|
الأقليات في سوريا وإمكانية تطبيق -مبدأ مسؤولية الحماية-
موسى بصراوي
الحوار المتمدن-العدد: 8224 - 2025 / 1 / 16 - 11:37
المحور:
حقوق الانسان
بعد سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر العام، الفائت وفرار الرئيس بشار الاسد، دخلت البلاد في مرحلة جديدة وحدثت تغييرات جذرية في خارطة السيطرة. حيث سيطرت إدارة العمليات العسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام على معظم الاراضي والمساحات التي كانت تقع تحت سيطرة حكومة دمشق سابقاً، ماعدا مناطق الجنوب السوري التي تقع تحت سيطرة " غرفة عمليات الجنوب" والمحافظات التي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال شرق سوريا. فمنذ سقوط النظام إلى الوقت الحالي، تشهد البلاد اعتداءات وانتهاكات في مناطق متفرقة في سوريا.
ففي ظل كل ما يحصل من انتهاكات بحق الأقليات في سوريا وفي ظل عجز الإدارة السورية الجديدة عن تقديم الحماية لهم، يبادر إلى الأذهان: هل هناك من جهة خارجية تستطيع تقديم الدعم للأقليات وحمايتهم في إطار قانون دولي؟
الانتهاكات والاعتداءات بحق أبناء الطائفة العلوية:
أحداثٌ كثيرةٌ حصلت والكثير منها واللافت للنظر هي الانتهاكات التي تحصل في محافظتي اللاذقية وطرطوس التي يقطنها الأغلبية من أبناء الطائفة العلوية وهي الطائفة التي ينحدر منها الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. تزامن سيطرة إدارة العمليات العسكرية بالاعتداءات المتكررة على أبناء تلك الطائفة من قبل عناصر الإدارة، بحجة أنهم كانوا عناصر تابعة للنظام البائد وبأنهم الآن يفرون من العدالة. تقوم أفراد الأجهزة الأمنية والعناصر المسلحة بارتكاب الانتهاكات والتجاوزات بحق المدنيين من أبناء تلك الطائفة، وأدى ذلك إلى مقتل الكثير منهم بدون أية تهمة تُذكر وحتى بدون أية محاكمات تُذكر.
الأحداث الأخيرة في محافظات الساحل السوري:
تم اغتيال ثلاثة من كبار رجال الدين من الطائفة العلوية على طريق طرطوس - دمشق على يد مجهولون يوم السابع من شهر يناير، وذكرت بعض المصادر أن الثلاثة قتلوا برصاص مباشر استهدف السيارة التي كانوا يستقلونها، وهم رئيس المبادرة الوطنية للمصالحة الشيخ جابر محمود عيسى والشيخ هيثم معلق والشيخ محمد وطفة، فيما لا تزال دوافع من وراء تلك العملية غامضة حتى الآن. وفي الرابع عشر من الشهر الجاري حدثت اشتباكات بين مجموعات مسلحة من ابناء الطائفة العلوية وعناصر الأمن التابعة لإدارة العمليات العسكرية في مدينه جبلة. أدى ذلك إلى مقتل عناصر من الطرفين ومقتل متزعم المجموعة، حسب رواية مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية.
وجهاء الطائفة العلوية يطالبون بحماية فرنسية:
أصدر أحد ممثلي الطائفة العلوية في سوريا المدعو صالح منصور، بداية الاسبوع الجاري وخلال تشييع أحد ضحايا الخطف والقتل في ريف محافظة اللاذقية، بياناً قال فيه بأنهم سيتقدمون بوثيقة تحمل تواقيع الملايين من أبناء الطائفة إلى الأمم المتحدة لطلب الحماية من الحكومة الفرنسية لضمان حقوقه وأمن وأمان طائفته، إذا استمر قتل أبناء الطائفة بسبب انتمائهم وفي في حال استمرار الانفلات الأمني في محافظات الساحل السوري. وأشار أيضاً بأنه سيتواصل مع كل يد تمد إليه من خارج سوريا لدعم هذه الخطوة، ريثما يتم تشكيل الدولة، على حد قوله.
تهديدات الدولة التركية والجيش الوطني السوري للمكون الكردي:
منذ سقوط النظام البائد وإلى الآن لم تتوقف الهجمات التركية بالطائرات المسيرة وكذلك هجمات الجيش الوطني المدعوم من تركيا والمنضوي كذلك تحت إدارة العمليات العسكرية، على المناطق الكردية في شرق الفرات، وترافق ذلك بالانتهاكات ضد المكون الكردي في مدينة عفرين وفي حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب. وحدث أيضاً عمليات قتل أهالي عفرين من قبل المستوطنين، قبيل مغادرتهم مدينة عفرين باتجاه مناطقهم الأصلية في المحافظات السورية الأخرى. وهناك تقارير وتوثيقات تؤكد ذلك.
ما هو "مبدأ المسؤولية عن الحماية"؟
مع الألفية الجديدة ظهر مصطلح جديد يتمثل في مبدأ المسؤولية عن الحماية ، وهو التزام سياسي عالمي أيدته جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في مؤتمر القمة العالمي لعام 2005. وذلك على خلفيات الأحداث التي حصلت في يوغوسلافيا السابقة ورواندا والكونغو وكوسوفو وغيرها. ويستند مبدأ مسؤولية الحماية إلى الفرضية الأساسية القائلة بأن جميع الدول ذات السيادة ملزمة بحماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع مثل هذه الجرائم. عندما يتعرض السكان لمعاناة شديدة، وتكون الدولة المعنية غير راغبة أو غير قادرة على وقف المعاناة، فإن مسؤولية الحماية تقع على عاتق المجتمع الدولي. ويستند المبدأ إلى احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي، ولا سيما المبادئ الأساسية للقانون المتعلقة بالسيادة والسلام والأمن وحقوق الإنسان والصراعات المسلحة.
هل يمكن تطبيق "مبدأ المسؤولية عن الحماية " في سوريا؟
في ظل كل ما يحصل في سوريا من انتهاكات بحق الأقليات يبقى السؤال القائم والأهم هو هل يمكن تطبيق هذا المبدأ في الحالة السوريه في الوقت الحالي.
لا شك ان رؤية الانتهاكات وقتل المدنيين على الهوية يثقل كاهل وضمير الانسان السوري، ويجعل من عملية العدالة الانتقالية وعملية بناء الدولة أمراً اكثر تعقيداً، ولا شك أن السبيل والحل الأمثل لحماية السوريين اجمع يتمثل إجراء عملية سياسية انتقالية بمشاركة كافة أطياف ومكونات الشعب السوري، وكذلك في إحلال سلام دائم ومستدام لإيقاف جرائم التطهير العرقي.
ولكن إذا بقيت الإدارة السورية الجديدة عاجزة عن وقف تلك الانتهاكات سواء بحق أبناء الطائفة العلوية أو بحق المكون الكردي على يد المجموعات المسلحة وبمشاركة العناصر الأجنبية، يبقى التدخل الدولي هو الحل الانسب والخيار الوحيد لحماية السكان المدنيين، وسيكون التدخل مشروعاً وخاصة أن هيئة تحرير الشام و بعض القيادات الحالية للإدارة الجديدة مدرجة على لوائح الإرهاب الأمريكية وكذلك على قائمة الكيانات الإرهابية التابعة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
#موسى_بصراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأقليات في سوريا وإمكانية تطبيق -مبدأ مسؤولية الحماية-
المزيد.....
-
مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية: نحو 69% من مباني قطاع غ
...
-
عراقجي يؤكد ضرورة معالجة أوضاع النازحين في غزة
-
البرلمان الليبي يرفض وساطة الأمم المتحدة
-
الكويت.. الإعدام لشخص قتل والده وشرع بقتل والدته في منطقة ال
...
-
مخاوف من غرق عشرات المهاجرين في طريقهم نحو إسبانيا
-
الأمم المتحدة: 70% من مباني قطاع غزة متضررة أو مدمرة
-
رئيس الوزراء الفلسطيني يبحث مع رئيس المجلس الأوروبي سبل دعم
...
-
مسئولون إسرائيليون: الإفراج عن الأسرى يوم الاثنين تزامنا مع
...
-
السعودية.. إعدام سعودي ومصري وسوداني في 3 قضايا مختلفة والكش
...
-
-هيومن رايتس ووتش- تصدر تقريرها السنوي: الحكومات فشلت في الا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|