أزمة حضارية

صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 20:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

" ليس تعدياً أو تطاولاً أو تمادياً أو احراجاً أنعت كل من لا يرى الواقع والحقيقة وبؤس الحاضر في معظم دول العالم الثالث بجاهل أعمى شيطان أخرس منافق غشاش خداع صموت، أعذروني إن أوجعت، يؤلمني أننا اصبحنا خارج الحضارة".


بهرتني مقولة الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت التي قالها قبل حوالي 400 عام " أنا أشك، أنا أفكر اذن انا موجود" لأن الواقع الحالي في العالم الثالث يقول :" أنا أشك، أنا أفكر اذن انا مفقود"، عصر لا قيمة فيه للعقل المفكر المستنير سوى ما يساير مواقف قباطنة الدين والسياسة وربابنة علوم الاجتماع والاقتصاد الذين يحرمون التفكير خارج حدودهم خارج صناديقهم ويعدونه خارج عن المألوف وتكفير.
كببغاوات ترددون كنا وكنا وكنا، تتشدقون بأقوال لا تتعدى سماء حضائركم، عن أي حضارة تتحدثون! ألا تدرون ألا تعلمون بأننا امسينا وبتنا واصبحنا خارج الوجود والتاريخ والزمن، عقولنا ترحب وبتسارع لتعيش في فكر وعالم ماضوي وانغلقنا وانطوينا على ذاتنا وتقوقعنا وحاصرنا وجودونا واصبحنا مكونات بشرية تعيش في حدود ضيقة قبائل القرن الحادي والعشرون استبدلت بيوت الشعر المتنقلة -الخيمة - ببيوت ثابتت من حجر.
أمواج عاتية عالية تضربنا من كل حدب وصوب لا استثنى احداً شعوبنا مقهورة مغمورة بالحزن والألم غرقى في وهم معرفة الحقيقة والواقع يطلبون النجدة من كل قريب وبعيد يريدون الخلاص من جحيم الموت المفروض عليهم. أين الزعماء؟ اليست هممومنا هي همومهم ؟ تغيبوا عن المسرح أم غيبتهم المصالح؟ اتسائل أين المفكرين؟ أين المثقفين؟ ...هل رحلوا جميعهم عن ساحتهم ليقاتلوا سراب؟ أركبوا موجة من يسيطر على شعبه بالحديد والنار؟ لست ادري ان كان الموت فيه حياة ام الحياة فيها موت؟ تشتت عقلي وسار في طريق يلتمس فيها الحقيقة...لكن الحقيقة تختبيء في ثوب السلطان فمن يجرأ على كشفها هذا عار على الإنسان والتاريخ والحضارة.

لماذا تكابرون اجيبوا؟ دون مبررات نحتاج الى بيانات الى أدلة الى شواهد نحتاج أن نرى بإم اعيننا... لماذا؟ العقل غيبتموه شطحتم بعيدا به ارحموا الانسان اعلامكم فاسد جهودكم فاسدة ...ان كنتم سادة العالم والحضارة يوما فلماذا تراجعتم وانطفأتم؟ ...لماذا يغيبكم العالم المتفوق الحاضر؟ في أي مركب تبحرون ؟ اين وجهتكم؟ تخلصوا من ادران الماضي وما علق في اذهانكم يا سادة العالم يا من تظنون انكم متفوقون...اقولها لسنا الأفضل نكابر ويستمر سحقنا نتفاخر وما جنيناه خيبات... اغلب شعوبنا يعيش في دمار ويعيش خارج الزمان وخارج التاريخ والحضارة تسفك دمائنا وتتشتت شعوبنا وحروب ضروس هنا وهناك تسحقهم، أتمنى ان أسمع صوت حق صوت ضمير حى يقول من أجل من ومن أجل ماذا؟ لماذا سؤال نعرف تبعاته لكننا لا نريد الإجابة عليه لأننا نحفر نهايتنا بايدينا.
انا لا اتهم احداً سوى ذاتي التي أبت إلا ان تقول الحقيقة والصدق وتقول كفى كفى كونوا بناة حضارة وحرية للإنسان انثى وذكر سيان، فمن كانت مقايسه غير تلك المذكورة في قواميسكم وخرائطكم لا تعلنوا عليه العدوان. اجمل المقايس تقوم على الفكر والإبداع والحرية والعدالة والمساواة وحرية الإيمان وتلك التي تتخلص من كل الرواسب التي تقيد العقل فمن قيد العقل قيد الفكر وقيد مستقبله ليعيش في عتمة وضبابية خارج الزمان.
من أراد السيرعلى طريق الحضارة علماً وفناً وثقافة وتطوراً وفكراً فانه لا يتأمل في اسفلت (زفت) طرقها لانه لن يرى سوى عتمتها عليه ان يرفع عينيه ويحملق في كل ركن وزاوية فيها دارساً متأملاً محللاً مفكراً مستوعباً مدركاً وفاهماً أسباب تفوقها الحضاري كي يندمج بها ومعها بعصرها أو ينافسها ليتفوق عليها، دون ذلك سيبقى خارج سياق التاريخ يعيش في مكان خارج الزمن ليس بشعوب أحرار ومواطنين لهم كرامة وعزة بل كقطيع مكون من أكوام بشرية.
كيف نستيقظ؟ لا تسقطوا مشاكلكم على غيركم ابحثوا في أعماق اعماقكم... اين الخلل؟ عالجوا هموم شعوبكم كفى كفى كفى انحدار حضاري... ما هو سقف الحريات؟ غير معروف حتى الحرية تختلفون على تعريفها وفهمها وبعثها . فعلا نحتاج الى رعاة كما نحتاج الى قطيع يعرف واقعه ..نحتاج الى رعاة صالحون وقطيع حر... لا رعاة يلعبون بمقدرات حضائرهم ولا قطيع فقط يطيع... كيف سنحقق ذلك؟ فقط في إعطاء الحريات ومنع التمييز والعنصرية والمكابرة ومنع السرقات وان يكون الجميع تحت القانون وليس فوقه.
أنيروا الدروب والسبل امام ابنائكم توقفوا عن تبجحكم وتعظيمكم لذاتكم المضطربة الفارغة. تشجعوا لا يهم بأي رجل تدخلون العصر بل بأي فكر منير حضاري تدخلون به جاهدين لتبنوا كأسلافكم حضارة تكونون اسيادها تشيدون منابرها وشعلتها تكتسحون بها العالم. الويل كل الويل للشعوب التي تعيش ازمة حضارية لأنها لا تدري الى أي منحدر تؤول احوالها.

#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات