئات المعتقلين في السجون الإسرائيلية مع اعتقال أو إعادة اعتقال الآلاف، وتصعيد الحكم الصهيوني والمستوطنين لهجمتهم الفاشية في الضفة الغربية وضمّهم الزاحف لها، أمام هذه الكارثة العظمى، أن يدّعي أيٌ كان أن ما جرى هو نصرٌ لشعب فلسطين قرّبه من «زوال الاحتلال والتحرير والعودة» إنما يتعدّى الهراء إلى انعدام الحياء والحشمة.
هذا ومن المرجّح أن يعود ترامب إلى «صفقة القرن» التي صاغها صهره الصهيوني أثناء ولايته الرئاسية الأولى، والتي كانت سلطة رام الله ذاتها قد رفضتها لإجحافها الكبير بالحقوق الفلسطينية، مضيفاً إليها صيغة مماثلة متعلّقة بغزّة بمعونة الإمارات المتحدة التي تستعد لإرسال قواتها إلى القطاع تدعيماً لتنصيب محمد دحلان وصياً عليه. أما غاية ترامب من ذلك، فهي استكمال تصفية القضية الفلسطينية من أجل فسح المجال أمام تطبيع شامل بين سائر الدول العربية، وفي مقدّمتها المملكة السعودية، والدولة الصهيونية، وازدهار مصالحه الشخصية والعائلية في «صفقات قرن» حقيقية في المجالين العقاري والمالي مع دول النفط العربية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد خمسة أيام غيّرت وجهه… ما مصير لبنان؟
- سلطة رام الله واستكمال الحصار
- طوفان الأقصى والغرب والمحرقة
- خواطر متشائمة على عتبة عام جديد
- كيف يُعاد بناء الدولة السورية؟
- سوريا إلى أين؟
- ماذا يجري في سوريا؟
- وقف النار في لبنان لن يكون «نصراً إلهيّاً»
- «فريق الأحلام» الصهيوني في إدارة الولايات المتحدة
- ترامب والشرق الأوسط: ماذا ينتظرنا؟
- الهجمة الإسرائيلية اللاحقة على إيران
- معضلة «حزب الله»
- مصير المنطقة بين الصهيوني الأمريكي وزميله الإسرائيلي
- لماذا ترفض طهران وقف النار في لبنان؟
- «حزب الله» وخطأ الحساب
- تصعيد التهويل الإسرائيلي في لبنان: تأملات استراتيجية
- لبنان واستراتيجية التهويل الإسرائيلية
- شعب الجزائر يكرّر رفضه لحكم العسكر
- نفاق ونفاق: صراع الصقور والنسور الصهاينة
- حرصُ حسن نصر الله على المدنيين


المزيد.....




- سيدة مسنة تختار حياة الإجرام للمكوث بالسجن بدلًا من العيش وح ...
- كينيا: جودة منتجات الفوط الصحية.. علامات تجارية دولية أمام ا ...
- الجزائر توقع مذكرة تفاهم في مجال الدفاع العسكري مع الولايات ...
- الكويت.. الداخلية تعلن ضبط تشكيل عصابي نيجيري وتكشف ما قام ب ...
- الجيش الروسي يواصل تقدمه في أوكرانيا: السيطرة على بلدة جديدة ...
- ماذا نعرف عن الحصبة أو -بوحمرون- الذي ينتشر في المغرب؟
- مشاهد مرعبة لحجم الدمار بحرائق ألتادينا: آلاف المنازل أصبحت ...
- غروسي: لدى إيران 200 كج يورانيوم مخصب لدرجة نقاء تصل إلى 60% ...
- زيلينسكي: أربع دول تمنع انضمام أوكرانيا إلى -الناتو-
- بعد أكثر من عام.. الحوثيون يفرجون عن طاقم سفينة -غالاكسي ليد ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة