محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8223 - 2025 / 1 / 15 - 14:09
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
عندما يكبر والدانا وتخطو الشيخوخة خطواتها في حياتهما، نعتقد أحيانًا، دون قصد، أن حاجتهما إلينا قد تقل. "لا أريد"، "لا تحتاج إلى فعل ذلك"، أو "أنا بخير" هي كلمات قد يسمعها الكثير منا، كلمات تنبثق عن تعففٍ، خجلٍ، أو حتى رغبةٍ في حماية الأبناء من الشعور بالعبء. ولكن الحقيقة أن هذه الكلمات لا تعني عدم الحاجة، بل هي نداء خفي للحب والاهتمام دون طلب أو استئذان.
الآباء والأمهات، مهما بدوا مستقلين أو مكتفين، يحملون في أعماقهم طفلاً صغيراً ينتظر لمسة حنان، كلمة طيبة، أو حتى إيماءة تُشعرهم بقيمتهم التي لا تتغير بمرور الزمن. قد يظنون أنهم يحموننا بعباراتهم المتعففة، لكن الحقيقة أن كل لحظة نقدم فيها شيئًا لهم دون أن يُطلب منا، هي لحظة نزرع فيها بذور السعادة والراحة في قلوبهم.
لا تنخدع بمظاهر القوة التي قد يحاول والدك إظهارها، أو الصبر الذي تعبر عنه والدتك بابتسامتها المتعبة. خلف تلك المظاهر، يكمن احتياج بسيط ولكنه عميق: احتياج لأن يشعروا بأنهم لا يزالون أولوية في حياتك. ليس فقط لأنهم قدموا الكثير، بل لأنهم ببساطة يستحقون ذلك.
لذلك، لا تنتظر أن يطلبوا منك المساعدة، ولا تجعل من كلماتهم الرافضة سببًا لتهدئة ضميرك. بادر بكل ما تستطيع؛ فنجاح الأبناء وفرحهم ليس بديلاً عن لمسة عطاء للأب والأم. اشترِ لهم دون أن يسألوا، أهدِهم دون مناسبة، اجلس معهم دون وقت محدد، واصغِ إلى حديثهم حتى لو بدا مكررًا. هذه التفاصيل الصغيرة هي ما يجعل أيامهم أجمل.
تذكر دائمًا: الحزن الحقيقي ليس عندما يتقدم العمر بوالديك، بل عندما تكتشف متأخرًا أنك لم تفعل ما يكفي لتُظهر لهم حبك وامتنانك. لا تنتظر حتى تفارقهم لتدرك قيمة وجودهم. كن العطاء الذي يستحقونه، وكن
الابن أو الابنة الذين يفخرون بك حتى في صمتهم.
لأن الحب الحقيقي لا يعرف الرفض.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟