أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى محمد غريب - ما معنى الحياد؟ ما معنى اللامنتمي















المزيد.....

ما معنى الحياد؟ ما معنى اللامنتمي


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 540 - 2003 / 7 / 11 - 03:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 ليس بالحتمية أن ينتمي المرء تنظيمياً إلى حزب من الأحزاب السياسية.. وليس بالحتمية أن يكون المرء حيادياً فكرياً، لا بل أرى أن الإنتماء الفكري قضية  موضوعية ليس فيها ذرة من الحياد بين الخير والشر، من الضروري فهم هذه المسألة وعدم الوقوع في متاهة التفسيرات غير الواقعية حول حيادية الفكر..

هل فكرة اللامنتمي التي طرحها كولن ولسن وغيره من اصحاب هذه النظرية كانت تعني التنظيم الحزبي أو الإنتماء الفكري؟ ان كان الأول هو المقصود فليس هناك اعتراض على فكرة اللامنتمي لحزب وتنظيماته، وإذا كان الأمر يتعلق بالفكر فذلك ينافى الحقيقة ويؤدي إلى الوقوع في  شراك التبسيطية لأمور الفكر التي تتحكم كمية المعرفة وتأثيرات الثقافة والمعتقد والاديولوجيا.

لا حياد من القضايا التي تدور حول المرء وبخاصة القضايا التي لها صله بالوعي الاجتماعي، ولايمكن مثلما اشارنا أن يقف المرء  حيادياً ما بين الخير والشر، ما بين الحرب والسلم ما بين العدالة والظلم، وما بين الإيمان والإلحاد وغيرها من الامور التي تزامل الإنسان بعد تدرج وعيه الشخصي وصولاً  إلى الاستقلالية النسبية التي يتمتع بها والقرارات الخاصة التي يتخذها بعيداً عن الفرض عليه بالقوة.. وإذا ما اصطف المرء واختار أحد الأمرين يفقد صفة الحياد أو الإستقلال كم يسميه البعض.

إذن من يقول في السياسة أو اثناء مناقشة قضايا سياسية وفكرية بأنه مستقل غير صحيح ولا يكون منطقياً التأكيد على حياده تجاه القضايا المطروحة والتي تحتاج إلى موقف واضح أما معها أو بالضد منها، ويحتاج  المرء في هذه الحالة أن يقر بعدم حياده المطلق وربما نوع من الحياد النسبي في الفضايا التفصيلية الثانوية..

وكثيراً من مُدوّني التاريخ يطلق عليهم وعلى بحوثهم وسردهم أنهم كانوا حيادين مع الأحداث التي حدثت حين دوّنوها بصورة حيادية، إلا أن الأمر على غير هذه الصورة، فإذا سألت أي شخص منهم عن حدث دموي تاريخي فسوف لن يقف على الحياد مطلقاً فهو لن يساوي ما بين الجلاد وضحاياه وبهذا يفقد حياديته واستقلاله الذي يدعيه..

في التاريخ العراقي السياسي دأب بعض من الناس  في سعيه على ان يكون حيادياً أو مستقلاً ما بين المعارضة وبين الحكومة أو الدولة وراح في خياله هذا يوزع مكاسب هذا الحياد وفوائدة الجمة وبقى يعلل هذا الحياد كالمثل المصري " الحيط الحيط " لعله يصل إلى بر الأمان من غضب الجهات الأمنية الحكومية، ولم يقتصر هذا التوجه الظاهري على نفسه إنما نقله إلى عائلته وكثيراً ما كان يضغط بإتجاه عدم الولوج في العمل السياسي لأن السياسة تجلب الويلات زكان ضغطه هذا يصل إلى حد العقاب إذا حاول أحد افراد العائلة التمرد عليه، كم أن لا يقصر في توجيه النصائح للاقرباء والأصدقاء..

قال لي صديق سجن 5 سنوات لأساباب سياسية " كنت أعطيع خالي إطاعة عمياء وأعتبره قدوة لي وبخاصة اني فقدت والدي وأنا طفل صغير، فعشت في كنفه، أنا وأمي التي كانت عزفة عن الزواج.. طوال دراستي الإبتدائية والثانوية إلتزمت حرفياً بما كان يقول خالي ونصائحه لي ـــ لا تتدخل في السياسة كي تعيش آمناً وبدون وجع الرأس.. وكثيراً ما يكرر لي قصة الواواي في زمن الفيضانات والأمطار الكثيرة، ويقول قبل أن ترعد السماء وتمطر الغيوم التي تؤدي إلى السيول والفيضانات كان الواوي يحس بهذه الأخطار قادمة قبل وقوعها ولهذا يذهب إلى قمة التل ويحفر لنفسه جحراً ويختفي فيه قبيل سقوط الأمطار، يبقى فترة وبعدما يحس بأن عليه  التأكد من انقطاع الأمطار يخرج بوزه ليشتم ومن خلال حاسة الشم يعرف أن المطر انقطع أم لا ، وبعدها يخرج الواوي وينفض حاله ويتمصر قليلاً ثم يتلفت ليرى من مات ومن فطس فيزهو من الفرح والطرب لأنه كان يفهم سر لعبة المطر دون الحيوانات الأخرى .. هكذا يجب أن تكون "

لكن الأمر لم يبق على هذا الحال على الرغم من حيادي واستقلالي عن السياسة لأنهم اعتقلوني بسبب زمالتي لأحدهم ، وعذبوني قائلين نعرف أنك معه لأنك ليس منا، ومنذ ذلك الحين فكرت بنفسي وبحيادي ففهمت أنني لم أكن حيادياً فكرياً أبداً في حياتي،  لا بل المشكلة حتى ابن خالي كان منتمياص فكرياً ثم تنظيمياً لأحد الأحزاب!" ..

أريد من خلال سرد هذه القصة الواقعية البسيطة التوصل إلى كيفية فهمنا للحياد أو عدم الإنتماء.. وخلال التجربة السياسية في الأقطار العربية وبخاصة العراق لا يوجد مفهوم للإستقلالية أو الحيادية، فالحكومات تريد منك الإنتماء لفكرها خلال ممارستك لوظيفتك او عملك ومراقبة نشاطك من قبل اجهزتها وبهذا تفرض عليك اللاحيادية بهذه الطريقة، أما معها او عليها ولا يوجد حياد ما بين سياستها القمعية التي تنتج ضحايا وبين الضحايا أنفسهم.. وإذا كنت " الحيط الحيط " فأنت مشكوك بأمرك من خلال علاقاتك الشخصية أو تواجدك في أي تجمع " نادي ، مقهى، جامع ... الخ".. وقد يحسبونك بدون أن تعرف على أحدى الجهات، أما من ناحيتك فوجودك بين هذا الجمع ومشاهداتك وسمعك تتأثر فكرياً بهذا الحدث أو هذا الموقف وهكذا ، وبدون أن تشعر تنسحب مواقفك منها فكرياً وتنتهي نظرتك الحيادية بعد الوصول إلى حكم تحكمه بينك وبين نفسك..

في العراق أختلف الحال ، فهم قمة الشذوذ عن القاعدة، وبخاصة بعد مجيء حزب البعث العراقي واستلامه السلطة في 1968 .. فأنت أما معهم أو ضدهم ! ولهذا أختاروا طريق أنهاء الحيادية النسبية بالقوة والتعسف والقهر.. ونتيجة هذا الإرهاب انتها أيضاً الحياد أو الإستقلال النمسبي لدى بعض الأفراد حيث بدأوا ينتمون إلى حزب البعث باقلوة والخوف أو من اجل لقمة العيش أما فكرياً فقد انتموا أرادوا أم لم يريدوا إلى المعارضة حتى لو كانت المعارضة سلبية..

وعندما استشرس النظام الشمولي وجعل محيطه عبارة عن تابع له وفق مقولة لصدام حسين الجميع بعثيون وإن لم ينتموا أصبح جميع العراقيين منتمين( معَ أو بالضد فكرياً )

ولو يفتش كل إنسان في أعماق ذاته لعثر على شيء حتى وإن كان صغيراً من اللاحياد والإنتماء ، يفلسفها حسب رأيه أو حسب نظرته للإمور.. 

      

 

 



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلامية القرون الوسطى ومخططات تصفية المفكرين على ما يظهر أن ا ...
- أَخِي..!
- متاهات نوبل وبيان غابرير غارسيا ماركيزلماذا لا يعلن الإستاذ ...
- مؤتمر الثقافة العربية هل كان الإستبداد غائباَ في يوم من الأي ...
- محسن الرملي ـ ليالي القصف السعيدة
- عبد الباري عطوان وعقدة المثقفين العراقيين هل يحق لعبد الباري ...
- هامات فسفورية مشرقة
- العزيز الدكتور وليد الحيالي تعلم الآخرين التواضع من خلال توا ...
- ما بين الحرب والإحتلال وبين التحرير ما بين التطرف وقيام الح ...
- الجامعة العربية والإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وجهان ...
- الشاعر سعدي يوسف..... وعواد ناصر هل السخرية قيمة حضارية أم ...
- السيد عزيز الحاج و التعلم والتسامح الديمقراطي
- هكذا التهميش وإلا فلا انهم أول من يحتقرون كلابهم اللاحسة الم ...
- بول بريمر .. وعود، وإلغاء، ووعود عديد من - البروفات - لمسرحي ...
- هل الدولة الدينية حلاً لمشاكل جميع العراقيين والعراق ؟
- أين كنتم يا أيها البرلمانيون من ضحايانا ؟ نصيحة للذين يتراشق ...
- للأطْفَــــــــالِ أُغَنِي
- ما الفرق بين زيارة وزيارة ؟ زيارة بلير للبصرة وزيارة جي جارن ...
- حنين إلى المـــــــدّ
- العلة أصبحت ليس في المواقف فحسب وإنما في...!


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى محمد غريب - ما معنى الحياد؟ ما معنى اللامنتمي